عادل عطية
بقلم : عادل عطية
بدأ عيد العمال من رماد حادثة مأساوية .. ولكن هذا الرماد يعاود توهجه .. فما أكثر الذين تخرّجوا في معاهدهم وجامعاتهم ؛ ليجدوا أنفسهم بلا عمل .. وبلا ثمر .. ، يعانون مرتين : مرة : عندما لا يجدون وسيلة للمحافظة على بقائهم . ومرة : لعجزهم عن التعبير الأسمى عن تأكيد ذاتهم !
وإذا تمكن أحدهم من العثور على وظيفة حكومية ، نجده يعمل تحت نظام اليوميّة ، المبتور المزايا ، غارقاً في عرق جبهته ، ومستعبداً للفقر بأسلوب أو بآخر !
أما المأساة التي تدوّخ العقل ، فهي التي تواجه العاملين أنفسهم ، هؤلاء الذين يؤمنون بأن مضيعة الوقت هي أول الخطايا ، وأكبرها على الإطلاق . ويعملون بأمانة وإخلاص في المجال الذي ارتأوه ؛ فهناك من يجبرهم بمنتهى حسن النية على التوقف من الداخل .. على الإنطفاء ولملمة حماستهم وعزيمتهم ، والتواري والابتعاد عن دائرة العمل المبدع !
ويمكنني أن أسرد عليكم الكثير من قصص أُمنا الغولة ، واساليبها في محاربة المجتهدين في عملهم ..
فهذه ممرضة تعمل في اسوان في أقصى الجنوب ، بعيداً عن عائلتها .. وعندما ألحت في طلب نقلها إلي مدينتها في أقصى الشمال ، رفضت المديرة بإباء وشمم ، وقالت : لا استطيع الإستغناء عنك ؛ لانني لن أتمكن بسهولة ويسر ، الفوز بواحدة مثلك في سمو أخلاقها ، وتميّزها في عملها !
وآخر يحمّلونه أعباء عمل إضافية ، ـ ربما عمل الذين لا يعملون ـ ؛ لكونه مخلصاً ، وباذلاً في عمله !
وآخر لا يرحمونه إذا أخطأ عن غير قصد .. ـ رغم أمانته ، وإجتهاده ـ .. فيتذكر، بعد فوات الأوان ، نصيحه زملائه الخبثاء ، التي طالما صدمت ضميره المهني ، وهم يوسوسون في أذنه : "اشتغل كتير تغلط كتير يفصلوك ، اشتغل شوية تغلط شوية يحبوك ، لا تشتغل ماتغلط يرقوك"..!
ولن اتحدث عن إنتشار ساعات ضبط الحضور والإنصراف ، التي تؤكد على اهتمامنا البالغ بحضور الموظف في موعده دون اهتمامنا بنتاج عمله . ولكني اتحدث عن محاسبة الحكومة له على تأخيره ، بينما هي المتسببة فيه .. فهو يستخدم وسائل مواصلاتها التي لا تعرف معنى الإنضباط !
فهل يبدأ المسئولين من هنا ، من حيث التوهجات المؤلمة ؟! ..
وهل سنتمكن أن نقول لكل العاملين في عيدهم المقبل : "سلام عليكم يوم أصبحتم عاملين"؟!...
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=17205&I=428