القطيع الضال

هيام فـــاروق

بقلم: هيام فاروق
كَثُرَ الكلام حول مشاكل و قضايا الزواج و الطلاق ، و أحكام المحكمة الإدارية العليا و إلزامها لقداسة البابا شنودة .. و حول خطف القاصرات و أسلمة الشباب ، و حول قضايا الإغتصاب بين طرفين مختلفى الديانة ..... إلخ من المشاكل و القضايا .

و لكن .. تعالوا نتكلم بصراحة .. لا أطرح عليكم السؤال عن أسباب كل هذه و تلك فربما تتعدد الأسباب و الظروف و الملابسات كلٌ حسب نشأته و بيئته و ظروفه الإجتماعية و الثقافية ... إلخ .  فقط أسأل .. ما هو الرادع عن كل هذا ؟

الجواب بمنتهى البساطة هو ( صوت الراعى ) ... (( تعالوا إلىِّ  يا جميع المتعبين و الثقيلى الأحمال و أنا أريحكم )) .. و لكن كيف أسمع صوت الله فى عالم صاخب ملىء بالضوضاء و الجرائم و الأحداث المتتابعة يوما بعد يوم ، حتى أصبحنا نئن صارخين ( كفىىىىىىى) تعبنا .

بينما أكتب هذا الكلام .. كنت جالسة أمام التليفزيون أتابع قناة (  CTV ) ، برنامج بيت على الصخر لنيافة الأنبا بولا .. و ذُهلت لمعلومة قالها نيافته كنت قد كتبت عكسها تماما من قبل رُبما عن عدم معرفة و هى .. أن نيافته يستنكر غياب الرعاية فى الكنيسة و يقول : كيف تقولون هذا ؟ فإنكم إذا قلتم أنه مثلا عدد المسيحيين يزداد بنسبة 20% فإن عدد الكهنة يزداد بنسبة 400% .. و أن الكنائس مكتظة الآن بالأنشطة و الإجتماعات الخاصة بالمخطوبين و المتزوجين . كان هذا هو كلام نيافته .

عفوا سيدنا ... كيف يكون هذا و سلالم الكاتدرائية مكتظة بأصحاب المشاكل المعلقة من سنين طويلة و قد يصل عددهم بالآلاف و نيافتك تراهم و تحصر أعدادهم يوميا ؟؟؟

عفوا سيدنا ... كيف يكون هذا و محاكم الأحوال الشخصية و محكمة الأسرة تضج من أصوات أصحاب المشاكل الأسرية من المسيحيين .

أعرف سيدة تسكن أمام إحدى الكنائس الكبرى بأحد الأحياء الراقية .. متزوجة منذ 15 عاما و لها طفلين فى عمر الزهور مواظبين فى حضور مدارس الأحد و القداسات مع الأم أو الأب .. و لكنهما فى خلاف دائم و صراع مستمر حتى أن الطفلين إشتكيا قائلين للأم و للأب ( كفــــــــى ) .. سألتها ألم يتدخل أحد آباء الكنيسة لفض النزاع الدائم بينكما ؟ فقالت : لا بل تدخل أحد الآباء قائلا .. مشكلتكما مستعصية و حولنا على مركز المشورة التابع للكنيسة ... و ما أدراكم ما مراكز المشورة الآن حسب ما رأيت و سمعت . و لا داعى للخوض فى هذا الكلام الآن .

أحبائى .. أليست الوقاية خير من العلاج ؟

إسمحوا لى أن أسرد لكم موقف حدث أمام عينى لأوضح لكم مدى قوة و تأثير الراعى فى نفوس الرعية :

كنت ذاهبة إلى الكنيسة لحضور إجتماع أحرص دائما على ميعاده من كل أسبوع .. غاية فى الروعة و الإمتاع الروحى – طبعا أُغلق الآن – ما علينا ... و بينما أنا عند باب الكنيسة الخارجى أحيى بعض الشباب و الشابات و إذ عرفت منهم أنهم عازمين على النزهة سويا إلى ( سيتى ستارز ) .. حزنت فى داخلى و دُهشت كيف لهؤلاء ألا يقدروا كم التعزية و الروحانية و الإمتلاء بحضور هذا الإجتماع .. و لكنى صمت لمعرفتى أن النصيحة غير مُجدية فى مثل هذا التوقيت .

فى اليوم التالى سمعت ما أبهرنى و أثار إعجابى بعمل الرب العظيم من خلال الأب الكاهن المسئول عن الإجتماع .. عرف ما عزم عليه هؤلاء .. فقرر أن يذهب ورائهم دون معرفة منهم .. و ظل واقفا على الرصيف المقابل للمول و هو الرجل المسن الذى تخطى الستين و من المعروف عنه أنه ينام مبكرا ليستيقظ مبكرا لعمل القداس الإلهى . و لكنه آثر أن يظل واقفا بعربته إلى الساعة الحادية عشر ليلا ً إلى أن خرجوا هؤلاء الشباب ليروه أمامهم معاتبا بحنو و رفق شديدين قائلا : ( أنا هنا منذ لحظة تحرككم من الكنيسة ..

و تعقيبا على هذا الموقف فقد إنقطع إبنى عن الكنيسة فترة ما .. و بالصدفة قابلت أحد الخدام و هو من مجموعة الشباب الذين ذهبوا و تركوا الإجتماع .. و سألنى هذا الخادم عن إبنى ، فأجبت بإيجاز أنه يمر بأزمة نفسية بسيطة نتيجة خلافه مع بعض أصدقاء الدراسة و لكن الرب سيتدخل .. و فوجئت فى اليوم التالى و فى ميعاد إنتظارى لخروج إبنى من المدرسة أنه إتصل بى قائلا ( بعد إذنك يا ماما سأتغيب حوالى ساعتين لأنى خرجت من المدرسة و وجدت مستر ( فلان ) فى إنتظارى يريد أن أخرج معه ) . أليس هذا يا إخوتى هو موقف الأب الكاهن معه و مع زملائه ؟؟؟؟

آبائي الـرعاة

علمتنا الكنيسة أن ( أبونا ) عنده حل لجميع المشاكل ... و لطالما تقبلنا هذا التعليم .. ألم يحن الوقت لكل من يتقدم إلى الكهنوت أن يجتاز أولا إختبارات نفسية تؤهله لتقبل سر الإعتراف و كيفية تصرفه فى حل المشاكل ؟؟؟؟؟؟

أناشدكم ، و أترجاكم ، و ألتمس إليكم ، و أقبل أياديكم بل و أرجلكم أيضا ..
- أتركوا الخروف البار و ابحثوا عن الـ 99 الضالين
- أتركوا الإداريات فى الكنيسة لمن هم أقدر على إدارتها بكل كفاءة كلٌ حسب تخصصه .. فالكهنوت لم يعطكم شهادة الهندسة و لا الصيدلة و لا الطب و لا إدارة الأعمال .. بل أعطاكم شهادة تمجيد إسم الرب من خلال السعى  لجذب النفوس و القطيع الضال .. فالضال لم يعد خروفا بل قطيعا .. ( الجميع زاغوا و فسدوا و أعوزهم مجد الله ) ..
- أتركوا عبارات دائما تصدر منكم مثل ( مش فاضى ) ( إبعتيلى زوجك ) ( إبعتلى زوجتك )
إذهــــــبوا أنتـــــــم يــــــا آبــــــــاء .. هذه خدمتكم .. و هذا كهنوتكم ... فالكهنوت = خدمة  ... سامحونى آبائى و حاللونى .

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع