الزوجة الواحدة ختام الانظمة الزوجية

لطيف شاكر

بقلم: لطيف شاكر
 اثار دهشتي وانتابني حالة من الذهول  حينما قرأت خبر " الزام المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة برئاسة المستشار محمد أحمد الحسيني رئيس المجلس البابا شنودة الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية.بالتصريح للمطلقين بالزواج للمرة الثانية‏ وأيدت المحكمة حكم القضاء الإداري القاضي بأحقية الأقباط في الزواج مرة أخري ومنح الترخيص اللازم من الكنيسة‏.‏ ورفضت المحكمة بعضوية المستشارين مجدي العجاتي وأحمد الشاذلي وعادل بريك ومجدي العجرودي نواب رئيس المجلس‏,‏ وبحضور المستشار عادل رسلان مفوض الدولة‏,‏ حكم مفوض الدولة الطعن المقدم من قداسة البابا شنودة الثاني ضد الحكم القضائي بإلزامه بمنح الترخيص للزواج الثاني للمطلق‏.‏ وأكدت المحكمة في أسباب حكمها أن الحق في تكوين الأسرة حق دستوري يعلو فوق كل الاعتبارات‏,‏ وأن المحكمة تحترم المشاعر الدينية إلا أنها تحكم وفقا لما قررة القانون‏,‏ وأن القاضي لا مفر أمامه إلا أن ينفذ ما نص عليه القانون وقواعده‏".‏

والذي ادهشني في حكم المحكمة الاتي :

اولا :لم يراع القاضي احكام الشريعة المسيحية  وضرب بكل تعاليمها عرض الحائط الذي تنص  صراحة علي الزوجة الواحدة من خلال تعاليم السيد المسيح  فيقول :ان الذي خلقهما من البدء خلقهما ذكرا وانثي وقال من اجل هذا يترك الرجل اباه وامه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا إذا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد مت4:19 ,5 وايضا في انجيل مرقس 7:10

وفى مستهل رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس،   يقول " وأما من جهة الأمور التى كتبتم لى عنها فحسن للرجل ألا يمس امرأة. ولكن لسبب الزنا ليكن لكل واحد امرأته، وليكن لكل واحدة رجلها" (2،1:7). اضافة الي مواقع متعددة بالاناجيل .

ومنطوق الحكم  عجيب جدا فالمدعي  او الطالب  يطلب  الزام  الكنيسة بتالموافقة علي التصريح له  بالزواج كمطلق  لكن القاضي اصدر حكما  بنية خبيثة وكأنه كان ينتظر هذه الحالة ليبث سمومه بحكم عام بالزام الكنيسة بالزواج الثاني المطلق علي الاقباط عامة 

اذا الموضوع نية شريرة مبيتة في ذهن القاضي  وصحبه والذين ارادوا  ان ينالوا من الاقباط من خلال هذه القضية لهدم احد اسرار الكنيسة القبطية في تكوين عائلة مترابطة برباط الروح القدس .

وفي حيثيات الحكم  نجد الاعجب : وأن المحكمة تحترم المشاعر الدينية إلا أنها تحكم وفقا لما قررة القانون‏,‏ وأن القاضي لا مفر أمامه إلا أن ينفذ ما نص عليه القانون وقواعده‏".‏

هل احترمت المحكمة المشاعر الدينية : هل  اعتبرت مخالفتها  للشريعة المسيحية  احتراما للمشاعر الدينية !!!!!

ثم يستطرد قائلا : لما قرره القانون : اي قانون هذا  الذي يجور علي   ديانة سماوية ,  ويلغي احكامها  هل يسمج بقانون ارضي يتعالي علي شريعة سمائية وينسخ  احدي شرائعها التي تعمل به منذ اكثر من الفين سنة  , حتي في ايام الاضطهادات المريرة .

ويقول لامفر الا ان ينفذ مانص عليه القانون : وما هو القانون الذي  يجعلك لاتفر منه وينص علي مخالفة الشريعة المسيحية وسلب  حق من حقوقها الالهية المنظمة للاسرة المتماسكة .

يبدو ان القضاء المصري الغير شامخ والغير عادل يحكم  ويفصل القوانين  طبقا لمزاج القضاة الشخصي وتعصبهم الاعمي , وامامنا عدة حالات  تم فيها الحكم بظلم  لاحدود له وغبن واضح كالشمس.. المهم ان ينفذوا رغبتهم الدنيئة وافكارهم الدفينة , وكان  اغلبها بدائرة هذا القاضي المتعنت الذي انعدم ضميره  وفقد بصيرته .

    لقد درجت البلاد الغربية المتقدمة الي تطبيق  شريعة الزوجة الواحدة وتجرم القوانين الاوربية والامريكية تعدد الزيجات  بما فيها الزواج المدني فلا يجوز للمتزوج مدنيا ان يجمع بين زيجتين فكم  بالاحري  الزواج الديني الذي تعتبره الكنيسة سر مقدس  و من اسرار الكنيسة السبعة التي يبني عليها الايمان المسيحي ..

يقول عالم الاجتماع سبنسر: ان نظام الزوجة الواحدة هو ختام الانظمة الزوجية وان كل  تغيير في هذه الانظمة لابد ان يتأدي الي هذه النهاية .

ثانيا :ان يصدر حكم بالزواج الثاني لانسان مسيحي تحرم ديانته الزوجة الثانية , في حين ان الكثير من المسلمين الذي  تسمح شريعتهم بالزواج باربعة (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثُلاث ورُباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم، ذلك أدنى ألا تعولوا (النساء 4:3).       يدافعون عن الزوجة الواحدة  بل وترفض بعض الدول الاسلامية تطبيق تعدد الزوجات  ففي تركيا وتونس يقع تعدد الزوجات  تحت معاقبة القانون , وقد صدر في مصر سنة 1979 قانون جاء  بقيود اضافية للتعدد تمهيدا لالغائه نهائيا وذلك بايحاء من رئاسة الجمهورية وقد سماه الاصوليون المسلمون قانون جيهان السادات  وقد نص القانون بعقاب الرجل الذي ينوي  بالاقتران بزوجة ثانية ويحق للمرأة ان تطلب  الطلاق فورا .

لقد حاول المسلمون المعتدلون الذين لاحظوا ما لتعدد الزوجات من عيوب ونقائص  فطالبوا بإصلاح النظام الديني وتوفيقه مع متطلبات القرن العشرين. وكانت المحاولة الأولى من هذا القبيل ما قام به االعالم والمفكر  الشيخ محمد عبده ( 1849 - 1902 م) كاحد العناصر القويه للدفاع عن حقوق المراه من حيث تعدد الزوجات و الطلاق و السفور و الحجاب و المساواه بين الرجل و المراه , و تنصيب فكره في تربية المراه كنصف فعال و مهم و سبب راسي لتقدم اي مجتمع.

يقول عبده في مسألة تعدّد الزوجات ما نصّه: ((قد أباحت الشريعة المحمدية للرجل الاقتران بأربع من النسوة، إن عَلِمَ من نفسه القدرة على العدل بينهن، وإلاّ فلا يجوز الاقتران بغير واحدة)). وبعد استعراض شواهد من الآيات والأحاديث النبوية المؤدية إلى استحالة العدل بين الزوجات، فضلاً عن مساوئ تعدّد الزوجات الاجتماعية المختلفة، معتمداً على الاجتهاد في تأويل الآية المتعلّقة بتعدّد الزوجات وشرط العدل في ذلك، قال عبده: ((فاللازم عليهم حينئذ إما الاقتصار على واحدة إذا لم يقدروا على العدل كما هو مشاهد، عملاً بالواجب عليهم بنص قوله تعالى:{فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة}، وأما آية {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} فهي مقيدة بآية فإن خفتم، وإما أن يتبصروا قبل طلب التعدّد في الزوجات فيما يجب عليهم شرعاً من العدل )).

إن الفهم المتنوّر للآيات القرآنية ولأحكام الإسلام بخصوص حقوق المرأة ، يصل ذروته هنا. فهو يرى أن ما جاء في القرآن في آية فإن خفتم هو مجرّد إباحة لعادة موجودة سابقاً على شرط العدل. وليس في ذلك ترغيب في التعدّد، بل تبغيض فيه. ثم يفتي محمد عبده بجواز إبطال هذه العادة للمسوّغات الآتية:

· لأن شرط التعدّد هو التحقّق من العدل، وهذا الشرط مفقود حتماً.

· قد غلب سوء معاملة الرجال لزوجاتهم عند التعدّد ، وحرمانهن من حقوقهن في النفقة والراحة. ولهذا يجوز للحاكم وللقائم على الشرع أن يمنع التعدّد دفعاً للفساد الغالب

· قد ظهر أن منشأ الفساد والعداوة بين الأولاد هو اختلاف أمهاتهم .

وايضا المفلكر الكبير جمال الدين الأفغاني (1873-1937) ونصح عدم تطبيق هذه الآية لاستحالة التعدد إذا كان للرجل أكثر من امرأة  .بدأت مناقشة ظاهرة تعدد الزوجات منذ بداية القرن العشرين في الأوساط المتحررة.

وما تزال تثور حولها موجة سخط وغضب. لقد عالج الكتّاب العرب هذا الموضوع في مؤلفاتهم التي لا تقل عن الدراسات الاجتماعية الأوروبية صرامة في الانتقاد للمجتمع، أمثال الكاتبة المصرية نوال السعداوي التي تصف بانه زنا مقنن خارج العلاقة الزوجية وبالمثل  الأستاذة المغربية فاطمة مرنيسي.

 واليكم هذا الموقف الطريف الذي ذكره  د. احمد البغدادي

 الدكتور أحمد البغدادي رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت، حصل على الماجستير من جامعة كليرك في تخصص الفكر السياسي الغربي، وفي العام 1981حصل على دكتوراه الدولة من جامعة أدنبرة في الفكر الإسلامي.

أفكاره لا سوق لها في أوساط الجماعات التي تبشر من هم على شاكلتها فقط بالجنة، فضاء أفكاره الحرة ومجال تحركها المفتوح جنته التي يجاهد من أجل خلق سوق تداولي لأسهمها، الإسلاميون أخرجوه من جنتهم، وأدخلوه سجن طلحة بتهمة الإساءة. في سوق جنته يحكي بعضاً من سيرته العصية على الانكسار.

فيقول تحت عنوان زوجتي والتراث

زوجتي تنتمي إلى بني العرب المستعربة، وكعربية فهي تفضّل الكمبيوتر ومشاهدة البرامج التلفزيونية على القراءة. وهذا هو علمي بها، فباستثناء كتب الطبخ والأغذية الصحية لم أشاهدها تمسك كتابا حول التراث. وذات يوم كنت معها في خضم جدل حول تعدد الزوجات بعد أن أخبرتها أن فلانا قد تزوج على امرأته.

وقامت القيامة، أنتم الرجال '' لا تشبعون ''، وخيانة العشرة عندكم سهلة، وكلام من هذا القبيل. واستمرت في المعارضة، ثم فاجأتني بالقول، ألم يسمع صاحبنا الذي تزوج على امرأته وهو المتدين، بما قاله النبي (ص) عندما علم أن عليّا يريد التزوج على ابنته فاطمة؟ فدُهشت، زوجتي تستشهد بالتراث الإسلامي!!

قلت لها ممتحنا معلوماتها، وماذا قال نبي الرحمة؟ قالت: وقف وقال للمسلمين، اللهم أني لا أرضى، لا أرضى. فعارضتها بالنص القرآني حول جواز تعدد الزوجات، فقالت، '' ما لي شغل ''، المهم أن النبي عارض تعدد الزوجات!! فعلمت يومها أن الغيرة من الضُرة عند النساء، أهم من القرآن ذاته. ثم التفت إليّ قائلة: وهل ستفكر أنت يوما بذلك؟ قلت: حاشا لله، one is more than enough .

ولا ندري كيف نوفق بين شرعية تعدد الزوجات وغضب محمد عندا اراد علي ان يمارس حقه الشرعي في التعدد !!!!

وسؤالي هل حكم القاضي طبقا لاعمال الرسول  في تعدد الزيجات  كقدوة حسنة للمسلمين ام بأقواله في رفض ضرة او زوجة ثانية لابنته  لما فيها ضرر لفلذة كبده الغالية الذي لايقبل عليها اي جور . 

