الحكومة المصرية تقاوم البهائية
جرجس بشرى
بقلم: جرجس بشرى
من يتابع ممارسات الحكومة المصرية تجاه البهائيين المصريين، يتأكد له على الفور أن البهائيين المصريين يعانون هم أيضًا- كغيرهم من الأقباط والشيعة- من الإضطهاد، وبشكل رسمي. فمع أن البهائيين المصريين مواطنون يجب أن يتمتعوا كغيرهم من الأغلبية المسلمة بكافة حقوق المواطنة التي نص عليها الدستور المصري في مادته الأولى، ومادتيه الأربعون والسادسة والأربعون، والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والتي وقّعت عليها مصر؛ إلا أن الحكومة المصرية تضرب بهذه المواد الدستورية والمواثيق الدولية واجبة النفاذ عرض الحائط.
فما يحدث للمواطنين البهائيين في "مصر" من إضطهاد حكومي، يستند في الأساس إلى المادة الثانية من الدستور المصري، والتي تنص على أن "الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"..
فالشريعة الإسلامية تنظر للبهائيين على أنهم كفرة، ولا حقوق لهم في الإسلام! فهل يتخيل أحد- ونحن في القرن الحادى والعشرين- أن البهائيين المصريين محظور عليهم أن يستخرجوا بطاقات رقم قومي مدونًا بها هويتهم الدينية البهائية التي يؤمنون بها؟!! وإن سُمح لهم بإستخراج هذه البطاقات، فيجب أن يُدوَّن أمام خانة الديانة " ـــ " وليس بهائي؟!! وللطلبة وغير المتزوجين فقط؟!!
ومن المؤكد أن الحكومة المصرية بوضعها "- " أمام خانة الديانة للبهائيين المصريين، تعرِّض حياة البهائيين للخطر من قبل المتشددين الإسلاميين في المصالح الحكومية، وتحاصرهم بشكل غير مباشر، وتجعلهم كما يقول المتحدث الرسمي للبهائيين المصريين د. "رؤوف هندي" في حالة موت مدني؛ بمعنى أنه محظور عليهم التعامل مع البنوك أو الشهر العقاري و.. و..
كما أن الحكومة المصرية كثيرًا ما تقاوم البهائية والبهائيين في وسائل الإعلام، وتحرض ضدهم، لدرجة أن وصل التحريض عليهم في وسائل الإعلام إلى حرق منازل للبهائيين في "الشورانية" بـ"سوهاج"، وتهجيرهم من منازلهم التي لم يستطيعوا حتى هذه اللحظة العودة إليها.
ومن المؤسف أيضًا، بل والمخجل، أن التحريض بالبهائئين المصريين في الإعلام الرسمي للدولة وصل لحد إتهامهم بالخيانة والتآمر مع الصهيونية والعمالة، والإنحلال الخلقي، وغير ذلك من الإتهامات التي تفتقر للأدلة مع البهائئين المصريين الذين منهم من حارب حرب أكتوبر عام 1973 م.
ومما يؤكد على وطنية البهائيين المصريين، أن القضاء المصري نفسه أثناء تداول القضية التي رفعها الدكتور "رؤوف هندي" لإستخراج شهادات ميلاد لأولاده ــ القضية استمرت أكثر من 6 سنوات ــ بحث في الإتهامات التي وجهها الخصوم للبهائيين المصريين، والمتمثلة في الجاسوسية، والعمالة؛ إلا أن القضاء المصري كان نزيهًا جدًا، وأكد أنه لا يوجد دليل إتهام واحد ضد البهائيين طيلة 160 سنة (عمر الديانة البهائية في مصر)، كما أن اللواء "أحمد علام"- رئيس مباحث أمن السابق- أكد أيضًا على أنه لم يثبت في يوم من الأيام تهمة تشير إلى أن البهائيين خونة أو عملاء.
أما كون أن المقدسات البهائية متواجدة في "حيفا" و"عكا" بـ"فلسطين" فيؤكد د. "رؤوف هندي" في حوار سابق له مع صحيفة "الأقباط متحدون" أن البهائية موجودة في "إسرائيل" من قبل تأسيس دولة "إسرائيل"، حيث أن السلطان "عبد العزيز" خليفة المسلمين، نفى مؤسس الدين البهائي- حضرة بهاء الله- من "بغداد" بـ"العراق" إلى "عكا" بموجب فرمان صدر عام 1868 م، وبالتالي فتواجد البهائية في "فلسطين" كان بموجب قرار من حاكم إسلامي! ولم يكن وفقًا لرغبة البهائيين.
من يقرأ بإنصاف الدين البهائي، يجد أنه لا يدعو للعنف ولا القتل ضد المخالفين، بل يدعو إلى الوحدة الإنسانية، كما أن البهائية لا تتدخل مطلقًا في السياسة، كما أن موقف البهائيين المصريين من القضية الفلسطينة واضح، فهم يرفضون زيارة مقدساتهم إلى أن تُحل القضية الفلسطينية، وما أريد أن أقوله هنا: إن الممارسات والإضطهاد الواقع على البهائيين المصريين يُعد إنتهاكًا صارخًا وفاضحًا للمواثيق الدولية والدستور المصري في مادته الأولى تحديدًا، وإن لم تنتبه الحكومة المصرية من الآن فصاعدا لحقوق البهائيين المصريين، فإن القضية البهائية ستكون مرشحة تلقائيًا للتصعيد أمام المحاكم الدولية، ووقتها فلا يوجد مبرر للحكومة لكي تندم على شرورها تجاه البهائيين المصريين.
http://www.copts-united.com/article.php?A=21559&I=536