مصراوي- خاص
كشفت دراسة أعدها الخبير الاقتصادي حسن هيكل، مقرر وحدة البحث الميداني بحركة مواطنون ضد الغلاء عن بعض الحقائق والملابسات فيما يخص أزمة الارتفاع الجنوني في أسعار اللحوم والتي اجتاحت الأسواق المصرية في الآونة الأخيرة.
بداية رصدت الدراسة بعض ظواهر الأزمة وتناقضاتها مقارنة بالوضع على المستوي العالمي منها أن أسعار اللحوم انخفضت في أنحاء كثيرة على مستوى العالم في حين أنها ارتفعت في مصر.
وقالت الدراسة:"علي مدار عام 2009 لم تشهد الأسواق العالمية أي ارتفاعات في أسعار اللحوم طبقا للتقارير الصادرة عن منظمه الأغذية و الزراعة العالمية ( الفاو ) بل كان هناك انخفاضا خاصة في ظل انخفاض أسعار الأعلاف و الحبوب خلال تداعيات الأزمة العالمية.
وأضافت الدراسة أن مؤشرات أسعار المنظمة "فاو" أكدت، خلال الأشهر العشر الأولى من 2009 متوسطاً لأسعار اللحوم يقل بنسبة 8 % عن مستواه لنفس الفترة من السنة الماضية بينما سارع المستوردون المصريون حين ارتفعت الأسعار قليلا في عام 2010 إلي رفع الأسعار بمعدلات وصلت إلي 30% خلال أسبوع بما يؤكد وجود شبهه استغلال للمستهلك المصري .
أما ثاني الظواهر التي رصدتها الدراسة هي اتساع الفجوة بين إنتاج اللحوم الحمراء وبين الاستهلاك و تزايدها سنويا مما يعني فشل الحكومة في تحقيق خطتها الخمسية في مجال اللحوم .
وبحسب الدراسة:"إذا ما راجعنا بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة و الإحصاء نجد تزايد حجم الفجوة بين الإنتاج و الاستهلاك كما توضح بيانات وزاره التنمية المحلية عند مقارنتها ببيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة و الإحصاء مما يعد فشلا للحكومة في تحقيق برنامجها في مجال إنتاج اللحوم الذي وعدت به الشعب".
وفيما يلي جدول يوضح الإنتاج الكمي المستهدف لمجموعات الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية خلال الخطة الخمسية والعام الأول مقارنة بالفعلي عام 2006/2007 بالمليون طن:
المجموعة الانتاج الفعلي 2006/2007 المستهدف 2007/2008 نسبة التغيير المستدف 2011/2012 نسبة التغير المستهدف عن عام 2006/2007
اللحوم الحمراء 0.795 0.850 6.9 0.95 19.5
اللحوم البيضاء 0.800 0.825 3.1 0.93 16.3
الأسماك 1.000 1.000 - 1.06 6.0
أما ثالث الظواهر التي رصدتها الدراسة هي أن متوسطات استهلاك المواطن المصري من اقل متوسطات استهلاك الفرد عالميا من اللحوم حيت تشير الإحصاءات إلي أن متوسط الاستهلاك السنوي للحوم الحمراء في مصر لا يتجاوز 14.9 كيلو جرام سنويا عام 2006 و في أمريكا يصل استهلاك الفرد إلي 100 كيلو جرام سنويا، أما في دوله إفريقيه مثل غانا فان معدل استهلاك الفرد يصل إلي 17 كيلو جرام سنويا .
واستكملت الدراسة عرض الظواهر التي رصدتها حيث أشارت إلى أنه بالرغم من انخفاض الأسعار عالميا إلا أن إنتاج مصر من اللحوم حقق انخفاضا حيث بلغ عدد رؤوس الجاموس والأبقار في مصر عام 2006نحو 8.55 مليون رأس بعد أن كان 6.90 مليون رأس عام 2000 إلا أن مصر فقدت خلال عام 2006 نحو 900 ألف راس من الأبقار و الجاموس ( وفق بيانات رابطه منتجي الجاموس ) بسبب انتشار الحمي القلاعية وسوء الرعاية البيطرية و عدم الكشف الطبي الدقيق علي الأبقار الحية المستوردة من بلدان موبوءة في أفريقيا.
وفي عام 2008 حدثت مذبحه أخري للثروة الحيوانية في مصر حيث تخلص الكثير من صغار المربين من العجول الصغيرة و بعضهم تخلص من الإناث بسبب ارتفاع أسعار العلف و الحبوب آنذاك (قبل انخفاضه بفعل الأزمة المالية العالمية) وكان ذلك بدعوي إغراق اللحوم المستوردة وارتفاع تكاليف التربية وصعوبة تسويق الرؤوس بأسعار مجزيه للمربين في ظل أزمات متتالية تعرض لها المربين و المنتجين كان آخرها الإحجام عن اللحوم حتى ما قبل شهر رمضان من عام 2009 بعد ذبح الخنازير و الخوف من اختلاط اللحوم في الأسواق بلحوم الخنازير .
وقالت الدراسة إن إحياء مشروع البتلو بوضعه القديم هو أساس حل مشكلة اللحوم في مصر مشيرة إلى أن أكثر من 90 % من مربي رؤوس الماشية في مصر هم من صغار المربين (اقل من 10 رؤوس) و أن فلسفه التربية لديهم (للألبان و منتجاتها أولا ثم للحوم ثانيا ).
وأضافت الدراسة:" في هذا الشأن أوصت الفاو بدعم صغار المربين ليبقوا قادرين على المنافسة في وجه أنظمة الإنتاج الكبرى وأوصت بدعم هؤلاء الصغار من مربيي الماشية "كي يتمكنوا في الوقت نفسه من الاستفادة من الإمكانيات التي يمنحها القطاع الذي يشهد حاليا نمو كبيرا وإدارة المخاطر المترتبة عن المنافسة المتزايدة".
وبحسب الدراسة خرجت فكرة مشروع البتلو في بداية الثمانينيات من محافظه المنيا علي يد د. حيدر عون مدير الطب البيطري بمحافظه المنيا في ذلك الوقت اعتمدت علي عدم ذبح عجول الجاموس وزن اقل من 200 كيلو .
وانطلق المشروع رسميا عام 1986 بصدور القرار الوزاري رقم 517 لسنه 1986 بمنع ذبح عجول الذكر الجاموسي حتي يصل وزنها إلي 200 كيلو فالمشروع كان يهدف إلى زيادة إنتاجية العجول الجاموس إلى 10 أضعاف وزنها فقد كانت العجول تذبح عند وزن 40-60 كجم تعطى لحم مشفي حوالي 25 كجم في المتوسط، وعند التسمين حتى أوزان 450-500 كجم تعطى لحم حوالي 250 كجم في المتوسط أي 10 أضعاف وزنها خلال الخطة الخمسية الثانية للمشروع كان المستهدف أن يصل عدد الحيوانات التي يتم تسمينها إلى 500 ألف رأس في العام .
ورصدت الدراسة أهم العقبات التي تواجه مشروع البتلو وحصرتها في عدم تحديث المجازر والثلاجات خاصة الموجودة في المحافظات و التابعة للمحليات وعدم توافر منافذ للبيع من المربين إلي الجمهور عبر المنفذ مباشره دون الدخول في أكثر من حلقه تسبب رفع الأسعار خاصة تاجر المواشي ( تاجر الجملة ).
بالإضافة إلى عدم توافر الأطباء البيطريين المدربين علي التعامل مع الأوبئة و الأمراض بالأجهزة و المعدات الحديثة و الأدوية و بالعدد الكافي و السرعة الكافية في مديريات الطب البيطري .
