مرثا فرنسيس
بقلم :مرثا فرانسيس
كثيرا ما أحتاج لركوب مترو الأنفاق اثناء ذهابي إلى عملي ، وهو يعتبر أحدث وسيلة مواصلات سريعة متحضرة ، يختصر المسافات ولا تعوقه زحمة الشوارع وكثرة السيارات،و المسافة التي يستغرقها أتوبيس أو تاكسي في حوالي ساعة يقطعها مترو الأنفاق في متوسط عشر دقائق على الأكثر ، وفي مترو الأنفاق المصري عربتان كاملتان مخصصتان للسيدات (الحريم ) وصدقاً هذه العربة هي آخر اختياراتي ، وكثيراً ما أضطررت إلى ركوبها هرباً من الزحام الذي لايصدقه عقل في باقي عربات المترو .وما لاحظته وحدث معي كثيراً في هذه الرحلة اليوميةو لا أجد له تفسيراً ولاسبباً ؛ ومن الضروري أن أذكر أن غالبية الراكبات إما محجبات أو منقبات ، ونكون نحن المسيحيات اللاتي لايزيد عددنا في هذه العربة المميزة عن أربع أو خمس بنات وسيدات، مميزات لأننا مكشوفي الشعر ومهما كنا نرتدي من ملابس عادية غير ملفتة للنظر فنحن في نظر الجميع (سافرات ) وهو اللقب الذي يطلق على كل سيدة وفتاة غير محجبة سواء كانت مسلمة او مسيحية وليس هذا فقط ياسادة ولكن النظرات والتلميحات وايضاً الإستغفارات ، التي تكون غالباً اما بسبب إننا من وجهة نظرهن كافرات او إنهن يستغفرن نيابة عنا !!!والعجيب الذي لايصدقه عقل أن تغمز أو تشاور إحداهن وهي جالسة لأخرى من نفس النوع ( أي منقبة أو على الأقل محجبة ) من على بعد حتى تأتي لتجلس مكانها حيث تكون محطة نزولها قد إقتربت كما لو كان المقعد ملك خاص لها تورثه أو تهبه لمن شاءت على الرغم أنه على بعد خطوة واحدة منها تقف إحدى السافرات ؛ اي سيدة غير مغطاة الرأس !!!
ويزيد العبء النفسي في شهر رمضان عندما تبدأ إحدى المنتقبات بقراءة الأذكار، و طبعا الجميع مجبر على سماعها ،أراد أو لم يرد ، وتبدأ أخواتها بترديد الدعاء وراءها، ونبدأ نحن في المعاناة من النظرات النارية تجاهنا لأننا لا نردد الدعاء معهن.
ويزداد الأمر سوءاً عندما ترمق تلك الداعية إحدى السافرات فتبدأ في قراءة الأحاديث الموحية المرعبة مثل: رأيت أكثر أهل النار من النساء، لعن الله النامصـة والمتنمصــة وما إلى ذلك .
أضف إلى ذلك الملصقات التي تزين جدران المترو واليكم على سبيل المثال : الحجاب طهارة،الحجاب فرض صلي قبل أن يصلى عليك.
لاأطالب بالتعامل بمستوى الحب لو كان هذا الطلب صعباً ولكن على أقل تقدير مستوى الإنسانية و الأخلاق التي يجب أن يتفق عليها الجميع ،ولا أستطيع أن أحدد سبباً واحداً يجعل هذه التصرفات مقبولة أو لها مدلول يجبرني أن أحترمه ،هل يعقل أن أقدم أو أمنع حبي واحترامي لأي انسان بناء على شكله او مظهره أو نتيجة اتفاق او اختلاف عقيدته او ديانته معي ؟؟؟؟
عند نزولي من المترو في احد الأيام تصادف صعود رجل ( ولم تكن بالطبع عربة السيدات ) وكأنه رأى جاناً أو منظراً مخيفاً؛ قال استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم ، ودهشت ايما اندهاش ، هل أنا مخلوق من كوكب آخر ؟؟ هل رؤيته لامرأة عادية ذنب عظيم ؟؟ امرأة تحترم ذاتها وتحترم جسدها وتحترم الآخرين ، إذن ماذا يقول عندما يأخذ رشوة أو يتكلم بإساءة على الآخرين أو يمد يده على ممتلكات الغير او نساء الغير أو .... أو ..... أو ؟ هل يستغفر الله أيضاً بنفس الطريقة ونفس الكيفية ؟
ماذنبي ياسادة ؟؟؟
ماذنبي أن يُحَكم عليٌ من أشخاص فكرهم وثقافتهم ولسان حالهم هو : "أحمد لله أهل بيتي منقبات و أنا حريص علي عدم ظهور أعينهم من النقاب رغم أن تغطية العين فيها أضرار صحيه علي العين الا أني أري أن ظهور العينين فيه كثير من الأغراء"
ماذنبي أن هناك الملايين من النساء قبلن أن يكن عورات وأن مجرد ظهور أعينهن فيه الكثير من الإغراء !!
ماذنبي أن هناك من قبلن أن تنتهك انسانيتهن ، وقبلن أن يكن إماء للرجل فيختفين تحت خيمة سوداء في هذا الحر الشديد؟
أسفي على ماوصل إليه حالنا
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=21711&I=540