ملف الإخوان المسلمين (1)

د. ميشيل فهمي

التأصيل التاريخي لِكُره المسيحية عامة والأقباط المصريين خاصة
وثيقة التمكين (فتح مصر) ومحاولة اختطاف المحروسة
الجزء الأول

تنويه مبدأي أساسي: جماعة الإخوان المسلمين تحاول احتكار الإسلام، ومن منطلق لا وجود لأي فرد أو جماعة تحتكر الحقيقة المطلقة فهي لا تمثل الإسلام وصحيحه، وعندما نهاجمها أو نكشف عن عيوبها ومثالبها، فذلك بعيد كل البُعد عن مهاجمة الإسلام، لِذا لزم التنويه.
بمناسبة مرور ستون عاماً على مصرع مؤسس جماعة الإخوان المسلمين نتقدم لمصر المحروسة ولَقُُراء الجريدة الإلكترونية "الأقباط متحدون" بهذا البحث عن نشأة تلك الجماعة وأهدافها وتاريخها وأعمالها حتى يومنا هذا وأثرها في إفساد وفساد المجتمع المصري خاصة والعالم العربي والإسلامي عامة، آملين الإفادة لِمن يقرأ، وعلى رأسهم مدبرو أمر مصر المحروسة..... -لو قرئوا-.
والآن إلى الخطوط العريضة للتأسيس والفِكْر والتنفيذ والمؤسس..... وسأستعرض بقية الأجزاء بالتفصيل عن هذه الجماعة أشخاصاً مؤثرين وقيادات وأفعال وانتشار محلي وإقليمي ودولي، وتمويل منذ نشأتها وحتى الآن.
 
•التأسيس:
في مساء  يوم الخميس 8 مارس 1928 قام السيد حسن أحمد عبد الرحمن محمد البنا الساعاتي..، ومعه ستة من العمال بمدينة الإسماعيلية، اثنان منهم يعملون بمعسكرات الإنجليز بالقناة قاموا بتأسيس تلك الجماعة باختيار مدروس لشخصية مَن اختاروه من الإنجليز لتأسيسها، عن طريق أصدقاؤه وأصدقاؤهم العاملين في معسكراتهم وغيرهم.....، زارعين بذلك النبتة الشيطانية التي رعاها الاستعمار البريطاني وموّلها من جزء الميزانية البريطانية بقناة السويس بِغَرض شق الحركة الوطنية التي كانت تقاوم المستعمر في منطقة قناة السويس، ثم تحوّلت الحركة في الظاهر فقط من جيب سري يعمل للاستعمار إلى المقاومة العلنية المُصطنعة ضِد الاستعمار..
وفي الظاهر كان التوكيل يتم عن طريق اشتراكات شهرية بسيطة من الأعضاء المؤسسين ثم من المنضمين بعد ذلك للجماعة (تطور النظام المالي والهيكل الرأسمالي للجماعة حتى وصل الآن إلى أضخم المؤسسات المالية والاقتصادية (وسنبيّن ذلك فيما بعد) وكانت أفضل عباءة لتجميل صورتها أمام الشعب المصري الغارق في التخلف والأمية والخرافات الدينية والذي كان هو كل اهتمامهم –مرحلياً-  في ذلك الوقت كانت أفضل عباءة في ذلك الوقت –وكل وقت- هي العباءة الدينية عن طريق الُمتاجرة بالإسلام ورفع شعارات إسلامية للكفاح والجهاد لِدغدغة المشاعر الدينية لرجل الشارع المصري والأُمي أبجدياً ودينياً بينما الحقيقة والواقع غير ذلك تماماً.
وحافظ الاستعمار –آنذاك- عليها ودَعَمها لتطرح ثمارها السامة في مصر المحروسة وبقية العالم والدول الإسلامية فيما بعد، ضِمن مُخطط بريطاني رهيب كان قد رُسِم لمنطقة الشرق الأوسط بمعاونة كِبَار المستشرقين لاستخدام الدين الإسلامي لإخضاع شعوب تلك المنطقة وضربها بسلاح الفٌرقة لإحكام السيطرة عليها وعلى مواردها، على غِرار ما  كان قد تم من نفخ وتضخيم وتقوية لمذهب محمد بن عبد الوهاب بالجزيرة العربية، حيث استغل الاستعمار البريطاني المذهب الوهابي وصاحبه محمد بن عبد الوهاب، استغلوا هذا المذهب في أعمال سياسية لضرب الدولة الإسلامية والاصطدام مع المذاهب الأخرى لإثارة حروب مذهبية داخل الدولة العثمانية دون أن يدرك ذلك أتباع هذا المذهب.
 
