الاستعانة بالرسائل القصيرة لمكافحة التحرش الجنسي في مصر
محمد حميدة-القاهرة-إيلاف
ستعد متطوعون في حقوق الانسان لإطلاق مشروع جديد يكافح ظاهرة التحرش الجنسي المتفشية في مصر . وتقوم المبادرة على الإبلاغ عن الحوادث والأماكن التي تحدث فيها حالات التحرش الجنسي عبر خدمة رسائل قصيرة او SMS لرسم خارطة بالمناطق الساخنة للظاهرة وتحديدها من اجل الضغط لاحقا على الحكومة لإقرار قوانين
التحرش الجنسي بالمرأة ظاهرة غير مرحب بها، لكنها آفة اجتماعية تعاني منها المرأة في مصر. ففي عام 2008 ، نشر المركز المصري لحقوق المرأة تقريرا عن هذه الظاهرة ، مشيرا إلى ان 83 ٪ من المصريات و 98 ٪ من الأجنبيات في مصر أكدن تعرضهن للتحرش الجنسي.
وعلى الرغم من تلاشي الحديث نوعا ما عن هذه الظاهرة إعلاميا في الفترة الأخيرة وتراجع حوادث التحرش الجماعي التي طالما أثارت جدلا واسعا في القاهرة ، إلا ان المبادرات و الحملات الجديدة لمواجهة التحرش الجنسي لا تتوقف. وتعد "هاراس ماب" او "خريطة التحرش " واحدة من هذه المبادرات ، التي دخلت على هذا الخط في محاولة من جانبها الى ان تكون صوتا للمرأة المصرية واعطائها متنفسا للإبلاغ عن تعرضها للتحرش بطريقة تكنولوجية مميزة تعتمد على الرسائل القصيرة "اس ام اس".
وتعتمد المبادرة على متطوعين يقومون بالإبلاغ عن الحوادث و الأماكن التي تحدث فيها لرسم خارطة بالمناطق الساخنة للظاهرة حتى تستطيع المرأة ان تأخذ احتياطاتها جيدا قبل زيارة هذه الأماكن. وتهدف المبادرة إلى التخفيف من الشعور بالعجز والإحباط الذي تشعر به المرأة بعد تعرضها للتحرش. ورفع الوعي العام على وجه التحديد في هذه المناطق الساخنة.
ريبيكا تشياو ، التي ترأس حاليا تطوير خارطة التحرش او "هاراس ماب" ، كانت تعمل لحساب المركز المصري لحقوق المرأة ، وفي عام 2005 ، بدأت حملة للتوعية ضد التحرش الجنسي في مصر. وتركت المركز المصري لحقوق في عام 2008 واستخدمت بعض الأشياء التي تعلمتها من تلك الحملة لرسم خارطة للتحرش، الا ان المشروع لا يزال قيد التطوير لأنها لم تتمكن بعد من الحصول على التمويل اللازم. وتقول ريبيكا "نحن ننتظر فقط الحصول على شريك تمويل حتى نتمكن من اطلاق المشروع".
ويعتمد المشروع الذي طورته شركة " ني جيل " الأميركية المتخصصة في أنظمة رسم الخرائط على شبكة الإنترنت ، على منصة او موقع " Ushahidi " ، الذى يقوم بدوره بتحويل الرسائل القصيرة الى خارطة بالأماكن التي يحدث فيها التحرش.
و يوضح " جي دي جود شو "المدير التنفيذي لشركة "ني جيل" ان مشروع خارطة التحرش سيكون المشروع الأول من نوعه للشركة. ويقوم على جمع البيانات على خارطة من خلال الرسائل القصيرة، مؤكدا أن الخرائط ستكون وسيلة فعالة جدا لتتبع التحرش الجنسي ،"لا يوجد شيء أقوى من رؤية خارطة تجمع نقاط التحرش" ، بحسب قوله.
وقالت ريبيكا ان البيانات سيتم عرضها على الشرطة التي لا تملك البيانات اللازمة للقيام بجهود منهجية لمعالجة المشكلة ، وهذه هي المشكلة الرئيسة .
لكن بالإضافة إلى البيانات، تعد الرغبة في العمل على القدر نفسه من الأهمية. فمن خلال عملها سواء في حملة المركز المصري لحقوق المرأة او مبادرة خريطة التحرش كان التحدي الأكبر الذي واجه ريبيكا هو فهم الناس لمعنى التحرش الجنسي.
تقول " في السنوات القليلة الاولى من حملة المركز المصري ، كانت الأمور تسير على ما يرام حقا ، من حيث نشر الفكرة. وكان هناك الكثير من التغيير في الرأي العام. عندما بدأنا تشغيل الحملة ، كان لا يمكن أن نقول 'التحرش الجنسي' في الأماكن العامة ، كان يشعر الناس بالاهانة ، لم يكونوا يعرفون معنى ذلك ، كانوا يعتقدون انه يعني التحرش الجنسي بصبي أو الاغتصاب. وكان يلقى باللوم على الضحية ، ولم تكن تجرؤ النساء على قول اي شيء ، لكن هذا تغير كثيرا ، وكان هناك الكثير من الضغط الشعبي على الحكومة لأن تفعل شيئا ".
يشار الى انه يوجد مشروع قانون لمكافحة التحرش الجنسي منذ عام 2008 ، لكنه لم يتم التصويت عليه في مجلس الشعب حتى الآن . ويهدف المشروع الى لفت الانتباه لمشكلة التحرش الجنسي من أجل إخراج هذا القانون إلى النور ، كما تقول ريبيكا ، معربة عن أملها في ان تدفع الحكومة لتمرير القوانين التي تمنح المرأة المزيد من الحقوق القانونية ضد المتحرشين.
وقال جود شو ان النظام سيركز على بيانات يستقبلها من المستخدمين عبر الرسائل القصيرة، او تويتر او فايس بوك او اي شكل من أشكال الويب الاخرى ، الا ان التركيز سيكون على بيانات الرسائل القصيرة.
واشار الى أن "أي شخص في الشارع سيكون قادرا على إرسال رسالة نصية قصيرة إلى رقم متصل بموقع Ushahidi ؛ وسيقوم المتطوع بالتحقق من صحة التقرير ، وبعد ذلك يقوم بوضع الحادث على الخارطة ، اضافة الى القيام بجمع البيانات لتحليلها ودراسة النقاط الساخنة ".
واختارت المجموعة التركيز على الرسائل القصيرة لانتشار الهاتف المحمول في مصر. وستكون المعلومات المرسلة الى "خارطة التحرش" مجهولة المصدر ، لكن سيتم تجميعها من اجل الحصول على صورة أفضل للحالة الراهنة للتحرش في القاهرة.
وتقول ربيكا انه بمجرد ان تظهر بيانات انتشار الظاهرة على نطاق واسع في مصر، سيتم حشد الجمهور للضغط من أجل إقرار قوانين مكافحة التحرش الجنسي.
ويقف وراء المشروع فريق من 6 متطوعين يركزون جهدهم حاليا على تأمين التمويل لبدء هذا المشروع الذي سيكلف ما لا يقل عن 25 الف دولار لإطلاقه في السنة الأولى وستقل التكلفة في السنوات اللاحقة.
http://www.copts-united.com/article.php?A=22031&I=548