ايلاف-محمد حميدة من القاهرة
"يا الله! أتمنى أن ان أفوز بالمزاد واحصل على 10 ألاف فدان. انا عملت واجبي ورشيت الحكومة. ومع ذلك، ما زلت غير متأكد من أنني سوف احصل على المزاد. يا رب ساعدني ". ما سبق واحدا من أقوى المشاهد في مسرحية سياسية، أثارت جدلا واسعا بانتقاداتها الشديدة للنظام المصري، وبكاؤها على زمن القيم الجميلة.
" قهوة سادة " مسرحية يقدمها حاليا طلبة مركز الإبداع الفني بدار الأوبرا المصرية، من إخراج مدير المركز خالد جلال، وهى ورشة عمل ارتجالية حاول فيها طلاب المركز تخريج طاقاتهم الفنية من خلال صرخة ضاحكة على كل ما فقده المجتمع من قيم كصلة الرحم، الفن الجميل، سرقة التراث، تشويه كل ما هو جميل، وغيرها من القيم المفقودة حاليا.
تلقى الضوء على مساوئ الحكومة وسلبيات النظام وغيرها من الآفات التي تعاني منها مصر مثل الفساد والبطالة وفشل مؤسسات الدولة، وبالرغم من الجرعة السياسية الا ان مخرجها يرفض تصنيفها بأنها سياسية قائلا فى رد له على صحيفة التايمز " انا ضد تسييس المسرحية نحن لسنا حزبا معارضا. انها مسرحية إنسانية و ليست سياسية، لا تحمل إدانة لحقبة محددة ".
تغوص المسرحية فى عبق رومانسية الماضي، وترثى الحاضر وتقدم رؤية تشاؤمية للمستقبل. تبدأ بالعشرات من الرجال والنساء يبكون، فى ملابس حداد سوداء، يسيرون في موكب جنائزى، ويضعون صور لأبرز الاقتصاديين المصريين الراحلين، والممثلين والممثلات، والقادة السياسيين، على قبر رملي يرمز لماضي مصر.
تقدم رؤية ساخرة لمجموعة من السلبيات مثل طوابير الخبز، والهوة بين الأغنياء والفقراء، والفساد، والبطالة، وفشل مؤسسات الدولة. وتتناول رجال الأعمال من خلال رؤية قطاعا كبيرا من الناس، يعتقدون أن الأغنياء يعيشون فى شبكات من الفساد ويستنزفون موارد وثروات الوطن لخدمة مصالحهم الخاصة.
كما تقدم "قهوة سادة" أيضا صورة قاسية وشاملة للشرخ الاجتماعي والهوة بين الأغنياء والفقراء. تظهر رجل أعمال يصلي الى الله كي يلهمه حلا لمعضلة اذا كان يبني ميدانا او حمام سباحة حول فيلته. وفى الوقت نفسه تظهر مجموعة من الشبان يلقون بأنفسهم في صراع مميت بغرض الحصول على أرغفة قليلة من الخبز.
والمثير للدهشة ان هذا العمل المسرحي بالرغم من انه عبارة عن مجموعة من المشاهد الارتجالية من قبل مجموعة من الشباب الموهوب، وليس سيناريو مكتوبا، إلا انه نجح فى استقطاب الآلاف من رواد المسرح حتى بات الحصول على تذكرة امرا صعبا المنال فى أكثر الأوقات. وتحدث عنها أغلب برامج التوك شو عن براعة من قدموه، واختلاف الفكرة، والشكل غير التقليدى للمسرحية.
وعلى الرغم ان المسرحية تقدم إدانة صريحة للنظام السياسي، الا أنها لم تحظر او تمنع. بل على العكس تبدو متسامحة على نطاق واسع. فالعرض يؤدى على مسرح مملوك للدولة ويتردد ان السيدة سوزان مبارك، وعدد من الوزراء حضروا المسرحية.
تقول صحيفة لوس انجلوس تايمز "رد فعل النظام لا يثير الاستغراب،طالما في إطار إستراتيجية الرئيس مبارك التي تترك الباب مفتوحا أمام حرية التعبير، وطالما أنها لم تترجم إلى أي عمل أو نشاط منظم. ومع ذلك فإن هذه الإستراتيجية لم تمنع النظام من شن بعض الهجمات المتفرقة على جرأة الصحافيين الذين يتجاوزون سقف النقد السياسي.
http://www.copts-united.com/article.php?A=200&I=5