د. رأفت فهيم جندي
بقلم: د. رأفت فهيم جندي
ادت ازمة المحكمة الأدارية إلى سقوط ثلاثة اهرامات فكرية مصرية امام عينى واعين الكثيرين كنا نظن أن هذه الأهرام من حجارة ولكننا اكتشفنا أنها ليست كذلك.
الهرم الأول
الأستاذ إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور
كتب الأستاذ عيسى مقالا بعنوان "الأخوان الأقباط" يصف فيها ثورة الاقباط بسبب هذا الحكم ويقول ما خلاصته انه بينما يطالب الأقباط بقيام الدولة المدنية وعدم تطبيق الشريعة الأسلامية يثورون من اجل عدم تطبيق الشريعة المسيحية فى الأحوال الشخصية ويستنتج انه لا فرق بين هذا وذاك فقال:
حين صدر حكم قضائي بإجبار الكنيسة علي عقد الزواج الثاني للمواطنين الأقباط قرر البابا أن هذا أمر يخص ربنا وليس رئيس المحكمة وأنه من المستحيل أن ينفذ الحكم لأنه يخالف الشريعة!
كويس جداً.
طيب ليه نزعل إذن من الإخوان المسلمين أو التيار الإسلامي عندما يطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية ويرفع شعار «الإسلام هو الحل»؟!
يستخدم الطرفان نفس الحجة وهي كيف نسمع كلام البشر ولا نسمع ونطيع كلام ربنا؟!
وينهى الأستاذ عيسى كلامه قائلا:
حكم الزواج الثاني للأقباط الذي رفضته الكنيسة وتمتنع عن تطبيقه فتق بالونة الكذبة التي يعيشها الجميع في مصر، والثابت هنا أن مصر دولة دينية مسلميها ومسيحييها، وأتمني من أقباطنا الأعزاء أن يتوقفوا عن المطالبة بعد الآن بحذف المادة الثانية في الدستور التي تنص علي أن «الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع»، ولو كانوا صادقين مع أنفسهم فعلاً فليطالبوا بأن تكون الشريعة الإسلامية والمسيحية المصدر الرئيسي للتشريع .وتبقي كملت وسلموا لنا علي المواطنة وإنتوا راجعين من الشغل!!
وكأن منطق الأستاذ عيسى انه طالما ان المسيحى يريد ان يطيع ربه ويصلى فى الكنيسة بطقوسه الخاصة فالمسلم ايضا يريد أن يطيع ربه ويقتل ويضطهد المسيحى وليس هناك فرق بين الاثنين لأن كل منهما يطيع دينه، وعلى المسيحيين أن لا يعترضوا على إضطهادهم بعد الآن لأنهم يريدون أن يصلوا كما يريدون فى كنائسهم.
وكان السقوط لهذا الهرم الفكرى مدويا.
الهرم الثانى
الأستاذ نبيل شرف الدين
كتب مقالا بعنوان "هل نريد دولة قانون فعلا؟" يقول فيه:
وبدلاً من أن تجتهد الكنيسة القبطية ـ وليس بوسع أحد أن يزايد على احترامى شخصياً لمكانتها والدفاع عن مواقفها الوطنية فى التصدى للملف الشائك الخاص بالأحوال الشخصية نجدها الآن تتحدى أحكام القضاء، وتؤكد عدم امتثالها بزعم «الالتزام بتعاليم الدين وحماية تماسك الأسرة»، وهنا ينبغى على الدولة الاعتداد بالزواج المدنى، ومن يرغب فى الطقوس ـ إسلامية أو مسيحية أو غيرها ـ فليفعل، لكن الأساس يكون للعقد المدنى، كما يحدث فى الدول المتحضرة.
أعرف حالات لزيجات بين مسيحيين وصلت لطريق مسدود وانتقلت من دائرة المحبة إلى كهوف العداوة، ومعظم هؤلاء من المسيحيين المتدينين، لأنهم لو لم يكونوا هكذا لما كانت لديهم مشكلة، فبوسعهم مثلاً اللجوء لألاعيب تغيير الملة أو الطائفة حتى تطبق الشريعة الإسلامية على قضيتهم وينتهى الأمر، لكن حرص هؤلاء على الارتباط وفق تعاليم عقيدتهم وتقاليد كنيستهم هو ما دفعهم لساحات القضاء، لأن الطلاق أحياناً يكون حلاً ناجعاً لعلاقات ضربها الخراب، ولم يعد استمرارها من الحكمة ولا حتى مصلحة الطرفين.
