شريف منصور
بقلم: شريف منصور
العالم أصبح قرية صغيرة جدًا؛ بسبب وسائل الإتصال، ومن خلال وسائل الإتصال أصبحت أدوات المعرفة أقوي و أسرع بصورة كبيرة جدً.
ففي ثوانٍ معدودة تستطيع أن تترجم محتويات موقع أو كتاب من لغة إلي كل اللغات الحية. ولأن الغربيين شغوفين بالمعرفة والبحث؛ فباتوا ينقبون عن كل شيء قد يفسر تصرفات الشرقيين العدائية المتكررة ضدهم، ولماذا يتخذون من الغربيين أعداء. مع العلم أن العالم الغربي يقدّم لشعوب العالم كل ما يملك من تكنولوجيا دون أي بخل ودون أي تمييز.
سيقول البعض نعم يقدمون هذا بثمن، والرد: نعم، يقدمون ما يبتكرون ويستحدثون من بنات العقول في شتي مناحي الحياة بمقابل، وهذا المقابل هو الذي يدفعهم لإنتاج المزيد من التقدم والحضارة للعالم أجمع. وهل يعطي العالم العربي البترول للعالم مجانًا؟ في حين إنه لولا تكنولوجيا الغرب ما استطاع العرب استخراج البترول، أو حتى وجدوا سوقًا له.
فتقدُّم الدول الغربية إجتماعيًا وإقتصاديًا هو السبب المباشر في جعل البترول سلعة عليها إقبال. ولا ننسي أن تصرفات العرب غير المتحضرة هي التي جعلت العالم الغربي يفكر في البدائل؛ حتى لا يتحكم غير المتحضرين في مصائر العالم.
قام تلفزيون الـ"بي بي سي" بتحقيق كامل عن أكاديمية الملك "فهد" في "إنجلترا" بعد أن كشفت أحد المدرسات من خلفية إسلامية خطورة المناهج التعليمية المستخدمة في الأكاديمية، والقادمة من المملكة العربية السعودية. وفيه تركيز علي الآيات التي تعلم الأطفال أن اليهود قرده والمسيحيين خنازير. وإن كل من كان غير مسلم سيذهب إلي جهنم.
لنا نحن من يقرأ العربية، وعاش ووُلد في دول بها التعاليم الإسلامية التي تقتحم حياتك 24 ساعة في اليوم، نعرف أن ما أكتشفه تلفزيون الـ"بي بي سي" شيء ليس بجديد، ومعروف. وهو أقل ما يمكن أن ينزعج له الغرب من التعاليم التي يتعلمها الصغار في كل الدول الإسلامية بدون أي استثناء. هذا بالإضافة إلي ما تبثه علينا وسائل الإعلام التي تروِّج ليل نهار أن المسلم أفضل من غير المسلم؛ بسبب أنه يؤمن بالله ورسوله فقط لاغير. وأن الأفضلية تمنع غير المسلم أن يكون رئيسًا أو قائدًا، حتى ولو كانت مؤهلاته أعلي من مؤهلات المسلم. ولا داعي أن أثبت لك عزيزي القارئ ما سردته لأنه واضح وضوح الشمس في كل الدول الإسلامية، وبدون استثناء.
القردة والخنازير صفة وُصف بها اليهود والمسيحيون في كتب وتراث المسلمين. ومؤكد أنهم يستخدمون هذا الوصف لسب اليهود والمسيحيين، وليس بجديد علينا نحن المسيحيين أو اليهود الهاربين أو الفارين من الشرق الأوسط الذي تحول إلي بؤرة للكراهية العمياء والعنف.
الجديد في الأمر، هو ما يحاول أن يدلس به الوهابيين المقيمين في الغرب علي الحكومات والشعوب الغربية. وأكبر أكذوبة من أكاذيبهم العديدة، هو أنهم لا يرغبون في تطبيق الشريعة الإسلامية في الدول الغربية تطبيقًا كاملًا؟
حدث جدل حول تطبيق الشريعة الإسلامية في "كندا" في أحد برامج الإذاعة المعروفة في العاصمة الكندية، والسبب هو أن حرس الأمن في أحد المطارات سمح لسيدات منقبات الصعود إلي الطائرة بدون الكشف عن وجوههن وبدون التحقق من شخصياتهن.
فصار الجدل مرة أخري حول النقاب، و مدي صحة ارتداءه كجزء من العقيدة الإسلامية. وبدأ النفاق والكذب أو لنقل أسلوب التقية (أي اتقي شر الكفار بالكذب عليهم). اتصلت سيده لتقول: إننا كمسلمين لا نطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية في "كندا"، وباتت تعطي أسبابًا واهية لا معني لها عن سماحة الشريعة الإسلامية نحو غير المسلمين، وعن كيف أن الإسلام دين يحترم بقية الأديان.. فما كان من المذيع إلا أنه سأل السيدة سؤالًا واضحًا وصريحًا: هل الشريعة الإسلامية جزء هام من العقيدة الإسلامية؟
وهنا لم تجد السيدة غير أن تقول: نعم وبالطبع؟ فقال لها: إذن كيف تقولي أنك لا تطالبين بتطبيقها في "كندا"؟ فقالت: فلنطبقها علي المسلمين فقط؟ فقال لها: ولكن هذا يعني أن يكون هناك قانونين لحكم شعب واحد؟ فهذا ليس بعدل؛ لأن هذا يعني أن من يُحكمون بالشريعة مثل النساء، سيُنتقص من حقوقهن، بل سيعطي الرجل المسلم الحق في الزواج المتعدد والطلاق دون مرجعية قانونية في "كندا".. فقالت: لنطبق الشريعة، ونمنع تعدد الزوجات، ونمنع الطلاق، ونمنع قوانين الوراثة التي تنتقص من حق الأنثي!! فسألها المذيع: فإذن ماذا تبقي بعد ذلك من الشريعة؟ قطع يد السارق، ورجم الزاني والزانية، و إباحة دم المرتد، ومنع غير المسلم من تقلد القيادة؛ لأنه لا يجوز لغير المسلم أن يكون رئيسًا للمسلم وإلي آخرة من التصرفات التي نجدها في تناقض كامل مع مواثيق حقوق الإنسان العالمية والكندية؟
وأغلقت الخط؛ لأنها لم تجد لها مفرًا من إجابات مقنعة للرد علي هذه المواجهة الصريحة فقالت السيدة: أنتم تحقدون علي المسلمين والإسلام، فقال المذيع: لماذا نحقد علي الإسلام والمسلمين؟ وماهي الأسباب التي تجعل الناجحين يحقدون علي غير الناجحين؟ ما الذى يملكه المسلمون ولا يملكه الغرب؟
الحقيقة أنا لا يهمني الموضوع من الناحية العقائدية، ولكن يهمني من الناحية الإنسانية البحتة. المجتمعات الغربية أثبتت أنها أفضل في إدارتها من المجتمعات الإسلامية. وأثبتت أنها أكثر تقدمًا ورقيًا، وتعطي للإنسان حقوقه الإنسانية بالكامل. نعم لا تخلو من العيوب من وجهة نظر المسلمين، ولكن عيوبها محاسن عند مقارنتها بعيوب المجتمعات الإسلامية.
بمناسبة شهر رمضان، أدعو كل المسلمين العاقلين أن يسألوا أنفسهم هذا السؤال: لو كانت الدول الإسلامية أفضل، فلماذا تركوا بلادهم وهاجروا منها؟ هل وهم يعيشون في الغرب بقوانين الغرب أقل إسلامًا من حياتهم في الدول الإسلامية؟ فأن كان الرد لا فلماذا تريدون الرجوع إلي الخلف لمن أعطاكم الفرصة في حياة الأفضل؟
http://www.copts-united.com/article.php?A=21554&I=536