ميرفت عياد
تحقيق: ميرفت عياد - خاص الأقباط متحدون
إن المتابع للمشهد السياسي المصري في تلك الأيام، يلاحظ أنه خلال الأيام المقبلة ستتم انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى، تليها في شهر أكتوبر انتخابات مجلس الشعب، ثم الانتخابات الرئاسية في منتصف العام المقبل، وهكذا تتوالى العمليات الانتخابية الواحدة تلو الأخرى.
وعلى الرغم من أن تلك الانتخابات تُشكل حاضر مصر ومستقبلها، إلا أنها لم تلق الاهتمام اللائق من قِبل الشارع المصري من حيث المشاركة الفعالة والإيجابية، لذلك أطلق وزير الإعلام الدكتور "أنس الفقي" حملة إعلامية شعارها "شارك.. انتخب"، لحث المواطنين على المشاركة في العملية الانتخابية.
والسؤال هنا.. ما هو تأثير تلك الحملة على الشارع المصري؟ وما هو رأى المواطنين من جدوى المشاركة في العملية الانتخابية؟؟
هذا ما حاولت صحيفة "الأقباط متحدون" معرفته عن طريق استطلاع رأي الشارع.
قال الأستاذ "عماد" محاسب": ليست لدي بطاقة انتخابية، ولا أفكر في استخراجها لصعوبة الإجراءات، كما أن هذه البطاقة تستلزم مني الانتخاب في مكان يبعد كثيرًا عن منزلي، هذا بالإضافة إلى أن الانتخابات لا تجرى في أيام العطلات، بل في أوقات العمل الرسمية، مما يستلزم الحصول على إذن من عملي، وهذا أمر غير مضمون بشكل دائم.
بينما أعرب الأستاذ "جمال – مُدرس" بأنه لا يعرف شيئًا عن النواب، ولا يعرف برنامجهم الانتخابي، وهم لم يتواصلوا مع الناس بأي شكل من الأشكال سوى عن طريق المُلصقات الدعائية، فكيف أذهب لأنتخب مَنْ لا أعرفه؟!
أما السيدة "سعاد - موظفة حكومية" فترى أن صوتها لن يُجدِ شيئًا، فالانتخابات محددة مُسبقًا، مُشككة في نزاهة العملية الانتخابية، كما أن الفائز لن يُغير شيئًا من واقعنا الأليم.
حالة من الإحباط والسلبية تسود الشارع المصري
هذا.. وفي المقابل يتساءل المهندس "أسامة" قائلاً: لماذا لا يتم الانتخاب بالرقم القومي مثل الانتخابات الرئاسية تسهيلاً للشعب؟ ولماذا لا يتم الانتخاب في مكان قريب من محل إقامة الناخب؟؟
كما أبدت السيدة "أمال - ربة منزل" رغبتها في أن يقوم الإعلام بتوفير جميع المعلومات الكافية عن المرشحين وبرامجهم الانتخابية؛ لكى يدلي الناخبون بأصواتهم على أساسٍ سليم.
ويخالفها الرأي الدكتور "كرم" قائلاُ: إن معرفة الشعب بالبرامج الانتخابية للمرشحين لا يعني أنهم صادقون في تلك البرامج، والوعود ما هي إلا وسيلة تُردد كي يفوزوا في الانتخابات، ويحصلوا على الحصانة البرلمانية التي يستخدمونها لصالحهم وليس لصالح الشعب.
ومن جانبه قال "عم حسين – عامل": (ضربوا الأعور على عينه قال خربانه خربانه)، (من مرشح للتاني يا قلبي لا تحزن..)، معربًا عن استياءه من حال البلد -الذي في رأيه- ينحدر من سيىء إلى أسوأ، ولن تُجدِ معه المشاركة في العملية الانتخابية.
وأضاف "مينا - طالب بالجامعة": أنا لا أملك الاختيار في حياتي، فكل الأشياء مفروضة عليّ بسبب الفقر والعجز والاحتياج، متسائلاً: هل مشاركتي في الانتخابات ستُحسن الحالة المادية لأسرتى وستجعلنا نعيش حياة كريمة، ولا نرضخ للذل والإهانة التي نلقاها كل يوم في كل تفاصيل حياتنا البسيطة.
الانتخابات العمود الفقري للديمقراطية
وهكذا سيطرت حالة الإحباط والسلبية على الشارع المصري، الذي أصبح لا يأبه بالمشاركة في العملية الانتخابية التى تحدثنا عنها.
