مرثا فرنسيس
بقلم: مرثا فرنسيس
هناك أسباب كثيرة لعدم زواج بعض الفتيات ، بعضها أسباب شخصية وبعضها أسباب تجهلها الفتاة نفسها ، وبعضها أسباب تتعلق بالحالة الإقتصادية ، ولكننا ندرك جيداً ان الأزمنة تغيرت، وبشكل نسبي زادت استقلالية المرأة ولم تعد تعتمد فقط على زوج يمنحها الأمان المادي ، تقول بعض الفتيات ان النجاح في الحياة قد لايكون بزواجها من شخص يستطيع ان يجعلها سعيدة ، اكثر من الهروب من الكثيرين الذين قد يجعلونها تعيسة ويقول البعض الآخر انه من الأفضل ان تكوني غير متزوجة وتتمنين الزواج عن أن تكوني متزوجة وتتمنين لو انك لم تتزوجي مطلقاً !!!
سواء اختارت الفتاة الا تتزوج أو قبلت الأمر الواقع لعدم لوجود شخص مناسب أو لأسباب أخرى،فالنتيجة المشتركة في النهاية ان يطلق عليها لقب ( عانس ) وهذا هو موضوع حديثي ، هذه الكلمة المقيتة التى اتمنى ان تُمحَى من قاموس مفرداتنا اللغوية في مجتمعنا ، وكأن البنت لم تخلق إلا لغرض واحد فقط ؛ هو أن تتزوج وتنجب وتربي الأطفال .وكعادتنا نحن العرب نقبل الرجل في كل الأحوال متزوج ، أعزب ( وهي كلمة الطف نسبياً تطلق على الرجل غير المتزوج ) ، مطلق ، أرمل ، فنرحب به وقد نشفق عليه وعلى مشاعره بينما نخص الفتاة بكلمة عانس وبأنها السبب في انها لم تتزوج .
عندما لا تجد الفتاة زوجاً مناسباً لتنتقل بحياتها الى مستوى الراحة والإستقرار والسعادة الذي تتمناه فما الذي يدفعها لقبول هذه المجازفة غير المضمونة النتائج ؟خاصة اذا كانت شخصية لها كيان اجتماعي ، وقادرة على اتخاذ قرارات حياتها بإتزان وكفء في الإعتماد على نفسها مادياً ونفسياً ،فما الذي يجعلها تقبل عبئاً تعرف انه سيُحني ظهرها في أقرب فرصه وفي هذا الحين لن تجد لها منصفاً من الذين سببوا لها رعباً من عدم الزواج .ولا من المجتمع أو حتى من القانون .
متى تكف الأمهات والأباء عن ملء آذان بناتهم بهذه الكلمات (ضل راجل ولا ضل حيط ، والبنت مالهاش غير بيتها وجوزها ،والبنت مسيرها للجواز ) وغير ذلك من العبارات التي تحصر دور وحياة البنت في الزواج فقط وتشعرها انه الزاماً عليها ان تتزوج قبل أن يفوتها الدور حتى لو إضطرت الى قبول اي طارق على بابها ودون التدقيق في كونه مناسباً ام لا فقط خوفاً من ان تكتسب هذا المسمى اللعين (عانس ).بل وتقتل كل طموح بداخلها في المستقبل .
متى نقبل ان تعيش الفتاة كإنسان وفرد عامل في المجتمع في كل مجالاته ؟ متى نقبل ان ترفض الفتاة الزواج إذا لم تجد نفسها في احتياج له ، او اذا وجدت انه لن يضيف الى حياتها ماينقصها ؟ متى نقبل ان نخرجها من الإلتزام بإختيارمن اختيارين اما زوجة او عانس .؟ متى نغير النغمة التي تُعزَف في آذان بناتنا وأولادنا فنبني داخلهم الثقة بالنفس والقدرة على التمييز واتخاذ القرارات ، ونعلمهم الإعتماد على انفسهم ونعلمهم المعنى الحقيقي الصحيح للزواج وانه لايتعارض مع أن قيمة الإنسان الحقيقية ليست في تبعيته أو انتمائه لشخص آخر بل في داخله كإنسان .
متى نتوقف عن تلقيب المرأة ببنت فلان أو زوجة فلان أو أم فلان ؟ وكأن إسمها خطيئة لابد أن تخفى ، متى نكف عن معاقبة غير المتزوجة بمراقبة تصرفاتها، وفرض الحدود الخانقة لإنسانيتها ، والتدخل في شئونها خاصة من جهة مواعيد خروجها ودخولها ومن جهة ملابسها ومن جهة زياراتها للأهل والأصدقاء وكأن عدم زواجها هو وصمة عار التصقت بها .
هذا الكلام لايعني التقليل من اهمية وضرورة الزواج ،بل بالعكس فالزواج عهد أبدي رائع إذا توفرت له عوامل النجاح ، بداية من الإختيار ثم رعاية هذا العهد والعلاقة حتى تنمو وتثبت وتتحقق الأهداف المرجوة منه .
في المسيحية تعامل السيد المسيح مع المرأة بشخصها سواء كانت متزوجة او غير متزوجة ، لم يعطِ تلميحاً من قريب اومن بعيد لهذا الأمر ، وهذا ماتعامل به بولس الرسول في كتاباته فكتب عن خادمات اشتركن معه في الخدمة غير متزوجات وأيضا مع عائلات زوجاً وزوجة ، وقوله أن المرأة المتزوجة تهتم فيما للعالم كي ترضي زوجها وبالمثل الرجل المتزوج ، قوله هذا حقيقة واقعية بمعنى أن الزوجة او الزوج لديهم اهتماماتهم التي تستغرق الكثير من الوقت وهذا يعني الإنقاص من وقت الخدمة ولكن غير المتزوجين يكون لديهم وقت أكثر لخدمة الكنيسة والمؤمنين . وهذا غير ملزم بالزواج او بعدم الزواج .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=21790&I=542