هذا الذى لمتتنى فيه

عبد المنعم عبد العظيم

بقلم : عبدالمنعم عبد العظيم
إنها قصتى أحسن القصص بشهادة الكتاب الذى أحكمت آياته ولا يأتيه الباطل بين يديه ولا من خلفه القران الكريم . وهى القصة التى زينت التوراة أيضا

ولكن الحجر فى مصر القديمة لم يصورها فقد كان العصر الذى عشت فيه عصر الملوك الرعاة ( الهكسوس) والذى محا المصرى القديم كل أثاره بعد انتصار أحمس المصرى عليهم وإجلائهم عن بلده . عشت فى عصرالملك ( خيان ) أهم ملوك الهكسوس وأكثر من ترك أثارا فى مصر وفلسطين وسوريا وله تمثال فى المتحف البريطانى اشتراه من تاجر تحف يجهل مصدره

ويقال ان مدة حكمه امتدت لخمسين عاما واسمه فى الأدبيات الإسلامية الريان بن الوليد فى عهده وصل يوسف الى مصر أحضرته قافلة من الاسماعليين وكان عمره وقتها خمسة عشر عاما . اشتراه زوجى عزيز مصر و رئيس وزرائها فوطى فا رع او قطمير كما قال ابن عباس تصف التوراة فوطيفار زوجى بخصى فرعون وبالطبع لم يكن خصيا فمصر فى عهد الفراعنة أو عهد الهكسوس لم تعرف الخصيان
 
وكان الخصى لا يتزوج و فوطيفار كان زوجى وكنت من أجمل جميلات مصر إن لم أكن أجملهن وليس معنى انه لم ينجب انه كان خصيا معذرة نسيت ان أقدم نفسى آنا راعيل بنت راعابيل او زليخا بنت تمليخا والأصح انى راحيل بنت قابيل الشهيرة بزليخا بيتنا من أعظم بيوتات العاصمة تانيس عاصمة الهكسوس فى مصر كنا نمثل الطبقة الحاكمة والثرية ورغم الرخاء والعز والجاه والسلطان كنت أعانى فراغا كبيرا من زوج تشغله مهام منصبه العظيم عن الحياة الأسرية وكان من ذلك النوع من الرجال الذى يزهد النساء وكنت أعانى من الوحدة و الحرمان فلم يمنحنى الله الذرية التى كانت ستملأ فراغ حياتى مما زادنى حزنا فلم أكن إلا سيدة منحها الله رغد العيش والحياة المرفهة الناعمة ولكن هذا لم يعوضنى حرما نى من حقوقى كامرأة ومن زينة الحياة الدنيا الولد

وذات يوما نزل زوجى السوق كانت قافلة من الاسماعليين تبيع عبدا جميلا تفرس زوجى فى وجهه فاستراح لمحياه واشتراه وعندما قدم به الى البيت قال لى اكرمى مثواه عسى ان ينفعنا او نتخذه ولدا ومنذ اللحظة الأولى التى دخل يوسف هذا القصر وقع حبه فى قلبى لحسنة وجماله عاملته فى البداية كابن ومنحته عطف الأم وحنانها حتى شب عن الطوق وأكتمل شبابا وحيوية بعدها تغيرت نظرتى اليه لم أقاوم حسنه فلم يعد ذلك الطفل الذى أحبه حب الام لولدها ولم تعد نظرتى إليه نظرة البراءة السابقة كنت امرأة فى ريعان الصبا وميعة الشباب تتفجر حيوية وأنوثة وجمالا وشبابا وهو فى قصرى فتى كالقمر فى ليلة البدر كان إذا سار فى أزقة مصر يرى تلالا وجهه على الجدران كما يرى نور الشمس والقمر.
 