طرحنا كل هذا على الأستاذة "نشوى نشأت" مديرة وحدة البحوث والنشر بالمنظمة المصرية لحقوق الإنسان فقالت: إن الانتخابات تعتبر العمود الفقري للديمقراطية، فهي ليست غاية في حد ذاتها، بل هي وسيلة عملية للوصول إلى مجتمع مدني ديمقراطي تعددي، كما أن الدستور المصري والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الانسان تكفل هذا الحق في الانتخاب.
مشيرة إلى أن عملية الإصلاح السياسي شهدت تراجعًا في أعقاب تعديل الدستور المصري عام 2007؛ لأن في أعقابه تم إلغاء الإشراف القضائي الكامل، الأمر الذي يتطلب معه البحث عن وسائل أخرى لضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية، ومن هذه الوسائل: المُراقبة المحلية من قِبل المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان، لضمان وصف الانتخابات بـ "الديمقراطية والنزاهة".
معوقات المشاركة الفعالة في الحياة السياسية
"أشرف الدعدع ": الأحزاب لا تملك خطابًا قادرًا على التواصل مع الشارع المصري.
وعن المعوقات التي تقف حائلاً قبالة أفراد المجتمع المصري للمشاركة الفعالة في الحياة السياسية بوجه عام، وفي العملية الانتخابية بوجه خاص، يُحدثنا الأستاذ "أشرف الدعدع" رئيس مجلس أمناء مؤسسة الانتماء الوطني لحقوق الإنسان قائلاً: يعاني المجتمع المصري من العديد من المشكلات التي تعوق تلك المشاركة الإيجابية، ومنها مشكلة الأمية، والتي تعاني منها نسبة كبيرة من الشعب المصري، فالمواطن الأمي قد فقد حقًا من حقوقه الأساسية المكفولة له دوليًا، وبالتالي فقد حقوقه الاجتماعية والسياسية.
وهناك أيضًا مشكلة البطالة، والتي يعاني منها الشباب، فمن غير المنطقي أن نتوقع من هؤلاء الشباب -العاطل والمحطم نفسيًا- أن يكون مشاركًا فعالاً في الحياة السياسية، هذا إلى جانب الظروف الاقتصادية والاجتماعية السيئة التي يعانى منها المواطن، بالإضافة إلى مجموعة من القيود والقوانين المقيدة للحريات، وتفشي الفساد السياسي والإداري، كل هذا من شأنه أن يَحول بين المشاركة الفعالة في الحياة السياسية عامة.
وأكد الأستاذ "أشرف" على أن الأحزاب لا تملك خطابًا قادرًا على التواصل مع الشارع المصري؛ لأنه خطاب تقليدي وقديم أصابته الشيخوخة منذ فترة بعيدة، فالأحزاب السياسية أجندتها سلفية، أما الشباب فيريدون مَنْ يتعامل معهم وفق مستجدات العصر الذي يعيشون فيه، هذا بالإضافة إلى شعور المواطن المصري بعدم نزاهة العملية الانتخابية؛ لأن المعايير الدولية للانتخابات النزيهه الحرة غير متوفرة فيها.
الدمار الذي أصاب البنية التحتية الإنسانية
ومن جانبه أضاف الأستاذ "كرم صابر" مدير مركز الأرض لحقوق الإنسان قائلاً: إن الدراسة التي أعدها المركز، تشير إلى أن نصف الشعب المصري يعيش تحت خط الفقر، وأن حوالي نصف موظفي الحكومة مرتشين، وأن حوالي 12 مليون مصري ليس لديهم مأوى آدمي، وأن 16% من الشباب مدمني مخدرات، وأن مرضى الأمراض المستعصية يزيدون كل عام مائة الف مواطن، ومن هنا يتضح أن كل هذا الدمار الذي أصاب البنية التحتية الإنسانية للمصريين هو الذي أفسد حياتهم السياسية والاقتصادية والثقافية والتشريعية، وأصاب واقع ومستقبل الوطن بالعجز؛ الذي أفقده وعيه ورشده عن الحركة السياسية.
مشيرًا إلى أن وسط هذه الأوضاع المتردية ظهرت آراء عديدة تطالب بمقاطعة الانتخابات القادمة؛ بسبب تشكيكها في نتائجها، وأن هذا يوضح تجاهل الحكومة لحقوق الشعب المصري في المشاركة.
وعلى صعيد أخر.. توجد دعاوى أخرى بوجوب المشاركة في الانتخابات؛ لأن هذا سيدفع بمرشحي المعارضة للتواجد بين المواطنين؛ ليفضحوا زيف سياسات الحكومة المصرية وفسادها، وفي ظل هذا الجدل الدائر بين كلا الفريقين، بدأت بعض المنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية الاستعداد لمراقبة الانتخابات القادمة.
http://www.copts-united.com/article.php?A=18466&I=458