رؤوف زكري مكارى
بقلم: رؤوف ذكرى مكارى
السيد هنا ليس شخصية "أحمد عبد الجواد" فى فيلم "بين القصرين" للأديب العظيم "نجيب محفوظ"، ولكن "سيد" هذا المقال هو "السيد البدوى"- رئيس حزب الوفد- والذى لم نسمع له تعليق أو تفسير عما قامت به جريدته عندما حذفت التقويم القبطى من على ترويسة الجريدة فى ظروف غامضة، ثم عاد مرة أخرى دون أى تفسير..
وحديثنا اليوم عن التصريحات التى أطلقها رئيس حزب الوفد فى حواره لبرنامج "أخر كلام"، الذى يقدمه الإعلامى "يسري فودة" على قناة "أو تى فى" عن عزمه إلغاء معاهدة السلام بين "مصر" و"اسرائيل"، حال فوزه برئاسة الجمهورية المزمع اجراء إنتخاباتها عام 2011، تلك التصريحات غير المتوقعة، والتى لم يقم أى رئيس سابق لحزب الوفد بالتصريح بها، إبتداً من الراحل "فؤاد سراج الدين" إلى "محمود أباظة" الرئيس السابق لحزب الوفد.
وحقيقة الأمر إننى فى حيرة من فهم المنهج السياسى لحزب الوفد منذ إنتخاب "السيد البدوى" رئيسًا له، ونعود لتصريحات رئيس الوفد بشأن عزمه الغاء معاهدة السلام، والتى أُبرمت بين "مصر" و"اسرائيل" فى نهاية السبعينيات، هذه المعاهدة التى جاءت بعد عدة حروب، والتى بمقتضاها استردت "مصر" كافة أراضيها المحتلة، ومكنتها فى البدء فى توجيه مواردها إلى خطط التنمية بدلاً من توجيهها للمجهود الحربى..فلا يمكن أن ننسى أن دخول "مصر" معارك فى "الجزائر"، و"اليمن" أرهق اقتصادها، وقلل من هيبة عملتها، ثم دخولها معارك مع "اسرائيل" نيابة عن العرب زاد من ضعف إقتصادها فضلاً عن سقوط الآلاف من الشهداء.
ولا أعلم هل يدرك "السيد البدرى" أن إعلان "مصر" إلغاء معاهدة السلام هو المرادف لإعلان الحرب على "اسرائيل"؟!! وهل يريد رئيس حزب الوفد إعادتنا للوراء، والدخول فى مغامرات عسكرية غير محسوبة؟ وهل قام سيادته بدراسة المتغيرات الدولية وهل ستسمح له بذلك أم لا؟ ...!!
لقد أضاف سيادته بإن سبب مطالبته إلغاء معاهدة السلام هو عدم قيام الدولة الفلسطينية وفق المبادرة العربية، وعدم حسم القضايا الفلسطينية الأخرى من عودة اللاجئين، وترسيم الحدود، وقضايا المياه...إلخ.
ومع إعترافنا بضرورة إقامة الدولة الفلسطينية، والحصول على كافة الحقوق، ولكن من قال أن القضية الفلسطينية هى مسئولية مصرية فقط وليست مسئولية عربية؟ فأين الدول العربية من القضية الفلسطينية؟ ولماذا كتب علينا القدر أن تكون القضية الفلسطينية مسئوليتنا فقط؟
إن معظم الدول العربية لها علاقات دبلوماسية على مستويات مختلفة مع "إسرائيل"، فـ"إسرائيل" تمتلك مكاتب تمثيل دبلوماسى فى معظم الدول العربية، وإذا كانت لنا علاقات دبلوماسية مع "اسرائيل" كنتيجة للحدود المشتركة والحروب التى خضناها، فما الذى يُجبر الدول العربية الأخرى على إقامة علاقات مع "اسرائيل"؟!! تلك الحقائق التى لم يذكرها رئيس حزب الوفد فى تصريحاته، بل اختزلها فى مطالبته بالغاء معاهدة السلام.
وأخيرًا اقول لرئيس حزب الوفد، إذا كنت تريد إكتساب أرضية جماهيرية من تلك التصريحات تعطيك قوة عند ترشيحك لرئاسة الجمهورية، فاعلم يقينًا أنك سوف تضم فقط المهووسين دينيًا بالحرب، والمتطرفين. وهكذا ستنجح بجدارة في تحويل حزب الوفد من حزب ليبرالى علمانى، إلى حزب ثورى دينى. وعندئذ ستفقد الحياة السياسية فى "مصر" رافدًا من روافد الليبرالية..
لذا فأنا أطالبك بالتريث، ودراسة آرائك قبل التصريح بها، وحلمك ياسى السيد.
http://www.copts-united.com/article.php?A=20823&I=516