مهاترات كتاب "طريق النفاق عند الأقباط الأرثوذكس"

لطيف شاكر

بقلم: لطيف شاكر 
منذ أيام قليلة أعلنت بعض الجرائد المُسمَّاه بالمعارضة،   عن كتاب لكاتب مغمور يُدعي "جمال عمر" تحت  عنوان "الطريق إلي النفاق عند الأقباط الأرثوذكس"، ونُشرعلي  غلاف الكتاب، الصورة المعتادة للسيد المسيح، حاملاً رشاشًا، وعلمت أن الكتاب موجود علي أرصفة الشوارع،  وعند باعة الصحف..

 وحقيقة، لم يزعجني هذا الكتاب؛ لأنه أسوة بالكتب الكثيرة الصادرة في نفس الشأن، تشتم، وتقبح في المسيحية بشكل فج...لكن الذي أدهشني، وأدهشني جدًا، أن الكتاب وافقت علي نشره هيئة الكتاب!!!!

كما أثار دهشتي، ليس  خروج المؤلف عن الذوق العام في إهانته للمسيحيين، إنما ولأول مرة، يتهم السيد المسيح أنه ابن زنا..حقيقة لم يقلها مباشرة، ولكن نقلاً عن اليهود، ولا أعرف مصدره في ذلك، وهذا الكلام مناقضًا تمامًا لما ورد من آيات عديدة في القرآن عن السيد المسيح وأمه العذراء "مريم".

فالكاتب، وهو في طريقه لإهانة السيد المسيح بأفظع الإتهامات، سقط في خطأ عميق في فهمه للقرآن..
وفي الحقيقة، كنت لا أنوي الرد علي هذا الكتاب الأصفر والجارح؛ وذلك لتفاهة معلوماته، وكذبه وتضليله للحقائق،  وحتي لا أنزل إلي مستواه المتدني، وحتي لا أعطيه ثمة  أي شهرة زائفة، وأيضًا حتي لا أعطي للكتاب أي اهتمام لأنه عار من الصحة والأمانة التاريخية والدينية. وهو دون أن يدري يطعن في ديانته الإسلامية عن طريق تكذيبه للقرآن عن شخص المسيح.

لكن الذي دفعني للرد، هو الرسائل العديدة التي تصلني علي إيميلي الخاص، وتطلب مني الإعلان عن سبب الرجاء الذي فينا..

وبالرغم من يقيني أن مثل هذا الكتاب يجب أن نهمله مفضلين الصمت عن ضياع الوقت في قراءة رداءة الكلام والتعبير والمعني،خاصةً بعد أن اطَّلعت علي صفحاته الصفراء، التى لم تستغرق مني أكثر من ساعة علي الأكثر، مندهشًا من جهل الكاتب، مما دفعني إلي قراءة الغلاف والمقدمة للتأكد من هذا الكاتب؟

وزادت دهشتي أن أقرأ كلمة الدال أمام اسمه، ثم بحثت عنه في المواقع فوجدته في المواقع الإسلامية يهللون به وبكتابه، وعرفت أنه حاصل علي دكتوراة في الفلسفة من احدي جامعات "بيروت" (لم يذكر اسم الجامعة)!! ويبدو إنه إذا كان حقًا حاصلاً علي هذه الشهادة، إنما لكي يفتخر بها، ولتجعل منه كاتبًا أو فيلسوفًا...لقد صُدمت ..دكتوراة فلسفة!! أي فلسفة هذه؟!!!! هل أصبحت الفلسفة شتائم وقبائح وخروج عن الأدب والأخلاق؟

لذلك أود قبل أن أستعرض  سموم ودناءة كلماته، أن يفهم معني وصفات الفيلسوف من واقع ما سطره عميد الفلاسفة وفيلسوف كل الدهور "أفلاطون".

لقد كان "أفلاطون" متأثرًا بـ"سقراط"..وكان مهتمًا بالقضايا الأخلاقية، وليس بالعالم الطبيعي..وكان معنيًا أيضًا بإيجاد تعريفات للمصطلحات الأخلاقية. لقد عمّم "أفلاطون" منهج "سقراط"، وافترض أن التعريفات الصحيحة في أي مجال يجب أن تشير إلى مستوى أو مجال حقيقي مختلف عن العالم المحسوس، وقال:بأن هناك معرفة مشابهة يمكن الحصول عليها عن طريق العقل فقط.
 
ويعتبرالفيلسوف محبًا للحقيقة، وليس لعالم الحواس المتغير، .فهو محب للحقيقة غير المتغيرة التي هي هدف المعرفة.

قال "أفلاطون": إن هناك أشخاصًا تتناسب طبيعتهم مع الفلسفة والقيادة السياسية، في حين يجب على الباقين إتِّباع قيادتهم، وترك الفلسفة وشأنها.

ولذلك، فإن حب الفيلسوف يعتبر موجَّهًا إلى كل أنواع الحكمة بدون تفرقة،.ويكون سعيدًا بالتعليم، ولا يشعر قط بالقناعة أنه الرجل الذي يستحق أن يطلق عليه أسم الفيلسوف،.إنه محب للحقيقة ككل، ولذلك فهو صادق وسيبغض كل شيء كاذب. 

وسيكون متفرغًا لأي شيء مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالهدف الذي يحب، ومن الصعب أن يرتبط حب الحكمة وحب الكذب في شخصية واحدة. ومتعته ستكون في الأشياء الخاصة بالعقل فقط، وسوف تبتعد عنه الملذات البدنية. هذا إن كان فيلسوفًا حقيقيًا وليس مصدر خزي. سيكون متمتعًا بضبط النفس، ولن يكون جشعًا فيما يتعلق بالمال. وعند التمييز بين الشخصية الفلسفية من الشخصية غير الفلسفية. 

يجب أن نتأكد أن هذه الشخصية ليست لديها لمسة حقارة،.ولا يمكن أن يعتبر أن الحياة البشرية ذات أهمية كبيرة. لذلك فهو لن يعتبر أن الموت شيء يثير الخوف. والطبيعة الدنيئة والجبانة ليس لها في الحقيقة أية علاقة بالفلسفة الحقيقية. والشخص المتوازن تمامًا. الذي ليس وضيعًا أو حقيرًا، كما أنه ليس متبجحًا وليس جبانًا.نادرًا ما سيكون التعامل معه صعبًا.

وقال أيضًا: لا يمكننا أن نعتبر الشخص الكثير النسيان شخصًا مؤهلاً لدراسة الفلسفة. يجب أن نشترط الذاكرة القوية. ولذلك نحن نريد ـ إضافة إلى كل شيء آخرـ عقلاً ذا كياسة، ولديه حاسة التناسب، فهذا بسهولة سيقوده نحو معرفة شكل كل حقيقة.
وقال أيضًا: أضف التعليم والنضج كخاتمة لهذه الصفات. أليس هؤلاء الأشخاص المتصفون بهذه الصفات، هم الأشخاص الذي يمكنك أن تأمنهم على دولتك.؟؟؟"
"من كتاب جمهورية أفلاطون ...صفات الفيلسوف..."

علي ضوء المفهوم السابق، هل يمكن أن يكون  "جمال عمر" بكتابه هذا فيلسوفًا أو حائزًاعلي دكتوراه فلسفة،  أو حتي مجرد  كاتب؟!!!

من تصفحي لكتابته الصفراء، وجدته يضع حبكة الكتاب في أول صفحة  قبل مقدمته المسمومة خلال ثلاث  آيات من الإنجيل  اجتزأهم  من سياق  الكلام؛  لكي يوحي للقارئ بالإرهاب المسيحي، وحتي يُسقط علي السيد المسيح والمسيحية العنف المسلح والإرهاب، "ومفيش حد أحسن من حد، ولا تعيرني ولا أعيرك العنف والإرهاب طايلني وطايلك".

ويمكن اختزال صفحات كتابه الأصفر في الآيات الثلاث،   إضافة إلي موضوع  "ابن الزنا"، لأن الكلام الباقي كله مكرر في كتب المتشددين والوهابين، حتي أصبح الكلام كأسطوانة مشروخة الكل يرددها دون فهم، وسبق الرد علي هذه الإتهامات التافهة من قبل كتاب كثيرين مسيحيين، ولا داعي لإضاعة وقتنا في ملل الكلام، وغباء الفهم،   والمردود عليه بالحجة والبيان، لكن يبدو أن الغباء تملَّك من إخوتنا  المتعصبين، والعناد امتلك قلوب المتشددين  بلا فهم أوعقل.

وقد لاحظت أن منهج المؤلف ينحصر في الآتي:
أولاً- اتجه إلي اجتزاء الآيات من سياقها لكي تخدم غرضه مثل لا تقربوا الصلاة...وأنتم سكاري!
ثانيًا- تلفيق وتأويل آيات الكتاب المقدس بطريقة فجة وواضحة. 
ثالثًا- اعتماده في تفسير الآيات علي فكر إسلامي وهابي،  وكأنه عالم في اللاهوتيات، وعلم في تفسير الكتاب المقدس.
رابعًا- طعنه في الآيات دون فهم، وكان الأولي والأجدر منه كباحث كما يدعي،  أن يتم هذا في ضوء شرح وتفسير المفسرين للكتاب المقدس، حتي يكون علي بينة من اتهاماته.
 
خامسًا- هجومه علي الثوابت، وإسقاط الإرهاب والسيف والزنا دون فهم لآيات الكتاب المقدس. 
سادسًا- يدور  كتابه علي  السيف، والكذب، والشتيمة، والردح بطريقة مقززة.( الضرب تحت الحزام). 
سابعًا- انصب كلامه في أول الكتاب علي  الأقباط الأرثوذكس، ثم في متن كتابه أضاف المعمدانيين، ولا أعرف ماذا يقصد  بالأقباط والمعمدانيين، والأخير هو  فرع من طائفة الإنجيليين..هل ذهب بفكره أن باقي الطوائف الإنجيلية والكاثوليك ومسيحيي العالم  دون الأقباط الارثوذكس، لهم عقيدة مختلفة عنهما، فأنشب سهامه فيهما دون الآخرين؟ أم جهل مطبق بالمسيحية  وهو باحث وفيلسوف؟ أم هو ثأر بايت مع الأقباط والمعمدانيين؟!! حقيقة الإنسان عدو ما يجهل، ولاعتاب علي الجهلة!!

أما منهجي في الرد سيكون كالأتي:
الرد علي السيف في الإنجيل والقرآن.
تفسير الآيات من أمهات كتب التفاسير. 
فضح أكاذيبه، وافتراءاته،  وتأويلاته. 
ولابد أن يعلم الكاتب، والمهللون له، أن الكتاب المقدس هو  كتاب مقدس، وموحي به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ. ولكونه كتاب سماوي، يلزم عند تفسيره أن نلتزم بالمحاور التالية: 
المحور الأول: التفسير الحرفي. 
المحور الثاني: التفسير الروحي.
المحور الثالث: التفسير اللاهوتي. 
المحور الرابع: التفسير علي ضوء روح وتعاليم الكتاب المقدس ككل. 
ولنبدأ بالآية الأولي كما هو مدون بكتابه:
"من ليس له فليبع ثوبه ويشتري سيفًا".. الإنجيل المقدس.
الرد: الآية المذكورة مستقطعة من إنجيل القديس "لوقا" أصحاح (22 ) العد (36). 
وهنا نضع نص الفقرة بالكامل دون خطف (بنات)..الآية  من سياقها من العدد (31- 38)..
"وقال الرب: سمعان سمعان هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة، ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفني ايمانك، وأنت متي رجعت ثبت إحوتك. فقال له: يارب إني مستعد أن أمضي معك حتي إلي السجن وإلي الموت، فقال: أقول لك يا بطرس، لا يصيح الديك اليوم قبل أن تنكر ثلاث مرات أنك تعرفني".

ثم قال لهم (السيد المسيح): حين أرسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا أحذية هل أعوزكم شئ؟ فقالوا لا، فقال لهم: لكن الآن من له كيس فليأخذه، ومزود كذلك. ومن ليس له فليبع ثوبه ويشتر سيفًا؛ لأني أقول لكم: إنه ينبغي أن يتم فيٌ أيضًا هذا المكتوب، وأُحصي مع أثمة (الذين يستخدمون السيف)؛ لأن ماهو من جهتي له إنقضاء، فقالوا يارب هوذا هنا سيفان، فقال لهم يكفي."

يقول قداسة البابا "شنودة" فى "أنت تسأل والبابا يجيب"  بجريدة الجمهورية  الأحد  - 23 من أغسطس 2009م:
هذه الآية قيلت أواخر فترة التجسد، وقبل أن يُصلب المسيح. فكان يدعوهم إلي الجهاد..وكلمة سيف تعني جهاد..يبيع ثوبه ويشتري سيفًا تعني أن يبذل كل ما يستطيع لكي يجاهد لأن الأيام المقبلة صعبة.

ها هنا سيفان، فقال لهم: هذا يكفي..وهل هذا يكفي للتصدي للأعداء؟ أم لشن حرب علي البشر لينشر مسيحيته بسيفيين يتيمين!!!!!! والسيد المسيح لم يقصد مطلقًا السيف بمعناه المادى الحرفى...

وفي مقال لقداسته، يقول: بدليل أنه بعد قوله هذا بساعات فى وقت القبض عليه، استل "بطرس" سيفه، وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه..حينئذ قال له الرب: رد سيفك إلى غمده (يو 18 :10)."لأن كل الذين يأخذون بالسيف بالسيف يهلكون" (متى 26 : 51* 52 ).

فلو كان السيد يدعوهم إلى استخدام السيف، ما كان يمنع "بطرس" عن استخدامه فى مناسبه كهذه. ولكن الرب كان يقصد السيف بمعناه الرمزى أى الجهاد..كان يكلمهم وهو فى طريقه إلى جسثيمانى (لو 22: 39 )، أى فى اللحظات الأخيرة التى يتكلم فيها مع الأحد عشر قبل تسليمه ليصلب..ولذلك بعد أن قال: فليبع ثوبه ويشتر سيفًا، قال مباشرة: لأنى أقول لكم: إنه ينبغى أن يتم فى أيضًا هذا المكتوب" واُحصى مع الأثمة" (لو 22: 37).

فما هو الخط الذى يجمع هذين الأمرين معًا؟
كأنه يقول لهم: حينما كنت معكم كنت أحفظكم بنفسى،. كنت أنا السيف الذى يحميكم. أما الآن، فأنا ماض لأُسَلَّم إلى أيدى الخطاة، وتتم فىّ عبارة "واًحصى مع الأثمة"..اهتموا إذن بأنفسكم وجاهدوا...
وما دمت سأفارقكم، فليجاهد كل منكم جهاد الروح، ويشتر سيفًا...

وقد تحدَّث "بولس الرسول" فى رسالته إلى أفسس عن "سيف الروح" وعن "سلاح الله الكامل"، و"درع البر" و"ترس الايمان" (أف 6 :11 _ 17).

 وهذا ما كان يقصده السيد المسيح "لكى تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس فى تلك الحرب الروحية.."ولكن التلاميذ لم يفهموا المعنى الرمزى وقتذاك. فقالوا: هنا سيفان...كما قال لهم من قبل بنفس المعنى الرمزى "احترزوا من خمير الفريسيين "يقصد رياءهم" (لو 12 :1)، وظنوا أنه يتكلم عن الخبز (مر 8 :17)...هكذا قالوا وهو يكلمهم عن سلاح الروح "هنا سيفان"، فأجابهم هذا يكفى... أى يكفى مناقشة فى هذا الموضوع، إذ الوقت ضيق حاليًا..ولم يقصد السيفين بعبارة "هذا يكفى"، وإلا كان يقول: هذان يكفيان..

لذلك ينبغى أن نميِّز بين ما يقوله الرب بالمعنى الحرفى،  ومايقوله بالمعنى الرمزى. وسياق الحديث يبين المعني.

ويفسِّر الأب "متي المسكين"، تحت عنوان "الكيس والسيف"  في تفسيرة لإنجيل "لوقا"  (ص 692)

الرب قال: ليستطيع أن يتكلم عن موقف التلاميذ المكشوف..خوف وجزع، مما أثار أطماع الشيطان فيهم،  ذكّرهم بقوة الايمان الذي عاشوا وعملوا الآيات والمعجزات وأخرجوا الشياطين!! ولم يكن معهم لا زاد،  ولا مزود، ولا نحاس في مناطقهم. والآن_ وقد تزعزع الايمان- وخارت روح الإتكال علي الله، فلابد أن يحملوا المال والزاد والسيف! ولن يجديهم نفعًا، والسيد المسيح تكلم بما اضمروه في نفوسهم من الإعتماد علي الذراع والباع.

المسيح يتكلم وصورة الآتين للقبض عليه هذا المساء أمامه،  وهؤلاء هم الأثمة بسيوف وعصي وسوف ينتهي هذا المهرجان من الأثمة وصانعي الإثم. ولكن أنتم ماذا أنتم؟ أثمة أم تلاميذ؟ فقالوا يارب هنا سيفان "عوض الإيمان"، فقال لهم: كفي!! كفي قلة ايمان، وكفي غباءً.. صورة حزينة!! 

ويشرح الأنبا "غريغورس"- أسقف البحث العلمي المتنيح-  في موسوعته الجزء 15 ص257 الآتي:
ولسوف يعاني تلاميذه منذ  تلك اللحظة من ألوان الضيق،  والعنت، والعسف، والهوان، والمطاردة من مكان إلي مكان، ما لم يسبق لهم أن رأوه من قبل وهو معهم. فعندئذ سيشعر من ليس له كيس للنقود منهم، بأنه محتاج في هربه إلي كيس للنقود، ومن ليست له حقيبة للزاد، بأنه محتاج في غربته إلي حقيبة للزاد، ومن ليس له سيف يدافع به عن نفسه ضد قوات الشر التي تطارده، بأنه محتاج لأن يبيع ثوبه ويشتري بثمنه سيفًا. ولم يكن فادينا يتحدث هنا عن السيف المعدني؛ فإنه لم ينصح باستعماله قط....وإنما عن سيف الروح الذي هو كلمة الله كما ورد في أفسس 7:6،  والذي هو أقوي وأمضي من كل السيوف المعدنية، وكل أسلحة الأرض. غير أن تلاميذه لم يفهموا حقيقة قصده،  فقالوا: يارب هوذا هنا سيفان،  وإذ وجد مخلصنا أن تلاميذه قد أخطأوا الفهم، قال لهم: كفاكم، أي كفوا عن هذا الفهم الخاطئ.

