بقلم:عائشة التاج
شهادة
لا أخفيكم أحبائي الأعزاء حيرتي القاتلة وأنا أخط هذه الشهادة عن أجمل فعل يمكن القيام به :ألا وهو الكتابة .إذ لم أتساءل يوما ما لماذا أكتب ؟
كل ما أعرفه أنني أنساق لهذا الفعل الجليل استجابة لنداء داخلي ، آت من أدغال الروح
وغالبا ما يفرض علي نفسه بصخب مثير إثر تفاعل قوي مع حدث ما ينجح في إحداث رجة قد تزلزل كياني هنا والآن .
الكاتب هو حتما ابن بيئته وبمقدار تفاعلنا مع هذه البيئة ،ننتج نصا ساخنا بل ملتهبا بالتهاب الأحداث التي نكتب عنها أو تنكتب من خلال ذواتنا .
الكتابة بالنسبة لي فعل وجودي بكل ما تحمله الكلمة من معنى . إنه مسعى بسيط للإمساك بتلابيب الحقيقة الضائعة وسط متاهات حياة ملتبسة بكل المقاييس .
إنها أيضا وغالبا ، نوع من البوح ، قد يكون مضمونه ذاتيا او جماعيا ،يتم اقتسامه مع قراء أعزاء ،تربطنا وإياهم روابط جد حميمة بدون سابق معرفة ولا لقاء
كيف لا ؟ والكتابة دعوة صريحة للانخراط في مسارب الذات بفكرها ووجدانها ، بمعتقداتها ومواقفها ، بآرائها وانفعالاتها ،بصدقيتها أو زئبقيتها ....؟
إن الكتابة بكل تلخيص مرآة للذات الفردية والمجتمعية ، تعكس ما يختلج داخلها من
فرح أو معاناة ، من سكينة أو توترات ، من تماسك أو تمزقات ...
إنها رصد لما تعج به الحياة من حياة سواء في شكلها الإيجابي أو السلبي
وحتما تختلف عملية الرصد هذه باختلاف حساسية كل كاتب أو كاتبة .
الكتابة في شكلها الأعمق هي بكل بساطة فعل روحي ، هكذا أراها وأمارسها طقسا مفعما بالرهبة والحب والخشوع .
إنها نوع من السفر في ملكوت هذا الكون ،بأدوات جد رمزية تخترق تلك الجدران من الصمت كي تنطق حروفا ذات معاني تعيد صياغة الواقع في أفق ما تعتبره تغييرا للأحسن
إنها أيضا اختراق لذلك الصخب المتعالي بغوغائية المعيش ، سعيا لإزالة التوتر وبث نوع من سكينة الفكر الرصين ما بين ثنايا لغط الحياة اليومية الملتهبة . كما قد تكون استفزازا لفضول الإصغاء لنبض يذوب حتما داخل طاحونة اليومي لامبالاة
باردة بنكهة الثلج. وبهذا فقد تكون دعوة للانخراط في سخونة الحياة الاجتماعية اهتماما وفعلا وموقفا .
الكتابة أيضا نوع من العلاج لوجع الذات الفردية أو المجتمعية ،كيف لا وهي تتويج لمخاض أليم مفعم بالمعاناة الممزوجة باللذة . وبهذا تكون الكتابة تطهيرا داخليا من خوالج الوجدان عبر نوع من التسامي الرمزي الذي يأخذ شكل بوح نقتسم من خلاله
همومنا مع الآخر المتعدد ، فينشطر الوجع إلى شظايا سرعان ما تذوب أمام الانشطار اللامتناهي .
وقد تكون الكتابة أيضا نوعا من مقاومة الموت والفناء ،لأنها مسعى نحو الخلود قد يتحقق
حسب درجة الإبداع ومستوى عمقه وانتشاره واحتضانه من طرف المتلقي . فالكتابة توثيق و التوثيق محاولة لمقاومة الاندثار .
لربما كان أعز الأصدقاء من نكتسبهم كقراء أولا لأن قرار انخراطهم في الصداقة يكون قائما على تلك النظرة الشمولية التي تعلنها الذات الكاتبة لمن يحسن الغوص و فن الإصغاء
لمختلف الخطابات التي يرسلها النص المكتوب بدلالاته الناطقة وحتى ببياضاته الكامنة بين السطور والكلمات .
