"سلامة موسى".. والخلاص من أسر الفكر الغيبي

ميرفت عياد

بحثت عنها: ميرفت عياد
ولد "سلامة موسى" سنة 1887 في مدينة "الزقازيق"، وقبل أن يكمل عامه الثانى توفى والده. كبر "سلامة" وتدرج فى مراحل التعليم، إلى أن حصل على شهادة البكالوريا سنة  1903م، وبعدها بحوالى ثلاث سنوات قرّر السفر إلى "فرنسا، حيث قضى عدة سنوات تعرّف فيها على الفكر والفلسفة الغربية، وتأثر بأفكار "فولتير"، و "كارل ماركس"، وبعد ذلك انتقل إلى "إنجلترا" لدراسة الحقوق، حيث عاش أربع سنوات أخرى، لكنه أهمل دراسته ولم يكملها.   
وفور عودته إلى أرض الوطن، أصدر"سلامة" كتابه "مقدمة السوبرمان" سنة 1910 ، حيث تضمن هذا الكتاب أفكاره التي ركّزت على ضرورة الإنتماء الكامل للغرب، وقطع أي صلة تربط مصر بالشرق، كما أصدر أول كتاب عن الإشتراكية في العالم العربي سنة 1912 م.
 وايمانًا منه بالأفكار الإشتراكية أسس "سلامة" الحزب الإشتراكي المصري عام 1921 م، بالتعاون مع المؤرخ "محمد عبدالله عنان"، ولكنه انسحب منه
رافضًا الخضوع لأية قيود تنظيمية، واعتزل الحياة السياسية، واكتفى بالنشاط الفكري، حيث رأس مجلة "الهلال" عام 1923 م، ولمدة ست سنوات.

العقلانية .. الإشتراكية .. الفرعونية
صورة للراحل سلامة موسىوهذا النشاط الفكرى لـ"سلامة موسى" يتسم بعدة سمات هى:

•العقلانية والقدوة بالغرب لتحقيق النهضة المنشودة.
• الإقتناع بالإشتراكية التى تتحقق بالتدريج، دون عنف أو ثورة، لأنها السبيل لتحقيق العدالة الإجتماعية.
• البحث عن أصول الشخصية المصرية في جذورها الفرعونية، وذلك بسبب اضطلاعه على آخر ما توصّل إليه علم المصريات فى "فرنسا"
•المطالبة بديمقراطية ليبرالية، والعلمنة، وتحرير المرأة.

الروح المصرية .. أم الروح العربية
اتخذ "سلامة موسى" موقفًا سلبيًا من الأدب والتراث العربي، فقد نقد الأدب المصري في تقليده الأدب العربي، وطالب أدباء مصر بالتعلم من أدباء أوروبا التقدميين، مع تضمين الأدب الموضوعات الإجتماعية.
ورأى "موسى" أن اللغة العربية لا تخدم الأدب المصري، ولا تنهض به، كما أنها تبخّر الوطنية المصرية، وتجعلها تذوب في وعاء القومية العربية؛ لأن من يتعمق في اللغة العربية الفصحى لا بد أن يشرب روح العرب وأبطالهم، بدلاً من أن يشرب الروح المصرية وأبطالها.

أحد مؤلفات سلامة موسى ترك "موسى" حوالي أربعين مؤلفاً منهم :
•"مقدمة السوبرمان" في 1910 م.
• "الإشتراكية" في 1913 م.
•"الحرية وأبطالها في التاريخ" في 1927 م.
•"حرية العقل في مصر".
•"النهضة الأوربية في 1935"م.
•"الدنيا بعد ثلاثين عاماً".
•"أحلام الفلاسفة".
•"هؤلاء علموني" في 1953 م.
•"المرأة ليست لعبة الرجل" في 1956م.

 كما دوّن سيرته الذاتية في كتابه "تربية سلامة موسى".
عبودية الوهم والخرافة
كان للآراء التي أعلنها "سلامة موسى" أثرها في تعرضه لإنتقادات واسعة، فأنتقده الأديب "عباس محمود العقاد" قائلاً :
(إن "سلامة موسى" أثبت شيئًا هامًا هو أنه غير عربي .. إنه الكاتب الذي يكتب ليحقد، ويحقد ليكتب، ويدين بالمذاهب ليربح منها.. ".
  كما هاجمته "مجلة الرسالة" الأدبية، ووصفته بأنه الكاتب الذي يجيد اللاتينية أكثر من العربية، وهاجمه آخرون بأنه "صفحة يجب أن تطوى من تاريخنا
الثقافي".

بينما خالفهم الرأى الدكتور "غالى شكري"، الذى قال عنه :
( إن سلامة موسى كان يرى أن تحرير الطبقات المطحونة من العبودية الأولى، عبودية الوهم والخرافة، سوف يؤدي إلى تحرير تلك الفئات من العبودية الثانية، عبودية الإستغلال الطبقي، وظلت هذه الفكرة نقطة الإنطلاق عند "سلامة موسى" في تكوين منهجه الفكري إلى النهاية، بأن راح في مختلف مؤلفاته يلح إلحاحًا شديدًا ومركزًا على ضرورة الخلاص من أسر الفكر الغيبي، ولذا فإن حل المسألة الإجتماعية لن يتأتى إلا بخلع الطبقات المطحونة لثوب الدين عن نفسها مرة واحدة).