شهادة فتاة مصرية تعرضت للسحل والتعذيب فى شوارع القاهرة

صبحي فؤاد

بقلم : صبحى فؤاد
وصلتنى العديد من الرسائل من شباب مصرىيون من الجنسين شاركوا فى مسيرة يوم 6 ابريل الماضى للمطالبة بالتغير ورفع المرتبات لمواجهة الارتفاع الحاد فى الاسعار وتكلفة المعيشة ..كانت هذة الرسائل عبارة عن شهادات تروى بالتفصيل ما حدث لهم اثناء مظاهرتهم السلمية فى شوارع مدينة القاهرة  من ضرب وتعذيب وسحل وشتائم واهانات بالغة على ايادى رجال السيد وزير الداخلية المصرى حبيب العادلى الحارس المخلص الامين لنظام الحكم الحالى منذ عشرات السنين .  لقد صدمتنى الوحشية والبشاعة والعنف والقسوة والسادية التى تعامل بها رجال الشرطة المصريون مع هؤلاء الشباب الذين لم يكونوا بصدد ارتكاب جريمة ما او ينوون القيام باى اعمال عنف او تخريب وانما كانوا يطالبون بطريقة راقية متحضرة بالتغير السياسى وزيادة المرتبات لمقاومة الغلاء وبعض المطالب الانسانية  الاخرى التى يشاركهم فيها الغالبية من المصريون بما فيها كاتب هذة السطور !!!
وفى واحدة من هذة الرسائل كانت شهادة  جانيت عبد العليم المدير التنفيذى لملنظمة المصرية لمناهضة التميز والتى كتبت تقول بالحرف الواحد :

كنت قد قررت النزول الى ميدان التحرير يوم 6 ابريل واعلنت ده واعلنت كمان انى مش متنازلة على اى اجنده سياسه ولا حزبيه انى نازله بصفتى الشخصيه للمطالبة بوقف غلاء الاسعار وربط الاجر بها وكذالك المطالبة بتعديل دستور بلادى .
صحيت من النوم يوم 6 ابريل بدرى جدا وكنت متفأله جدا وحاسه انه ممكن يكون يون كويس جدا ونقدر نعمل حاجه بجد نزلت من البيت وكان اتفاقى مع فتحى فريد ومايكل نبيل وساره سامى اننا نتقابل امام الاوبرا ونعدى كوبرى قصر النيل  وجدنا مجموعة ضباط على الكبرى منعونا من اننا نعدى المهم بعد محاولات عرفنا نزوغ منهم انا وساره وبعد كده فتحى حصلنا ووصلنا امام مجلس الشورى ولقينا ناس متجمعه وانضمينا ليهم وانضم علينا مجموعه تانية جايه من ناحية الميدان وبدأنا نهتف واحنا واقفين على الرصيف اللى جنب الشورى

وفجأة حاصرونا بمئات العسكر وبدون اى سبب بدأو فينا ضرب وبعد أقل من 5 دقائق بدء الخطف و كان كل اللى بيتخطف من وسطنا بينضرب ويتسحل قدام عنينا وبدأت اهتف ( ياأبو دبوره ونسر وكاب ..غاوى ليه ضرب الشباب ) ولقيت ظابط بيقولهم هاتولى بنت التتتتتتتتتتتتت دى ولقيت نفسى بتشد من جوه الكردون وزمايلى بيحاولوا يخلصونى من أديهم بس ماقدروش ولقتنى بنضرب و بتسحل لحد مادخلونى جراج فى الشارع المقابل لمجلس الشورى ولقيت فى الجراج معايا شباب كتير اوى وجه علينا شباب اكتر وبدأت مرحلة جديد من الضرب وانا ومحمد عواد وعبدالرحمن فارس حاولنا نهدى الشباب الجديد ولقينا فيه اصابات كتيرة اوى مابين اعين وازرع واضلع ومافيش حد هدومه ماتقطعتش من الضرب وبدأنا مرحلة الاسعافات الاوليه وصرخنا فيهم عاوزين دكتور فيه ناس بتنزف وفيه احتمالية كسور وماحدش عبرنا وكان معايا برفان ومنديل بدأنا نستخدمهم للجروح طلبنا ميه ماحدش عبرنا لكن عمال الجراج كتر خيرهم جابولنا ميه

