إيلاف
في خضم الصراع الذي تعيشه المحطات الاخبارية في الشرق الاوسط من اجل الاستمرارية في سوق تنافسية ترتفع فيها التكاليف وتعد الإيرادات الإعلانية فيها هزيلة، يجري الحديث عن الاعداد لمحطات إخبارية جديدة. وتدور تساؤلات حول مستقبل تلك المحطات الجديدة، فهل ستكون مجدية من الناحية التجارية، أم أنها ستكون مجرد مشاريع للهيبة والنفوذ؟
من المنتظر ان تزداد حمية الصراع الإعلامي في الشرق الاوسط مع إطلاق محطات إخبارية جديدة.
وتشير فاينانشيال تايمز في تقرير حول مستقبل محطات الأخبار في المنطقة العربية، والتنافس المرتقب بين المحطات الموجودة بالفعل ونظيرتها التي يُخطط إطلاقها عما قريب، تشير الى تجربة فضائية الجزيرة القطرية، التي انطلقت قبل خمسة عشر عاماً، وأثارت جدلاً بعد دخولها مناطق غير مطروقة في الشرق الأوسط، حيث تتعرض المعلومات لرقابة مشددة.
ثم تلفت الصحيفة إلى ما واجهته قانة الجزيرة من صعوبات طيلة هذه السنوات، وتخص بالذكر منع صحافييها من دخول مجموعة من الدول العربية، وتعرض مكاتبها في بغداد وكابول للهجوم الجوي من قبل القوات الأميركية. ثم تبرز الدور الذي ساعدت من خلاله الجزيرة على إحداث ثورة مصغرة، وبلوغها مستوى يسعى الباقون الآن إلى اللحاق به.
كذلك تشير فاينانشيال تايمز إلى كشف محطة سكاي البريطانية هذا الأسبوع عن تفاوضها مع مستثمر من أبو ظبي، العاصمة الغنية لدولة الإمارات العربية المتحدة، لإطلاق محطة أخبار عربية على مدار الساعة. وتشير كذلك إلى ما أعلنه الأسبوع الماضي الملياردير السعودي، الأمير الوليد بن طلال، عن اعتزامه إنشاء محطة مماثلة.
وتقول الصحيفة إن الجانبين يسعيان لإطلاق المحطتين خلال العامين المقبلين. ثم تشدد على أنهما سيدخلان سوقا ً تنافسية ترتفع فيها التكاليف وتعد الإيرادات الإعلانية بها إيرادات هزيلة. وتضيف أن حدود المنافسة التي ستجابهها المحطات الجديدة لن تقف عند الجزيرة، فهناك كذلك محطة العربية، تلك المحطة السعودية الخاصة، وكذلك الخدمة العربية التي تقدمها هيئة الإذاعة البريطانية، ومجموعة من المحطات المنافسة الصغيرة.
وفي هذا السياق، تشير الصحيفة البريطانية إلى ذلك الاعتراف الذي أكد من خلاله مسؤولو محطة العربية، المملوكة لمجموعة إم بي سي، على أن القناة خسرت أموالاً منذ أن بدأ بثها على الهواء قبل سبعة أعوام، رغم زعمهم أن المحطة نجحت في تحقيق ما يقرب من ثمانية أضعاف الإيرادات الإعلانية لمحطة الجزيرة.
ثم تمضي فاينانشيال تايمز لتنقل عن عبد الرحمن الراشد، المدير العام لقناة العربية الفضائية، قوله: "إذا اعتمدت محطات الأخبار على نفسها، فإنها ستواجه بكل تأكيد صعوبات كبرى في السوق. فإذا نظرت إلى محطة العربية على سبيل المثال، ستجد أنها بدون مجموعة الإم بي سي عبارة عن مشروع خاسر؛ وليس هذا فحسب، بل أنها ستكون في حاجة لعشرة أعوام أخرى قبل أن تنجح في تحقيق مكاسب مادية من تلقاء نفسها دون مساعدة من مجموعة الإم بي سي". وتلفت الصحيفة في غضون ذلك أيضا ً إلى أن فضائية الجزيرة مملوكة لحكومة دولة قطر، وتتلقى دعما ً ماليا ً من تلك الدولة الغنية بالغاز.
كما نقلت عن الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، الذي تم تعيينه لرئاسة محطة الأخبار الجديدة الخاصة بالأمير الوليد بن طلال، قوله: "ستكون محطة ممتعة، تضغط من أجل الإصلاح، وتدفع من أجل طرح الأفكار الجديدة في العالم العربي. وهناك حاجة لإطلاق محطة بعقلية سعودية تكون أكثر هجوما ً وأكثر جرأة، وقد تبين لنا بعد البحث أن الناس يريدون ذلك".
ورغم امتلاك الملياردير السعودي بالفعل لمجموعة روتانا الإعلامية، إلا أن محطته الإخبارية الجديدة، التي يُحتمل أن تتواجد مقراتها في الإمارات وقطر والبحرين، يتم الإعداد لها الآن بشكل مستقل. كما تشير الصحيفة إلى أن الأمير الوليد بن طلال يمتلك كذلك نسبة تقدر بحوالي 7 % في شركة نيوز كورب التي يملكها روبرت مردوخ، التي دفعت بدورها مؤخرا ً 70 مليون دولار للحصول على حصة نسبتها 9 % في مجموعة روتانا.
ثم تعاود فاينانشيال تايمز لتشير إلى أن هوية مستثمر أبو ظبي الذي يتفاوض مع محطة سكاي البريطانية لا تزال لغزا ً. ويقول الأشخاص المطلعون على المشروع إن المستثمر يعمل في القطاع الخاص وليس له صلة بالحكومة. وهو ما أدى لظهور تكهنات بأن أحد أفراد الأسرة الحاكمة قد يكون الشخص الذي يقف وراء المشروع، وفي أغلب الأحيان، تكون هناك حالة من عدم الوضوح بشأن ما هو خاص وما هو حكومي في دول الخليج. وستكون هناك تساؤلات أيضا ً حول مستقبل تلك المحطات الجديدة، فهل ستكون مجدية من الناحية التجارية، أم أنها ستكون مجرد مشاريع للهيبة والنفوذ.
ومع هذا، يؤكد عبد الرحمن الراشد في نهاية حديثه على أن هناك مساحة لإطلاق مزيد من المحطات، وإن كان التحدي متمثلا ً في القدرة على إيجاد موظفين. وتابع في ذات السياق بقوله: "ما لم تكن التكلفة مسألة مهمة بالنسبة للمستثمرين، فإني أعتقد أن المشكلة الثانية ستتجسد في إيجاد الصحافيين وكذلك الموهبة".
لكنه أعرب عن أمله بأن يعمل ظهور شركات جديدة على دعم هيئات البث التلفزيوني في العالم العربي، حيث مازالت تسعى الحكومات لتقييد حرية الإعلام وتخضع العديد من الصحف لرقابة مشددة. وختم بقوله: "يمكنك إيقاف العربية أو الجزيرة عن تغطية أمور معينة، لكنك لن تتمكن من إيقاف أربع أو خمس محطات تلفزيونية أخرى".
http://www.copts-united.com/article.php?A=20528&I=509