بقلم: رفعت رشاد
الأصل فى النيابة، أن ينيب المواطن، المرشح الذى ينتخبه ليكون عضوا فى البرلمان للدفاع عن حقوقه، لحمايته من عسف الحكومة فى حالة وقوعه، أن ينام المواطن قرير العين ضامنا وجود آخر، يتحمل المسؤولية عنه وعن آلاف آخرين وثقوا به وأعطوه هذه الثقة من خلال اختيارهم إياه فى صندوق الانتخابات، والنيابة فى كل الأحوال شرف كبير يسعى إليه الكبار فى كل مكان وزمان.
فى الفترة الأخيرة حدث تحول عكسى فى مفهوم النيابة لدى بعض الأعضاء فى مجلس الشعب، بعضهم استغل حصانته وقوة علاقاته فى تحقيق أغراض شخصية ومصالح ذاتية، بعضهم استخدم أجهزة فاسدة فى شركته بما أضر بصحة المواطنين ومثل خطرا على حياتهم، بعضهم مارس القمار الممنوع ممارسته على المصريين بحكم القانون وقام بتهريب كمية كبيرة من أجهزة التليفون المحمول وقضت المحكمة بحبسه، أما آخرهم وهو موضع حديث الجماهير فقد طالب قوات الشرطة بإطلاق الرصاص على المواطنين المتظاهرين المطالبين بحقوقهم لدى الحكومة.
النائب الأخير هو نشأت القصاص الذى طالب بذلك خلال اجتماع للجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشعب، وقد أجرت اللجنة التى رأسها الدكتور فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، بنفسه، تحقيقا، وثبت لها من خلال التسجيل الصوتى والمرئى أن القصاص ارتكب هذا الجرم السياسى الفادح ويستحق العقاب. على الجانب الآخر نجد أن قيادات الحزب، الوطنى جميعها استنكرت كلام النائب الذى ينتمى للحزب وتوالت تصريحات قيادات الحزب تؤكد موقفها، وجاء هذا على لسان صفوت الشريف وجمال مبارك ود. زكريا عزمى، وقد حرص عزمى على حضور اجتماع لجنة مجلس الشعب ليشارك فى إدانة النائب، وهو يعطى رسالة باعتبار أنه الأمين العام المساعد للحزب الوطنى كما أنه الذى أطلق العبارة المشهورة بمجلس الشعب: «الفساد وصل للركب».
لقد اعترض بعض النواب المعارضين على اتجاه المجلس لمعاقبة نائب الرصاص على أساس أن الحزب الوطنى يهدف من وراء ذلك إلى ترسيخ مبدأ معاقبة النواب داخل المجلس على ما يبدونه من رأى لكى يمكّنه بعد ذلك من تطبيق نفس المبدأ على النواب المعارضين، ولكن د. سرور رفض هذا الكلام، كما أن د. زكريا عزمى أكد أن الحزب الوطنى ينتظر قرار المجلس لكى يتخذ قرارا بناء على موقف المجلس بمعاقبة النائب.
إن حالة النائب القصاص وغيره من النواب الذين سبقوه فى الحصول على ألقاب غير مشرفة تثير العديد من التساؤلات حول دور الأحزاب فى اختيار ممثليها داخل البرلمان، فمن قبل كان هناك نواب المخدرات ونواب القروض ونواب التجنيد ونواب الجنسية ونواب سميحة والنائب الصايع ونائب أكياس الدم ونائب القمار ونائب تهريب المحمول الذى حقق سابقة الحصول على لقبين ثم نائب الرصاص، وربما أكون قد نسيت بعض الألقاب غير المشرفة التى حصل عليها نواب نالوا شرف النيابة وثقة الشعب، فالنائب ليس نائب دائرة، ولا يمثل مجموعة من الناس، بل يمثل الأمة كلها حسب الدستور والتقاليد البرلمانية الراسخة.
آن الأوان لكى تكون صورة النائب مشرفة فعلا، وأن تختار الأحزاب وأولها الحزب الوطنى، مرشحين تنطبق عليهم فعلا صفات السمعة الطيبة والنزاهة، فليس لحزب مصلحة فى اختيار الفاسدين والمستفيدين.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=17603&I=437