الصحابية وفاء قسطنطين !!

هاني رمسيس

بقلم : هاني رمسيس
يُخيّل إلىّ أن الدكتور سليم العوا الأمين العام للإتحاد العالمى لعلماء المسلمين ، قد اعتبر السيدة وفاء قسطنطين إحدى الصحابيات ، فلا تخلو مناسبة إلا ويتحدث فيها عن وفاء قسطنطين و إسلامها المزعوم ، و لا يمر حادث طائفى ضد الأقباط إلا و يُرجّع أسبابه إلى حادثة وفاء قسطنطين .

فتاريخ الحوادث الإرهابية ضد الأقلية القبطية بمصر يبدأ و ينتهى – حسبما يعتقد العوا- عند وفاء قسطنطين ، بل تاريخ مصر و مستقبلها و شكل الدولة ، يبدأ و ينتهى و يمر بقضية و فاء قسطنطين .
و يُخيّل إلىّ أيضاً أن الدكتور العوا يؤرقه و يضج مضجعه يومياً ، أحلام أو كوابيس عن السيدة وفاء ، ولعله يستيقظ مفزوعاً كل ليلة وهو يتمتم باسمها .

حتى صارت المسألة أشبه بحالة مرضية مستعصية ، بل هى متلازمة مرضية (Syndrome) تصيب أكثر من عضو بالجسم ، ما بين القلب و تلافيف المخ و البصر ، فيعانى صاحبها أشد المعاناة ، ما بين عمى البصر و عمى البصيرة ، هذه المتلازمة يمكن أن نطلق عليها المتلازمة (العوية القسطنطينية) نسبة إلى الدكتور العوا و السيدة قسطنطين ، و التى أصابت جموع غفيرة من المصريين المسلمين ، فلم تفرّق بين صغير و كبير أو عالم و جاهل أو دكتور فى القانون و دكتور فى (الإعجاز)  .

فبمجرد الحديث عن حرية العقيدة ، ينتفض أصحاب المرض يهذون و يهلوسون باسم السيدة وفاء ، متخذين منها مثلاً و حجة على أن الأقباط ضد حرية الإعتقاد ، و أن الكنيسة تفرض سلطانها على الدولة ، فعلى مدار 1400 سنة من العلاقة بين المسيحيين و المسلمين فى مصر ، يفشل العوا و صحبه فى الاستدلال على ما يعتقده إلا بذكر اسم واحد فقط هو اسم السيدة وفاء .

الأعجب و الأغرب أن العوا الذى يطالب بإسلام السيدة وفاء ، هو هو ذات الشخص الذى لا يؤمن و لا يعترف بحق الإنسان المسلم فى تغيير دينه ، بل يؤمن و يعتقد بفرض الإسلام على الصغار المسيحيين بالتبعية ، فبأى وجه حق يطالب بعودة السيدة وفاء ، هذا بفرض أنها مجبرة على مسيحيتها .

على العوا و ملايين المصريين أمثاله ألا ينهوا عن خلق و يأتون بمثله آلاف الأضعاف .
على العوا أولاً و بحكم منصبه أن يثبت أنه يدافع عن حرية الإنسان لكونه إنسان و إنسان و كفى ، بغض النظر عن العقيدة .
عليه أن يعلن موقفه و موقف إتحاده من حرية العقيدة .
عليه أن يقر بحق العائدين إلى المسيحية فى إثبات هويتهم الدينية .
عليه و على إتحاده و إخوانه أن يحثوا الدولة و القضاء و الداخلية على رحمة الطفلين أندرو و ماريو و أمثالهما .

حين يفعل العوا هذا ، و حينها فقط يمكن أن نقبل أن نناقشه فى قضية السيدة وفاء قسطنطين ، أما فيما غير ذلك فليس للعوا و كل عوا أى حق في الحديث عن حرية العقيدة .

أما تفسيره لأسباب العنف الطائفى ضد الأقباط ، و تنبؤه بأن هذا العنف لن ينتهى- و كأنها دعوة إلى العنف- إلا بأسلمة السيدة وفاء قسطنطين ، فلأنه يعرف الأسباب الحقيقية و يدرك عدم زوالها ، لكنه يستخدم وسائل الدفاع عن النفس إما بالإنكار ((Denial أو التبرير (Rationalization) ، حتى يرضى عن نفسه و عن فكره . 

أما عن تشخيص أسباب العنف الطائفى ضد الأقباط ، نُذّكر بما قاله الكاتب البريطانى " جون برادلى " فى كتابه  " من داخل مصر.. أرض الفراعنة علي حافة ثورة " حيث يقول المؤلف : ( أن العلاقة بين المسلمين والأقباط في مصر تكون ودية طالما تقبل المسيحيون أنهم مواطنون من الدرجة الثانية..... و أن هذا الوضع يستمر من جانب المسلمين المعتدلين، لكن المتشددين، ومعظمهم قادم من السعودية  ... لا يقبلون حتي بذلك. ).

فهل العوا من هؤلاء المتشددين أم من أولئك المعتدلين ؟
على كل حال كل الطرق تؤدى إلى الإرهاب .

h_ramsis@yahoo.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع