ثقافة التساؤل

القمص. أثناسيوس فهمي جورج

بقلم: القمص أثناسيوس ﭼورﭺ
ثقافة التساؤل هي المدخل إلى التغيير لأنها وحدها القادرة على التشخيص و العلاج وهي التي تنهي شعار "كله تمام" وأن ما يحدث للأقباط في مصر هو مجرد احتقان وإلى آخر ما يُصَك من مصطلحات فاقدة الأهلية وباهتة المحتوى.
ثقافة التساؤل تجعلنا نكتشف ما وصل إليه السرطان - لا الاحتقان - وما وصلت إليه الأفكار والأفعال والأحكام. فتراكم الأحداث أكبر من أن يُكتب فيه أو أن تتناوله كتابات بقدر ما يحتاج إلى قراءة عاقلة محايدة وطنية وإنسانية، يحتاج إلى توافر الضمير والإرادة والتحرك المخلص لتحقيق العدالة الناجزة وإحقاق الحق.

وفي مذبحة نجع حمادي ليلة عيد الميلاد المحيد ۲٠۱٠ هناك تساؤلات حائرة ومُستجدة، فهل إلى الآن تحتاج هذه المذبحة إلى وقت وأوقات ليتم القصاص من الإرهابيين مرتكبي هذه المجزرة الدموية؟؟ و لماذا لم يُقبض حتى الآن على الغول الحقيقي في هذه المذبحة؟؟ و لماذا لم تُرفع عنه الحصانة،  وهل هناك غِيلان أخرى وراء هذا الغول؟؟ وهل هو الآن في موضع من يُكرم ويُسانَد و يُكافَأ؟؟! إذا كان الأمر اتضح كذلك، إذن فالبلطجة المُنظَّمة و المدعومة ضد الأقباط هي موقف الأجهزة المسئولة.

والأمر إذن يدعونا لنسأل "إلى أي رأس وصل التعصب والفساد والجهل و الدموية في هذا البلد؟؟"، وهل القتلة ومن دفعوهم - أو دفعوا لهم - أرادوا أن يغتالوا فرحة عيد الميلاد عند الأقباط جميعًا؟؟ و هل خروج القاتل من السجن قبل أسبوع فقط من تاريخ المذبحة كان خصيصًا لتأدية هذه الجريمة.
و هل هذا المجرم بهذه الجهوزية، أم أن المجرم المحرِّض كان قد أعد العُدة و السلاح للمجرم المأجور؟؟ وهل الخطيرون و أرباب السوابق لا تُوجد عليهم أية رقابة؟ حتى على الأقل فور خروجهم من الليمان، وهل لهذه الأسباب أطلق المجرمون على السجن (بيت العز)؟؟.
وهل الإعلام والصحافة المصرية تخاف من المجرم المحرِّض ومن المجرم المأجور حتى أنها تربط البلطجية والغوغاء بمسائل و قضايا الشرف، بينما هم المفسدون في الأرض؟؟ وهل في كل جريمة تُهدر فيها دماء الأقباط تصير بلا قصاص و لا قضاء عادل؟؟ وهل يُفهم من زيارات و احتفالات المُفسِدين أن التحدي وصل إلى هذا الفجور لكل قيم الإنسانية والوطنية وعدالة القانون.

أين هي العدالة الناجزة و أين هي المُساواة و مصالح الدولة العليا، أين هيبة القانون وأين القصاص العادل للدماء المُهدَرة ؟ من هو الذي قَتل هؤلاء الشهداء في نجع حمادي؟؟ أين هو، من هو المَنُوط بالقبض عليه والاقتصاص منه؟؟ إن العدالة في قفص الإتهام أمام الجثث والدماء والرصاص والشهود.
هل بعد هذه المجزرة التي هزت عواصم العالم تتأخر الأحكام هكذا، بينما تتطلع إليها وتترقبها مؤسسات وجمعيات دولية وحقوقية مع أهالي المقتولين الشهداء؟ هل العدالة في مصر مازالت معصوبة العينين وتحمل الميزان أم ماذا؟؟ هل القتلة موعودين من الغول الأكبر أو الغول الأصغر أومن أي غول بالخروج مثل الشعرة من العجينة، الأمر الذي دفعهم للقيام بغزوتهم مُتَحَدّين كل الاحتياطات الأمنية المفترضة في مثل مناسبة ليلة الحادث، وهل هم مدعومون إلى الحد الذي جعلهم يضحكون و يتسامرون وقت القبض عليهم أمام كاميرات التلفزة.

ولماذا إذن الجدالات والبرامج والسفسطة وروح الغي الذي تلتبس المسئولين حتى أنهم يعتبروا أن قتل سبعة من الأقباط بالرصاص ليلة عيدهم وأمام كنيستهم و إمطارهم بوابل من الرصاص العشوائي، و كذلك إصابة عشرات الجرحى على أيدي مجرمين محترفي الإجرام مُستأجَرين لإنجاز هذه المذبحة، هل يعتبرون كل ذلك مجرد عمل فردي وأنه مرتبط بقضية وهمية وما إلى هذا الهراء؟؟
أين الحكماء والرحماء والمسالمين وأصحاب الضمائر الحية.

إن مسائل توزيع الأدوار ينبغي أن تكون في الخير والبناء لا في القهر والظلم و هدر الدماء والقتل على الهوية.        
وبالجملة نقول مادام القتلة الحقيقيون خارج القفص يحتفلون و يمرعون و باقون في مواضعهم فعليه العوض ومنه العوض.
إن التعتيم والتقية والرقاعة تؤكد أن الكموني والغول وعز وأبو لولو هم صفوة هذا النظام، إلا أننا سننظر إلى حكم المحكمة في هذه القضية بمثابة حكم على النظام القضائي في مصر والأمر سيكون خطيرًا في الداخل والخارج خاصة هذه المرة.
نطلب إلى الرب الديّان العادل أن يتدخل من عنده، إذ أن فوق العالي عالٍ والأعلى فوقهما يلاحظ، وهو لن يدع عصا الأشرار تستقر على نصيب الصديقين.
كذلك ألتمس وبشدة من إخوتي الأقباط جميعًا أن ينهضوا روحيًا و إجتماعيًا وحياتيًا من أجل الشهادة لإيمانهم ومِصريتهم وحضورهم والحصول على حقوقهم الآدمية والوطنية، ذلك أن مسيحنا جاء لتكون لنا حياة أفضل.