وأقول لفيلسوفنا- نابغة عصره وأوانه: متي استخدم السيد المسيح السيف؟ هل حرَّض المسيح علي قتل الآخرين؟ ما هو معني السيف وفقًا لروح الكتاب المقدس؟

وهنا يلزم ذكر آيات السيف في الإنجيل لتعرف معني السيف في المسيحية، وروح الكتاب عنه..لتفهم معناه الحرفي والرمزي والروحي. وبعدها نوضح السيف في القرآن..وجنت علي نفسها براقش.....وهذا مجرد رد وليست إهانة  أو تجريح...فقط لزوم الرد.

السيف في الإنجيل، وطبعًا أنا أعني الإنجيل؛ لأن كلام الفيلسوف المزعوم منصبًا علي الإنجيل المقدس...والإنجيل يذكر السيف  بمعني الألم والإضطهاد.

فالكتاب المقدس يقول عن السيف:
يقول "سمعان الشيخ" للعذراء "مريم": وأنتِ سينفذُ سيفٌ في نفسكِ لتنكشف الأفكار عن قلوب كثيرة” ( لو 2: 35 ). إذًا للسيف معنى رمزي، وهو الألم.
قال له يسوع: رد سيفك إلى مكانه؛ لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون" ( متى 26 : 52 ).
"فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم، بل مع الرؤساء، مع السلاطين، مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الشر الروحية في السماويات." ( أفسس 6 : 10 ). 
نعم مصارعتنا وحربنا هي مع الشيطان، فهو كان قتَّالا للناس منذ البدء كما قال السيد الرب يسوع المسيح (يوحنا 8 : 44) .
وفي هذه الحرب، يجب أن نرتدي أسلحة الله الكاملة، وتعالوا نرى ما هي هذه الأسلحة:
"من أجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل؛ لكي تقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير، وبعد أن تتمموا كل شيء أن تثبتوا.
فاثبتوا ممنطقين أحقاءكم بالحق، ولابسين درع البر،  وحاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام. حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة. وخذوا خوذة الخلاص، وسيف الروح الذي هو كلمة الله." ( أفسس 6 : 13 - 17)
هل رأيت ما هي أسلحة المسيحي؟؟؟
الحق: منطقة للحقوين (اي حزام) لشد العزم، وتقوية الظهر. 
البر: درع لحماية الصدر والقلب. 
إنجيل السلام، والأخبار السارة: للسير في طريق السلام.    
الإيمان: ترس لصد وإطفاء سهام الشرير الملتهبة. 
الخلاص: خوذة لحماية الرأس والأفكار. 
وأخيرًا، كلمة الله: سيف الروح. 
هل رأيت كيف أن الأسلحة هي دفاعية؟؟؟
فيما عدا كلمة الله التي نستطيع بها أن نقوم بعمل هجومي، 
ويا له من هجوم، ملئه المحبة، والكلمة الطاهرة والصادقة
التي قالها الله بنفسه، بأنبيائه القديسين، وكلمته المتجسد الرب يسوع. 
نعم: المسيحي يمسك سيفًا، ولكنه سيفًا روحيًا، وهو كلمة الله، كما يقول الكتاب:
"لأن كلمة الله حية وفعالة، وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومميزة أفكار القلب ونياته." ( عبرانيين 4 : 12). 
وغالبًا ما يكون الإنسان المسيحي يواجه نفسه بهذا السيف،  فهو ليس للهجوم على الأعداء بقدر ما هو لإجزاء الجراحات الروحية؛ لتمييز أفكار القلب ونياته.

وإليك بعض آيات السيف في القرآن: 
"وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ" (البقرة 191 )
"وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ" ( البقرة 193)
"كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" ( البقرة 216)
"يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة 217)
"وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (البقرة 244)
"فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا" (النساء 74)
"الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا" ( النساء 76 )
"فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا" ( النساء 84)
"وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا" ( النساء 89) 
"إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" (المائدة 33 )
"إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ" ( الأنفال 12)
"فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيم ٌ " (الأنفال 17..