•الفكر الذي تأسست عليه جماعة الإخوان:
كان لابد من هذا الطرح السابق لبيان كيفية وأسباب وأهداف إنشاء وتأسيس جماعة الإخوان المسلمين بتخطيط بريطاني وتنفيذ مصري إسلامي هذه الحركة نشأت في ظل الاحتلال الإنجليزي وبدعم منه! وشاركت في العملية السياسية في ذلك الوقت ولم ترفع السلاح في وجه الاحتلال الإنجليزي ولو بطلقة رصاص واحدة إلا في بعض الحالات المدروسة الإخراج جيداً، ولذا فليس من المستغرب أن يتعاون الذين يعتنقون هذه الأفكار مع قوات الاحتلال الأمريكي الآن فلهم في هذا هدف غير مُعلن لأنهم طلاب سلطة لا أقل ولا أكثر، فهم يريدون أن يحكموا حتى يحققوا الحاكمية وإقامة الإمبراطورية الإسلامية بإحياء دولة الخِلافة.

•التنفيذ:
والآن نعود لهيكل التنفيذ والإخراج الذي وُلِدت به هذه الجماعة أو هذه الحركة، ولكي نَفهمهم على حقيقتهم لابد من معرفة الأيدلوجية التي قامت عليها، فقد قال مؤسسها حسن عبد الرحمن أحمد البنا الساعاتي -الذي لم يكن في يوم من الأيام لا شيخاً ولا إماماً إلا في خيال مَن أرادوا تنصيبه بتلك الصفتين- قال: "إن الإسلام عقيدة وعبادة ووطن وجنسية ودين ودولة وروحانية وعمل ومصحف وسيف"!!
وبتحليل هذه الخلطة الفكرية نجدها متداخلة مع بعضها بِلا رابط ولا ضابط، فلو قسمناها جدلاً إلى مجموعتين، فستكون المجموعة الأولى هي دينية صِرفة: (عقيدة – عبادة – دين – روحانية  ومصحف)، والمجموعة الثانية دنيوية أرضية وهي: (وطن – جنسية – دولة وعمل وسيف)!!
وبالتأمل البسيط لهذه الكلمات نعرف حجم وكمْ المُغَالطات الفكرية والأيدلوجية والسياسية بل والواقعية والبراجماتية التي قامت عليها جماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها وحتى اليوم: حيث يظل التساؤل الذي فَرض نفسه منذ تأسيس هذه الجماعة، ويفرض نفسه وإلى يوم أن تقوم الساعة، وهو: كيف يكون الدين وطن؟
الوطن جغرافياً –أرض– حدود.. ويمكن تغييره وتبديله بالانتقال والهجرة، أما الدين فمن الثوابت..! نفس الحال في الجنسية والدولة وترابطهم المنطقي والطبيعي مع بعضهم البعض، فهذه مجموعة أرضية دنيوية، وكيف يكون دين جنسية؟ وكيف يكون دين دولة؟ وكيف يكون دين سيف؟ نعرف وتعرف البشرية كلها أن الدين عقيدة وعبادة وروحانية وكتاب سماوي...، لكن أن يكون الدين نفسه وطن أرضي فهذا لا وجود له لأن الدين موجود في العديد من الأوطان، بالإضافة إلى أنه لا توحيد ولا مزج بين الأرضيات والسمائيات.   
أما بقية عناصر التركيبة الإخوانية القائم عليها فِكر الجماعة فتجده في حزمة منفصلة بعيدة كل البُعد  عن هذا الخليط المُعلن عنه، مثل: السعي إلى الاستيلاء على الحُكم في مصر المحروسة –تحديداً- وصولاً إلى بِدء تكوين دولة الخلافة الإسلامية حيث يُمثل الاستيلاء على حُكم مصر المفتاح الذهبي والأساسي للاستيلاء على بقية دول الإقليم وبقية الدول الإسلامية بالمنطقة، وباستقراء التطور التاريخي لتلك الجماعة نجد أنهم سعوا بكل الجهد والمال والوقت وبِلا كلل أو ملل لتحقيق ذلك، وسنبيّن ذلك تفصيلاً في بقية أجزاء البحث.
 
