عماد توماس
ق: رفعت فكرى : ما أسهل التعبد لله ورفع الصلوات والأصوام ولكن ما أصعب التسامح وقبول الآخر المغاير
د. كمال مغيث : تقبل الآخر من أساس الحياة في المجتمعات المتحضرة
د. ثروت قادس: الآخر هو من ينكر معنى الإنسانية، ويعتدي على الإنسان ويقتله
أ.حسنى دانيال: المصري كريم العنصرين، بني السد العالي وجده بني الإهرامين
كتب: عماد توماس- خاص الأقباط متحدون
عقدت الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف بشبرا، لقاءا فكريا مساء أول أمس الاثنين تحت "حتمية التعايش المشترك" ، على هامش الإفطار الذي تنظمه الكنيسة سنويا ، تحدث في الندوة الدكتور كمال مغيث الخبير التربوي، والدكتور القس ثروت قادس رئيس لجنة الحوار بسنودس النيل الإنجيلي، وأدار اللقاء القس رفعت فكرى راعى الكنيسة. الذي أكد لـ "الأقباط متحدون" أن هذا الإفطار شبه عائلي مع أسرة الشارع والجيران فالدعوة توجه إلى الطبيب والمهندس و والمحامي والميكانيكي والبقال والمكوجي ، وفي نفس الوقت يُـعقد لقاءا فكريًا من خلال الندوة.
الصوم المقبول عند الله
تحدث في البداية القس رفعت فكرى مؤكدا على أن الصيام موجود في كل الأديان السماوية وغير السماوية، متسائلا : هل يقبل الله سبحانه وتعالي كل صوم يصومه الإنسان؟ مؤكدًا على وجود أصوام لبعض الناس -في كل دين- ليس لله أي نصيب فيها!!
وأكد فكرى على أنه من الخطأ الفادح أن يظن الصائم أن الهدف من الصوم هو فقط الامتناع عن الطعام والشراب لفترة من الزمن دون أن يصوم قلبه عن ارتكاب المعاصي والمآثم فما أكثر اللذين يصومون أجسادهم عن الطعام ولكنهم يعيشون بألسنة وقلوب وأيد وعيون غير صائمة!! إن الصوم لا يتوقف عند حد الامتناع عن الأكل والشرب ولكن للصوم معنى أعمق من ذلك? فجوهر الصوم أن نجوع ليس إلي الطعام ولكن إلى الله أن نشعر بأننا فقراء إليه وأن نؤمن بأن الحاجة إلى واحد إلي هذا الإله الواحد الذي يغذينا بنعمته فنفهم إننا به نلنا كل شيء.
وأضاف فكرى، أن الأصوليين والمتعصبين في جميع الأديان يعلنون أنهم يمتلكون الله ولكن حاشا لله أن يمتلكه أحد، فالله أكبر من أن يحتكره فكر أو دين أو مذهب فهو وحده سبحانه الحقيقة المطلقة ولا يمكن للعقل أن يدرك هذه الحقيقة، فالله لا يمكن أن يمتلكه إنسان اى كان هذا الإنسان.
واستشهد القس رفعت فكرى ببعض النصوص الكتابية منها قول الرسول يوحنا " أيها الأحباء لنحب بعضنا بعضا لان المحبة هي من الله و كل من يحب فقد ولد من الله و يعرف الله و من لا يحب لم يعرف الله لان الله محبة أيها الأحباء إن كان الله قد أحبنا هكذا ينبغي لنا أيضا أن يحب بعضنا بعضا إن قال احد إني أحب الله و ابغض أخاه فهو كاذب لأن من لا يحب أخاه الذي أبصره كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يبصره و لنا هذه الوصية منه إن من يحب الله يحب أخاه أيضا"
مضيفا إن شريعة الله هي أن أحب أخي في الإنسانية قبل كل فروض الصلاة والصوم والقرابين فما قيمة الصلاة والأصوام والطقوس وكل مظاهر العبادة إن لم تكن هناك محبة حقيقية للإنسان الآخر؟ فهناك فرق شاسع بين التدين والإيمان الحقيقي فالتدين كثيرا ما يركز على المظاهر الخارجية وهي أمور جميلة وهامة بينما الإيمان الحقيقي هو موقف أخلاقي يقدس القيم ويحترم الإنسان الآخر أيا كان لونه أو دينه أو مذهبه .فما أسهل التعبد لله ورفع الصلوات والأصوام ولكن ما أصعب التسامح وقبول الآخر المغاير
قيمة التنوع والتعدد في الثقافة المصرية
استعاد الدكتور كمال مغيث في كلمته بعض الذكريات الجميلة للتعايش المشترك بين المسيحيين والمسلمين، مستشهدا بقدماء المصريين الذين عبد بعضهم الإله "أمون" والبعض الآخر "رع" وكيف توحد القدماء المصريين في عبادة "أمون رع" مؤكدا على قيمة التنوع والتعدد في الثقافة المصرية
وقال مغيث إن أوربا شهدت حروب دينية مدمرة بين البروتستانت والكاثوليك، نتج عنها وفاة الآلاف من البشر، ورغم التباين الكبير في الدول الاروبية لاختلاف الأصول والجنس والعرق والمذاهب إلا أنها استطاعت إن تدير الخلافات على أسس سلميه، فتقبل الأخر من أساس الحياة في المجتمعات المتحضرة
وعن حرية الاعتقاد، أكد مغيث على إن الدستور المصرى في عام 1923 نص على أن "حرية الاعتقاد مطلقة" فالاعتقاد مرتبط بحرية الإنسان في اختيار معتقده.
التعايش المشترك
حكي القس ثروت قادس، عن بعض خبراته في التعايش المشترك في مصر خلال شهر رمضان-قبل إن يسافر إلى ألمانيا لفترة 40 سنة- على إن المسحراتي قديما في رمضان، كان ينادى بأسماء المسلمين والمسيحيين بدون تفرقة، وان اقرب الناس إلى والده قبل أن يتوفى كان "الحاج احمد".
وقال قادس، أنه نقل خبراته المعيشية من مصر الى ألمانيا، بالاحتفال السنوي لمدة 20 سنة متتالية بمائدة إفطار في رمضان يحضرها العديد من الأديان والأصول والأعراق المختلفة.
وتسائل عن موقف المسلمين عندما يستمعوا إلى أن هناك قس انجيلى امريكى سيحرق القرآن في 11 سبتمبر؟ وماذا عن موقف المسيحيين عندما يسمعوا عن قتل 6 مسيحيين في نجع حمادي؟
مؤكدا على رفضه لمصطلح "الوحدة الوطنية" فنحن شعب واحد وأصحاب ارض واحدة وولدنا من ادم وحواء،
ودعي قادس، إلى الحاجة في هذه الأيام إلى التبشير بالايجابيات مثلما نتحدث عن السلبيات، وان يكون الحوار وسط البسطاء من الشعب المصرى وليس على مستوى النخبة في الفنادق ذات الخمس نجوم.
وعبر القس قاد، عن إعجابه بالآية القرآنية "إنا خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفو" مؤكدا على أن الآخر هو من ينكر معنى الإنسانية، و هو من يعتدي على الإنسان ويقتله.
مبارك شعبي مصر
وفى ختام اللقاء الفكري ، ألقى الأستاذ حسنى دانيال المحامى، قصيدة شعرية بعنوان "مبارك شعبي مصر " تقول كلماتها:
مبارك شعبي مصر في ليل وفجر وصبح وعصر
مبارك الشعب الطيب الساكن في كوخ أو شقة أو قصر
مبارك اللى ابتدى التاريخ من عنده وبدئوا حساب أول عصر
مبارك الشعب المبدع اللي بيعرف معنى النصر
مبارك يعنى البركة تحل عليه في ماله وحاله يفرح كل زمان وعصر
هيرودوت قال "مصر هبة النيل".. والشعب المصري طيب وجميل
المصري كريم العنصرين، بني السد العالي وجده بني الإهرامين
والمسلم والمسيحي في مصر، واحد في المواطنة مش إتنين
النَفَس من هوا واحد، والشرب من نيل واحد، والعبادة لرب واحد
وساعة الشدة تلاقى الكل واحد، حافظ الجميل ومش جاحد
ولقمة هنيه تكفى منهم مِيَه، راضيين وشبعانين جواهم قناعة
يصوموا مع بعض ويفطروا، بيعرفوا يعملوا من السلام صناعة
والشر مش طبعهم مليانين شهامة ورجولة ورقة ووداعة
المصرى عبقري بيعرف يعيش ويتعايش بحنكة وبراعة
متكل على الله وغير متواكل، جرئ وما يخافش ومليان شجاعة
وأنا وإنت مصريين ، ومصر أمنا، مواطنين وإخوة في الرضاعة
ومصر كبيرة قوى وحضنها يضمنا من غير شعارات خداعة
وكل واحد له فيها دور، والآخر فيها مقبول بالحب ودي قناعة
أجعل يارب أيامها أعياد، وبركات تغمرها من أجداد لأحفاد
والسلام يملأ جوانبها والخير يغطى وجه البلاد
والمصريين إخوة في الفرح والميلاد والممات
خلونا نحب بعض علشان مصر تعلى بينا ونعيش بصدق النيات
فمبارك شعبي مصر أم الدنيا في ليل وفجر وصبح وعصر
وكل سنة وأنتم بخير يا أهل مصر
http://www.copts-united.com/article.php?A=22407&I=559