أرض النفاق " 2 "

سامح سليمان

بقلم : سامح سليمان
إن أحد أهم أهداف المجتمعات الطبقيه السلطويه المستغله ـ ألتى تسودها ثقافه الساده أصحاب الفضل والجميل والعبيد الخانعين الأذلاء الطائعين لرغبات و توجيهات و أوامر أسيادهم ـ هو أزدياد عدد المرضى و الفقراء و المعاقين و بقائهم فى اسوء حال ، فعلى فقرهم وبؤسهم ومذلتهم وجوعهم وألامهم وأمراضهم وجثثهم يقفون ليظهروا مدى تدينهم وعطفهم ورحمتهم وتقواهم ومحبتهم للأخرين !! "

هل يوجد فى مجتمعنا الملائكى المتدين من يعرف عدد ألأفراد الذين يعيشون فى المقابر أو على ألأرصفه وتمر عليهم أيام لا يجدون فيها ما يرتدونه أو ما يشبع جوعهم؟ هل يعرف أحد عدد من أرغمتهم الظروف أن يبيعوا عضو من أعضائهم ليحيوا من ثمنه، وكم أسره قد قامت ببيع أحد أطفالها أو أرغمته على العمل وحرمته من الأستمتاع بطفولته حتى يجدوا قوت يومهم ويتمكنوا من تربيه ألأخرين ؟!

(فى مصر تسود اشكال عديده من الأتجار بالبشر خاصه الضعفاء منهم والفقراء، مثل تزويج قاصرات من عرب وطلاقهن ثم تزويجهن عدة مرات، وأستغلال البنات والسيدات الفقيرات فى الدعاره، كان تقرير الخارجيه الامريكيه قد ذكر أن مصر مازالت مصدراً ووسيطاً ومقصداً للأتجار بالنساء والأطفال بغرض العماله الأجباريه والأستغلال الجنسى،وأن اطفال الشوارع فى مصر يقدر عددهم بمليونى طفل ، وأعتبرت منظمات حقوقيه أن الأجبار على ممارسه الدعاره أو التسول وسرقه الكلى أو القرنيات كلها تدخل ضمن الأتجار بالبشر، و أن مصر بها أعلى نسب لبيع الاعضاء،لدرجه أن البعض يعتبرها مركزا عالمياً لهذا النوع من الأتجار بالبشر(اليوم السابع 27/10/2009 )

( إن الفقراء يستثمرون أطفالهم كما يستثمر الأغنياء أموالهم . ) " ثقافه الفقراء : مركز دراسات قناة النيل الثقافيه "
 (لكن والحق يقال ان العديد من رجال الدين والكثير من الأتقياء الرحماء الورعين ، قاموا بالواجب وزياده، ولم يسكتوا على هذة ألأفعال ألشيطانيه التى قام بها هؤلاء المحتاجين (أخوان الشياطين)، بل قاموا قومه رجل واحد مطالبين بالقصاص العادل منهم،وصرخوا بأعلى صوتهم قائلين هذة الأفعال حرام حرام حراااااااااااام ! ) ( لا والله كتر خيرهم حقيقى عندهم ضمير ، ربنا يديهم الصحه والعافيه ) !!

إن المجتمعات الأستغلاليه المتخلفه رافضه و معاديه و محتقره و مزدريه ومستنفذه للفقراء و لكل صاحب أحتياج للعون والمساعده ، هى مجتمعات شديدة القسوة والوحشيه والأنتهازيه لا ترحم البسطاء أو الضعفاء أو اصحاب النوايا الحسنه، ولاتحترم أو تعطى أى كرامه أو مكانه أو حمايه أو مساحه أو حق فى الحياة الكريمه والوجود الفعلى إلا للأغنياء الأقوياء أصحاب الحظوه والسلطه والسطوه والنفوذ.

هى لا ترغب فى وجود مجتمع تسوده العداله الأجتماعيه والمساواة فى القيمه الأنسانيه والحق فى الوجود ، والتساوى فى الحقوق والواجبات دون أعتبار لأختلاف المكانه الأجتماعيه أو اللون او الجنس أو الدين أو الطائفه الدينيه أو حتى عدم أتباع الفرد لأى ديانه، بل تريد أن يسود الغنى الرحيم صاحب الفضل وألأحسان، وأن تزاد أكثر فأكثر مهرجانات وحفلات وأستعراضات الخير والشفقه والعطف.

د. مصطفى حجازى : ـ ( من الخصائص الاساسيه للبلاد الناميه، التعارض الحاد  بين الغنى المفرط لقله من السكان وبؤس غالبيتهم، العلاقات الأقتصاديه بين المستخدم ورب العمل تتصف بالتبعيه.يرتبط الفلاح بمالك الارض والعامل بصاحب رأس المال فى علاقات شبه عبوديه تفرض عليه الرضوخ،إذا أراد ضمان قوته،مالك الأرض هو السيد بالنسبه للفلاح،يجد هذا الأخير عندة الحمايه من خلال الرضوخ والأستسلام من بعض غوائل الطبيعه والناس،مصير الفلاح أو العامل مرهون برب عمل واحد،أنه رهن أعتباط قانون السيد.

ولابد له اذا أراد تجنب التشرد والأضطهاد من البقاء فى حاله التبعيه هذة،لا يملك من خيار الا الأنتقال من الولاء لسيد الى سيد اخر . هناك أيضاً التبعيه للمرابى الذى يقيد بالديون المزمنه،العالم المتخلف هو عالم فقدان الكرامه الانسانيه بمختلف صورها . العالم المتخلف هو الذى يتحول فيه الإنسان الى شئ،الى أداة أو وسيله،إلى قيمه مبخسه،عندما يتحول العالم إلى زيف وتضليل يصبح لزاماً على كل واحد أن يلعب اللعبه كما تسمح له أمكانياته ، وويل لذى النيه الطيبه،إنه لا يغرم فقط من خلال أستغلاله ، بل  يزدرى بأعتبارة ساذجاً وغبياً ، تدلنا علاقات التكاذب والتضليل على مدى الأنهيار الذى ألم بقيمة الأنسان فى العالم المتخلف، حيث يتحول إلى مضلل أو ضحيه تضليل، فالأخر ليس مكافئاً لنا ، بل أداة نستغلها بمختلف الوسائل الممكنه . " التخلف الاجتماعى مدخل الى سيكولوجيه الانسان المقهور "

إن المجتمعات الفاشله التى يسودها التدين ألأستعراضى هى مجتمعات معاقه نفسياً وفكرياً وأخلاقياً،هى مجتمعات مهدرة للطاقات وقاتله لأصحاب المواهب والقدرات وحاضنه لمختلف أنواع الفساد،ولهذا السبب نجدها أكثر المجتمعات دعوة للتمسك بالفضيله والأخلاق القويمه وأكثرها ترويج فى كل مؤسساتها خاصةً ألأعلاميه و الدينيه لنموذج الثرى التعيس المريض الذى يحيا فى أسرة مففكه يسودها الخوف  والحقد والطمع والكراهيه،ويتمنى فى كل لحظه أن يكون فى مثل سعادة جاره الفقير المعدم الذى لا يجد قوت يومه ولا يستطيع أن يعول أسرته ولكنه يتمتع بالصحه والحب والسعادة الأسريه! (وهذا ما نراه سائداً فى أفلام الثلاثينات والأربعينات عصر الفروق الطبقيه الهائله
" ان المجتمعات الدينيه القبليه القمعيه المنافقه هى أكثر المجتمعات امتلاءً بالمساوئ والنقائص والعورات والنكبات والكوارث الاخلاقيه "

خالد ادريس:ـ جريمه بشعه بكل المقاييس، قضيه خطيره نرفض الخوض فيها،ورغم انتشارها وتكرارها بصوره شبه يوميه إلا أننا نضع رؤوسنا فى الرمال كلما تطرق إليها الحديث،انها قضية زنى المحارم،من يصدق أن رجلاً عاشر أبنتيه الصغيرتين،عاشر الكبرى منذ أن كانت فى السادسه وحتى بلغت الثالثه عشر،وعاشر الصغرى التى لم تتعد الرابعه من عمرها،المتهم فى هذه القضيه رجل لا يترك صلاه،  ورغم ذلك عذب زوجته لسنوات وهى تراه يغتصب فلذة كبدها ويعتدى عليها بالضرب كلما حاولت التدخل،ألتقينا مع "س" الطفله الكبرى،

طفله عاديه جلست تتحدث فى خجل شديد وقالت كنت فى سنه أولى أبتدائى وفى يوم لقيت أبويا ندهنى وأخدنى فى الأوضه وقعد يبوسنى وخلعنى البنطلون وعمل معايا حاجات قلة أدب،كان بيوقفنى على الحيطه ويعمل معايا من ورا وبعد ما يخلص بيملا جردل بالمياه ويحط راسى فيه،واحياناً كان بيكتم نفسى بالمخده،وبرضوه كان بيحط ايد السكينه فى زورى وكان بيقولى لما أعمل تانى أرفضى، لأن كده حرام وهنخش النار،لكن لما كنت بأرفض كان بيضربنى وبيعمل معايا بالعافيه،وكان بيحط السكينه على رقبتى ويهددنى بالقتل إذا قلت لأى حد عن اللى بيعمله معايا .حاولنا أن نتحدث مع الطفله الصغرى " ح " 3 سنوات ونصف،وما إن نظرت فى وجهها حتى عدلت عن محاورتها فهى طفله بريئه لا تعرف شيئاً عما فعله بها الأب، تظن انه يلعب معها،جلست بجوارى تبتسم فى براءه وأمسكت بعروسه صغيره فى يدها، تركتها وأنا أدعو الله فى سرى أن يلطف بنا ويحفظها من مستقبل مجهول فى دنيا الله . " اليوم السابع : 16 / 2 / 2010 "

إن المجتمعات الأستغلاليه هى أكثر المجتمعات استخداماً وتجنيداً لجميع مؤسساتها، لغرس ونشر وتلقين المبادئ والأفكار والمعتقدات الخرافيه الأسطوريه التى تؤدى لتزايد عدد الجهله والمغيبين ورافضى الحياه ومنتظرى الخوارق والأعاجيب والحلول الفجائيه السحريه وسهولة أستغلالهم وأفتراسهم، كما انها أكثرها تكريس وتقديس لقيم الطاعه والخضوع والخنوع والليونه والأعتماديه والزهد والأستكانه
( كله مقدر ومكتوب، أجرى جرى الوحوش غير رزقك لن تحوش، من شاف بلوة غيرة هانت عليه بلوته، من رضا بقليله عاش )

لأن كلما أزداد عدد البلهاء والجهلاء والسذج معدومى الطموح والأراده والكبرياء،أصحاب الفكر والطبيعه الغيبيه السلبيه المازوشيه، كلما تمكن أكثر البشر دهاء وخسه ودناءه وأنحطاط ، وأضئلهم موهبه ومعرفه ومقدره وكفاءه من السيطرة التامه والكامله على الأكثريه من أفراد المجتمع ومؤسساته المختلفه ـ خاصةً الفعاله والمؤثره ذات الشعبيه ـ والوصول الى المناصب ذات ألأهميه بسهوله ويسر، مما يزيد من ثرائهم وسطوتهم وتمكنهم من إذلال و أستعباد و مص دماء كل من لهم عليهم سلطان حتى أخر قطره وتسخيرهم على كافه المستويات ولأقصى الحدود دون أدنى أعتراض أو مقاومه أو تذمر ، من أجل تحقيق أهدافهم الخاصه و مصالحهم الشخصيه اللاإنسانيه .

" أتمنى وجود خطاب دينى ينتقد أنتشار الرشوة والأختلاس والمحسوبيه فى كثير من المؤسسات، بدلاً من تفرغ العديد من رجال الدين
للتحدث فى أدق الأمور الجنسيه، ونقد ملابس النساء والتحذير من خطرهم الرهيب، وغرس أشتهاء الموت وكراهيه الحياة فى النفوس "
 
" وللحديث بقيه " 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع