أماني موسى
بقلم: أماني موسى
برامج المقالب في التلفزيون المصري ليها شعبية كبيرة، زي "الكاميرا الخفية" و "حيلهم بينهم"، والحق يتقال في منها برامج مضحكة فعلاً ودمها خفيف، لكن على الجانب الآخر في منها برامج تلطش من حجم الرخامة والسماجة المتوافرة من مخرج لمُعد لمقدم.
وأحيانًا بيكون البرنامج مدي على رعب أو أكشن، ويطلع في الآخر المقدم أو اللي قام بالمقلب، في أحلى ابتسامة وهو بيقول: إحنا كنا بنهزر معاك، تحب نذيع ولا منذيعش؟! يعني يا جماعة دة هزار ولطافة بس وميقصدوش غلاسة لا سمح الله، على اعتبار أنهم بيهزروا بس هزار الغبي اللي رمى ابنه من الدور الخامس وكان قصده يهشكه!!
والحقيقة أنه من أرخم برامج المقالب اللي شفتها وأثارت أعصابي جدًا، كانت حلقة منتهى اللطافة والظرافة، عبارة عن (أن المواطن المأسوف على عمره والحزين على شبابه اللي هيروح منه بعد الحلقة، بيروح محل ملابس يتفرج ويشتري، ولو حظه الأسود خلاه يعجب بحاجة معينة وطلع البروفا عشان يقيسها هيشوف اللي عمره ما شافه.....
في الأول هيبدأوا بالإثارة السمعية حيث صوت عركة وخناقة بلدي بين صاحب المحل وبعض الشباب الأقوياء البنية "اللي بيخوّفوا بيهم العيال الكبيرة"، وطبعًا المواطن الغلبان المسكين هيخاف يتدخل لحسن ياخد كوع ولا كتف ولا شلوت من واحد من الطول والعرض دول وبعديها مينفعش ببصلة.
نخش على المرحلة اللي بعديها وهي اللي بننتقل فيها من السمع إلى اللمس، ودي مرحلة الإثارة والتشويق، تطلع المسدسات وكل الموجودين في المحل يخلصوا على بعض، ماعدا واحد بس هو البطل اللي هيقدر يهرب ومش كدة وبس، لا.... دة هيقفل باب المحل وراه!!!
والمسكين اللي في البروفا يلقىَ نفسه وحيد شريد في المحل مع مجموعة لا بأس بها من الجثث الغارقة في الدماء!!
بذمتك لو أنت مكانه هيحصل لك إيه؟؟؟
المهم، بعد كم الرعب والأكشن دة وبعد ما تخلص المناديل اللي عندك عشان تجفف عرقك (أقصد عرق المسكين اللي في التليفزيون)، هتلاقي الناس هتصحى بقدرة قادر وبيضحكوا بعد ما نشفوا دم الراجل الغلبان والمذيع بيقوله: ها انبسطت اكيد، نذيع ولا منذيعش!! رغم إن المفروض السؤال يبقى قبل المقلب مش بعده، يعني مش بعد ما أرهبه وأموته من الخوف أقول له ها نذيع؟!
بعتقد أن بعدها المواطن دة مش هينفع لأي حاجة في الحياة وهيقطع الخلف وهيصاب بانبعاج أيوني في كل الأطراف، ويبقى أخره يتركن جنب الحيط وكل اللي يعدي ياخد منه بركة ويبوسه ويرجعه مكانه!!
والحقيقة إني أفتكرت الموقف نتيجة اللي بشوفه وبسمعه كل يوم من أخبار تصيب بالغثيان بالظبط كأنك في حلقة من حلقات الكاميرا الخفية أو في مقلب كبير بس الفرق أنك مش عارف هتخلص منه أمتى.
وهقلك بالظبط وجه الشبه، هتلاقي المواطن الغلبان اللي جابه حظه في برنامج مقلب وفي الآخر يطلع المذيع بيضحك ويقول بنهزر معاك نذيع، هو بالظبط نفس المواطن اللي قاده نفس حظه اللي فات برده أنه يكون في مصر المحروسة مع مسئولين غير مسئولين اللي بيرفعوا أسعار اللحمة والغاز ويعملوا فيه كل المقالب والسخافات اللي في الدنيا وفي الآخر يطلعوا على الشاشات بنفس ابتسامة المذيع إياه وهما بيقولوا للمواطن: أنت حبيبنا يا راجل إحنا بس بنهزر معاك، تحب نذيع؟؟؟
بس الفرق هنا إن الإذاعة هتكون للتاريخ، هيسجلها في سجلاته للأجيال الجاية وهيكون شاهد حي على أفعالهم اللطيفة الظريفة!!! وهنخلص من الكلام اللي فوق إن الحياة في مصر ما هي إلا مقلب كبير!
http://www.copts-united.com/article.php?A=16942&I=421