عبد المنعم عبد العظيم
بقلم:عبدالمنعم عبدالعظيم
أكثر من خمسين مسلة مصرية تزين ميادين العواصم العالمية، نقل بعضها الغزاة، والبعض الأخر المغامرون ولصوص الآثار، بدايةً من "أشور هانيبال" الذى نقل مسلتين إلى نينوى، إلى "شامبليون" الذى نقل إحدى مسلتى "رمسيس" من معبد "الأقصر" إلى ميدان "الكونكورد" فى "باريس". ولم يبق لـ"الأقصر" سوى ثلاث مسلات، وواحدة بـ"عين شمس".
وترجع أهمية المسلات كونها إحدى الشواهد التاريخية، وكتعبير مقدس عن إله الشمس "رع"، وفى كونها الأصل الذى أثر فى المعمار الدينى فاستوحى منها الفنان برج الكنيسة ومئذنة المسجد.
كانت صناعة المسلات واحدة من إعجازات الفنان المصرى القديم. لقد استطاع أن يقطع مسلاته من قطعة حجرية واحدة أُقتطعت من بطن الجبل، ونُقلت من المحاجر فى جنوب "أسوان" إلى "الأقصر" وباقى المدن القديمة.
وظلت المسلة المشروخة فى محاجر "أسوان" التى تركت مكانها نتيجة هذا الشرخ، شاهدًا على كيفية نحت المسلة. واستمرت تجذب العلماء والباحثين عن أسرار الحضارة المصرية العريقة؛ للتعرف على الكيفية التى اُستخدمت فى قطع هذه الكتل الحجرية الضخمة والصلبة أبضًا.
احدى محطات التليفزيون الأميريكية، والإذاعة البريطانية الـ BBC، اشتركتا فى إنتاج فيلم تسجيلى لكشف سر صناعة المسلة بعد دراسات قى علوم المصريات، وزيارات للمتاحف والمعابد التى حوت المسلات.
وقام فريق العمل بمحاولة صنع مسلة باستخدام نفس الأدوات التى استخدمها المصرى القديم.
وفى "أسوان" تم اختيار قطعة من الجرانيت الوردى لنحت المسلة بطول (17) مترًا ووزن (40) طن، ثم عدلوا عن هذا الإختيار، واختاروا قطعة اقل طولاً وأخف وزنًا، واستخدم الفريق نظريتين من النظريات التى فسرت كيفية صناعة المسلات:
النظرية الأولى: للعالم الاثرى "انجل باخ"، الذى كان يرى أن المسلات فُصلت من الجبل باستخدام مدكات خشبية (خوابير) على أطرافها كرات من الحجارة الصلدة من أحجار "الدولورين الأسود" الشديد الصلابة، والتى عثر على قطع عديدة منها بمحاجر المسلات بـ"أسوان".
والنظرية الثانية: باستخدام فحم مشتعل بين صفين من الطوب على طول خط المسلة المراد فصله.
كما استخدم منشار صنع خصيصًا لهذه المهمة، من سبيكة تتكون من النحاس الأحمر والألومنيوم والرصاص، مثل المنشار المستخدم فى قطع الأشجار الضخمة بالغابات.
وتم الإستعانة بخبير مصرى فى المحاجر هو المهندس "حمادة رشوان"، كما تم الإستعانة أيضًا بالشيخ "على القصاب"، كبير عمال نقل الآثار بالأقصر، وفريق من العمال بتكون من (65) عامل محترف، و(300) عامل عادى.
ولم تستطع البعثة بعد كل المجهودات التى بذلتها، إلا اقتطاع مسلة طولها (11) مترًا، ووزنها (35) طنًا، ولم تسلم من الشروخ، وتم تلميعها وصقلها بالرمال الأسوانية.
وتم استخدام طريقة الشادوف المصرى لرفعها، واُستخدمت الزلاقات الخشبية وقشر الموز (80 كيلو موز يوميًا)، إلى جانب استخدام الطفلة الأسوانية لتسهيل الانزلاق وكذلك شحم الخراف.
ورغم ذلك وبعد تكاليف زادت على (30) مليون جنيه، لم تستطع البعثة أن ترتفع بالمسلة أكثر من (30) درجة.
هنا أيقن رئيس البعثة كم كانت عظمة صناع المسلات من قدماء المصريين.
http://www.copts-united.com/article.php?A=18860&I=467