متوج بتاج الوقار . متزر بحلة الشرف . مرتديا رداء الكرامة . مقمصا بقميص البهاء الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحق بن ابراهيم خليل الله . خميص البطن . أقنى الأنف صغير السرة . وكان بخده الأيمن خال اسود وكان ذلك الخال يزين وجهه وكان بين عينيه شامة بيضاء كأنها القمر ليلة البدر كانت أهداب عينيه تشبه قوادم النسور كان إذا تبسم يرى النور من ضواحكه وإذا تكلم رأيت شعاع النور يشرق من بين ثناياه . اجتمع الجمال والحرمان فى بيت واحد وما اجتمع رجل وامرأة الا وكان الشيطان ثالثهما لم أحبه فقط ولكنى همت به حبا وملك شغاف قلبى فراودته عن نفسى وغلقت الأبواب ومنحته نفسى فأبى وعاودت المرة تلو المرة .

كان حريصا على ألا يخون سيده الذى وكله على بيته وعلى كل ما كان له كان حبيب سيده الواثق فيه المتصرف فى بيته لم اقاوم النظر اليه نظرة انثى لرجل كان داخلى يتمزق وانا ارى رفضه . ظننت ان تعففه لشعوره انه عبد وأنا سيدته فبدأت فى المبالغة فى الرقة حتى أزيل هذا الشعور إن كان هو السبب فى تمنعه . ثم ظننت انه ريما يخاف أن يفاجئنا احد من الخدم فصرفت الخدم من جدران قصرى وطلبت ألا يدخل القصر احد سواه فهيئت له كل وسائل الطمأنينة وزيادة فى الحرص قمت بإغلاق الأبواب قلت له هيت لك فقال لى معاذ الله أن أخون سيدى انه ربى الذى أحسن مثواى انه لا يفلح الظالمون كنت أدرك انه أمين على مال سيده وعرضه فقد أحسن زوجى مثواه وأكرمه لقد هممت به ولولا ان راى برهان ربه لهم بى لقد استدار مسرعا نحو الياب ليخرج وأسرعت خلفه لأمنعه من الخروج فجذبته من قميصه من الخلف ولكنه استمر مسرعا فتمزق القميص وفتح يوسف الباب فاذا بزوجى لدى الباب ومن هول المفاجأة صرخت ادفع عن نفسى التهمة ..

ما جزاء من أراد بأهلك السوء الا أن يسجن او عذاب اليم دفع يوسف التهمة عن نفسه وقال اننى التى دعوته الى نفسى ولم يستجيب لطلبى قال هى راودتنى عن نفسى وشهد شاهد من اهلى هو ابن خال لى قال للعزيز ان كان قميصه قد من قبل كنت صادقة وهو من الكاذبين وان كان قميصه قد من دبر كنت كاذبة وهو من الصادقين ولما راى قميص يوسف قد من دبر قال انه من كيدكن ان كيدكن عظيم وكان تعميم العزيز على النساء يحمل ان الكيد من طبيعة النساء عموما لقد كان زوجى كريما معى لعله كان يدرك ما كنت أعانيه فسامحنى

وقال لى استغفرى لذنبك انك كنت من الخاطئين ووجه الحديث ليوسف اعرض عن هذا اى اكتم الأمر ولا تتحدث به لأنه الأليق والأحسن بنا كبيت من أعظم البيوتات ونحن ندرك طهرك و صدقك وبراءتك غير أن السر سرعان ما فشا وانتشر بين الباقين من أهل القصر وبدء يسرى سريان النار فى الهشيم حتى وصل الى عامة الناس خاصة النساء فهن مولعات بمثل هذه الأحاديث فأكثرن من ترديده وإذاعته قالوا أنى أراود فتاى واطلب مواقعته فى محاولة لإظهار مدى الهوة التى انحططت اليها فانا السيدة وهو الخادم وأكثروا من ترديد أنى شغفت به حبا وأنى تنازلت عن كبريائى وأنى الذى بدأته بالمغازلة وانه رفض مسايرتى

