يوسف سيدهم
بقلم : يوسف سيدهم
ما يجري في قسم الفلسفة بكلية الآداب بجامعة أسيوط من نشر الفكر الأصولي المتطرف من خلال كتب ومناهج مقننة مفروضة علي الطلبة، كان موضوع شكوي رسمية مرسلة إلي الأستاذ الدكتور وزير التعليم العالي بتاريخ 25/5/2010 ..
وتقول الشكوي: «إن جامعة أسيوط من الجامعات المصرية العريقة المشهود لها داخل مصر وخارجها، ومنذ سنوات ظهر فيها بعض الأساتذة المؤمنين بأفكار غريبة تعصف بمعايير البحث العلمي الأمين لحساب العبث بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والوطن المصري بكامله...لم يكتف هؤلاء الأساتذة بالزج بكتب ومقررات بعينها تزج بالدين في كل مجال من مجالات الدراسة، بل برعوا في إعلاء الدين الإسلامي علي الدين المسيحي في اختياراتهم عناصر المنهج وعمدوا إلي التركيز علي السب والقذف والازدراء بالدين المسيحي فيما يقدمون من محاضرات سواء كان ذلك ضمن المادة المكتوبة أو ضمن المضمون الشفوي الذي يتولون تلقينه لطلبتهم داخل قاعات الدرس...والمؤسف والخطير أن ما يرتكب في هذا الإطار ليس المقصود به عرض وجهة نظر محددة يمكن للطالب مناقشتها ودحضها، إنما يتم فرضه قهراً وقسراً علي الطلبة بحيث يكونون ملزمين به في مجال الدراسة وخاضعين صاغرين من جهة الإدلاء به في الإجابة عن أسئلة الامتحانات التي يتم تقييمهم بموجبها!!».
تستطرد الشكوي المذكورة لتسجل: «...إن الأمر ليس مقصوراً علي مراجع وكتب عامة يفرضها أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، بل تعدي ذلك إلي كتاب يحمل اسم وشعار جامعة أسيوط- كلية الآداب- قسم الفلسفة، وهو كتاب «محاضرات في فلسفة الدين» أعده للنشر الأستاذ الدكتور محمود محمد علي...أي أن الكارثة ليست في مراجع خارجية يذهب إليها الطالب في المكتبات ليستعين بأجزاء منها ويسقط ما عداها، إنما هي مجموعة محاضرات مركزة في كتاب مخصص مباشرة لطلبة قسم الفلسفة ومعتمد من كلية الآداب ومن جامعة أسيوط...فماذا يتضمن هذا الكتاب».
> بدلا من تدريس علم الأديان مثلما تفعل جامعات العالم العريقة بفكر واسع وآراء متعددة تتناول مختلف التوجهات العقيدية والفلسفية والنقدية، وتعرض للرأي والرأي الآخر، ينزع الكتاب إلي ازدراء الديانة المسيحية والهجوم عليها والحط من شأنها احتماء بآراء بعينها دون سواها.
> يسري الكتاب كلما تعرض للجوانب الإيمانية للعقيدة المسيحية في وصفها بأنها حصيلة ما يعتقد المسيحيون وطبقاً لما يزعمون...ولا يخفي علي المتلقي تربص الكاتب في زرع الشكوك إزاء ما يعرض من حقائق إيمانية تخص العقيدة المسيحية.
> يتناول الكتاب العهد القديم في بالكتاب المقدس للمسيحيين بقوله:...العهد القديم الذي يزعم كل من اليهود والنصاري أنه مما أوحي به، وهو ما يسمي بلكتاب المقدس لليهود وغيرهم يعد تراثاً شعبياً لا سند له إلا الذاكرة، ومن الطبيعي كونه كذلك أن يكون عاملا أكيداً في وقوع التحريف والتناقض والأساطير والخرافات والأوهام فيما يتضمنه.
> التناقض واضح بين أسفار العهد القديم مما يؤكد أنه ليس إلا وليد الخيال، بل التناقض موجود في نصوص السفر الواحد...وهي التي يزعم ويجزم اليهود والنصاري أنها هي التي أنزلها الله علي موسي...لكن هل الموجود منها الآن- من أسفار التوراة- هو عينه ما أنزله الله علي موسي.. هذا ما يعتقده كل من اليهود والنصاري، لكن ينبغي فحصه للوصول إلي الحقيقة.
> أسفار موسي الخمسة عبارة عن أقوال موروثة مختلفة جمعها محررون وضعوا ما جمعوا جنباً إلي جنب وطوروا وغيروا فيها بهدف إيجاد وحدة مركبة تاركين للعين أموراً غير معقولة وأخري متنافرة...والفاحص الدارس يري أن هذه الشهادات لم يكن من المعقول أن يتفوه بها موسي.
> التوراة تصف الذات الإلهية بالتعب والعناء كما تنسب إلي الإله الكذب والخداع ومعني ذلك أن الله كذب علي آدم، مما يثبت تناقض هذا الإله مع نفسه، فكيف يكون هذا الإله يحزن ويندم علي فعله ويتوعد الإنسان بالانتقام والتدمير؟.
> هذا الإله المزعوم يأمر بالفحشاء والمنكر، وذلك غيض من فيض مما حفلت به هذه التوراة من صفات الرب الإله، وهي كفيلة بأن تسقطه عن مقام الألوهية وتجعل منه مخلوقاً له كل صفات المخلوق من الجهل والغضب والحزن والندم والتعب والخوف والانتقام بلا حدود، فهل بعد هذا يصر أصحاب هذا الكتاب علي أنه سماوي موحي به من عند الله؟.. وعلاوة علي ذلك الأنبياء وما يلصق بهم من صفات المعصية والرذيلة بل الكفر والشرك والكذب، هل بعد ذلك يكونون في مصاف الأنبياء؟
> بعد كل ما عرضناه، هل يعقل أن تكون هذه الأسفار وحيا من عند الله لأنبيائه، بينما تنسب إليهم كل هذه المخازي من الزني والفجور والشرك والكفر بمن أرسلهم هداة للناس إلي الحق والخير والإيمان؟...إن هذا لا يستقيم ولا يقبل عند ذوي العقول، بل هو تجديف علي الله وكذب علي أنبيائه.
> هذا جزء مما حوته الشكوي ومما أوردته من الهجمة الفكرية علي العقيدة المسيحية وكتابها المقدس من خلال كتاب «محاضرات في فلسفة الدين» المقرر علي طلبة الفرقة الأولي لقسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة أسيوط.. ويتضح من الشكوي مغبة ازدراء الدين المسيحي، وإثارة الفتنة الطائفية، وإجبار الطلبة المسيحيين علي الرضوخ والإذعان لأفكار خاطئة تناقض إيمانهم، وتلقين الطلبة المسلمين أفكاراً خاطئة عن الديانة المسيحية، وما يحمله ذلك من إثارة المشاحنات بين الطلبة، بخلاف ما يشعر به الدارسون من الأقباط بالغبن، لأنهم لا يجرؤون علي مناقشة أو مخالفة الأستاذ فيما يفرضه من فكر من خلال كتابه المقرر عليهم...وتخلص الشكوي المرفوعة إلي وزير التعليم العالي إلي أن هذه المرحلة من الدراسة الجامعية ليست مجالاً لنقد الأديان عن طريق التهكم عليها وقذفها بالتهم والأفكار المريضة المغلوطة دون إتاحة عرض الرأي الآخر بحيادية فكرية وعلمية.
هل تدري إدارة جامعة أسيوط أن ذلك يجري في جنباتها؟.. وهل تعرف مراكز حقوق الإنسان بها بهذا الأمر؟.. وبعد أن عرف وزير التعليم العالي بأمر هذه الشكوي، ماذا هم فاعلون بهذه القنبلة الموقوتة؟!
http://www.copts-united.com/article.php?A=19949&I=493