وبدأت مرحله التفتيش قبل مانركب عربة الترحيلات والتفتيش كان بمنتهى الاهانه وكانوا خايفين ان اللى عاملوا فينا نكون صورناه على الموبيلات فكانوا بيدورا على كروت الميمورى فى كل حته فى اجساد الشباب اما عنى وبإعتبارى البنت الوحيده فى الجراج واتكسفوا يفتشونى بأديهم فجابولى اتنين من الشرطه النسائيه ولقتنى بتشد من شعرى جذبا الى ورا باب الجراج واستلمونى تفتيش من الجزمه والشراب الى الاماكن الحساسه ولما رفضت انها تفتح زرار بنطلونى اخدت ركبه فى بطنى ناهيك عن الزغد واللكم اثناء التفتيش اما عن شنطة ايدى فتشوها مرتين وبعد كده اخدوها معاهم ورجعوها بعد ربع ساعة بس ناقصة شويةحاجات . وركبونا عربيات الترحيلات وجت قرعتى فى عربيه بها 30 مستجد ودى كانت المرحله الاخف دما فى اليوم كله شباب زى الورد

فى الاول كانوا قلقنين وخايفين على اهليهم من الاذى طمنتهم و بدأنا نتعرف ونغنى ونهتف حسيت بجد ان الشباب ده لو استمر بالحماس ده هايغير حاجه فى البلد الى الافضل وطافت بنا العربة احياء القاهرة الكبرى الى ان وصلت اخيرا الى معسكر تدريب الامن المركزى بمدينة السلام ومكثنا فى العربه لأكثر من ساعه وربع على ماينزلوا العربات التى سبقتنا وفتح باب العربيه وبدأو بيه بإعتبارى البنت الوحيده فى العربيه ولما نزلت لقيت صفا سليمان الناشطة بحزب الغد قد سبقتنى الى المعسكر وكانوا يحاولوا ارهابها وتخويفها مما سيحدث لها لانها البنت الوحيده فى المعسكر ولما شافتنى قالتلهم مابقتش لوحدى ورونا بقى هاتعملوا معانا ايه احنا الاتنين

وبدأت مرحله اخرى من التفتيش واخذ البيانات لأكثر من عشرون مره ولان المعسكر مافيهوش حجز بنات احتاروا يودونا فين مره يقعدونا فى الشمس للظباط يتفرجوا علينا ومره اخرى اصطحبونا الى غرفة طبيب المعسكر وبعد شويه قالولنا هتروحوا حجز قسم السلام علشان مالكوش هنا مكان حجز واصطحبونا مع ظابط وثلاثة امناء شرطه الى القسم وخرج المأمور ومعاون المباحث اتفرجوا علينا شويه وبعد كده رفضوا استلامنا فقعد البيه الظابط اللى معانا على القهوة المقابلة للقسم شرب شيشه وشاى وسابنا يجيى ساعه ونص وبعد كدة اخدنا ولف بينا تانى ووقف فى مكان نجهله ولكنه مؤهل بالسكان ونزل عند قهوة تانى بس المرادى القهوجى جاب الكراسى وفرش بجوار البوكس للبيه الظابط والساده الامناء
وبعد شويه مشى الظابط وفهمنا ان هايجى غيروا والساده الامناء اخدونا ولفوا بينا تانى ووقفوا وفهمنا اننا تحت بيت احد الامناء نزل ياخد دوش ويغيرا هدوما لحد ما البيه الظابط الجديد يوصل والمرحله دى كانت مرحلة النصح والارشاد حيث تغيرت لهجة التهديد وجلس معنا احد امناء الشرطه بداخل البوكس وبدأ يتكلم فى اننا بنات ومايصحش نبهدل نفسنا وان احنا دورنا نتحجب ونصلى ونقعد فى البيت نربى العيال تربيه اسلاميه صالحه وندعى ربنا يزيل الكرب والظلم عن البلد وربنا هايحلها بمعرفته لو احنا عملنا كده ولما مالقاش مننا استجابه نزل وقفل علينا