علاوة على عدم توفير سياسة محليه تنتج برامج تغذيه للمربين الصغار وتوفر بدائل محليه لتغذيه الحيوان من العلف كالتبن والسيلاج الي جوار البرسيم والكسب و تفل البنجر و الرده و العلائق و تركها لاجتهادات المربين الصغار و بعض الكبار وعدم توافر سياسات لتنميه الثروة الحيوانية وفق مناطق مختارة فبدو سيناء و مطروح و بعض مناطق الصعيد لا توجد أي خطط او مشروعات لدعمهم و توجيههم نحو رعي الأغنام و الجمال مثلا التي ورثوها و أتقنوها علي مدار عقود لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك .
ولفتت الدراسة الانتباه إلى اختلاف أسعار اللحوم داخل المحافظة الواحدة حسب المنطقة و بين المحافظات المصرية و بعضها البعض ثم اختلافها بين أسعار السلاسل و بعضها البعض ثم اختلافها مره ثالثه بينها وبين محلات الجزارة وقالت إن هذا يؤكد جشع بعض الجزارين و أصحاب السلاسل و فوضي تسعير اللحوم .
وانتقلت الدراسة في جزءها الثاني إلى اللحوم والمجمدة والتي تستوردها مصر حيث قالت إن حجم استيراد اللحوم في مصر تجاوز 10 مليار جنيه مشيرة إلى أنه إذا متوسط السعر العالمي للحوم يتراوح من 3000 دولار للطن من اللحوم الهندية و 3300 دولار للطن من اللحوم البرازيلية التي بدأت ترتفع قليلا حتى وصلت بعض أصنافها الفاخرة إلي 3700 دولار و تستورد مصر عاده القطع الأمامية من الذبائح نظرا لانخفاض أسعارها و جودتها عن القطع الخلفية الأغلى سعرا و بناء علي البيانات السابقة فإن معني استيراد 350 ألف طن لمصر خلال عام 2009 و 200 ألف رأس ماشيه بسعر تحويل للجنيه مقابل الدولار5.45 جنيه و بعد إضافة تكاليف الشحن و التبريد و التوزيع فمعني هذا أننا نتحدث في تجاره تجاوز قيمتها 10 مليار جنيه سنويا .
وحول أهم الدول التي تستورد منها مصر اللحوم المجمدة قالت الدراسة تستورد اللحوم المجمدة من عدد من الدول المعتمدة كمناشئ للحوم وأهمها الهند و البرازيل اللتان تستحوذان وحدهما علي 90% من حجم صادرات اللحوم المجمدة إلي مصر و يتم الاستيراد وفقا لتصاريح استيراد تمنحها الدولة للمستوردين و ذلك بعد فحص اللحوم بمعرفه لجان بيطريه من الخدمات البيطرية في دول المنشأ علي نفقه المستوردين .
وأوردت الدراسة تقرير الهيئة العامة للرقابة علي الصادرات و الواردات والذي رصد مخالفات استيراد اللحوم المجمدة و الأسماك في شهر أغسطس سنه 2009 والمتمثلة في مخالفه المواصفات كالإصابة بديدان الساركوسيست او السالمونيلا واستيراد منتجات محظور استيرادها ضمن رسالة تحوي لحوم مصرح باستيرادها فقد حاول احد المستوردين إدخال حاوية من لحوم التريمنج او الفلانكت (تمثل الأجزاء الصغيرة التي تخرج من عمليات استخراج الأجزاء المعروفة مثل عرق الفلتو والسمانة والكولاتة وغيرها و تتميز برخص ثمنها ) و تباع لمصنعي اللانشون و السجق و غيرها من مصنعات اللحوم .
كما تم ضبط الشحنة وإيقاف الشركة المستوردة لمدة سنة وإيقاف التعامل مع المجزر الهندي الذي أتت منه، كما تمت إحالة الأطباء البيطريين الذين كانوا مرافقين للمستورد للكشف علي اللحوم للتحقيق لمجازاتهم إداريا علاوة على استيراد لحوم حمير من باراجواي .
وخلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات لحل مشكلة اللحوم في مصر تتمثل في الأتي:
- إنشاء هيئه مستقلة لسلامه الغذاء تتبع رئيس الوزراء مباشره أو رئيس الجمهورية تتمتع بصلاحيات و إمكانيات واستقلال كامل لحماية المواطن و تقديم طعام سليم و صحي بعد فشل الصحة و التجارة والخدمات البيطرية في حمايته كما هو الحال و تؤول إليها معامل التحاليل الصحية والبيطرية الخاصة بفحص الأغذية.