وفى هذا جرح لكبريائى واهانة لى واكثرن من تناقل الحادثة إمعانا فى التشفى منى انا التى كنت أتيه عليهن بجمالى وحسنى ويهائى وسطوة زوجى وأكثرت نسوة المدينة من القيل والقال واتهمننى بالضلال والنزق فكيف لمثلى ان تنزل لهذا المستوى وأنا التى تعيش فى عز ورخاء وبحبوحة أردت ان اوقفهن عند حدهن لو أنكرت فكل الشواهد ضدى فاهتدى تفكيرى الى مشاركتهن فى الشغف بيوسف وأنا اعلم ان حسنه لا يقاوم فيدركن أن الأمر خارج عن ارادتى فيلتمسن لى العذر دعوتهن الى قصرى واعتدت لهن مقاعد لها مساند ووسائد يتكئن عليها كعادة المترفين واتيت كل واحدة منهن سكينا كانت نساء المدينة لم ترين يوسف من قبل وكن يتخيلنه فتى مثل كل الفتيان

ولكنه أكثر وسامة وشبابا وإثناء الأكل طلبت من يوسف ان يخرج عليهن فلما رأينه أعظمن شانه وأجللن قدره وبهرهن جماله وفقدن التحكم فى أنفسهن وحركات أيديهن فقطعت السكاكين أيديهن ان النسوة لما رأين يوسف هالهن جمال صورته وإلهاهن عن ما يقطعنه من طعام فقطعن أيديهن وقلن حاشا لله ليس هذا بشر فلم يعهدن مثل هذا الجمال قى بشر بل ويستحيل ان يكون هذا الجمال فى بشر فهو بلا جدال ملك من الملائكة لان الملائكة هم الذين يبلغون أقصى مراتب الحسن ولم يكتفين بوصفه انه ملك بل زدن أيضا بقوله ملك كريم زيادة ومبالغة فى حسنه كان هذا ما كنت أريده إذ كان تصرفهن اعترافا منهن بقوة جاذبيته التى لا تقاوم

وكأنهن قلن لى ما نرى عليك من لوم بعد هذا الذى رأيناه من حسن وقد تجرأت على الاعتراف الصريح لهن هذا الذى عيرتننى فى الافتتان به ولمتننى انى احببته وهاانتن قد اصابكن من مجرد رؤيته ماجعلكن تقطعن ايديكن فما بالكن وهو أمام ناظرى ليل نهار واعترفت أمامهن انى بدأت مراودته واعترفت انه رفض مبادرتى واستعصم واخبرتهن ان لم يرضخ لى سيكون مصيره السجن ولا اخفيكم ان النسوة من جانبهن طمعن فيما كنت اطمع فيه من يوسف فكم من واحدة همست فى أذنه برغبتها فيه واكدت له وعدم وجود زوج غيور او لغياب الزوج لكونه قائد فرقة حربية خارج البلاد وكم من واحدة أرسلت ا ليه سرا تسأله الزيارة وقال ان السجن أحب الى مما تدعوننى اليه

وانتشر خبر الوليمة وأصبح الهمس كلاما صريحا وعلانية ووصلت الأقاويل لسمع زوجى عزيز مصر فزاد الأمر سوءا وكان لابد ان يتخذ قرار يلجم الألسنة وكان القرار وضع يوسف فى السجن هنا انتهت قصتى دخل يوسف السجن وكان ماكان من صاحبى السجن وحلم ملك مصر وطلب الملك يوسف ليدبر أمر اقتصاد مصر ونصبه عزيزا على مصر لم يخرج من السجن خروجا مبتورا بل أراد ان يكون خروجه خروج البرىء الذى سجن ظلما فطلب سماع شهادة النسوة اللائى قطعن أيديهن قلن حاشا لله ما علمنا عليه من سوء وقلت ألان حصحص الحق أنا راودته عن نفسى وانه من الصادقين ليعلم أنى لم أخنه بالغيب وان الله لايهدى كيد الخائنين وما ابرىء نفسى إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى ان ربى غفور رحيم عبدالمنعــــم عبدالعظيـــم مدير مركز تراث الصعيد الأعلى

Monemazim2007@yahoo.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع