بقلم د. غادة شريف
بعد المقالة الأخيرة التى وجهتها للرئيس السيسى «من يصنع الوحوش؟»، ورغم أن المقالة تم أخذها فى الاعتبار بالشكل الذى تمنيته إلا أن هناك ألما بسبب طرح «تشبيه الإخوان المسلمين»، لهذا أود التوضيح بأن المقصود كان التشابه فى توزيع صكوك الوطنية حسبما فسرت بالمقال..
سيدى الرئيس، بقدر المحبة يكون العتاب.. ولم تنبع قسوة التشبيه إلا من صدمة من يرى فيكم الكمال المنزَه عن الخطأ فلا يقبل عنه لكم بديلا، لكنى مازلت على تأييدك قلبا وقالبا، بل أفخر بأنى «أبرز مؤيديك» كما وصفتنى وسائل الإعلام العالمية..
لم يكن مقصودا يا سيدى إيذاء مشاعركم فأنا لا أقوى على هذا ولا أحتمله، لكنك سبق أن قلت إنك لن تحقق النجاح بمفردك، لهذا ألتقط السلبيات «بالملقاط» حرصا على إنجاحكم ولدوام الكمال.. وكلما زاد الحرص زاد القلق والعتاب، وأنا يا سيدى يتملكنى القلق لأمور كثيرة.. مثلا، مبالغة الحكومة فى منع النقد كلما ثبت غياب رؤيتها السياسية، ولنأخذ المركز اللوجيستى للحبوب مثالا.. لقد فرحت بشدة لهذا المشروع..
ذكاؤك يشهد له العدو قبل الحبيب، والفكرة لا تقل ابتكارا عن حفر القناة الجديدة، لكن فرحتى «اتفرملت» بقرارات حكومية ضد الفلاحين تزامنت مع الإعلان عن المشروع، فبدت الحكومة كأنها تعمل «خلف خلاف»!.. ورغم صرخات الفلاحين لإعادة النظر فى القرارات، عاندت الحكومة، ثم عقدت مؤتمرا صحفيا تطالب الإعلاميين بالتوقف عن النقد!.. ولأنك يا سيدى تستجيب للنقد أكثر من الحكومة فقد تدخلت فعدّلت أسعار المحاصيل وأوقفت الكارثة مثلما أوقفت من قبل كارثة قطع الكهرباء.. فمن الذى أعلمك يا سيدى بتلك الكوارث؟ أليس النقد الذى قرأته فى الجرائد والإعلام الذى نقل إليك الصرخات؟.. لهذا يقلقنى شعورى بأنك أنت المقصود من إلحاح الحكومة لمنع النقد، حتى لا تعلم بتخبطها..
أنا شخصيا ليس لدىّ مشكلة أن أتحول للكتابة فى الأزياء والموضة بدلا من السياسة، لكنى سأتناول أزياء الوزراء برضه!.. يملؤنى القلق يا سيدى من المحسوبية التى أراها خلف الإبقاء على المحافظين الفاشلين!.. يملؤنى القلق من تعمد غض الطرف عن الأحزاب الدينية.. هل يكفى رهانك على الشعب لمنع دخولهم البرلمان؟.. هل أعانتك الحكومة على تحقيق هذا الرهان، فقضت على العوز الذى اعتاد الإسلاميون استغلاله؟.. أليس أضعف الإيمان إذن أن تتصدى لجنة الأحزاب لمنع ترشحهم؟.. يملؤنى القلق يا سيدى من تباطؤ القضية التى أعلن بعض الإعلاميين أنها ستضم كل من خان وكل من هدم.. لماذا لا تأمر بتعجيلها حتى نقطع دابر الشائعات؟... بعض من هؤلاء الخونة يتبوأ مواقع فى مؤسسات وجرائد مهمة حتى إنه يحذف من المقالات أى هجوم على زملائه فى الخيانة.. بعضهم يكتب بانتظام فى تلك الصحف، ومنهم من كتب يطعن فى القرارات الأمنية الأخيرة لأنه يرتزق من الفوضى والإرهاب!..
هل المرحلة تسمح بتركهم هكذا؟.. يملؤنى القلق من الأمنجية فى الصحافة والإعلام.. هؤلاء المتطوعون بتشويه المنتقدين معتقدين أن هذا سيرضيك أو يرضى الأجهزة، فتؤدى تصرفاتهم لاستعداء الشرفاء عليكم، فمتى يلزمون حدّهم؟.. يملؤنى القلق من أى أزمات عشوائية ليس هذا وقتها مثل أزمة وزارة الثقافة مع السلفيين، أو أزمة كبائن المنتزه.. هل يليق إثارة أزمة المنتزه فى عز انشغالنا بفوضى الجامعات وإرهاب سيناء؟.. هل البيع بالمزاد لكل من هب ودب وتشويه الشاطئ الوحيد بالإسكندرية الذى احتفظ بشياكته وجماله سيحل أزمة انخفاض دخل السياحة؟.. هل تعرف يا سيدى عمرو العزبى؟..
لقد كان رئيس هيئة تنشيط السياحة حتى ثورة يناير، وفى عهده بلغ دخل السياحة سنويا أعلى المعدلات العالمية، لذلك كان عزله هو أول قرار للإخوان عندما تولوا الحكم.. ابعث فى طلبه يا سيدى واسمع أفكاره، فهو كفاءة حرام إهدارها.. سيدى الرئيس، إن قلقى عميق لأمور شتى، وأكاد أراك تعمل بمفردك إلا قليلا.. ولا أبخس جهود الآخرين، فهم يقتلون أنفسهم عملا، لكنى أراهم كمن يتكبد مشقة صلاة التهجد بينما ظهره للقبلة!.. النقد يا سيدى يضبط البوصلة، لذلك عندما أنتقد فهذا ليس انقلابا عليك كما اعتقد العبطاء، بل هو يقين بإخلاصك واستجابتك، بالإضافة لحبة عشم على جنب..
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=175970&I=2073