من المؤكد بأن فعل الكتابة يختلف باختلاف أهدافه وحمولته ومحدداته الداخلية والخارجية
وقد لا يحمل هذا الفعل شرف الكتابة بمعناها الأسمى إلا إذا كانت غاياته وجودية بالمعنى العميق للكلمة .
ولكلمة "وجودي " امتدادات متعددة تنسحب على تعدد مناحي حياة الكاتب أو الكاتبة
وكذا المضامين التي تملأ قربة كينونته الداخلية بما في ذلك تلك المستعصية على التناول انطلاقا من أدواتنا المتاحة لحد الآن .
الكتابة والكاتب : الهوية والمحددات ؟
من هذا المنطلق يمكننا التساؤل عن ماهية الكاتب في حد ذاته ؟ من أين وكيف يستمد هويته ككاتب ومن أين له بمشروعية هكذا تصنيف ؟
وهل الكتابة تتحدد بجنس فاعلها ؟
ألا يمكن اعتبار مصطلح الكتابة النسائية تصنيفا تحكميا وذي طابع معياري ؟
وما هو الدور المنوط بفعل الكتابة هنا والآن ، ضمن سيرورة الفعل البشري عموما ؟
أسئلة تطرح العديد من التشعبات التي قد لا تسمح شروط هذه المداخلة بتناولها بإسهاب ،لكنها مفاتيح لا بد منها لتأطير فعل الكتابة حول قضايا المرأة كما جاء في شعار هذه المائدة المستديرة .
هوية الكاتب (ة) و الكتابة ، المشروعية والتصنيف
للإجابة عن هذا السؤا ل لا بد من طرح التساؤل التالي :
هل الكتابة حرفة أم فن ؟
هل يكفي تملك ادوات اللغة للتوفق في كتابة نص إبداعي ؟ أم إن الكتابة فعل أعمق من ذلك بكثير ؟
للجواب عن هذا السؤال يمكن ان نطرح سؤالا آخر ؟
هل كل عازف يستطيع ان يتحول لفنان حقيقي ؟
من المسلم به أن الفعل الموسيقي المبدع يتطلب أكثر من دربة العزف على آلة ،
ذلك أن الإبداع الموسيقي يتطلب بالضرورة مستوى معينا من الإبحار في عوالم الذات
فكذلك الكتابة ،فهي أكثر من دربة على تملك أدوات الكتابة بل إنها تجربة وجودية بامتياز.
هذا الوصف ، ينسحب بالضرورة على كل كتابة تتضمن شرط الإبداع ،والإبداع هو نوع من إعادة صياغة للرؤيا بشكل متميز يضمن جاذبية للنص ومتعة لقارئه .
قد تختلف أجناس الكتابة حسب التصنيفات النقدية لممتهني دروب الأدب و الفكر والإبداع ...وقد تتعدد المواصفات حسب المهن والحقول والاهتمامات لكن حلاوة النص و نكهته الخاصة هي ما يعطيه بصمة التميز .
ذلك أنه ليست كل كتابة تملك شرف الكتابة المبدعة ، وليس كل كاتب بإمكانه خلق جمهور من القراء بدون محاباة ولا تزلف اللهم إلا جاذبية النص وغناه المعرفي ووظيفته الاجتماعية .
فالكتابة نوع من البوح والبوح شفافية والشفافية لا تتوفر إلا بتلك الدربة اللامتناهية على شحذ مسارب الروح وتهييئها للتحليق في ملكوت الكون اللامتناهي بكل حرية وانطلاق ومتعة .
ذلك ما يعطي للنص سحره وجاذبيته .
من هنا يمكن القول بأن الكتابة هي مرآة لاهتمامات الكاتب (بة) ،بل انعكاس لذاته بكل حمولتها الفكرية والنفسية والاجتماعية والثقافية والروحية .
