عماد نصيف
كتب : عماد نصيف - خاص الاقباط متحدون
تناولنا فى الجزء السابق من هذه الدراسة التى بين أيدينا، كيف دخل الإخوان إلى النقابات المهنية. .وكيف مارسوا من خلالها السياسة بديلاً للأحزاب السياسية التى منعوا من تأسيسها ، وكيف جابه النظام الحاكم سيطرتهم هذه على النقابات، والذى وصل إلى وضع بعض النقابات تحت الحراسة.
وفى هذا الجزء نتناول المحور الثانى من الدراسة والذى يدور حول تقييم أداء الإخوان فى النقابات، ومدى قيامهم هم بتقييم أداءهم.
أشارت الدراسة التى صدرت عن "المحموعة المصرية للتوعية الدستورية والتدريب" إلى أن الإخوان لم يقوموا بتقييم تجربتهم في النقابات حتى الأن، ولم يعترفوا أيضا بأخطائهم علي الرغم من وجود الكثير منها ، بل لم يعترف أحدً منهم بالإخفاق الذي لازمهم منذ دخولهم المعترك الإنتخابي و حتى الآن ، اللهم إلا بعض الإعترافات التى لم تأت بصورة علنية بل جاءت أثناء بعض الجلسات المغلقة.
وأكدت الدراسة على أنه وإن كان النقد ضروريًا لممارسات الإخوان، فلا يجب تبني وجهة النظر التي تعتبر أن ممارسات الإخوان هذه داخل النقابات هي التي دفعت الحكومة لإصدار القانون رقم ( 100 ) وبالتالي فرض هيمنتها المباشرة على النقابات .
حيث إن تبني مثل هذا الطرح يقدم خدمة للنظام لا يستحقها، فهو الذي يصادر حق إنشاء الأحزاب السياسية، ويضع القيود على حركة الأحزاب الموجودة كما يمنع الطلاب والمهنيين من ممارسة السياسة بحجة أن السياسة تمارس داخل الأحزاب.
وإذا كان النظام الحاكم يتهم الإخوان بممارسة ديكتاتورية الأقلية في النقابات المهنية، فالسبب الرئيسي في ذلك هو عزوف المهنيين عن المشاركة في العمل النقابي والذي يرجع بالدرجة الأولى لعدم ثقتهم في جدواه مع استمرار تدخل الجهات الحكومية في النقابات وفرض وصايتها عليها.
واعتبرت الدراسة أن توجيه النقد إلى النظام الحاكم، يعد نقداً لممارسات الإخوان أيضاً وإحتدام المعركة ضد القانون رقم (100 ) وآثاره بخصوص مشاركتهم.، مما يضعنا في استفسار دائم حول التحالف أو على الأقل العمل المشترك معهم من أجل هدف مشترك. ولذلك هناك احتمالات متزايدة بأن تبادر الحكومة إلى إدخال تعديلات على القانون رقم (100) خلال الدورة القادمة لمجلس الشعب قبل أن تتصاعد المواجهة أكثر بينها وبين المهنيين، واستباقا لحكم متوقع من المحكمة الدستورية بعدم دستورية القانون.
وبرغم التحليل الذى قامت به الدراسة بشأن محاولة النظام الحاكم السيطرة على النقابات، الإ انها أشارت إلى أن الأخوان المسلمين هم السبب الرئيسي لوضع معظم النقابات تحت الحراسة القضائية ، فسياسية القط والفار التي تتبعها الحكومة معهم هي التي تؤدي إلى ذلك ، فعندما تشعر الحكومة بتنامي دور الأخوان في نقابة ما تبادر بفرض الحراسة عليها. وهذا ما يعد من سوالب وجود الأخوان داخل النقابات.
وبذلك وجدت النقابات نفسها، وفي ظل القانون السالف الذكر ، بين شقي رحى فالحكومة من جهة ، والقوى الأخرى داخل النقابات ذاتها التي استجمعت قواها لتصطدم بالإخوان المسلمين من جهة أخري.
ومع تزايد الصراع والتشاحن بين هذه الأطراف ، باتت ساحة القضاء مسرحا لصراعات نقابية محتدمة تضاءل معها قيام النقابات المهنية بالدور المنوط منها.
وبرغم كل هذا النقد الذي وُجه إلى الأخوان رأت الدراسة أن للإخوان الكثير من الإيجابيات في النقابات المهنية والتى تتمثل فى المساعدة علي زيادة نسب المشاركة في إنتخابات النقابات ، و تقديم الخدمات لأعضاء تلك النقابات ، بالإضافة إلى أنهم يخططون ويجيدون فنون التنظيم وطرح الأفكار الجادة، ولكنهم يفتقدون أحيانا إلي آليات التنفيذ .
وألقت الدراسة باللوم على النقابيين أنفسهم ، لأنهم يقفون مكتوفي الأيدي وليس لديهم حيلة سوي توجيه النقد إلى ممارسات الأخوان . فدور الإخوان لم يقتصر علي المشاهدة و تبني الجانب النظري مثل موقف التيارات السياسية الأخرى في مصر، بل وصل إلى أبعد من ذلك ، فتبني الجانب العملي بعد دراسة متأنية لواقع النقابات قبل السيطرة عليها.
كما وجهت الدراسة نداءً إلى جموع المهنيين في مصر بمختلف انتماءاتهم السياسية، مشيرة إلى أن النقابات المهنية في حاجة لهم للخروج من الكبوة التي وصلت إليها نظراً لعزوفهم عنها، وأن "الأخوان المسلمين" موجودين بالفعل ، فلا يجب أن يعتمدوا علي وجودهم ثم يشتكون بعد ذلك من سيطرتهم علي النقابات.
فعلى المهنيين - حسبما ترى الدراسة – أن يكوّنوا "لجان للدفاع عن النقابات المهنية" يكون هدفها الأساسي العمل علي التصدي لكافة القيود التي تُمارس في مواجهة العمل النقابي وتقوم بعرض مطالبها التي رصدتها الدراسة والتى من أهمها :
• العمل علي إلغاء القانون رقم (100) وملحقاته والمطالبة بعمل قانون لكل نقابة نظراً لأن كل نقابة تختلف فى طبيعتها عن النقابة الأخرى.
• تفعيل دور اللوائح الداخلية عن طريق إعادة السلطة في النقابات للجمعيات العمومية ،
ولتحقيق ذلك يجب أن تتوافر لدي القائمين علي هذا العمل القدرة علي التوسع لجذب قطاعات واسعة من المهنيين وتوجيه جميع الجهود صوب حملة موحدة ضد القانون 100 قبل عرض التعديلات على مجلس الشعب.
واختتم الباحث " أحمد نصر عبد العظيم" الدراسة بأن النظام الحاكم هو المسؤل عما يحدث فى مصر ، لأنه يسلب النقابات المهنية كافة سلطاتها التي يجب أن تُمنح لها بأعتبارها إحدى مؤسسات المجتمع المدني ، فالحقيقة تخبو نارها في جو مشحون بالصراع بين التيارات والأحزاب ، يحركها النظام وكأنها رقعة شطرنجية حفت بالعديد من المخاطر، مما دفع بالكثيرين ممن ليسوا أصحاب مصالح للعزوف عنها، تاركين الملعب لمن هم أصحاب مصالح "الإخوان "، لتصفية حساباتهم ، والسبب أن العازفين عن العمل النقابى يتمتعون بقدر من السلبية، بالإضافة إلى خوفهم من البطش الإدارى والأمنى الذى يخشى منه الجميع.
لقراءة الجزء الاول أنقر هنا
http://www.copts-united.com/article.php?A=17586&I=437