ومن المفارقات الغريبة ان يجيش صدرالرسول ويغضب عندما يتناهى الى علمه عزم على بن أبي طالب الزواج على ابنته فاطمة ، فغضب لذلك غضبا شديدا وقال : (ان بني هشام بن المغيرة استأذنوني ان ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب فلا آذن لهم ثم لا آذن لهم ثم لا آذن لهم الا ان يحب بن أبي طالب ان يطلق ابنتي وينكح ابنتهم فإنما ابنتي بضعة مني يربني ما رابها ويؤذيني ما آذاها ) مسلم والبخاري

 هل نسمع للاية القرانية انكحوا  ماطاب لكم من النساء ....او قول النبي الصريح في عدم الزواج الثاني لفاطمة لانها يمثل لها ضررا واراد ان يبعد عنها هذا الضرر وان كان ضررا فلماذا سمح به الله للبشر ؟؟؟ ولماذا اذي النبي كل زيجاته بالزواج المتعدد عليهم  ؟؟ولماذا طلب ان يؤذي كل نساء المسلمين بالضرة مرات ثلاثة  ؟؟؟

واخيراولماذا سمح طبقا للشريعة التي سنها ان يصدر القاضي هذا الحكم الجائر !!!!!!

لقد اصدر القاضي الحسيني  حكما استفزازيا  نكاية للمسيحيين وعدم احترامه لشريعتهم

حكم القاضي  بزواج ثان لقبطي تحرم شريعته الزواج الثاني..في حين ان كثير من العقلاء المسلمين ينفرون  ويدحضون فكرة الزواج الثاني بالرغم من ان شريعتهم تسمح ليس بزوجة ثانية بل باربع زوجات .....!!!

اما اخطاء الكنيسة فحدث ولا حرج وكأن الحكمة تبررت من بنيها :

لقد اصدر قداسة البابا شنودة  رأيه صريحا في عدم التزام الكنيسة بالاحكام المدنية: نحن لا يلزمنا أحد إلا تعاليم الكتاب المقدس فقط"، 

واقول اذن  لماذا تدخلت الكنيسة كطرف في القضية  و معروف نية المحكمة المبيتة وامام محاكم مدنية في حين ان الزواج شرائع الهية ..فكيف يحكم المدني في الديني والعنصر البشري في الالهي والارضي في السماوي ...!!!

لقد كان الافضل عدم  حضور الكنيسة    كخصم  في هذه القضية   وحتي لا يكون  الحكم في مواجهة من يدعوا انهم  يمثلوا الكنيسة   ويعلن قداسة البابا بوضوح ومسبقا  امام كل الناس موقفنا قبل اصدار الاحكام او تداول القضية  .

والذي اغاظني ان كل من هب ودب من السادة المحاميين  الشباب  فكل منهم اعتبر نفسه وكيلا عن البابا  وعن الشعب القبطي . وقد يقول  قائل ان البابا لم يوكلهم .. اذن فكيف يتكلمون باسمه وهو صامتا  ..  والغريب انه يوجد بمصر عددا كبيرا من شيوخ المحاميين والمستشارين الاقباط والمسلمين  يشار لهم بالبنان . وكان  الافضل الالتجاء اليهم لاخذ مشورتهم خاصة وان المجلس الملي العام في القاهرة والاسكندرية يضم كل منهم خيرة القضاة والمستشارين الافذاذ ولهم سجل حافل في ساحة القضاء .. لماذا تركنا بعض الشباب المتنافسين مع بعضهم للحصول  علي شهرة زائفة ويجنون من ورائها مكاسب رخيصة  في مثل هذا الأمر!!

لقد تفاقمت الامور دون داع وازداد لغط الكلام دون فائدة وكان يمكن لحكمة الاباء ان يحلوا مشكلة صاحب الدعوي ويحتوه كابن للكنيسة  لايخرج عن طاعتها  باي وسيلة وبحكمة قبل ان ننشر غسيلنا ال  ......امام الجميع كما جاء بالكتاب المقدس : كن مراضياً لخصمك سريعاً ما دمت معه في الطريق لئلا يسلمك الخصم إلى القاضي ويسلمك القاضي إلى الشرطي فتلقى في السجن الحق أقول لك لا تخرج من هناك حتى توفي الفلس الأخير " ( مت 5 : 21 – 26)

حقيقة انا حزين ويملأ قلبي الحزن لان الحكمة تبررت من بنيها  واصبح ابناء العالم احكم من ابناء النور في جيلهم  .... وليس لنا الا ان نرفع عيوننا الي السماء  طالبين رحمة وحكمة ..
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع