جرجس وهيب
بقلم: جرجس وهيب
تَعرّض رجال الدين المسيحي خلال انتخابات مجلس الشعب عام 2005 لضغوط كبيرة من أعلى المستويات الرسمية بالمحافظات لإجبار المسيحيين على انتخاب مرشحين بعينهم والتكتل وراء مرشحي الحزب الوطني، وخاصة بعد اكتساح التيار الإسلامي لعدد كبير من مقاعد البرلمان في المرحلة الأولى من الانتخابات بصورة لم يكن يتوقعها أحد، وبصورة أذهلت الجميع.
فكان لابد من تكتل المسيحيين خلف مرشحي الحزب الوطني والذي مُنيَّ بهزيمة ساحقة حتى أن عدد كبير من المرشحين خلال هذه الانتخابات كانوا ينفون صلتهم بالحزب الوطني، كأن الحزب الوطني أصبح وصمة عار، بل أن بعض مرشحي الحزب الوطني عقدوا صفقات مع مرشحي الإخوان في المقاعد الأخرى وتعامل الإخوان مع هذه الانتخابات بمنتهى الحرفية والمهارة والذكاء والدهاء.
فعقدَ مرشحي الإخوان صفقات مع أغلب المرشحين من وراء بعضهم وصوت أنصار مختلف المرشحين لصالح مرشحي الإخوان في حين صوّت أعضاء جماعة الإخوان لكل المرشحين بحسابات دقيقة خوفًا من (تعلية) أصوات مرشح على مرشح الإخوان وخاصة إن أغلب مرشحي الإخوان من الفئات وباقي المتنافسين من العمال والقانون يتيح فوز اثنان من العمال ولا يسمح بفوز اثنان من الفئات.
وكان إجبار المسيحيين على التصويت لنواب بعينهم سابقة خطيرة لم يدركها عدد كبير من المشيحين لأن في ذلك الوقت كان هناك تخوف كبير لدى عدد كبير من المسيحيين من اكتساح نواب الإخوان لنواب الوطني والمستقلين.
وأخشى أن يتم تكرار هذه التجربة في الانتخابات القادمة وخاصة ونحن على وشك انتخابات الشورى ومن بعدها انتخابات الشعب فلابد أن يكون لدى الناخب المسيحي حرية اختيار مَن يراه مناسبًا له وخاصة إن نواب الحزب الوطني لم يحفظوا الجميل للمسيحيين، بل يتعامل نواب الوطني مع المسيحيين من منطلق إن المسيحيين ناسنا ورجالاتنا فنُرضي أولاً الأعداء والمسيحيين لا خوف منهم.
بل أن عدد كبير من نواب الحزب الوطني يتجاهلوا حتى أقل الواجبات الرسمية مثل حضور الأعياد والاحتفالات المسيحية ومشاركة المسيحيين في الأحزان، كما لم يتغير موقف وسياسة الحزب الوطني تجاه المسيحيين بصفة عامة، فأعداد أعضاء المجالس الشعبية لم تتغير بالشكل الذي كان ينتظره عدد كبير من المسيحيين ردًا على وقوف المسيحيين بجانب الحزب خلال التعديلات الدستورية وانتخابات رئاسة الجمهورية، حيث خرج المسيحيين بشكل ملفت للنظر بمحافظة بني سويف مما استدعى بعض قيادات الحزب الوطني لتوجيه الشكر للمسيحيين.
كما لم تتغير نسبة وجود المسيحيين بالشكل الذي يرضى طموح المسيحيين داخل المجالس الشعبية وأمانات الحزب الوطني، وإن كانت قد زادت عن الأعوام السابقة في عهد أمين الحزب الوطني الحالي لمحافظة بني سويف الدكتور عبد الرحمن سليم.
لذا أرجو من جميع رجال الدين المسيحي عدم الانصياع لمثل هذه الطلبات حتى لو مورست بعض الضغوط في جوانب أخرى ولنترك المسيحيين ينتشروا داخل مختلف الأحزاب والقوى السياسية.
ولكن يمكن التصويت الجماعي لصالح مرشح معين إن كان هناك صفقة ما بين المرشح ومسيحيي المنطقة والصفقات الانتخابية ليست بشيء حرام أو ممنوع فهي موجودة، فالمرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمون قال بعد تقاعده أنه أبرم صفقة مع الدولة خلال انتخابات مجلس الشعب عام 2005 نتج عنها نجاح 88 نائب إخواني وكما سربت بعض الصحف في الآونة الأخيرة خبر صفقة بين حزب الوفد والدولة وإن نفى حزب الوفد ذلك، فعصر الأصوات المجانية قد ولى كما قلت ذلك في مقال سابق ففرصة الانتخابات أعظم فرصة للحصول على بعض المكاسب وحل المشاكل المعقدة، ففي فترة الانتخابات تكون الأحزاب في أضعف حالتها ولديها استعداد نفسي للاستجابة لبعض المطالب لم تكن توافق عليها في وقت آخر.
وأناشد جميع الأقباط بمصر ألا يكونوا قطعة شطرنج في يد أحد بل لنكون قطعة شطرنج في يد أنفسنا نتحرك بذكاء ولخدمة مصالحنا وأن يمتنع الوسطاء وأصحاب المصالح منّا!!!
http://www.copts-united.com/article.php?A=16652&I=415