كتاب "ظاهرة الدعاة الجدد".. دراسة فى سوسيولوجيا الدين

محمد بربر

- "وائل لطفي"- مؤلف الكتاب- يرصد النشأة التاريخية، وظاهرة الصالون الإسلامى. ويتساءل: هل الحجامة موضة نسائية أم سنة نبوية؟!
- مؤلف الكتاب:  لا أعتبر ظاهرة الدعاة الجدد ظاهرة إيجابية؛ لأنها ترتكز على بعد تجاري نفعي في استخدام الدين لتحقيق مكاسب اجتماعية واقتصادية لهؤلاء الدعاة.
 
كتب: محمد بربر- خاص الأقباط متحدون

فى تصدير الكتاب الذى قدَّمته هيئة التحرير، جاء النص التالى "من هم الدعاة الجدد؟! وفيم يختلفون عن غيرهم من الدعاة الأزهريين الذين نعرفهم جميعًا؟ وما الموضوعات التي يطرحونها؟ وهل أصبح ظهورهم المطَّرد يشكِّل ظاهرةً تستحق الدراسة والتحليل؟"...هذا النص الذى يضعنا أمام كتاب استطاع مؤلفه أن يفحص ظاهرة سبقنا الغرب إلى تحليلها ودراستها، وهى ظاهرة الدعاة الجدد.
 
 وفى كتابه "ظاهرة الدعاة الجدد..تحليل إجتماعي، الدعوة، الثروة، الشهرة"..ضمّن الكاتب الصحفى "وائل لطفى"- مؤلف الكتاب، والصحفى بمجلة "روزاليوسف"- دراسته للظاهرة فى أربعة فصول، وهى: 
 
الفصل الأول:
 من هم الدعاة الجدد؟

تناول فيه المؤلف النشأة التاريخية، بدايةً من "ياسين رشدي"، ثم "عمر عبد الكافي"، ثم أسلمة "نادي الصيد"، ثم التحدي وقوى السوق، ثم البروتستانتية والإخوان. متطرقًا بعد ذلك إلى الموجة الثانية، فيتحدث عن الثروة مقابل الدعوة، ومن الطب إلى تاريخ "الأندلس"، والمنافسون ممثلاً بـ"خالد الجندي" الذي افتتح باب الفتوى مقابل الأجر.
 
الفصل الثانى : "الجيل الثالث"
ورصد الكاتب في هذا الفصل ظاهرة الصالون الإسلامي، والذي يمثِّل- مع سذاجة الطرح وسطحية المسوِّغ- الهروبَ من رائحة الأقدام، معالجًا تحول الدعاة إلى نجوم وشيوخ ضد التظاهر. متسائلاً عن تدين الطبقة المترفة في "مصر".
 
الفصل الثالث.."داعيات ضد التهميش"
ويتحدث فيه المؤلف عن ظاهرة الداعيات الجديدات،  راصدًا مشهدَ الدعوة في أندية الروتاري- مظهر المد الماسوني- مرتكنًا إلى أن الخوف من الموت هو أحد الركائز الكبرى التي تتكفَّل بتفسير ظاهرة تديُّن نساء المجتمع الراقي في "مصر".
 
الفصل الرابع: الإعجازيون
وتحدث "لطفى" فى هذا الفصل عن الطب البديل،  وتناول الإنتصار المجانى، وهزيمة الغرب بالإعجاز، في مشهد لا يخلو من سخرية. منتهيًا إلى الحديث عن الحجامة باعتبارها سُنَّةً نبويةً، وموضةً نسائيةً!!
 
الإعتماد على البعد الإقتصادى والنفعي
وفى معرض الكتاب اتهم "لطفي" الدعاة الجدد بالإعتماد على بعد إقتصادي نفعي في استخدام الدين لتحقيق مكاسب إجتماعية وإقتصادية. وقد لفت نظره منذ بداية عام 2000 داعية شاب لم يكن له أي ظهور في وسائل الإعلام من قبل- وهو "عمرو خالد"- وكان يلقي خطبًا ودروسًا دينية في مسجد المغفرة بحي "العجوزة". مضيفًا أنه عندما تأمل هذا وجد أنه يكشف عن ظاهرة اجتماعية جماهيرية، كما لفت نظره أيضًا وجود نوعين مختلفين من الجمهور الذين يسمعون هذه الدروس الدينية؛ جمهور يستمع للشيوخ التقليديين- سواء كانوا من السلفيين أو وعاظ الأزهر- والذين عادة ما يكون جمهورهم من كبار السن، وجمهور آخر يستمع إلى الدعاة الجدد، وعادة ما يكونون من الشباب، ورجال الأعمال، وسكان الأحياء الراقية عمومًا. مشيرًا إلى أن هناك بعض أشرطة الفيديو التي سجّل عليها بعض الخطب والدروس الدينية للداعية "عمرو خالد".
 
