عساسي عبد الحميد
بقلم : عساسي عبدالحميد
كثيرة هي المرات التي شاهدنا فيها كاميرا الجزيرة تجول وتصول بين كهوف وجبال أفغانستان المنيعة لتدردش مع قائد ميداني لتنظيم طالبان حول مدى استعداد مقاتلي التنظيم على تشتيت عظامهم في سبيل الله، كاميرا الجزيرة وأثناء تواجدها بشعاب أفغانستان تحدق في وجه الناطق باسم الطالبان بعين بصاصة قناصة فتستفسره عن اقتراب هجوم الشتاء ونوعية السلاح الذي غنمه رجال القاعدة سابقا من حلف الناتو وعلاقات قيادة الطالبان بأعيان قبائل وزيرستان الباكستانية، وأخيرا تسأل كاميرا الجزيرة عن استراتيجيات الطالبان في المرحلة المقبلة ....
عندما يتأهب طاقم الجزيرة للرحيل و يستقل سيارة ذات الدفع الرباعي ليشد الرحال نحو فج عميق حيث عشاق الموت والشهادة المفتونون بحور الجنان وغلمانها فان المخابرات الأمريكية تكون مسبقا على علم بهكذا تحرك وتكلف عميلا لها في الجزيرة لكي يلصق عدسات دقيقة على السيارة أو استعمالها كزر للقميص الذي يرتديه المراسل أو المصور أو الميكانيكي أو أحد المساعدين لتغطية كل المحيط والطرق و الشعاب التي يسلكها فريق الجزيرة للوصول لكهوف الطالبان في الجبال الوعرة المنيعة و العودة منها، فطريق الذهاب ليست هي طريق الإياب، وأحيانا تستعمل مصابيح الإنارة للسيارة ذات الدفع الرباعي ككاميرات للتجسس فضلا عن كونها تنير الطريق عند غروب شمس أفغانستان.
واشنطن أصبحت لديها قناعة تامة أن تأييدها ودعمها للأنظمة العربية يزيد في تأجيج الشعوب التي ترفع شعار الله أكبر والموت لأمريكا وخيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود، هذه الشعوب ترى في الإسلام البديل الأوحد لتتخلص من حكامها الشواذ و لهذا أصبح من الضروري حسب البيت الأبيض تلميع وجوه شخصيات بارزة \"البردعي نموذجا \" لتسويقها وعرضها كبديل لكي تهدأ من روع الشعوب الهائجة
فالجزيرة مثلا أعطت لرجل الطاقة الذرية محمد البردعي إشعاعا خاصا وكاريزما خاصة وسلطت عليه ضوء كاميرا الجزيرة الساحر استعدادا لاستحقاقات صيف 2011 وهذا ما لم يرق حاكم مصر المتربع على عرش المحروسة منذ حادثة المنصة سنة 1981 التي أودت بحياة سلفه محمد أنور السادات، وللتذكير فان البردعي ليس من طينة \"أيمن نور\" زعيم حزب الغد الذي رمى به النظام المصري في غياهب السجون مع مرضى السل و الزهري مباشرة بعد انتخابات2005 ....فالنظام المصري أحرص على سلامة البردعي من واشنطن...
كثيرة هي المرات التي تتطرق فيها قناة الجزيرة لقضايا جد شائكة كأن تترك العنان لضيف مميز لكي يتحدث عن مخطط تآمري يرمي إلى تقسيم مملكة بني سعود الذي يؤكد ضيف الجزيرة وجوده فوق رفوف البيت الأبيض....
وبإيعاز من القصر الأميري يتحدث ضيف ما (...) عن مطالبة صقور إيران بعودة البحرين إلى حظيرة الوطن الأم إيران لكي تفقد مملكة البحرين الحديثة التسمية توازنها جزاء لها على تجرأها الزائد على جارتها قطر وحلمها التاريخي بقلاع الزبارة وتجارة اللؤلؤ ، الجزيرة تتطرق أيضا للانتخابات الإيرانية وتقارنها بنظيرتها المصرية لتنوير شعب المحروسة وتظهر له الفرق الشاسع بين ديمقراطية مبارك وديمقراطية بلد السجاد والفستق وهذا ما يقلق عائلة مبارك ويقلق وزير الإعلام المصري الذي يصف مبارك بالأسطورة!!؟؟، كما تعمل قناة الغاز المسال أيضا على تسليط الضوء على قضايا حقوق الإنسان
والمرأة ببلد ما (...) في وقت ما (...).أمير قطر الذي أطاح بوالده لم ينسى من امتعض هذه الفعلة التي تنم حسب البعض من أشقاء قطر في الجامعة العربية عن العقوق و عدم البر بالوالدين و لهذا يستعمل حاكم الدوحة قناة كاميرا الجزيرة للتشويش على من تعاطف مع والده كلما تذكر كلمة أو تنديدا أو لوما من حاكم عربي، فكاميرا الجزيرة تظهر خارطة المملكة المغربية بدون صحرائها المسترجعة سنة 1975 لأن الملك الراحل الحسن الثاني أبدى تعاطفا مع أمير قطر الشرعي ...
لقناة الجزيرة طريقتها الخاصة لتأليب الجماهير على حكامها كأن تثير قضايا الفقر والبطالة والفساد ببلد ما بشكل مسترسل أو تظهر مدى لاشعبية و لاوطنية نظام ما، فكم من مرة أظهرت الجزيرة النظام المصري بمظهر العميل المتورط في جريمة تجويع و حصار شعب غزة وفي نفس الوقت تمتلك مقدرة على التنفيس فهي تكبح جماح الغاضبين من الماء إلى الماء ببرنامج واحد أو تصريح عابر لمعارض غاضب يلعن أمريكا و يصف اليهود بالقردة والخنازير والأنظمة بالعميلة فيعود الهدوء والسكينة للجماهير الغاضبة الناحبة.
لم تنسى جزيرة حمد الجانب الروحي لمشاهديها من المسلمين السنة المحسوبين عليها فهي حريصة كل الحرص تماما كجارتها الكبرى السعودية على الأمن الروحي للعرب السنة ولهذا يظهر علينا كل نهاية أسبوع شيخ الغاز المسال بلحيته و عباءته ليقدم عظات للسائلين و المشاهدين وليبدي وجهة نظر الدين في الكثير من الأمور الدينية و الدنيوية بما فيها العمليات الانتحارية التي تستهدف اليهود ... وكثيرة هي المرات أيضا التي تتحدث فيها الجزيرة عن سجن غواتانامو الرهيب و عن الأساليب الغير الرحيمة التي تستعملها المخابرات الأمريكية في حق السجناء كل هذا لكي تظهر جزيرة حمد بمظهر المنبر الحر و المستقل والنزيه كما تتطرق لسياسة الكيل بمكيالين التي ينتهجها البيت الأبيض والتي تقلق الأمة فتفتح الجزيرة منبرا لمن لا منبر له لكي يصب العربان جام غضبهم على أمريكا ومن يدور في فلك أمريكا...
فكيف استطاعت المخابرات الأمريكية اختراق أكبر قناة عربية وتجنيد بعضا من عمالها و مستخدميها لصالحها؟؟ ما هي علاقة سي آي أي الأمريكية بمراسل الجزيرة سابقا بأفغانستان \"تيسر علوني\" المحكوم عليه بسبع سنوات سجنا ؟؟هل فعلا خدع علوني الأمريكيين و أعطاهم معلومات مغلوطة ؟ هل كان يعلم مكان أسامة بلادن عندما قررت واشنطن مطاردته عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 الرهيبة ؟؟وما حقيقة مصور الجزيرة \"سامي الحاج\" الذي قضى ستة سنوات بسجن غواتانامو ؟؟ هل كان هو الآخر على صلة بقادة طالبان؟؟ هل أخفت كاميرا الحاج صورا هامة عن الأمريكيين ؟؟؟ عساسي عبدالحميد- المغرب
assassi_64@hotmail.com
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=18551&I=460