- شطب المجازر المخالفة و منعها من التصدير لمصر سيجعلها تفكر كثيرا قبل تصدير لحوم مخالفه للمواصفات حتى لو طلب المستورد ذلك .
- منع سفر لجان الفحص علي نفقه المستورد و منع اتصالها به تماما من خلال استحداث نظام للفحص الدائم في بلدان المنشأ بالتعاون مع سفاراتنا بالخارج و ملحقينا التجاريين و إنشاء قاعدة بيانات عن مخالفات المجازر في كل دوله لدي سفارتنا لتقييم المجزر قبل التعاقد معه .
- شطب الشركات المخالفة للمواصفات ومنع التعامل معها نهائيا و سحب ترخيص الاستيراد .
- فرض تامين أو خطاب ضمان علي الرسائل يعادل 50% علي الأقل من قيمه الرسالة المستوردة وفقا للشروط و المواصفات المصرية بحيث يتم تسييل خطاب الضمان و مصادرته في حال المخالفة .
- تحديث المجازر و الثلاجات و تطويرها خاصة مجازر المواني لاستيعاب إعداد مناسبة من الرؤوس و تشفيتها و تبريدها .
- إيجاد أليه للمربي أو الفلاح الصغير لتسليم الإناث أو ذكور الجاموس أو العجل الرضيع وزن اقل من 60 كيلو إلي مديريات الزراعة في حاله عجزه عن تربيتها لقاء ثمن لا يقل عن ثمن 20 كيلو لحم مشفي .
- استيراد الهيئة العامة للسلع التموينية للحوم المجمدة بنفسها أو من خلال إحياء الشركة المصرية للحوم و الدواجن المتخصصة في استيراد و تجاره اللحوم التي كانت تستورد اللحوم في السبعينات و الثمانينات .
- رقابه الإدارات البيطرية على الثلاجات المتحفظ فيها على رسائل اللحوم.
- إحياء مشروع البتلو بوضعه الناجح القديم و ليس بوضعه الحالي الذي لا يرضي صغار المربين بذات آليات التسويق و التمويل السابقة .
- تشجيع تربيه الجاموس لنجاحه في مقاومه الأمراض بشكل اكبر من الأبقار لفدي صغار المربين أما كبار المربين فلديهم القدرة علي توفير الرعاية البيطرية اللازمة للأبقار.
- تشجيع الرعي للأغنام و الجمال لدي بدو سيناء و مطروح و جبال الصعيد حيث اعتاد أهالي تلك المناطق علي تلك الحرفة فقط ينقصهم التسويق و تمويل الزيادة في عدد القطعان و الرعاية البيطرية.
- بحث تجارب خلط الأعلاف لدي المربين للوصول إلي خلطات من المنتجات الزراعية المحلية كالتبن و قش الأرز و البرسيم والسيلاج والرده و الكسب .
- المراقبة الصارمة للحوم الحية من البلدان ذات الأمراض المتوطنة و عدم تسريبها حيه إلي داخل المدن بذبحها في مجازر بلدانها و شحنها مبرده و في حالات الفحص و الاطمئنان علي سلامتها يكون الذبح إجباريا في مجازر المواني مباشره كمجزر السويس أو العين السخنة للتأكد من عدم نقل العدوي للثروة الحيوانية المحلية.
- العودة إلي التسعيرة الودية للحوم كما كانت سائدة في نهاية السبعينات والثمانينات.
- تطبيق مواد قانون الاحتكار علي من يثبت تلاعبه بقوت الشعب المصري.
- توفير منافذ للبيع لصغار المربين عبر المنفذ مباشره دون الدخول في أكثر من حلقه تسبب رفع الأسعار خاصة تاجر المواشي ( تاجر الجملة )
http://www.copts-united.com/article.php?A=16946&I=421