فقد تكون الكتابة مجرد بوح ذاتي أو قد تتدرج في سلم الاهتمامات لتعبر بشكل ما عن بوح جماعي فتاخذ شكل مرافعة عن قضايا مجتمعية تصل حد الهوس لدى صاحبها او صاحبتها لأنها تتحول لقضية تفرض نفسها هنا والآن من خلال أغلب اهتمامات الكاتب او الكاتبة وقد تأخذ شكل دراسة أو تحليل ذي مواصفات علمية متعارف عليها ، لكنها حتما لن تتمكن من التغلغل في أعماق المتلقي بدون تلك اللمسة الإبداعية التي تصوغها الذات المبدعة لنص بمواصفات إبداعية تنتج شرط الاستمتاع بالنص وإحداث نشوة القراءة أو التلقي .
الكتابة تواصل شفاف ، وإذا لم يتوفق الكاتب في إيصال رسالته وحمولة نصه الأبداعي
لأعماق المتلقي فمما لا شك فيه أن النص يفتقد لمستوى الجاذبية المنشود.
عندما تكتب الأنثى :هل من مميزات ؟
انطلاقا مما سبق تكون الخصائص الإبداعية هي المرتكز الأساس للتصنيف ،اما الانتماء الجنسي فلا يغدو أن يكون متغيرا من الدرجة الثانية .
فمصطلح "النسائي" يدل على كل الكتابات التي تصب في اتجاه الدفاع عن قضايا المرأة
وفي هذا السياق قد نجد بالضرورة كاتبات نساء ،بحكم أنهن الأكثر ارتباطا بواقعهن الخاص ، لكن أيضا كتابا ذكورا اعتنقوا قضية المرأة ودافعوا عنها بشراسة قد تفوق أحيانا شراسة المعنيات مباشرة بتلكم القضايا .
ذلك أن النسائية ليست مصطلحا بيولوجيا ولكنه موقف فكري و فعل سسيوثقافي .
يصب في اتجاه تصحيح البنيات المجتمعية في أفق توازن النوع كإحدى التوازنات المنشودة من أجل بشرية أكثر رفاه وإنسانية ورقيا.
في المقابل قد نجد كاتبات نساء يرافعن من خلال كتاباتهن ضد مصالح النساء لأن حمولتهن الفكرية ذكورية بالمعنى الرجعي للكلمة .
من هنا أميل لاستعمال مصطلح النص النسوي ،أي الكتابة بنون النسوة
وهل لها مميزات ما ؟
أترك لمحترفي النقد الأدبي مهمة الجواب عن هذا السؤال
لكن يمكنني كقارئة وكسسيولوجية ايضا المجازفة بالقول بأن النص النسوي قد يتميز بمميزات النساء التي يتفوقن فيها على الذكور : رهافة الإحساس ،قوة الحدس ،الشفافية والدقة في الرصد وغزارة الوجدان .
أظن بأن النص النسوي شفاف بالضرورة ، وله حبكة مشوقة بحكم قدرتها الأزلية على الحكي ،فالحكي مهمة نسوية بامتياز.
وقد تكون للمرأة أيضا تلك القدرة العجيبة على التقاط جزئيات الحياة البالغة الدقة ،ذلك أن الذكور أكثر ميلا لما هو شمولي أما المرأة فتمتاز بصبرها العجيب للانخراط في تلك الثنايا ذات الطابع الميكروسكوبي .
كيف بدأت الكتابة ؟.
إلى أي حد يمكن للإنسان أن يقرر أن يكون كاتبا ؟ لعل الجواب عن هذا السؤال يبدو مستعصيا نوعا ما ،علما أن مسارات الذات الكاتبة غالبا ما تكون جد مركبة قبل أن تنتج لنا كاتبا أو كاتبة .
بالنسبة لي الكتابة هي التي اختارتني ، منذ أن كنت اطارد تلابيب الحرف بفطرتي الطفولية و أنا أجمع أية ورقة مكتوبة تتناثر على ركح أزقة حينا الفقير بفرح طفولي ممزوج بالتحدي .
لم يكن في محيطي الأسري ما يشجع على خلق هذا الهوس ،لكنه اجتاحني بكل قوة عبر فعل القراءة باعتبارها المرتكز الأساس للكتابة .