ويكمل الأستاذ شرف الدين قائلا:
وهنا تجد الكنيسة ومن يصطف خلفها دفاعاً عن مواقفها، فى العاطل والباطل، حيال مأزق حقيقى، يتمثل فى سؤال المواطنة ودولة القانون، فكيف نشكو ليل نهار من انعدام معايير العدالة فى ملفات أخرى كبناء دور العبادة، والمناصب العليا والفرز الطائفى وغير ذلك، بينما ننحاز دون تفكير لسطوة رجال الدين؟!
وللأستاذ شرف الدين نقول
لو قاوم رجال الدين المسيحى اقامة زواج مدنى فهنا يكون لهم سطوة ولكنهم عندما يلتزمون بما نحن فاهمين من تعاليم الأنجيل وتطبيقه فى الكنيسة منذ نشأتها فأين السطوة هنا؟ واقول له انه لو كان البابا قد وافق على حكم المحكمة لقامت ثورة من الأقباط ضده لأنه سيكون مخالفا لتعاليم الأنجيل، والذين يحللون قتل الرحمة (يوثانيزيا) رأفة بأبن او زوجة معاقة لهم منطقهم ايضا الرحيم بأكثر مما قلت عن بعض الأزواج المعذبين بعدم الطلاق، وهذا مع عدم الاستهانة تماما بمعاناة كل من الفريقين
وكان سقوط هذا الهرم الفكرى اقل ضجيجا
والهرم الثالث
الأستاذ خالد منتصر
الذى كتب مقالا بعنوان "السبت من أجل الأنسان" يقول فيه:
يا أقباط مصر حافظوا على الدولة المدنية، عضوا بالنواجذ على ليبرالية وعلمانية الوطن، فهذا فقط هو الذى سيحل مشاكلكم المزمنة، لا تتصوروا أنكم بتنفيذ حكم المحكمة المدنية تخالفون الإنجيل، فهناك فرق شاسع بين الإنجيل وبين تفسير رجل الدين أو البابا للإنجيل، حتى فى نص الطلاق والزواج الذى ترفضون تأويله أو الاقتراب منه أو مجرد مناقشة تفسير البابا له،
ما يحدث من البابا وأنصاره هو تكريس للدولة الدينية ومفاهيمها، وإجبار المجتمع على ارتداء بدلة أسمنتية من الفهم الحرفى للنصوص لا تستوعب التغيرات ولا تبدى مرونة إزاء مشاكل وآلام البشر، لم تتقدم أوروبا إلا بالتمرد على الفهم الحرفى للنصوص وبناء الدولة المدنية التى أساسها المواطنة واحترام القانون،
وطفق الأستاذ خالد منتصر يشرح لنا انجيلنا وتاريخنا القبطى، وانهى الاستاذ خالد مقاله قائلا:
الدولة المدنية الواضحة فى قوانينها والتى لا تفرق بين مواطن وآخر بسبب الجنس أو الدين هى الحل والملجأ للأقباط وللمسلمين أيضاً لأن البديل مؤلم ومرعب، والأقباط يعرفون جيداً من هو أول من ستعلق له المشنقة عندما تحكم الدولة الدينية
وهنا نسأل الاستاذ منتصر اى دولة اوربية مدنية تعرفها صدر فيها قانون يلزم اى كنيسة أن تقوم بطقوس زواج لا توافق عليه الكنيسة، الدولة المدنية التى نطالب جميعنا بها لأ تلزم الهندوسى أن يقرا الفاتحة أو الصلاة الربانية فى معبده ولا المآذون ان يزوج زراشتى بمسلمة ولا الكنيسة أن تزوج المطلق.
وكان سقوط هذا الهرم الفكرى بدون أى ضجيج لأن افكاره ساحت سويا فسقط مثل الأيس كريم.
وما يردده هؤلاء الثلاثة أنهم يريدون الدولة المدنية التى لا دخل للدين فيها بالسياسة ولكنهم بغير ادراك يقولون ايضا ولكن مرحبا بتدخل السياسة فى الكنيسة. وما كتبوه يذكرنى بنكته قديمة عندما طالب المسيحيون بالغاء التفرقة بينهم وبين المسلمين فاستجاب السادات لهم وقال" ولهذا سوف انصب حسنى مبارك بطريركا للأقباط!"
رئيس تحرير الأهرام الجديد الكندية
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=19002&I=470