محمد بربر
"الأقباط متحدون" في ندوة الرواية:
"وجوه لا تقرأ الفنجان".. رواية تفضح تناقضات المجتمع المصري وتجسد آلام الغربة
أصبح المواطن في حاجة ضرورية لحريته بعدما عانى من ويلات الديكتاتورية
نحن في وقت تكاثرت فيه أسئلة من نوعية: "هو انت مسلم ولا مسيحي"؟؟, و"عندك عربية ولا لأ"؟؟, و"تعرف مين من الكبار"؟!
الشباب أصبح يرفع شعار: "شربنا من نيلها ماء ملوثـًا، وعشنا تحت سماءها في ظل قانون الطوارىء"!!
كتب: محمد بربر- خاص الأقباط متحدون
نظمت "المكتبة العربية للكتاب" ندوة للاحتفال بتوقيع الكاتب الصحفي "منير شوقي"، نائب رئيس تحرير "جريدة المنبر الدولي"، والذي أصدر روايته الجديدة: "وجوه لا تقرأ الفنجان"، عن "دار العربي اللبنانية", والتي تقع في 187 صفحة من الحجم المتوسط, ويزين غلاف الرواية لوحة لـ"بيكاسو".
وتدور أحداث الرواية في عدة مدن متفرقة؛ هي "مصر"، و"السعودية"، و"فرنسا", وجميع شخصيات الرواية -كما يروي الكاتب في مقدمتها- حقيقية صنعتها الأقدار وطبائع الشعوب، التي اختلفت كثيرًا عما كان يعرفها الكاتب قبل سفره.
وقال الكاتب الصحفي "منير شوقي" في ندوة "وجوه لا تقرأ الفنجان.. واقع يُحكى": "حينما أردت كتابة الرواية كان عليَّ أن أكون منحازًا فقط للإنسان, وأن أكون دقيقـًا وأنا أروي تجارب البطل الشخصية، لاسيما وهناك العديد من التغيرات التي حدثت على الساحتين السياسية والأدبية في بداية الألفية، وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وهناك العديد من الكتاب -والحديث على لسان "شوقي"- ينقلون ما يؤمنون به من أفكار ومبادىء للقراء، على أساس أنها حقائق الأحداث.
الديمقراطية.. ودماء الأسرى
ويؤكد "شوقي" على أن السر الذي ظل يحمله البطل طوال أحداث الرواية، كان هو العبء الأكبر عليه، وكان يخشى عليه أكثر مما يخشى على أخته الصغرى من ذئاب المجتمعات الفقيرة، وجشع واستغلال أصحاب المؤسسات.
موضحـًا أن هذا السر يتمثل في الديمقراطية، حيث يرى "شوقي" أن الديكتاتورية أسالت دماء آلاف البشر في شتى بقاع الأرض, وحينما تأتي الديمقراطية لتحاربها وتنشر العدل بين الناس، فهي في الأساس تمثل العبء الأكبر على طلابها, فمَن يستطيع أن يدفع ثمن حريته، يستحق أن يعيش كريمـًا طوال حياته.
الغربة في حياة الشعوب
وتحدث المؤلف عن شعور المواطن بالغربة في بلده، وهو أقسى شعور يمكن أن يشعر به الإنسان, خاصة وأن الانتماء غريزة فطرية, لكن المصائب والأزمات التي تعرقل خطوات المواطن في وطنه تجعله يعيش حياة الغربة وهو وسط أهله, وهذا كان الإسقاط الموجود في الفصل الأول من الرواية.
فـ"حاتم صديق" -الذي جسّد شخصية بطل الرواية "أمجد"- أراد أن يعيش حياة مستقرة، لكن بعض أصحاب النفوذ في بلدته سدوا أمامه كل النوافذ والأبواب, وحاربوه في تجارته، وفرّقوا بينه وبين زوجته وأصحابه؛ بدعاوى زائفة وحجج واهية.
أدب المنفى وأبجدياته
وأشار المؤلف إلى قضية الاندماج داخل المجتمعات الأوربية والعلاقة مع الآخر, وأبدى "شوقي" إعجابه الشديد بفكرة الجمع بين شخصيات مختلفة دينيـًا وعرقيـًا وأخلاقيـًا, لكنه الاختلاف الظاهري، حيث يكتشف البطل بعد ذلك أن هناك تقاربـًا حقيقيـًا بين شخصيات الرواية.
ويضيف "شوقي": هؤلاء الذين يخرجون علينا كل صباح ليسبوا الآخرين ويصبون عليهم جام غضبهم, هل فكروا لحظة في أن يتقربوا إليهم؟؟ وأن تكون هناك علاقة تقارب لا تناحر بهم؟؟ إن الأفكار كالأرواح؛ تحيا بالتعايش وتموت تحت تهديد السلاح.
المصري.. غريب في بلده
وأكد "شوقي" على أن قضية الغربة داخل الوطن باتت تمثل تهديدًا للشعوب، وأصبحنا نسمع الآن مَن يتمنى أن يهجر بلده، وسرعان ما نتهمه بعدم الانتماء لبلدته، لكننا نغفل مشكلة كبيرة، وهي أن هذا المواطن الذي فقد الأمل والأمن والأمان وسط أهله وفي مجتمعه, هو نتاج أفكار نظام غير منتمي أصلاً.
وتابع "شوقي": هذا ما نعانيه في بلدنا, نسمع في الشارع المصري الآن الكثير من الشباب الذي يتمنى السفر إلى خارج البلاد, بل يدفع هؤلاء المساكين كل ما يملكون ليتخذوا من مركب متهالك وسيلة للعبور إلى خارج الصندوق الأسود.
الصندوق الأسود.. يوم أن كان هنا وطن
وتعليقـًا على مصطلح "الصندوق الأسود"، أشار "شوقي" إلى أهمية الاعتراف بأن العلاقة الحميمية؛ المفترضة بين المواطن والوطن، لن تتأتى إلا بعد أن يشعر المواطن بالاستقرار المادي والنفسي، وأن يحمل -هو وأقرانه- حسـًا قوميـًا يمكنهم من الزود عن الوطن في الشدائد, لكن كل هذا أصبح في الصندوق الأسود.
وكرر "شوقي" أهمية أن نعترف بأن هناك العديد من المشكلات التي أصابت مجتمعنا؛ فنحن في وقت تكاثرت فيه أسئلة من نوعية: "هو انت مسلم ولا مسيحي"؟؟, و"عندك عربية ولا لأ"؟؟, و"تعرف مين من الكبار"؟؟, وتناثرت فيه جمل من نوعية: "أنا عايز أهج من البلد دي", و"متقولش ايه هندي لمصر.. قول اديتنا الأول ايه مصر"، و"شربنا من نيلها ماءًا ملوثـًا، وعشنا تحت سماءها في ظل قانون الطوارىء"؛ مشيرًا إلى أن كل هذا يعتبر رفضـًا لما أصبح عليه المجتمع المصري من تناقضات.
الجدير بالذكر أن ندوة "وجوه لا تقرأ الفنجان" شهدت حضورًا كثيفـًا من الجمهور ووسائل الإعلام العربية والأجنبية, وقام الكاتب الصحفي "منير شوقي" -وهو مغترب خارج بلده منذ حوالي خمسة عشر عامـًا- بالتوقيع على روايته الجديدة، مشيرًا إلى أنه يتمنى أن يعود يومـًا إلى مصر ويشعر -شعورًا حقيقيـًا- أنه مصري.
http://www.copts-united.com/article.php?A=21859&I=544