كل مكتوب مقدس ،هذا ما وصل لإدراكي البسيط آنذاك ورحت أجمع الأوراق التي يلف فيها دكان الحي العطرية او الحمص او اي شيء من هذا القبيل لأتهجى حروفها بشغف المحروم من معانقة الكتاب في محيط يعشش فيه التهميش إلى أقصى مداه .
كما كنت أتلقف الكلمة الجميلة من خلال المذياع ،نافذتنا الوحيدة آنذاك نحو العالم الذي تفنن خيالي الصغير في صياغته من خلال تلك المعطيات المتناثرة عبر اثير كان يوحد ما بين الطبقات ..كان المتخيل مرتعا لأحلامنا الطفولية البسيطة جدا جدا ، لأن إدركنا للعالم كان محدودا بفعل الحصارات المتعددة .
وأنا أتكيء على ركبة جدتي وهي تؤثت مخيالي بحكايا هاينة والغول والسبع بنات ،كنت انتشي من خلالها بلذة رهيبة مثلما انتشي بالبوح النسوي المتواتر حول صينية الشاي
.الأخضر وهن يمارسن نميمتهن المعتادة داخل الدور او بحكايات "الحلقة " في الهواء الطلق لبعض ساحات الحي المحمدي قبل أن تصادرها المضاربات العقارية او أسواق الباعة المتجولين.
كما كنت أنتشي بالسماع لأحاديث السياسة وأنا أرافق والدي في بعض جلساته مع رفاقه في بعض زوايا الحي وهم يتكلمون عن جمال عبد الناصر أو فلسطين أو غيرها من المواضيع الدسمة آنئذ.
لقد كان حفظ القرآن بالنسبة لي هو جواز مروري نحو عطف الوالد الذي كان يصطحبني معه في بعض جلساته الذكورية وهو يتباهى بقدرتي الهائلة على تلاوة العديد من الآيات
بمهارة غير معتادة لدى الإناث آنئذ . فلولا ذاكرتي لما استطعت اختراق العالم الذكوري . ،حيث كنت انصت لبوح من نوع آخر ، يختلف في حمولته عن البوح النسوي .
عناصر بسيطة جدا قد تنسج خيال مشروع كاتب وتزيد من هندسته المدرسة والتكوين
كمحددات موضوعية تشحذ مهاراتنا بأدواتها الأكاديمية ذات البعد المنهجي ولعل أهم ما في المدرسة بمختلف مراتبها : المعلم والأستاذ كمؤطرين يبثون نفحة المعرفة قطرة قطرة قد تتحول لمنبع متدفق إذا تمت العملية بما يلزم من التزام وحب .
لم تكن أحياؤنا الفقيرة ولا حتى مدارسنا مؤثتة بما يلزم من مكتبات ،لكن بعض أساتذتنا كانوا بالنسبة لنا ملاذا استثنائيا بكل المقاييس . عندما كان التعليم يمارس كرسالة شبه سماوية ،لم يتوان الأستاذ عن التقاط المواهب الكامنة وتأطيرها وتحفيزها وحتى تزويدها بالكتب اللازمة . ذلك أن احد أساتذتي كان يأتيني كل أسبوع بروايتين وبفضله قرأت العديد من الروايات العالمية التي لم يكن من الممكن أن تطالها يداي المكبلتين بسلاسل الفقر والضغط الاجتماعي المفروض على الأنثى آنئذ . ذلك أن عائلتي كانت تمنع علي الذهاب إلى مركز المدينة حيث تتواجد المكتبة البلدية .
وأستاذ آخر كان شبه متأكد من مستقبلي في عالم الكتابة ، حيث كان يلقبني بفقيهة القسم لأنني كنت أحسم النقاش حول الأمور النحوية المتعلقة باللغة العربية وغالبا ما كان يدعوني لقراءة "إنشائي "أمام باقي التلاميذ باعتباره الأحسن صياغة ،بل بفضله أيضا قمت بأول عرض في حياتي وأنا في 16 من عمري امام حوالي 1000 متفرج ضمنهم بعض مسؤولي نيابة التعليم آنئذ . وكان بالنسبة لي اكبر تحدي خلال دراستي الثانوية .
من هذا المنبر أنحني امتنانا و إجلالا لبعض أساتذتي الذين لولاهم لما أنجزت ما أنجزته
وللمدرسة العمومية في فترة السبعينات بحسها الوطني الرائع .لأن أياديهم البيضاء اقتلعت العديد منا آنئذ من مسارات ذات احتمالات دكناء.
لقد كان الأساتذة و الإداريون يتنافسون على جودة التأطير ،ويبدعون في اقتراح الأنشطة الموازية وفي تأثيت بعض هوامش الدرس بحصة إبداعية . ولا شك أن ذلك ما خلق لدي الرغبة في أن أكون كاتبة و أن أمتهن القراءة كهواية وجودية تؤثت حياتي بحضورها البهي والرائع .
فلولا زخم القراءة المتراكم لما حضرت رغبة الكتابة بشكل مهووس أحيانا ،كي نضع بصمتنا ضمن بصمات أصرت أن تنتج صياغتها الخاصة للواقع كما تدركه وتعيه أو ببساطة كما تعيشه .
ولا بد أن أشير أيضا إلى دور التنشئة الجمعوية في شحذ المهارات التعبيرية والتواصلية
فأساتذتنا كانوا يحثوننا على الانتماء الجمعوي ، وداخل دار الشباب بالحي المحمدي انخرطت في جمعية "نادي الفكر" هناك تعلمت بعض ابجديات المسرح ،وكيف أعرض أفكاري وأدافع عنها وكيف أثبت ذاتي وأنزع حقي .
لقد كان صراعي مع الوالدة كي أذهب لدار الشباب تحديا حاسما في حياتي ،إذ دافعت بشراسة عن حقي في الممارسة الثقافية التي لم تكن والدتي تعي أهميتها وكانت الصورة ملتبسة بالنسبة لها . فكانت تمارس علي كل أشكال العنف اللغوي والجسدي لمنعي من تلك المغامرة اللذيذة ، مثلما كانت تمنعني من قراءة الروايات ليلا خوفا علي من "المس" لأنني كنت أتفاعل مع ما أقرأ بالبكاء أحيانا .
لربما كان هذا الصراع مع الأم هو الشرارة الأولى التي أشعلت تلك الشعلة المتوهجة دوما بوعيي الخاص بشرط انتمائي الاجتماعي كأنثى ،حيث أعلنتها حربا بدون هوادة ضد كل الحصارات التي تسلسل جموح النساء نحو عالم "أفضل .ووجدت في والدي المتفهم خير سند لي في حربي هذه ضد العادات المتخلفة التي كانت امي تتمسك بها من خلال لجمي عن الحركة وعن العديد من الأمور الجميلة.
من هنا يتقاطع الشرط الذاتي مع الشرط الموضوعي ،فانطلاقا من تجربتي الخاصة بدأت أفهم معاناة المرأة عموما واسعى لقراءة كل ما يتعلق بالموضوع واكتب تلك المعاناة في مذكراتي الخاصة كبوح اولي خام يسمح لي بالتنفيس عن الذات المجروحة وكذا بالتدرب على الكتابة كما نصحني احد أساتذتي الأجلاء .
الأدبي والأكاديمي : تقاطع وترابط .
ما بين تجاذب الأكاديمي والإبداعي قد تتموقع الذات الكاتبة حسب المقام وشروطه .
ذلك أن الكتابة الأكاديمية تحيل على صرامة شروطها ومحدداتها ، فالسسيولوجيا علم
له ضوابطه الصارمة التي قد تقدم نصا أكثر ميلا للموضوعية ،لكن النص الإبداعي
هو تعبير عن ذلك الانفلات من برودة "العلمي" نحو دفء الأدب وانزياحاته الفنية
الرائعة . هو محاولة للتحليق في سماوات الرموز بكل حرية وتمرد أحيانا .و مما لا شك فيه أن التلاقح يحضر بهذه الدرجة أو تلك علما أن الكتابة هي نوع من الرحيق الروحي الذي هو بمثابة عصارة شاملة للذات الكاتبة فكرا ووجدانا وتكوينا ومزاجا حتى .
نقلاً عن الحوار المتمدن
http://www.copts-united.com/article.php?A=16641&I=414