نشأت عدلي
بقلم: نشــأت عــدلي
ما أن يحدث شيئ في الأجواء إلا وتجد المقالات والأنباء والنشطاء وكل مهتم بالشأن المصري يهبّ من سباته، مَن يكتب يكتب، ومَن يتحدث في القنوات الفضائية، وتجد الكل في حركة نشطة، وكل منهم يتساءل: إلى متى سنظل هكذا؟؟
نتحرك وتهب الدنيا، ويُخال لك أنها لن تستكين حتى تُحل الأمور برمتها، ويخرج المسؤولون من قواقعهم، كلٌ يدلي بتصريحاته ووعوده ووعود الدولة من خلاله لحل هذا الموضوع وكل الموضوعات المتعلقة، ولكن ما أن تمر فترة من الزمن إلا وتجد الكل قد سكن وقد هدأت العاصفة التي كنا نظن أنها لن تهدأ، حتى تستقيم الأمور كلها أو أضعف الإيمان جزء منها.
ونرجع مرة ثانية للنواح والشكوى والتحسر على الزمن الجميل الذي مضى، وهم لا يعرفون أن هذا الزمن الجميل نحن الذين قد أضعناه بتهاونا وسكوتنا وإصرارنا على أننا قليلي الحيلة، وليس في أيدينا شيئ لنفعله.
حقـًا.. لقد أدمنا واستعذبنا الضرب على القفا، أعجبنا جدًا دورالمقهورين الذين ليس لهم قوة ولا حيلة، وأصبحنا نترجى ونأمل في "سبارتكوس" آخر ليخلصنا من العبودية، مع العلم أنن فعلاً قد تخلصنا منها، ومن الممكن أن تكون لنا أصوات عاليه مسموعة للعالم أجمع، نحن لم نستثمر قوانا التي حبانا الله بها، وارتمينا في أحضان الغيبيات علها تأتي وتنجز ما عجزت عليه إرادتنا الحقيقية عن إنجازه.
وتعاملت أجهزة الدولة بعد أن تفهمت هذه التركيبة العاجزة الخانعة مع هذا، بل وساعدت على تنمية هذا الشعور بداخلنا بكل وسائلها المتاحة لها ابتدءًا من:
• وسائل الإعلام المتخلف عن سرعة العصر الذي نعيشه الآن وبرامجه الكثيفة الخادعة، والتي تدعو دائمًا إلى الاستسلام، وأننا نعيش أزهى عصور النهضة الاجتماعية والسياسية، غير عابئ بمشاعر المتلقي.. بل مستهين بها.
وإذا كانت هناك قضية لابد وأن يتكلم عنها، يأتي بمَن يوالونه ويعينوه ضد أصحاب القضية، وكأنهم هم الجناة، خاصة إذا كان هذا الموضوع مرتبط بأى شيئ يمس العقيدة، وله في ذلك أناسه المأجورين وضيوفه المعروف ردهم مسبقـًا.
وبرغم كل الإنتقادات الموجهة لهذا الجهاز الخطير، وبرغم انتقال المتلقي إلى إعلام آخر أكثر صدقـًا وواقعية، إلا أنه ما زال وسوف يستمر على منواله هذا الذس يُرضي به المسؤولين.
• وسائل التعليم الذي يوم بعد يوم يعلن فشله في المنظومة التعليمية التي أصبحت وكأنها حرب بين أجهزة التعليم والطلبة، وكأنه تحدي لهم وإحباط لقدراتهم الحقيقية، وبرغم أننا قلنا أن نجاح الطالب من عدمه ليس هو المقياس لذكاء الطالب أو قياس لقدرته الحقيقية.
حيث أن مدارسنا لم تعرف كيفية اكتشاف الطالب واكتشاف قدراته الحقيقية التي على أساسها تبدأ كل الأبنية مهامها في إنشاء طالب نافع للمجتمع الذي نعيش فيه، نعده إعدادًا جيدًا حتى نستفيد به غدًا، ولكننا وكأننا نؤذن في مالطة كما يقولون.
ابن أختي هاجر إلى أمريكا وهو طالب بكلية التجارة، ولم يكن مقتنعـًا بها، وهناك دخل كلية الطب ووجدها أعلى من إمكانياته فتركها ودرس الهندسة، ونجح فيها، وهو يعمل بها الآن، بل هناك بعض الأشياء لم يستطع العقل الأجنبي أن يصنعها فقام هو بتصنيعها.
إذن هذا المجموع أو هذه الدراسة بأكملها ليست هي المقياس الحقيقي للطالب، بل هناك مقاييس أخرى لم نحاول حتى أن نعرفها أو نكتشفها، ولن نستطع اكتشافها، وسنظل راضين بهذا المستوى.
• وزارة الداخلية التي كان شعارها دائمـًا وللآن أن "الشرطة في خدمة الشعب"؛ فإذ بها تنقلب على الشعب بشراسة وكأنها تنتقم لأيامها المكبوتة التي لم تستطع أن تفعل فيها شيئـًا، طالب كلية الشرطة يدرس القانون لكي يحافظ على هذا القانون ويعرف به الجاني من المجنى عليه، ولكن يبدو أن الدراسة تغير بها أشياء، وبدلاً من القانون يدرسون الآن القانون التكميمي، وهو الذي يكممون به أفواه الشعب بعد أن أمسكوا بأيديهم هروات وطبنجات، وبمنتهى السهولة يقتلون ويمثلون بالضحية، وبعد هذا ينكرون ويقولون أنهم في خدمتنا.
هذا هو حالنا اليوم!! وهذا ما تفعله الدولة بكل أبنائها، فهل نحن لها بنون؟
http://www.copts-united.com/article.php?A=21022&I=522