•المؤسس:
مؤسس حركة الإخوان المسلمين ومرشدها الأول كما أسلفنا هو السيد "حسن أحمد عبد الرحمن محمد البنا" الساعاتي، وُلِدَ في بلدة المحمودية بالبحيرة، في يوم الأحد 14 أكتوبر190، من أب كان يعمل مأذوناً شرعياً بتلك البلدة وأثناء دراسته الابتدائية ظهرت عليه بوادر حُبه ووّلعه الشديد بالسيطرة والتفرد بالرأي حيث كان رئيساً لـ "جمعية الأخلاق الأدبية" غير أن تلك الجمعية المدرسية لم تُرضِ فضول هذا الناشئ وأيضاً لم يعجب زملاؤه تفرده بالرأي والقرار، فقام بتكوين جمعية جديدة خارج نِطَاق المدرسة -أي جمعية بديلة تحض على الأخلاق وإتباع الدين- ثم تطورت الفكرة في رأسه بعد أن التحق بمدرسة المعلمين بدمنهور، فألف "الجمعية الحصافية الخيرية" التي زاولت عملها في حقلين مهمين هما: 
•أولهما: نشر الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة ومقاومة المُنكِرات والمُحرمات التي كانت منتشرة من وجهة نظره في ذلك الزمان.
•وثانيهما وهو الأهم: مقاومة الإرساليات الأجنبية التعليمية التي كانت قائمة بالمحروسة آنذاك، وهُيّأ  له أنها كانت وتحت ستار العلاج التعليمي والطبي الحديث تبشر بالدين المسيحي، وكانت هذه هي بذرة الكُره وبداية المقت والبغض والتعصب لأقباط مصر التي سادت وسيطرت على عقول أعضاء الجماعة منذ انعقاد المؤتمر الأول لهم بمدينة الإسماعيلية في شهر مايو 1933 وتركز اهتمامه على مواجهة نشاط المُنصِّرين، واستمر من صلاة العشاء إلى صلاة الفجر وقد رفع المؤتمر في نهاية انعقاده رسالة إلى الملك فؤاد يطالب فيها بما يلي:
أولاً: فرض الرقابة الشديدة على هذه المدارس والمعاهد والديار التبشيرية -من وجهة نظرهم- وكذا مراقبة الطلبة والطالبات فيها إذا ثبت اشتغالها بالتبشير.
ثانياً: سحب الرخص من أي مستشفى أو مدرسة يثبت أنها تشتغل بالتبشير. 
ثالثاً: إبعاد كل مَن يثبت أنه يعمل على إفساد العقائد، وإخفاء البنين والبنات.
رابعاً: وقف الإعانات عن هذه الجمعيات وتقديم الأرض أو المال لها لممارسة نشاطاتها.
وكان هذا بِداية التحريض على المسيحية والأقباط بمصر وبدء عصر الكُره والمقت لهما، وأيضاً بدء التسلط الأمني عليهما.  
والعجيب في الأمر أن الملك فؤاد استجاب –على قدر إمكانه– لمعظم طلباته، بل الطريف في الأمر أن بعض من هذه الاضطهادات قد نال بالأذية بعض المصريين المسلمين دون قصد، فعند تقديم كشف بأسماء الطلبة المُرشحين للدراسة بالخارج في بعثات تعليمية قام الملك فؤاد الأول وكان لا يجيد قراءة وكتابة اللغة العربية بطلب شطب اسم الطالب نجيب محفوظ عندما قرأوه عليه (الحاصل فيما بعد على جائزة نوبل للآداب 1988) حيث اعتقد أنه مسيحي الديانة من اسمه!!
وللاضطهاد غرائب وعجائب، ففي مٌفَارقة عجيبة نجد الملك فؤاد المُسلم حرم المواطن المسلم نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد باشا من البعثة التعليمة بظن أنه مسيحي، بينما الهيئة المسيحية العالمية لجائزة نوبل منحت نجيب محفوظ الجائزة وهي متيقنة أنه مسلم، لكن لا دين ولا تعصب للإبداع إلا في عالم الدول الإسلامية المتخلفة حتى وإن  تقدمت مادياً مثل المملكة العربية السعودية الوهابية والصحراوية.
العرضحالجي المصري – د. ميشيل فهمي

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع