روز اليوسف - كتب:ميرفت عبد الرحمن - نسرين أبو المجد
بعض المتحرشين بأيدي الفتيات، والثقافة السلفية التي تخترق المجتمع المصري، هم السبب في انتشار ظاهرة رفض الفتيات مصافحة الشباب حتي في المجالات المهنية المتحررة.. الفتيات عضدن مواقفهن بأسانيد دينية رغم أن الكثيرات لا يعلمن بوجود أدلة من الكتاب أو السنة تقوي آراءهن.
«تجنب أقاربي ومعارفي مصافحتي بعد أن اعتادوا مني رفض مصافحتهم باليد»، هكذا قالت هدي رجب ماجستير أطفال بمستشفي حميات الصف.. التي اعتبرت المصافحة باليد لمسًا قد تؤدي لشهوة بين الرجل والمرأة، لذلك تتقي الشبهات ولا تفعله.. واستندت هدي إلي واقعة للرسول عندما أراد مبايعة النساء له فوضع يده في إناء به ماء وتبعته النساء بوضع أيديهن فيه بعده بدلا من المصافحة باليد.. وقالت: يجب علي المسلمين اتباع سنة الرسول والاقتداء به. وتقول الدكتورة هدي: إن أمر المصافحة يخص صاحبه وله الحرية فيه، فمن أراد المصافحة فليصافح ومن أبي فله الحرية.. وعلي الإنسان أن يستفتي قلبه أولا وأخيرا.. وعلي الرغم من رأي هدي الذي يشجع عدم مصافحة المرأة للرجل.. فإن «علية ريحان»، ماجستير علم نفس تربوي جامعة المنصورة، تعتبر أن الأمر عادي ولا ترفضه ولا تعتبره حرامًا.. حيث إن الحياة اليومية تحتم علي المرأة الاحتكاك بالرجل، خصوصًا في مجالات العمل والدراسة والمعاملة اليومية ولا يتفق معها رفض المصافحة خصوصًا أنها شيء عادي وفعل غير خادش للحياء.. وأشارت عليه إلي المفاهيم الدينية الخاطئة عند البعض التي تمنعهم من المصافحة لأن العقيدة الإسلامية تدعو للسلام والوئام ولا يتم ذلك إلا من خلال التسليم والترحاب.. وأشارت إلي قول النبي صلي الله عليه وسلم: «أفشوا السلام بينكم».
أرجعت «علية» السبب في اعتقاد بعض الفتيات أن لمس أيديهن من قبل الرجال حرام إلي ضعف شخصيتهن وفراغ عقولهن.. ولفتت إلي أن قدامي الدارسات بالجامعة يلتقين حديثات الالتحاق بها وينقلن أفكارهن إليهن سواء كانت صحيحة أم خاطئة، خصوصًا أنهن يكن مستعدات للاقتناع بالأفكار الجديدة من خلال بحثهن عن القدوة الأكبر سنا بغض النظر عن مؤهلاتها وثقافاتها العامة وتعاملها مع المجتمع بكل فئاته.
كيف يكون الاختلاط بالجنس الآخر في الحديث أو المصافحة، ونحن نفتقر إلي القدوة؟ هكذا تساءلت عبير حسين، الطالبة بكلية التربية جامعة المنصورة، التي تعاني من رفض أستاذها التعامل مع الطالبات ويأمرهن بالجلوس في الخلف في أثناء المحاضرات بينما يكون الطلاب الذكور في المقدمة، ويصف الفتيات اللائي يرتدين البنطلونات ويضعن بعض الحلي والزينة، بأبشع الألفاظ التي لا يقبلها إنسان، ولو رأي طالبة تصافح زميلا لها، فالاضطهاد سيكون مصيرها منه، وقد يعتبرها كافرة من وجهة نظره لذلك نحن نفتقر إلي القدوة فإن كان أستاذ جامعي يفكر بهذه العقلية فما بالك بالعاديين؟
وقالت «أسماء محمد»: المصافحة حرام شرعًا.. وهي طالبة كلية هندسة الفرقة الرابعة جامعة الأزهر، وقالت: تستطيع المرأة التي لا تصافح التعبير عن ذلك بعدة طرق حتي لا تحرج من أمامها في حالة مد يده للمصافحة.. كأن تضع يدها خلف ظهرها أو تضعها تحت الحجاب في تلميح منها بأنها لا تصافح وبالتالي يفهم الشخص الذي يتحدث معها عدم رغبتها في السلام والمصافحة وبالتالي يجنب نفسه الإحراج.
حاولنا التقاط عدد من الصور لهؤلاء الفتيات اللائي كن في جامعة الأزهر بالقاهرة إلا أنهن رفض ذلك قائلات: نحن نرفض المصافحة فهل نقبل التصوير ليرانا الناس علي صفحات الجرائد؟ سارة حمدي طالبة بقسم الصحافة والإعلام بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر بررت امتناعها عن مصافحة الرجال بالبعد الديني الذي يحرمها من وجهة نظرها، وتري أنه بداية لنيات سيئة وتقول: عندما كنت صغيرة لم أخجل من مصافحة الجميع، ولكن قررت وأنا بالصف الثاني الثانوي الامتناع عن هذه العادة وبدأت نظرتي تتغير وبخاصة عندما وجدت العديد من زميلاتي بالدراسة يمتنعن عن المصافحة.
وأضافت: تعود أقاربي ومعارفي علي ذلك ويكتفون معي بالسلام الشفهي.. وتروي سارة أنها في أثناء وجودها في إحدي الصحف التي تتدرب فيها قام زميل لها بلمس يدها بأطراف أصابعه علي الرغم من علمه جيدًا أنه لا تصافح الرجال وفعل هذا من باب إحراجها فلم تشعر بنفسها إلا وهي تصفعه علي وجه.
ولا تمانع لميس الريس ليسانس دراسات إسلامية وعربية جامعة الأزهر المصافحة فقط ولكنها لا تلقي السلام الشفهي علي الرجال بصوت عالٍ علي أساس أنه حرام وأن صوت المرأة عورة ولابد للفتاة من أن تكتفي بقوله في سرها وتقتنع لميس بأن هناك بعدًا دينيا واضحًا لعدم المصافحة بين الرجال والنساء يتمثل في قول الرسول: «لا أصافح النساء» فهذا حديث واضح لا مجال لتأويله.. ونفت أن يكون أحد والديها قد أجبرها علي عدم المصافحة، ولكنها أحست أن هذا الأمر ضرورة دينية واجبة علي الفتاة البالغة..
أماني هاني -ليسانس إعلام- تمتنع عن المصافحة وتنتابها حالة من الغضب الشديد إذا اضطرت للمصافحة. وفي وجهة نظرها عدم المصافحة لا يتعارض مع طبيعة العمل الإعلامي فالتواصل مع الآخر لا يتوقف علي المصافحة إطلاقًا لكن له جوانب أخري قد تتمثل في اللباقة والذكاء في التعامل وبشاشة الوجه ومعرفة إدارة الحوار بشكل جيد بما ينعكس علي طبيعة العلاقة مع الآخرين ويضفي عليها مزيدًا من الاحترام وطلبت ضرورة احترام فكرة امتناع بعض الفتيات عن المصافحة وعدم السخرية منهن وعدم اعتبار الرجال لها علي أنها إهانة.
تعلم رحاب شحاتة -طبيبة- حديثة التخرج في كلية طب قصر العيني وجود خلاف فقهي حول مصافحة المرأة للرجال ولكنها تفضل الامتناع عنه مطلقًا والإيحاء لمن يرغب في التسليم عليها من الرجال أنها لا تصافح والاكتفاء بالإيماء من بعيد.. وتعلل ذلك بقولها إنها لا تعلم نية المقدم علي التسليم عليها إذا كانت سليمة أم سيئة فبدلاً من أخذ سيئات علي هذا يصبح الامتناع عنه وإغلاق هذا الباب أفضل.. وتري أن عدم المصافحة يضفي نوعًا من الوقار والاحترام علي الفتاة ويجعل الناس ينظرون إليها نظره أكثر إيجابية.. وتعتبر أن المجتمع أصبح يعاني العديد من الأعراض الاجتماعية السلبية التي تؤثر عليه سلبا والحل في الالتزام بالدين وقد تكون هذه الأمور التي يراها البعض صغيرة لها دور كبير في درء الشبهات.
http://www.copts-united.com/article.php?A=20931&I=519