"المش دوده منه فيه "

ماجد سمير

ماجد سمير
نفخر أن مصر رائدة وصاحبة براءة اختراع صناعة "المش" في العالم، وهى  أيضا الدولة الوحيدة في العالم التي تصنع هذا الاختراع المشتق من الجبنة المصاحب "للشطة" الحمراء  و"الفلفل" الأخضر، وربما تكون الدولة  الأولى والأخيرة  في التاريخ التي أبدعت في صناعة "المش" كأحد أهم وأشهر الأكلات الشعبية عبر كل العصور.

 عبأت بلادنا المحبوبة الاختراع الفريد بعناية شديدة داخل اختراع آخر لايقل روعة وإبهار عن "المش" اختراع مصنوع من الفخار كبير ومتوسط وصغير الحجم له أذنان لونه "بيج" أو "كاكي" وتسير النساء برشاقة ملحوظة وهن يحملن الاختراع المعبأ بالمش فوق رؤوسهن، ويطلق على المحمول فوق رؤوس الجميلات في بلاد ركبت التوك توك في حاضرها الأغير لقب "البلاص".

ورغم كل هذ الاختراعات إلا أننا فشلنا على مدار تاريخنا العريق في محاربة الدود التي يغزو اختراعنا المحبوب ويملأ "البلاص" رغم أنف "الريس" متقال  رحمه الله الذي صدع رأسنا طول عمره بصراخه المتتالي دون كلل أو ملل مرددا أغنيته الشهيرة "ياحلوة يا شالية البلاص" متسببا في تشتيت الشعب الذي ركز مع "الحلوة" ونسى تماما تعرص الاختراع المعبأ داخل "البلاص" لغزو الدود ليل نهار.

ولأننا في مصر دولة مركزية منذ الاف السنين نعرف جيدا حتمية وجود نظام حاكم ، شكلنا الهيئة العامة لشئون "المش" وانبثق عنها إدارة عموم "البلاص" كجهات معنية فقط بالعناية بكل مايخص المش كاختراع أساسي وأيضا البلاص كاختراع متخصص في التعبئة وبات تحالف الجهتين واضحا على مدار سنوات طويلة سمعنا من خلالها كلمات وشعارات رنانة متتالية عن اشتراكية المش  ثم رأسمالية البلاص  توصيل المش لمستحقيه  والبلاص ليس حكرا على أحد لأنه ملكا للجميع  وغيرها من العبارات الرنانة التي فرح بها في كل مرة الشعب بشكل منقطع النظير متخيلا أن الأيام أخيرا ستبتسم له ويحصل على حقوقه من البلاص و"مشه" بعد سنوات طوال لم خلالها إلا وعود لاتنفذ أبدا، سنوات لم تسعى السلطة ولو لمرة واحدة محاربة "الدود" والقضاء عليه .

مرت السنوات وظل الحال كما هو عليه بل أن السلطة في السنوات الاخيرة بات تلعب بورقة الدود وتهدد به مرددة بشكل واضح وعلني للداخل والخارج : يا أنا يا الدود، انفجر الشارع وانتفض وطالب بحقه في المعيشة وطالب بتغير الهيئة العامة لشئون " المش" وإدارة عموم البلاص ، ارتبك رجال الأعمال وجمعية المنتفعين بالمش والبلاص معا تحالفوا مع الدود ضد الوطن ثم غيروا الاستراتيجة وأقنعوا الجميع أن الدود وجوده بسبب المؤامرات الخارجية العالم يكله يطمع في البلاص والمش.

خطورة الدود مستمرة ولن تنتهى لأن الحل الجذري غير مطروح بالمرة غرسنا في رأس العامة أن المؤامرة الخارجية فقط المسئولة عن وجود الدود وأن الطمع في البلاص والمش سبب المؤامرة لم نحاول ولو لمرة واحدة أن نضع داخل البلاص "دنكار" – حبوب بيضاء مثل الملح تباع عن العطار تنمع وجود الدود -  لمنع وجود الدود لم نقتنع أبدا أن "المش دوده منه فيه".