وفى اللحظه اللى بقينا فيها في البوكس لوحدنا انا و صفا فكرنا قررنا تعمل حركه مجنونه فتحتنا شباك البوكس استلفنا من بنتين معدين علينا ورق وقلم وكتبنا عليهم (يسقط مبارك ) والورقه التانيه كتبنا عليها ( لا لغلاء الاسعار ) (عاوزين تغيير دستور ) وعلقناعهم على زجاج الشباك من الناحيه اللى الامناء مش قاعدين تحتها وبعد شويه عدت علينا عربيه فيها ظابط تانى شاف الورق اللى علقناه وبعدها قامت الدنيا علينا وماقعدتش دخلوا البوكس تانى وشالوا الورق وخد عندك بقى شتيمه واهانه وهات ياإتصالات على قيادات وكل شويه يلفو بينا شويه حسب التلفونات اللى بتيجى لحد ما وصلنا شخص بيندوله (ادهم باشا ) ادوله الورق اللى كنا معلقينه ونزل فينا تهديد بإننا هاننزل من العربيه ملط من غير هدومنا وشتيمه وسب بالدين والاب والام على فكره نسيت اقولكم ان ادهم باشا ماوصلش لوحده كان معاه 3 كائنات مقاس مترين فى متر ونص وبعد وصلة الشتيمه والسب ركبوا معانا البوكس واللى فهمناة من كلام الامين الواعظ اننا هانرجع المعسكر علشان نترحل مع زملائنا الشباب بس لقينا البوكس بيبعد وبيخرج بره العمار

وبدأت المرحلة الاخيرة من الضرب المبرح واللى يحسوا انها خلاص مش قادرة وبتموت فى اديهم يرموها من البوكس وكأنهم بيرموا علبة سجاير فاضيه بدأو بصفا واخدت الحدفه الاولى ولقيتنى بطير فى الهوا وبحصلها ولقيت صفا بتعيط من اثر الوقوع على ضهرها ورغم انى اخدت نفس الوقعه ويمكن اصعب لتقل جسمى بس قررت اقاوم الالم واحسسها اننا كويسن بس كانت فيه ازمه هانروح ازاى من المكان ده واحنا مش عارفين حتى احنا فين ولحسن الحظ كان فيه شابين معدين وشافوا اللى حصلنا بس خافوا ووقفوا بعيد ولما البوكس مشى لفوا بعربيتهم ورجعولنا صفا كانت خايفه تركب معاهم بس انا مش عارفه ليه اطمنتلهم واقنعتها تركب وركبنا معاهم ووصلونا لحد موقف العاشر فى مدينة السلام ومن هناك ركبنا عربية لرمسيس واتجهنا مباشرة لمركز هشام مبارك وكانت هناك الدكتورة عايدة من مركز النديم واعطتنا بعض المسكنات حتى نسطتيع الوصول لمنازلنا وهكذا انتهى يوم 6 ابريل 2010

انتهت الى هنا شهادة جانيت عبد العليم واحدة من بنات مصر اللواتى نفتخر ونعتز وننحنى لوطنيتهم وشجاعتهم وحبهم لبلدهم واترك تجربتها مع رجال الشرطة وتجارب غيرها من الشباب الذين نالهم ايضا نفس القدر من التعذيب والضرب والاهانات لضمائر كبار رجال الدولة والقضاء ومنظمات حقوق الانسان المحلية والدولية لللتحقيق فيها واتخاذ مايرونة مناسبا من اجراءات قانونية لوضع حد لعمليات البطش والتعذيب ضد الابرياء العزل من ابناء مصر الغالية  ..

sobhy@iprimus.com.au

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع