نهر النيل 1-2
لطيف شاكر
بقلم: لطيف شاكر
ترجع تسمية "النيل" بهذا الاسم نسبه إلي المصطلح اليوناني Neilos ((باليونانية: Νειλος)، كما يطلق عليه في اليونانية أيضا اسم Aigyptos ((باليونانية: Αιγυπτος) وهي أحد أصول المصطلح الإنجليزي لاسم مصرEgypt.
وهو اطول انهار العالم جميعا اذ يبلغ طوله من منابع بحيرة فيكتوريا المصدر الاساسي لمياه نهر النيل في الجنوب حتي مصبه في البحر المتوسط حوالي6695 كم . يغطي حوض النيل مساحة 3.4 مليون كم²، ويمر مساره بعشرة دول إفريقية يطلق عليها دول حوض النيل, ويحافظ في هذه المسافة الطويلة علي اتجاهه نحو الشمال , ويندر ان نجد نهرا يفعل مايفعل النيل في التزامه اتجاها ثابتا في الجريان لمثل هذه المسافة.
عيد وفاء النيل
هوا أحد الأعياد المصرية التى ترجع إلى العهد المصرى القديم منذ سبعة الآف عام, و مازال المصريون يحتفلون به حتي وقت قريب قبل بناء السد العالي .
والذي لاشك فيه ان كل الاحتفالات الخاصة بالمهرجانات التي تقام لفيضان النيل سنويا كانت بمنزلة فريضة دينية يحترمها الناس كاحترامهم للنيل وكان رؤساء النيل يقيمون لها الزينات المعتادة للاعياد العامة.
وذكروا ايضا ما نصه يستقبل الشعب المصري بالفرح والسرور ظهور مياه السلسلة المقدسة فابتهاج النفوس وفرحها بمجئ النيل أمر طبيعي ويجب ان يعد فيضانه في مقدمة الاعياد التي بحلولها يهنئ المصريون بعضهم بعضا.
وجاء في انشودة النيل المكتوبة في بردية تسمي انسطاسي ما نصه" ايها الفيضان المبارك قدمت لك القرابين والذبائح وأقيمت لك الاعياد العظيمة وذبحت لك الطيور واقتنصت لتحيتك الغزلان من الجبال واعدت لك النار الطاهرة وقدم لك البخور والنعم السماوية والعجول والثيران فتقبلها هدية شكر واعتراف بفضلك"
ومن المستندات الرسمية الباقية حتي الان نقرأ خطاب فرعون مصر عن النيل قائلا: في السنة الاولي والشهر الثالث من فصل الحصاد واليوم العاشر في عهد المنير الشمس الملك القادر المحبوب من الحق صاحب التيجان حاكم مصر المتنصر علي البلاد الجبلية حورس الذهبي المديد العمر المبارك ملك الوجهين البحري والقبلي رعمسيس المحبوب من أمون أب الالهة الذي يمنحهم الحياة والبقاء والقوة كالشمس الي الابد فليحي الاله الطيب النيل الذي يحي النفوس بجوهره والثروة بثمراته .أنت ايها الوحيد الذي تظهر من نفسك ولا يعرف أحد ماتحويه والكل يفرح بظهورك من مخبئك فيك تربي
الاسماك العديدة ومنك تفيض الخيرات علي مصر فا نت خلقت لاجلنا ويسر بك الناس والمعبود "نون" متي قدم له القرابين اهالي البلاد , واتحدوا معه في فرح التحية بقدوم النيل المضئ لابيه رع ملك الالهة مرتين في السنة .
وكان في عقيدة الفراعنة ان دمعة المعبودة ازيس تنزل في النيل وتسبب فيضانه فبقيت هذه العقيدة الي العصر المسيحي وظن الاقباط ان النيل يفيض بنقطة الهية تنزل من السماء , وكانوا يحتفلوا بعيد النقطة السماوية التي تطهر الهواء وترفع الطاعون عن الارض في اليوم الحادي عشر من شهر بؤونة , لان الاقباط حافظوا علي تقليدهم القديم حتي اتت المسيحية وجعلوا يوم نزول النقطة عيدا .
وقد شكل فيضان النيل أهمية كبري في الحياة المصرية القديمة, كان هذا الفيضان يحدث بصورة دورية في فصل الصيف، ويقوم بتخصيب الأرض بالمياه اللازمة لما قام الفلاحون بزراعته طوال العام في انتظار هذه المياه.
ففي مصر الفرعونية، ارتبط هذا الفيضان بطقوس شبه مقدسة، حيث كانوا يقيمون احتفالات وفاء النيل ابتهاجا بالفيضان, كما قاموا بتسجيل هذه الاحتفالات في صورة نحت على جدران معابدهم ومقابرهم والأهرامات لبيان مدى تقديسهم لهذا الفيضان.
وكان المصريون يحتفلون ببدء الفيضان بأن يتقدم موكب من حاكم البلد وطوائف عديدة من المصريين العلماء والاعيان ورجال الدين والبطرك وتتبعهم الفرق الموسيقية وخلفها الجماهير الحاشدة يرنمون بالاناشيد ثم يلقون صليبا من الفضة في النيل .يقول المقريزي ان الاقباط اتبعوا عادة اخري في الاحتفال في عيد الشهداء الواقع في شهر بشنس فكانوا يلقون في النيل اصبع احد اجدادهم في علبة ثمينة, وذكر ان السلطان قلاوون حاكم مصر ابطل هذه العادة,وكان من عادتهم صنع عروس من الطين ويلقونها في النيل يوم الفيضان.
وروي المؤرخون اليونانيون انه كان لكل اقليم من الاقاليم المصرية القديمة آلهة خاصة , إلا أن جميع القدماء أجمعوا علي تقديم فرائض خاصة للنيل بصفته الها مقدسا ويلقبونه باله الخصب ويصورون علي شكل رجل في ريعان شبابه, وكان لفيضانه العجيب احتفال سنوي كعيد يبتهج به جميع الشعب .وكان من عقائد القدماء ان لكل شئ روحا وحياة وشخصية سامية من هبات المعبود الاعلي, وان النيل يشفي من الامراض وان المصريين الان يصفونه بالنيل المبارك.
كما حرص المصريون القدماء في الوقت نفسه على عدم تلويث ماء النيل وفروعه، وقد أكدت النصوص دائمًا: «إن من يلوث ماء النيل سوف يصيبه غضب الآلهة».
شغل نهر النيل أذهان الناس خاصة الشعراء والادباء منذ القدم وجذب اهتمامهم.. كيف لا، والنيل شريان الحياة الذى جعل من مصر واحة كبيرة وسط الصحراء، بل أكبر واحة على وجه الأرض، كان فيضان النيل الذى يأتى بالخير كل عام علي كل البشر غير عابئا بالدين او الجنس او اللون يثير دائما أذهان الناس وخيالهم، ويدفعهم إلى البحث عن سبب حدوثه، والسعى إلى الحفاظ على استمراره.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=18358&I=455