مصراوي
مهما كانت مساحة الاختلاف أو الاتفاق حول اسم دكتور ايمن نور، فلا يمكننا إلا أن نجمع علي أنه احد ابرز الشخصيات السياسية التي ظهرت في مصر خلال العشر سنوات الماضية، معاركه وخصوماته عديدة.. ودائما ما يمثل نقطة جدال بداية من نشأته فى حزب الوفد حتى تأسيسه لحزب الغد.. مروراً بمرحلة عضويته لمجلس الشعب وترشحه بعدها لمنصب رئيس الجمهورية، وحصوله علي منصب الوصيف بعد الرئيس مبارك، ثم سجنه بتهمة التزوير، وخروجه بعد أن وصلت قضيته إلي دوائر السياسية الأمريكية والدولية.. ايمن نور باختصار حالة فرضت نفسها بقوة علي المشهد السياسي المصري.
حوار ايمن نور لمصراوي
دكتور ايمن نور، كيف تصف المشهد السياسي الذي تعيشه مصر حالياً؟
لا أريد الحديث عن المشهد السياسي من زاوية المشهد الانتخابى فقط، لان الانتخابات جزء، والمشهد العام يؤكد أن مصر مقبلة على مرحلة تغيير، وحالة ميلاد جديدة من بعد سنوات طويلة من أوضاع رتيبة، واحتكار لآليات العمل السياسي، أرى مصر حالياً مأزومة سياسياً، وتعانى من القيود، علي تكوين الأحزاب وعلى حرية التعبير، رئيس الجمهورية لديه 30 صلاحية ألاهية في الدستور، فلا يستطيع شخص أن يحاسبه برلمانياً أو سياسياً آو جنائياً.
اعتقد أن حالة مصر ألان كالسيدة "الحبلى" في الشهر 8، اليوم 29، الساعة 23، وخلال دقائق، ساعات، أيام، سيكون هناك ميلاد جديد للتغير.. ونحن في انتظار معرفة هل سيكون التغيير بالشكل الذي نتمناه أم سيكون كما اختاره القدر!
ولكن الأوضاع الحالية لا تنذر بأي تغير، في ظل تجاهل من يملكون في أيديهم الحل والربط؟
ليس صحيحاً أن الحزب الوطني هو صاحب قرار التغيير في مصر، ويجب علينا التخلص من هذا الخلط أولا، والرموز التي تصف الحديث عن مستقبل مصر باعتباره "قلة أدب" هي الرموز المطلوب أن تزاح، وأي تغير يجد من يقاومه، ويكون هذا المقاوم هو من يجب تغيره.تلك الأمة لها حقوق ونحن لسنا جزيرة منعزلة، فالعالم كله ينظر مندهشاً إلى ما وصلت إليه مصر، "أحنا أصبحنا مسجونين فى قفص في حديقة حيوان"، تأتى الناس لمشاهدة الاستبداد، والديكتاتورية، والفساد لدينا.
إذا لم يكن التغيير من الحزب الوطني، وهو بالتأكيد لن يكون من المعارضة في ظل تفتها وضعفها.. فمن أين سيأتي ؟
التغيير قادم من الناس.. المواطن المصري تملأ عقله ألان فكرة التغيير، ليس لمجرد وجود رئيس واحد يحكمنا من 30 عام، رغم انه حافز قوى للتغير، ولكنهم "مُسخنين" بجراح عميقة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسة، فهم يشعرون بمرارة عميقة مما آلت إليه الأوضاع.
ونحن كإصلاحيين نتمنى أن يكون هذا التغيير وفقاً لآليات الديمقراطية، وصندوق الانتخابات، ونتمنى أن يأتي التغيير في مصر بطريقة سلمية، فالتداول السلمى المرن هو الحل الأسلم للجميع، واراه اقرب مما نتصور، فالنظام لم يعد قادراً حتى على المناورات، التي تسمح له بشراء فترة أطول، بمعنى أخر "لقد نفذ رصيدهم".
رغيف العيش والسياسية
وهل تعتقد أن الشارع المصري، لديه وقت للتفكير في أمور السياسة والانتخابات، أم في "رغيف العيش" ؟
"رغيف العيش هو التغيير"، وتوفير المرتب المناسب، والفكاك من "الحياة الضنك"، والكهربا "اللى بتقطع"تغيير، والخدمات الغير أدمية ونمو حالة الفساد، التغيير هو الذي سينقذنا من الفشل الحكومي، والدين المحلى الذي وصل إلى 600 مليار جنية، متجاوزاً كافة الحدود الآمنة. أكثر من 35% من الشعب دخله أقل من دولار واحد في اليوم، التغيير قادم حين نتكلم عن 7 مليون مصري يمثلون 25% من قوة العمل خارج سوق العمل سواء بسبب البطالة او المعاش المبكر "اللى اخترعوه".
حين نتحدث عن متوسط دخل الأسرة المصرية، الذي صرح به وزير التنمية الاقتصادية وهو 256 جنيه، معنى هذا أن المواطن المصري الذي ينفق على خمسة اشخاص لن يكفى اسرته ساندويتش واحد فول على مدار الشهر. التغيير و"رغيف العيش" وجهان لعملة واحدة.
وهل ترى أن سيل المظاهرات والاعتصامات، التي نراها كل يوم، كافية لإحداث التغيير؟
ليس بالضرورة أن يكون التغيير بالمظاهرات والاعتصامات، وإنما هى أعمال تراكمية، كما حدث في أوروبا الشرقية، هناك انظمة أكثر استبداداً منا وتغيرت فيها الأوضاع في اقل من أسبوع، المسألة متصلة بالإرادة السياسية، فالناس لن يجلسوا فى الشارع ويقولون أنهم سيغيرون الدستور فيتغير..الناس يجب أن تضغط للمطالبة بحكومة جديدة، أو نظام جديد، يستجيب لإرادتها.. راقب مثلاً حالة خلال ثورة 1919.. كان الأوضاع مستحيلة ولا تنبئ باقتراب ثورة.. ولكن الشعب أنتج 3 رجال فقط استطاعوا تبنى مطالب الأمة، فاصطدموا بالنظام، فخرج عن عقلانيته فقام بنفيهم فتطورت الأحداث سريعاً وكانت النتيجة واحدة أهم ثورات التاريخ المعاصر.
إذن نحن في انتظار خطأ ترتكبه الحكومة ثم تتبعه ثورة !؟
هذا وارد، وأخطاء وزلات الحكومة كثيرة، صحيح أن الواقع السياسي في مصر غير مؤهل، والأحزاب والقوى السياسية ليست في افصل حالاتها، ولكن النظام أيضا في أسوأ حالاته، ووصل لذروة جبروته بعد 30 عاماً من مسح كلمة "البديل" من القاموس السياسي، فالنظام يعطي لك الفرصة لان تكون معارضاَ، ولكن أن تكون بديلاً سيختلف النظام معك.
ورغم ذلك فهناك أسماء تذكر، دكتور البرادعى لم يكن طوح يوم 18 فبراير الماضي، وفي مرحلة سابقة كان هناك ايمن نور، وفي مرحلة لاحقة ظهر حمدين الصباحي، والمستقبل سيحمل بالتأكيد أسماء أخري، سواء من رحم القوي المعارضة أو من الأحزاب.
حزب الغد والصفقة
على ذكر الأحزاب، كيف هي الأوضاع فى حزب الغد، بعد الخلافات التي وصلت إلي ساحات المحاكم، واستقالة عشرات الأعضاء؟
الأوضاع استقرت عندما استردت الجمعية العمومية حقها الشرعي، واختارت رئيسها بأغلبية 85% من الأصوات، وهذا مؤشر واضح على أن الأمور تسير للأفضل، وليس من حق أي شخص عداها –الجمعية العمومية- أن يكون له دور في عملية الاختيار، وليس من حق السيد صفوت الشريف مثلاً أن يختار بنفسه رئيس حزب الغد.. وان أراد فعليه الانضمام الحزب.
أما الاستقالات التي حدثت، فأمام كل استقالة هناك 1000 استمارة عضوية جديدة، وهذا له علاقة بتصويب مسار الحزب وتنقيته من الاختراقات الأمنية التي توغلت لمواقع مهمة داخل الحزب. وحالياً نقوم بفتح باب العضوية لكل المصريين، مع تباين اتجاهاتهم، فالمشترك بيننا وبين الجميع واسع، والمختلف عليه يضيقه النظام.