وأضاف الكاتب أنه مع مرور الوقت اكتشف وجود أجيال جديدة من هؤلاء الدعاة مثل الدكتور "صفوت حجازي"، و"راغب السرجانى"، والدكتور "عمر عبد الكافي"، وغيرهم. وعند تأمله لهذه الظاهرة مرة أخرى، وجد أن جذورها ترجع إلى الداعية المصري الذي كان شهيرًا خلال فترة الثمانينيات، ويدعى "ياسين رشدي".
 
 يقول الكاتب فى معرض كتابه: "فوجدت نفسي أمام ظاهرة تستحق التأمل والدراسة، بهدف الإضافة إلى معارف المجتمع، وفهم المرحلة الجديدة التي انتقلت إليها الدعوة الإسلامية على يد هؤلاء الدعاة".
 
صور الداعية الجديد
وما يثرى الكتاب حقًا، هو تحديد بعض المصطلحات والملامح التى أخذ "وائل لطفى" على نفسه إيضاحها للقارىء. ففى الوقت الذى نراه يتحدث عن سمات الدعوة الجديدة، يوضح ويحدد المؤلف صورة الداعية الجديد فى الشكل التالى: 
 
1- هو الشخص الذي تلقَّى تعليمه خارج المؤسسة الدينية الرسمية (الأزهر)، مع أنه رصد أنهم جميعًا تلقَّوا تعليمًا توافرَ فيه قدرٌ من الرسمية عندما حصلوا على إجازاتِ وشهاداتِ معاهد إعداد الدعاة التابعة للأوقاف. وعندما قرَّر أن بعضهم سجَّل للدراسة في بعض الأكاديميات المعتمدة من الأزهر. مع الإعتراف كذلك بأن واحدًا مثل "خالد الجندي" هو ابن للمؤسسة الدينية الرسمية (الأزهر).
 
2- هو الشخص المهني الناجح الذي له عملٌ مستقل عن كونه داعيةً. وهذا صحيح في حالات "ياسين رشدي"، و"عمر عبد الكافي"، و"عمرو خالد" في أول أمره، و"راغِب السرجاني"، و"صفوت حجازي"، وهو غير صحيح في حالة "خالد الجندي" مثلاً.
 
3- هو الشخص الذي يرتدي الملابس الأوروبية. وفضلاً عن وصف الملابس بالأوروبية أو غير الأوروبية، يجدر بالذكر تأمُّل أن رسول الله (ص)  لبس الثياب غير العربية، عندما قبل (القباطي)- وهي ثياب مصرية- والبرود اليمنية المحبَّرة. كما أن أحدًا من هؤلاء- وهو "الحبيب علي"- كان حالةً شاذةً إذا طبَّقنا هذا.
 
4- هو الشخص الذي يقدّم خطابًا بسيطًا يربط الدين بالحياة أو المشاكل الإجتماعية. وإن كان لا يستطيع أن يزعم أن الدعاة التقليديين كانوا بمعزلٍ عن ربط الدين بمشكلات الحياة الإجتماعية.
 
5- جمهور هؤلاء الدعاة من الشباب والنساء الذين ينتمون للشرائح الإجتماعية الأعلى. وهو معيار خارجي لا يمكن القول عنه بأن هذا الجمهور كان مختفيًا في ظل سيطرة الدعاة التقليديين.
 
وهذا التصنيف يُعد- وبحق- توصيفًا جامعًا مانعًا لصورة الداعية الإسلامى. وهوما توصّل إليه الكاتب فى نهاية بحثه ودراسته حول ظاهرة الدعاة الجدد.  حيث يرى "لطفى" أن قيام هؤلاء الدعاة بنفي البعد الرسالي للدعوة- حيث كان التصور القديم أن كل رجل دين هو رسول لمجتمعه، بمعنى أنه يحمل جزءًًا من رسالة الرسول الأعظم "محمد" (ص) ويقوم بتبليغه لمعاصريه والمحيطيين به، أمرًا مشكوكًا فيه؛ لأن الدعاة الجدد حوّلوا هذا العمل إلى عمل تجاري يُمارس بأجر. كما لا يعتبر المؤلف ظاهرة الدعاة الجدد ظاهرة إيجابية؛ لأنها ترتكز على بعد تجاري نفعي في استخدام الدين لتحقيق مكاسب إجتماعية وإقتصادية لهؤلاء الدعاة، بالإضافة إلى ضرورة الإعتراف بأن ظاهرة الدعاة الجُدد ذات علاقة وثيقة بالعولمة وبالمتغيرات الإقتصادية والإجتماعية التي تحدث في العالم، ومن ضمنها العالم الإسلامي.