بقلم: إبراهيم عيسى
لا أعرف بأي عين يتحدث الأقباط منفعلين ورافضين دمج الدين الإسلامي في السياسة وينزعجون جداً من أي مظاهر تداخل بين الحكم والحكومة مع الدين والتدين، بينما لا يمر يوم علي مصر إلا ونجد قسيساً يحشر نفسه في الكلام في السياسة، بل يعلن عن تأييده وتبريكاته وتمجيداته ومدائح فجة للرئيس مبارك ولنظام حكمه، بل يبتذل بعض القساوسة أنفسهم بالمديح والإطراء المفرط لنجل الرئيس كذلك؟
الأقباط يحبون جداً تعبير المواطنة ويعتبرونه نصراً كبيراً أن جاء به الحزب الوطني في تعديلات الدستور ومعني المواطنة أن نتصرف كلنا كمواطنين في الوطن سواسية في الحقوق والواجبات بلا تمييز في الدين أو الجنس، لكن المشكلة الحقيقية أن الأقباط أنفسهم يتصرفون طول الوقت كأقباط وليس كمواطنين !
معظم الأقباط خوافون ويخشون الكلام بصراحة ويقولون في كنائسهم وتجمعاتهم غير ما يقولونه علناً وعلانية، وربما سبب ذلك إحساسهم بالقهر والاضطهاد والتمييز (طبعاً لا البابا ولا أي قسيس فيهم يعترف بأن هذه مشاعر الأقباط بل ولا الأقباط أنفسهم قادرين علي البوح بهذه الأفكار اللهم إلا أقباط المهجر الذين لا يفعل أقباط الموطن شيئاً إلا محاولة التنصل منهم !!)
ثم لا كنيسة في العالم تتحدث عن عظمة وروعة وحكمة رئيس دولتها أو تعلن تأييده علي الفاضية والمليانة قدر ما تفعل الكنيسة المصرية، ولا عشنا ولا شفنا قساوسة يفتون في نظام الحكم ويشرحون محاسن ومزايا ومنجزات وإنجازات رئيس أو يتشدقون غناء في جمال وعظمة القيصر مثلما يفعلون في بطريركية العباسية! وقد أوشكت حوالي 2400 كنيسة مصرية (1683 كنيسة رسمية، و717 كنيسة ننتظر حصولها علي الترخيص) علي أن تتحول إلي مقار للحزب الوطني وللدعوة لانتخاب مبارك لو ترشح أو توريث حكم مصر لابنه إن أراد.
المذهل أن الأقباط يشتكون من الاضطهاد والتمييز الذي تمارسه الدولة ضدهم لكنهم يؤيدون رئيس هذا النظام وحزب هذا النظام الذي لا يكفُّون عن الشكوي منه، إنها حالة غريبة كأن كثيراً من الأقباط وقعوا في عقدة استكهولم وهي حالة تصيب الإنسان عندما يتعرض إلي القهر، يحس بأنه فاقد الإرادة لا يملك من أمره شيئاً، وأن الجلاد يملك أن يصنع به وفيه ما يشاء، هنا يهرب المقهور من إحساسه المؤلم بالعجز بأن يتوحد نفسياً مع الجلاد ويعجب به ويتحالف معه...بل يدعو لتأييده وانتخابه !
المدهش أن شيوخ التعصب والرجعية والتخلف الديني ينافقون الرئيس مبارك ويعتبرون أن طاعته من طاعة الله ورسوله، تماماً كما يؤيد ويبايع الرئيس مبارك هؤلاء القساوسة الذين يشكون من فتنة الدعاة والشيوخ المتعصبين، إن ما يفعله وعاظ ودعاة التطرف الديني في مصر دور في منتهي الخطورة، لكن يبدو أن دور القساوسة والكنيسة لا يقل خطورة !
نقلا عن الدستور
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=16515&I=411