جرجس بشرى
بقلم: جرجس بشرى
المُتابع العادي للمُمارسات التي تتبعها الحكومة المصرية ضد المسيحيين المصريين يُدرك -وللوهلة الأولى- أن هناك اضطهاداً مُنظماً يُمارس ضد المسيحيين، ولكن يُخطئ كل من يظن أن الحكومة تضطهد المسيحيين المصريين لأجل مصريتهم لأنهم مصريون بل هُم أصل مصر وعبق تاريخها -بحسب شهادة التاريخ-، ولكنها تضطهدهم فقط وتذلهم لأجل مسيحيتهم!! وبالتالي فهي تضطهد المسيحية وكنيسة الله فيهم.
ولا يظن أحداً أنني أتجنى على الحكومة المصرية واتهمها اتهامات باطلة، فمقاومة الحكومة المصرية للمسيحية بشكل رسمي يُعد من الحقائق الواضحة الجلية التي لا يختلف عليها أحد!
ويمكنك أن تلحظ هذه المقاومة بصورة أوضح وأشمل في عدة مظاهر، من أهمها مقاومة الحكومة المصرية للمُتنصرين المصريين بكافة الوسائل والطرق التي تصل إلى حد ارتكاب جرائم أشبه بجرائم الإبادة وجرائم ضد الإنسانية.
كما أن الحكومة المصرية تقف في خندق واحد مع جماعة الإخوان المسلمين لمُكافحة التنصير (التحول من الإسلام للمسيحية) لدرجة أن لاحظنا في القضايا التي رفعها مُتنصرين مصريين أن انضم مُحامين كخصوم سواء من الحكومة أو الإخوان في القضية، بهدف منع المتنصرين من الحصول على حقهم في الاعتقاد الديني وكتابة ديانتهم المسيحية في الأوراق الثبوتية بالدولة، كما أن هناك أحد القضاة قال لمُتنصرة -الأخت مرثا- وفي المحكمة (لو كان معي سيفاً لطيرت به رقبتك في الحال)!!، قال ذلك عندما أعلنت هذه البطلة الشجاعة إيمانها بمسيحها في قاعة المحكمة.
ومع أن المُسلم لا يكون مُسلماً حقاً ولا يُكتمل دينه إلا إذا آمن بالله وكتبه ورسله!! إلا أننا نرى هناك شيوخاً يشغلون مراكز مرموقة بالأزهر الشريف يتخوفون من دعوة المسلم إلى قراءة الكتاب المقدس، ولقد قال الشيخ فوزي الزفزاف رئيس لجنة حوار الأديان الأسبق بالأزهر الشريف لجريدة اليوم السابع عقب إصدار فتوى بإباحة تعدد الزوجات في المسيحية، قال أن قراءة المسلم للإنجيل تأتي في إطار الإطلاع فقط ولا تعني أنه يؤمن به!!..
ما هذا التناقض العجيب في قول الشيوخ، ففضيلة الشيخ هنا يُطالب المسلمين بعدم الإيمان بالإنجيل، ويفترض مُسبقاً فيمن يَطَلعِون عليه أنهم سوف لا يؤمنون به!! ويبدو أن فضيلته نسى أن المسلم لا يكون مسلماً أبداً إلا إذا آمن بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر، كما اعترض فضيلة الشيخ جمال قطب "رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف ورئيس قطاع الوعظ" على فكرة طرح قضية الإطلاع على عقيدة الآخر وقراءة كتبه في وسائل الإعلام، وقال بسبب ذلك قد يعتقد الأطفال الصغار والطبقة الأقل ثقافة أن الإنجيل كالقرآن وبالتالي يقرؤونه وأن ذلك قد يؤدي إلى نتائج غير متوقعة على حد قوله، ولست أفهم من فضيلة الشيخ ما هي النتائج غير المتوقعة من وراء قراءة المسلم للإنجيل وكتاب الكتب الكتاب المقدس؟!
والسؤال هنا لماذا تنتفض الحكومة المصرية من المسيحية ولماذا تقاومها في كل فج وصوب؟، والكارثة أنه رغم أننا في عصر العولمة وحقوق الإنسان إلا أن مقاومة الحكومة المصرية للمسيحية تزداد شراسة كل يوم، فمن الأمور المؤثمة والمحظورة في مصر إذاعة برنامج ديني مسيحي على القنوات الرسمية بالتليفزيون! كما أنه يصعب على المسيحي في مصر ترميم دورة مياه في كنيسة! كما أن المسيحيين لأجل مسيحيتهم يتم استبعادهم من المناصب الحساسة والسيادية في بلدهم، وقد يُنظر إليهم في الغالب على أنهم خونة.
والحقيقة التي أريد أن أخلُص إليها هي أنه لا الحكومة المصرية ولا الإخوان ولا أي قوة على سطح الأرض يمُكن أن تطفئ نور المسيحية، لسبب بسيط جداً وهو أن المسيحية لا تحميها القوانين الوضعية ولا الأذرُع البشرية، ولكن قوة المسيحية تكمُن فقط في قوة مسيحها الذي وعد كنيسته -ووعده صادق- بأن أبواب الجحيم لن تقوى عليها، وحتماً سيُعلن نور المسيح للمتعطشين إلى الخلاص رغم كل القوى الشيطانية المُعادية التي تُريد إطفاء هذا النور.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=2216&I=61