وضحكتُ مع الله

أرنست أرجانوس جبران

بقلم : ارنست ارجانوس جبران
 قد يبدو العنوان من أول وهلة وكأنه يحتوى على كلمات تجديف لا سمح الله .. كيف يضحك الانسان مع الله ..؟؟ هل هذا يُعقل ..!! .. وأقول ، نعم ، يمكن للانسان أن يضحك مع الله ويتسامر معه .. ويشكى له همّهُ .. بل وأكثر من ذلك .. يمكنه أن يتحاجج معه أيضاً .. لأن الله قريب جداً .. لأنه وديع ومتواضع القلب .. لأنه أبونا .. أبونا الذى يعيش معنا .. و أبونا الذى فى داخلنا .. فالموضوع وبكل بساطة هو موضوعى ..

والقصة قصتى والحكاية حكايتى .. سأحكيها وأقصها بكل أمانة .. لأنها فى النهاية لمجد إسم الرب له كل المجد .. قبل عدة سنوات ، كتبتُ الجزء الأول من هذه القصة فى مقال تحت عنوان \" مَنْ أنا لأقول كلمة منفعة \" والتى نُشرَتْ فى بعض الصحف والمجلات المسيحية والشبكات الالكترونية ..
 
إلا أننى إكتشفتُ أخيراً ، أن للقصة بقية والتى لمْ أكنْ أعرف نهايتها إلا حديثاً .. أجل ، ولكن لا بأس ، فبالامكان الآن سرد ملخص الجزء الأول مرة أخرى لمن فاتتهم فرصة قراءة الموضوع .. وأما الذين سبق وأن قاموا بقراءته ، فهذه فرصة جديدة تذكرهم بتفاهة الكاتب .. وهنا وجبَ علىّ أن أؤكد مرة أخرى بأن الله قريب منا جداً جداً .. فالذى اختبر محبة الله يعرف ذلك جيداً ..

.. الحكاية وما فيها تتلخص فى الآتى : منذ منتصف السبعينيات من القرن المنصرم كنتُ شريكاً لأخ عزيز وهو الذى علّمَنِى أصول التجارة الدولية .. وبالفعل لم تمضِ سوى سنوات قلائل حتى أصبحنا من أكبر الشركات التى تتعامل فى مجال المشاريع الصناعية الكبرى .. الشئ الذى جعلنى دائم السفر الى الشرق الأقصى للتأكد من جودة الماكينات قبل شحنها للسودان .. ومن أول سفرية الى الشرق الأقصى ، سحرتنى تلك البلاد بسبب جمالها ونظامها وشعبها .. ولكن ذلك الاعجاب إختلط باعجاب من نوع آخر يؤسف عليه .. الاعجاب بالنساء الائى كنّ يتميزن بالرقة الدافقة ..
 
وبسرعة أطلقتُ العنان لنزواتى العاطفية .. ورحتُ أتذوق رحيقاً عطراً من مختلف الزهرات اللواتى يتميزن بصفات دفينة غير معلنة على الملأ .. فبمجرد أن كانت تحط بى الطائرة ، فى أى مدينة ، كانتْ هناك زهرة من هنا ، ووردة من هناك والعجيب هذا النوع من الزهور والورود ليس به شوك البتة .. فكنت أقطف ما أشاء .. والغريب .. وعلى الرغم من أننى لم أكن من مرتادى ذاك الطريق .. إلا أن الشيطان كان يبسط لى الأمور ويجعلهن فى طريقى قائلاً .. أنت شاب فى عنفوان الشباب و من ذوى المال والجاه .. لماذا لا تستمتع بحياتك ..

وهذه المسائل يفعلها كل الرجال من بنى أترابك ولاسيما رجال الأعمال .. لأن \" البروتوكول \" يستوجب مجاراة التيار .. فعقد الصفقات لا يمكن أن يتم إلا من خلال هذه الجلسات .. فالعقود والتوقيع عليها لابد وأن يكون من خلال جلسات خاصة مع بنات جميلات جالسات من من هنا و من هناك .. مكسيات وغير مكسيات .. جالسات حول موائد قريبة من الأرض .. وكئوساً بحجم صغير خاص ، هذه تملأ و تلك تفرغ .. ثم يعاد ملؤها مرة أخرى .. وموسيقى هادئة تدغدغ المشاعر و الأطراف .. فكل هذه المراسيم تجرى بطريقة خاصة .. خدمة خاصة .. و خمر من نوع خاص .. يُقدم بطريقة خاصة ، مع تحايا خاصة عند الاحتساء .. وحتى الامساك بالكأس له طريقة خاصة .. كأس بين اليدين الإثنين تصاحبه إيماءة خاصة بالرأس .. فكل هذه المراسيم ، توضح مدى الاحترام المتبادل بين الحاضرين وكأنهم قد تخرجوا من مدرسة واحدة علمتهم كيفية كسر الحواجز والتفاهم لتنفيذ الصفقات التجارية ..

حقيقة قد أخْذتُ بكل هذه العادات والتى تعتبر جديدة علىّ .. إلا أننى سرعان ما إعتدتُ عليها بل وأستطيع أن أقول أصبحت خبيراً بالفنون الليلية والقعدات الخاصة والتى تستمر الى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى .. وكما يقول المثل الصعيدى .. \" كان فى جره وطلع لبره .. \".. والغريب وعلى الرغم من الارهاق اليومى ، والتنقلات من مصنع الى آخر ، ومن مدينة الى أخرى .. مع أخذ الاعتبار الشديد بالعمل الليلى وبرامجه الحافلة ، ومع كل هذا ، كنتُ لا أتلاعب البتة فى أوقات العمل .. بل كنتُ أصل الى مقر الشركة قبل موظفيها .. ومرتْ أكثر من ثلاثة أشهر كنت خلالها ، قد جبتُ فيها عدة دول آسيوية .. بل وكنتُ أتنقل داخل الدولة الواحدة من مدينة الى أخرى .. وبحمد الله كانت رحلة موفقة الى أبعد الحدود .. و بعدها لملمت ما تبقى لى من قوة متوجهاً الى أرض الوطن .. و عدتُ من تلك السفرية ، حيث وجدتُ زوجتى الوفية ، فاتحة ذراعيها بكل شوق وحنان .. ولكننى لم أستطع تمثيل دور الزوج الوفى ، لأننى لم أعتد الكذب أو الخيانة .. قلتُ لها وبكل صدق ، قبل أن تضميننى الى أحضانك ، هناك شئ مُخجل أود أن أخبركِ به .. ورحتُ أسجل إعترافى الخطير .. قلتُ لها : أننى لا أستحقكِ .. لأننى قد خنتكِ مع أخريات .. وهنا لا أستطيع أن أصف وقع هذا الخبر عليها .. وقع عليها وقوع الصاعقة .. فراحتْ تبكى وتبكى .. الشئ الذى جعلنى أغيب عن المنزل ولا أعود اليه الا بعد منتصف الليل يومياً ، هرباً من مواجهتها .. إستمرت هذه الحال الى ما يقارب من الشهر .. وجدتها بعد ذلك تقول لى : \" لولا الطفلين لكنتُ قد تركتك \"

.. ومرت الأيام .. وجاء الابن الثالث .. وكثرتْ سفرياتى .. كانت تقول لى قبل كل سفرية ، هل تعدنى بألا تعود الى ما أنتَ فاعله ؟؟.. وكان ردى بمنتهى العنجهية وفى بساطة تامة .. لا أستطيع أن أعدكِ بشئ .. فقط صلى لأجلى .. !!! .. كان كبريائى الذى طغى وتجبر على الله ، قد أنسانى أبسط القواعد للتعامل معه .. فكم من المرات كانت زوجتى ترجونى بالذهاب معها ومع أبنائى الى الكنيسة ، فكنتُ أتحجج بمشغولياتى الكثيرة .. ولا وقت لى بأن أضيعه بالذهاب الى بيت الله !!
 
.. لأن يوم الأحد هو اليوم الوحيد الذى أستطيع فيه ترك المكتب ، لعمل زياراتى الميدانية لأصحاب المصانع التى تحتاج الى بعض الخدمات ، مثل احتياجهم الى قطع غيار ، أو الرغبة فى استيراد ماكينات جديدة مكملة لخط الانتاج وهكذا .. وهكذا أخرى ، لحياتى البعيدة عن الله .. كنتُ أعيش للعمل والعالم تاركاً ربى الذى خلقنى لأعيش له .. .. وكبر العمل .. وكم من المشاريع الصناعية قد شُيدتْ عن طريق شركتنا .. وكثرت سفرياتى الى دول الشرق الأقصى .. ولكننى مازلت للأسف بعيداً عن الله ، كنتُ تائهاً فى بحور النجاسة والكبرياء .. النجاسة مع النساء .. والكبرياء على الله جل جلاله .. وعلى الرغم من أن الله قد منّ علىّ بزوجة صالحة ، مُحِبة ، غفورة وبأطفال مباركين ، إلا أننى كنت لا أزال فى ضلالى .. وبالطبع مرتْ سنوات طوال لم أستطع التقدم الى التناول من جسد ودم السيد المسيح .. ولكن فوق كل هذا وذاك ، كنتُ أحاول جاهداً أن أرضى الله .. كنتُ أصلى اليه طالباً إنقاذى من هذه العادة الدنسة التى لا أستطيع التخلى عنها .. وفاتنى أن أقول لكم ، قبل إحدى سفرياتى وعندما طرَحتْ زوجتى سؤالها المعهود ، قلتُ لها أننى أستطيع أن أعدكِ بشئ واحد ، ألا وهو ، أننى سوف أستغنى عن كل الفتيات اللواتى أعرفهن ماعدا واحدة فقط .. أستميحك عذراً فى هذه الأخيرة .. واعتقدتُ فى بادئ الأمر ، أن هذا الخبر سيفرحها .. وإذ بى قد أججتُ ناراً جديدة .. \" يعنى انت بتحبها .. يعنى أنك لا تفعل هذه الأمور من أجل تقضية الوقت فقط .. !!
 
\" كان هذا ردها .. ولم أستطع الدفاع عن نفسى .. قلتُ لها ، صلى لأجلى حتى أستطيع التخلص من هذه الأخيرة .. وسافرتُ الى تلك المناطق .. وأثناء وجودى هناك ، وفى يوم من الأيام ، قررتُ ترك هذه الخطيئة التى كادت أن تفقدنى اتزانى .. وفى تلك الليلة ، جمعتُ أطراف شجاعتى وقمت بطرد تلك الفتاة الأخيرة .. نعم ، عملتُ فيها \" جدع \" وطردتُها .. \" أنا جدع .. \" .. ولكن للأسف هذه \" الجدعنة \" لم تدمْ طويلاً .. لم تمرْ الا بضع دقائق ، وإذ بى فى حالة يُرثى لها .. فقد انتابتنى حالة هستيرية من البكاء طوال تلك الليلة ، نادماً على فعلتى هذه .. كيف أتخلى عنها وهى التى وقفت بجانبى فى بلاد الغربة سنيناً هذه عددها .. و رحتُ أصلى الى الله .. قائلاً له بكل لجاجة .. يارب ارحمنى .. يارب ارحمنى .. وفجأة ودون أن أدرى وجدتُ نفسى واقفاً على رجلىّ بعد أن كنتُ ملقى على الفراش مبللاً اياه بدموع غزيرة .. لا أدرى ماذا أقول .. كل ما أستطيع قوله ، هو شعورى وكأنما يداً قوية قد انتشلتنى من نومتى المزرية هذه .. وفجأة توقفت حالة البكاء الشديد .. وكأن شيئاً لم يكنْ .. لم أنمْ ليلتها الى إنبلاج نور الصباح .. وعلى التو ذهبتُ الى تلك الفتاة .. وكم كانت فرحتها بلقائى مرة أخرى .. \" ورجعت ريمة لعادتها القديمة \" .. ومرت السنون .. وحضرنا أنا والأسرة الى أمريكا فى عام 1989 ، ولم تنقطع سفرياتى ومعها نزواتى .. الى أن كانت رحتلى الى المكسيك قبل منتصف التسعينيات من القرن المنصرم حيث كنتُ وكيلاً لشركة تصنيع ماكينات حَقْن البلاستيك .. واثناء وجودى بالفندق .. كانت تلك الأفكار النجسة معى ورحتُ أبحث عن صيدٍ جميل له نكهة جديدة .. وفجأة ، شعرتُ بأنى لابد وأن أقوم بزيارة خاطفة لدورة المياه .. وما أن جلستُ على \" كرسى الباشا \" ، وإذ بدم قانٍ بكمية كبيرة نزل مندفعاً كما يُفتح صنبور الماء ويُغلقُ مرة أخرى .. دون ألم أو سابق إنذار .. وسمعتُ صوتاً من داخلى كأنما يحدثنى قائلاً : \" إن لم تتبْ هذه المَرّة ، فنهايتك ستكون غير مرضية .. \".. وهنا تعلمتُ درساً جديداً ، فان الروح القدس يبكتُ الانسان على الخطايا ويذكره بها دائماً .. ولكن إذا ما أصر الانسان على حاله ، يتركه الى حين ، وكأنه يقول له : أنا سأتركك تفعل ما تريد .. ولكن عليك أن تتذكر هذا .. وعليك أن تتحمل النتائج .. وهنا سوف يكون التأديب .. لأن الذى يحبه الرب يؤدبه .. وبالفعل منذ تلك اللحظة ، طلبتُ من ربى السماح والغفران على تلك الخطيئة التى تأصلتْ فىّ .. ثم عاهدته بعدم الرجوع اليها .. يا سلام ..!!
 
.. وعلى الفور شعرتُ براحة عجيبة .. بعدها عدتُ الى أمريكا أنساناً جديداً .. واعترفت وتناولت من جسد ودم يسوع المسيح بعد طول الغياب .. وما أجمل الرجوع الى الله .. ولكن .. لم تنته القصة بعد .. وهكذا تأتى مرحلة التأديب والتهذيب ، نعم ، وكأنما قال لى الصوت ، أتذكر عندما كنتُ أذكرك مراراً وتكراراً بالآية من الرسالة الى العبرانيين 3:\" إذ قيلَ اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم كما فى الاسخاط \" .. نعم ، نسيتُ أن أذكر بأننى عندما كنت غارقاً فى نزواتى ، كنتُ دائم الصلاة والقراءة فى الكتاب المقدس ..

والعجيب كلما كنت أفتح الكتاب المقدس لأقرأ ، كانت الصفحة هى هى التى تُفتح .. ويقع نظرى على نفس الآية .. \" إن سمعتم صوته ، فلا تقسوا قلوبكم .. \" وكم كنتُ قاسياً .. يا للعار .. كنتُ أقرأ هذه الآية .. ولا أريد سمْعَ الصوت .. وكما يقول رجل الله أبونا مكارى يونان .. شعبى لا يفهم .. شعبى لا يسمع .. والذى لا يسمع \" له وِدْن مِن طين ووِدن من طين \" .. نعم ، كنت أقرأ فى الكتاب المقدس وأسمع الصوت الذى بداخلى ، ولكن تماماً كما قالها أبونا مكارى يونان ، كانت أذناى يكسوهما الطين .. لئلا أسمع كلمات التبكيت .. ثم أواصل ضلالى مستهيناً بنداء الله .. ونعود الى تكملة الموضوع ، بعد رجوعى من رحلة المكسيك ، حدثَ وأن زارنى بمكتبى \" المحترم \" بمدينة هيوستن ، رجل أعمال أردنى ، يعمل فى مجال المعارض الدولية ..

أرانى بعض الصور الفوتغرافية لشخصه مع ملك الأردن الراحل .. الملك حسين .. وعرض علىّ أن يكون شريكاً لى بشرط أن أعطيه حق التوقيع فى حساب البنك .. وبالرغم من أنه لم يدفع أى مبلغ فى رأس المال ، وافقتُ على مضض لأننى كنت واثقاً من نجاح المشروع والذى ينبنى على وثوقى من عملائى فى جميع أنحاء العالم ، والذين سيقبلون عرض منتجاتهم فى مثل هذه المعارض .. والسبب الثانى لقبولى المخاطرة هو ، ركود العمل التجارى آنذاك .. وقلتُ فى نفسى سأقامر بهذا المبلغ ، إن ثبتتْ أمانتهُ ، سنجنى ثمراً هذا مقداره .. وإن خسرتُ ، أنا وحظى .. وبالفعل ، وبعد مضى ثلاثة أشهر تقريباً ، قام أخونا بفتح حساباً آخر وسحب كل المبالغ التى كانت فى البنك وهرب الى سوريا .. ومن هنا تضعضعت الحالة وأغلقتُ المكتب و بدأتُ العمل من المنزل ، إلا أن كل المحاولات للنجاح قد باءت بالفشل .. ورحتُ أعمل موظفاً فى أعمال متواضعة .. ثم عملتُ مؤخراً مدرساً للغة العربية فى جامعة من جامعات ولاية تكساس .. إلا وبعد سنة دراسية تقريباً ، أقِلتُ من العمل نسبة الى سوء الحالة الاقتصادية .. والى الآن و أنا أقاسى من عدم العمل المستديم .. كان هذا هو أحد أنواع التأديب ..

والنوع الآخر هو تأديب الصحة .. فحالة النزف الداخلى .. تماماً كالتى بدأت معى فى رحلة المكسيك ، كانت معى طيلة هذه السنوات .. فكلما ذهبت الى دورة المياه يُعاد نفس الموال .. ولكن على الرغم من هذا وذاك .. كنتُ مؤمناً بربنا يسوع المسيح ، إيماناً مطلقاً .. وكنتُ واثقاً بأنه سيأتى اليوم الذى ينظر فيه الى إتضاع عبده الخاطئ .. وفى يوم من الأيام .. وبينما كنت أشاهد قناة الكرمة والتى كانت تبثُ إجتماع أبينا المبارك رجل الله القمص مكارى يونان ، كل يوم جمعة .. كنتُ أنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر ، حيث يكون البث المباشر من الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة .. والغريب .. كلما أستمع اليه وهو يعظ .. وهو يرتل .. وهو يتحرك .. وهو يضحك بعفوية تامة وتواضع تام .. كنتُ أشعر بنار تلهب قلبى .. وأروح فى موجات من الدمع المنهمر .. والى نهاية الاجتماع والصلاة الأخيرة وأوشية المرضى .. كنت أصلى معه بدموع تائبة تطلب الصفح والغفران .. كنت أبقى الى نهاية الاجتماع .. عندما يقوم برش الماء على الحاضرين وحدوث المعجزات المختلفة من شفاء المرضى وإخراج الشياطين .. وكم .. وكم تكون المعجزات الالهية .. وعند الانتهاء ، كنت أتأسف لمرور الوقت بسرعة .. وكأننى أقول ليته يستمر طوال اليوم .. وهكذا ..

الى أننى فى يوم من الأيام سمعت أبانا مكارى يقول .. هناك رسائل وصلته تحكى إختبارات كثيرة .. مفادها .. بأن المشاهدين دأبوا على وضع زجاجات المياه أمام جهاز التلفزيون وهم يصلون معه بايمان .. وبعد الصلاة يقوموا بشرب الماء فيشفون من أمراضهم .. وبالفعل قمتُ بوضع زجاجة الماء بايمان تام .. وطول الوقت كنت أصلى الى الله ليغفر لى و يشفينى من هذا النزيف المزمن .. وبصراحة تامة .. ذهبتُ مؤخراً الى الطبيب والذى قال آنذاك إن الموضوع جد خطير ويجب عمل تحاليلَ ومنظاراً .. ولكننى لم أعر الموضوع قدره من الأهمية نسبة للظروف التى كنتُ أمر بها .. أيضاً كان لى أيمان داخلى ، بأن الله سيتمجد فى عبده الخاطئ .. لأن الشفاء من عنده ولا عند أحد سواه ..

وبالفعل صليتُ صلاة بلجاجة وبدموع تائبة .. ثم شربتُ من الماء .. وبعد عدة أيام .. وأثناء نومى سمعت أصواتاً غريبة ثم شعرت بيدين كبيرتين كانتا تضغطان على ظهرى مرتين متتاليتين \" بحنية تفوق حد الوصف \" الى الدرجة التى أقامتنى من نومى .. وعلى التو ، قمتُ من فراشى وركعتُ ورحتُ أصلى الى الله وأشكره على كل ما يأتى به .. ثم فى الصباح ذهبت الى الحمام ، ونزلتْ بعض الدماء وكأنما كانت هى دماء النظافة الأخيرة .. وأشكر الله والى هذه اللحظة .. أى بعد أكثر من شهرين ، لم تنزل نقطة دم واحدة والمجد للرب .. له كل المجد .. وبعد عدة أيام وبينما وأنا أتأمل فى عمل الله معى .. كأنما سمعت صوتاً .. كأنما هو نفس الصوت الذى سمعته أثناء رحلة المكسيك ، والذى قال لى \" إن لم تتبْ الآن .. \" .. ولكن هذه المرة كأنما يهنئنى بنعمة الشفاء .. وهنا .. إبتسمتُ إبتسامة عريضة .. و هكذا ضحكتُ مع الله .. أشكرك يا رب الأرباب وملك الملوك .. وها أنا أشهد وأخبر ، بكم صنع الرب !! .. وهنا وجب علىّ ترديد بعضاً من كلمات المزمور 145:\" الرب حنان ورحيم ، طويل الروح وكثير الرحمة ، الرب صالح للكل ، ومراحمه على كل أعماله . يحمدك يارب كل أعمالك ، ويبارك أتقياؤك . بمجد ملكك ينطقون .. الرب عاضد كل الساقطين ، ومقوم كل المنحنين ، أعين الكل إياك تترجى ، وأنت تعطيهم طعامهم فى حينه .. الرب قريب لكل الذين يدعونه ، الذين يدعونه بالحق . يعمل رضى خائفيه ، ويسمع تضرعهم ، فيخلصهم . يحفظ الرب كل محبيه ، ويهلك جميع الأشرار . بتسبيح الرب ينطق فمى ، وليبارك كل بشر اسمه القدوس الى الدهر والأبد \" . آمين .. والمجد لله دائماً

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع