محمد بربر
الروائي "محمد سامي البوهي": في ظل اختفاء المفاهيم الثقافية.. أصبحت كلمة "وطن" بلا معنى
على العالم العربي أن يكون مفتوحًا على نفسه وعلى شعوبه
كتب: محمد بربر- خاص الأقباط متحدون
نظمت ورشة الزيتون الأدبية –أحد أشهر المنتديات الثقافية بالقاهرة– ندوة لمناقشة رواية "أوطان بلون الفراولة" للروائي الشاب "محمد سامي البوهي"، وبحضور الناقدة "هويدا صالح"، والأديبة "سامية أبو زيد"، والناقد "مدحت صفوت".
وتدور أحداث الرواية حول "ضياء عزام"؛ الصحفي المصري الضائع الذي يبحث عن نفسه وسط المكان الشاسع بأفكار قديمة، و"نداء قاسم"؛ الفتاة العراقية المُشردة التي هرب والدها من النظام العراقي إلى "روسيا"، ومنها إلى "هولندا"، حيث وُلدت "نداء" لأم مغربية هاربة من التاج الملكي، وفي النهاية تقرر العودة إلى "بغداد" بعد وفاة والديها، ولكن تُحتجز في "سوريا"، وتُغتصب؛ فلا تجد لها ملجًأ إلا "مصر".
تدور الرواية بتبادلية قصصية، بين "ضياء" البطل، و"نداء" البطلة، فتتعدد الأصوات وظلال الأحداث، ينتهي الخط الأول بموت "نداء"، ويستمر الخط الثاني مع البطل؛ ليصل بنا إلى اللحظة الحاسمة، وهي شنق "صدام حسين"، والذي ينهي به روايته بشكل عملي لم يكتمل على الورق، حيث يصنع لنفسه مشنقة قبل أن يضع النهاية، وبعدها ينتهي كل شيىء بمصير مبهم يماثل مصير العرب جميعًا.
وهنا تنتهي الرواية الداخلية التي بدأها "ضياء"، ولكن الراوي الأصلي يتدخل ويكتب نهاية أخرى تدور أحداثها في عام 2050م، ويكون بطلها "قاسم" ابن "نداء" المولود بفعل الاغتصاب، والتي تكبدت أمه مخاضه في نفس الليلة التي سقطت فيها "بغداد" على يد الأمريكان، ثم سجله جارها المصري "إبراهيم عبد الفتاح" باسمه؛ كي يستطيع مواجهة المجتمع، فيعيش بهوية مزيفة من حيث اللاهوية.
ويبقى لون الفراولة
يشير المؤلف أن لون الفراولة كما هو، يلطخ قلوبنا جميعًا، ولذا فإن نهاية الرواية تتمثل في نهاية مأساوية متوقعة لوطن لم يتغير مستقبله كثيرًا عن ماضيه، حيث تتدلى أجسادنا جميعًا بين السماء والأرض.
وفي سياق متصل، قال "البوهي لـ "الأقباط متحدون": إنه في ظل ضياع المفهوم الوطني بعد أن أصبحت كلمة "وطن" بلا معنى، حيث آمن الكثيرون من الناس بأن الوطن هو مكان يعيش فيه، ويشعره بإنسانيته؛ أي تحول المفهوم إلى مفهوم نفعي خاص، كان لابد وأن أكتب عن تلك القضية لأطرح الأسئلة التي قادتني بشكل حتمي إلى نهاية سوداء ومستقبل مشوه ينتظرنا.
وأضاف قائلاً: فكرة الرواية كانت كامنة في ذهني منذ وقت طويل جدًا، لكني كنت أنتظر اللحظة التي سأتمكن من الإنطلاق منها لأكتب، فكان لقائي ببطلة الرواية بأحد مقاهي القاهرة، وعرفت منها عن طريق الصدفة تلك المأساة التي تعيشها كفتاة، قُدر لها أن تُشرد بعيدًا عن وطنها، ففكرت أن أنقل حديثها على شكل حوار صحفي أو مقال، لكن سمعت صوتًا يجرني إلى كتابة الرواية.
وأشار "البوهي" إلى حق الشعوب في المواطنة، وأن العالم العربي هو عالم يفترض أن يكون مفتوحًا على نفسه، وعلى شعوبه، مهما بلغت ديكتاتورية الأنظمة.
الجدير بالذكر أن "محمد سامي البوهي" سبق وأن نشر مجموعتين قصصيتين "لوزات الجليد"، و"رائحة الخشب"، وتعد "أوطان بلون الفراولة" هي التجربة الروائية الأولى له.
http://www.copts-united.com/article.php?A=19734&I=488