يقال أن الكثير من الأحزاب تزيد من مناوشتها مع النظام، لكي تحصل علي أفضل وضع تفاوضي فيما يعرف ب"الصفقة" ؟
ليس هذا ولن يكون ابدأ أسلوبنا، وأقولها صراحاً لن نساوم، ولن ندخل طرف فى صفقة، ولم نكن يوماً كذلك، لا صفقة انتخابية ولا غيرها، ولن نهادن هذا النظام على اى وضع، لا فى صورته الحالية ولا في استنساخه القادم، فى صورة نجل الرئيس.
اتفق ائتلاف المعارضة على مطالبة الحكومة بمجموعة من الضمانات، وإذا لم تستجب فسيعود كل حزب لهيئته العليا لإقرار دخول الانتخابات أم المقاطعة،
فما هو موقفكم ؟
لنا نفس الموقف، رغم كوننا جزء من الجمعية الوطنية للتغير، لكن لم ولن ندخل لجنة معارضة ثلاثية أو رباعية، فلدينا حساباتنا المختلفة، يجوز بيننا مساحة تلاقى، خاصة مع حزب الجبهة الديمقارطية لمواقفه الليبرالية.. ومعروف أن الغد والوفد والجبهة مثلث الليبرالية في مصر، لكن الممارسات احياناً ما تحدث تباين، ومساحة التباين مع الجبهة اقل بكثير منها مع الوفد، الذي لا تتسق بالضرورة أفكاره مع ممارساته.
والهيئة العليا للغد أصدرت بياناً، حددت فيه شكل الملعب الذى نطلبه، لان الانتخابات فى حد ذاتها ليست الهدف، وانما ما نرجوه هو نتائج تلك الانتخابات، وإذا لم تكن هناك انتخابات نزيهة بصورة تماثله ما حدث في انتخابات الشورى، سيكون قرارنا هو المقاطعة، ولن نجمل هذا النظام بمشاركتنا ونصبغ عليه الشرعية .
الانتخابات مصيري
ألا تري أن موقفك هذا متشدد، خاصة وانك خضت انتخابات الرئاسة من قبل ولم تكن هناك ضمانات كافية، واتهمت بعدها بأنك لعبت دور "السنيد و"المحلل" في صفقة مع النظام؟
هناك 500 رد على هذه الادعاءات غير الحقيقية بالمرة، وإلا ما كنت سُجنت، وكل ما قيل عني محض افتراء بمخطط ذكي لتشويه صورة القيادات الوطنية التي يلتف حولها الناس. ويجب أن نعرف أيضا أن الانتخابات البرلمانية مسألة غاية فى التعقيد، ومختلفة تماماً عن انتخابات الرئاسة التي تكون أطرافها واضحة، وتكون الرقابة عليها أوضح، والضغط من الرأي العام يكون أكثر تأثيراً، وإن لعب التزوير دور كبير فيها، ورغم رقابة القضاء إلا إنني تعرضت للتزوير، ويومها ابلغني رئيس لجنة الانتخابات شخصياً أن نتيجتي حوالي 30%، وبعدها بنصف ساعة أعلن نفس الشخص النتيجة 8. 5%.
هل حددت موقفك من الترشح للانتخابات الرئاسة، خاصة وان هناك أقاويل تدعى أنك "قانونياً" لا يمكن أن ترشح نفسك لقضية "التزوير"؟
"خوضى الانتخابات الرئاسية القادمة ليس قراري لكن هو مصيرى"، لان الحزب اتخذ هذا القرار فى 14\2\2010، وابلغوا الجهات الرسمية باختيارى مرشح عن الغد، بالطبع هذا القرار قابل للمراجعة، ونستطيع دعوة الهيئة العليا ومراجعة موقفنا في أي وقت، ولا توجد موانع تحول دون ترشحي كما يشاع، ولدينا مخارج قانونية نستعد بها.
ولكني اعتقد أن الأمور لن تصل إلي هذا الحد.. واشعر أن النظام يخطط لكي يحدث انفراجة أراها قريبا، ولكن هل ستكون كافية ؟ أتوقع أن يكون تحركه غير كاف..وإذا لم يحدث تغير حقيقى خلال الاسابيع القادمة لتوفير ضمانات كافية لانتخابات ديمقراطية ونزيهة سنقاطع هذه الانتخابات، ولكني أتوقع موقف أكثر مرونة للنظام، فهو ألان في موقف مأزوم. بعدما انكشفت كل حيله، خاصة وان لا يسعي إلي أن يختار رجاله فقط وإنما معارضيه أيضا "حاجة وقحة
جداً"
http://www.copts-united.com/article.php?A=22103&I=550