بقلم : مفيد فوزي
11سبتمبر, يوم محفور في ذاكرة العالم. صار نقطة فاصلة: قبل11 سبتمبر وبعد11 سبتمبر. إنه يوم له تاريخ وشظاياه طالت أطراف الدنيا. إنه ليس نسف برجين.
بقدر ما هو نسف سلام العالم وتدمير أمنه وتقسيم الكون إلي ضحايا ابرياء وإرهابيين عتاة. منذ ذلك التاريخ تغيرت خرائط الدنيا النفسية ورجع الشك يسبق اليقين وكل عربي إرهابي حتي يثبت العكس! لقد انتحرت البراءة في أهم ميادين عواصم العالم.
وعلي المستوي الإنساني, فإن ملايين الرجال والنساء في المعمورة ينسفون أبراج حبهم بالعناد والصلف والغرور. داخل كل رجل وداخل كل امرأة تنظيم قاعدة مصغر علي استعداد لنسف أبراج الحب عبر جسور الفهم المهدمة وقنوات الإحساس المعطلة وحبال الود المقطوعة.
حين يسقط برجي الحب الي نقطةzero أرضا لا أحد يعلن مثل المنظمات الشجاعة, مسئوليته عن الحادث!. يتبادل الطرفان ـ الرجل والمرأة ـ الاتهامات علي أرضية تفتقد الصدق والمصداقية. يتراشقان بالكلمات والنظرات واتهامات فوق جواد جامح بلا سرج. العيون المشتاقة انطفأ نورها, والشفاة الظمآي تقذف غليظ الكلام, والأصابع المرتعشة للعناق فقدت الرغبة في العناق أو التواصل. فما أقسي انهيار أبراج الحب التي بنيت بمشاعر وأحاسيس لا يخترقها الرصاص ولا تفتك بها القنابل الحارقة بل ينسفها الكذب والصلف والغرور.
أبراج الحب لا تخترقها إلا طائرات الشك وفقدان الثقة. أبراج الحب لا تتهاوي في الحادي عشر من سبتمبر بل في أي يوم من أيام السنة مادامت قطرات الغضب قد أضحت أنهارا, ولو خضعت يوما للحساب الحنون أو العتاب الودود لما صارت هناك تلال من التراكمات تهدد بالانفجار. أبراج الحب حين تتهاوي, يدفع الثمن الأطفال الأبرياء وتبدأ( الشحططة) بين المحاكم. وهناك أبراج حب سقطت داخل البيوت واستحالت الحياة, لأن الود يعمر البيت. تسألون بفضول وقلق, لماذا لا تقول( لأن الحب يعمر البيوت)؟ لأني واقعي, أعلن أن الحب يتأجج فترة ثم يصير ودا ورحمة.
للعلم والأحاطة, أبراج الحب تتحطم حين يختزن أحد الطرفين إهانات يبتلعها اضطرارا, فلا يصفو ويبدو متربصا بالطرف الآخر ويبدأ في بناء( مستوطنات) من الكراهية يستحيل معها السلام.
أبراج الحب تنسفها( الأجندات) المدون عليها تاريخ صلاحية العلاقة حيث تسقط من تلقاء نفسها لأنها مبنية بحجارة نكران الجميل. ابراج الحب تدمرها في وضح النهار طائرات الأنانية التي تغادر مطار الحب المزيف الذي يشبه الحب وليس حبا.
علي أطلال برجي الحب تدمع عيون الرجال ندما وتبكي النساء العاشقات حزنا وأسي. في مفكرة الرجل يكتب( كانت الدفء في صقيع الوحدة وكل شيء صار مقسوما علي اثنين. ما أجمل ألا تكون في الحياة.. وحدك) وعلي شاشة الموبايل سجلت خواطرها الدامعة.( أفتقد الأمان والاحتواء. أشتاق لغضبه الحنون وغيرته المكتومة. لن أرتاد الأماكن التي زرناها معا فلا تتيقظ الذكريات ويفعل الماس الكهربائي فعلته. سأبحث عمن يشبهه ولو اضناني البحث).
بعد نسف برجي الحب, تغيرت خرائط كل منهم. هو يملأ الوحدة بنشاطات مختلفة وأصدقاء قدامي كان لقاؤهم مؤجلا, وهي تقمع الذكريات. هو يمنح النساء اهتماما بنفس قصير, وهي تراه في فنجان قهوتها بنظراته الثاقبة, وتكاد تشم عطره. هو يتأمل ما جري وهي تتذكر البدايات. هو تستغرقه اهتماماته وهي تغزوها العقلانية للتفكير في مستقبل أيامها. هو يعيد حساباته وهي تندب حظها هو يتذكر حسناتها وبعضا من سيئاتها, هي تتذكر سيئاته وبعضا من حسناته. هو يشعل سيجاره ويري سحب الدخان كإنها دفتر الأيام. هي تجتر الذكريات وتغافلها الدموع!
الأزواج الرجال ـ حين يتهاوي برجا الحب ـ يحاولون الترميم, ابتغاء( عودة العلاقات) دون وساطة من جهات أو هيئات. أما الزوجات فيروق لهن أن( يفجرن) انفسهن علي طريقة تنظيم القاعدة! حين تسقط أبراج الحب, تبدأ الإدانة والبحث عن كبش فداء. وتبدأ العائلات في توجيه الاتهامات الجاهزة وتلعب الحموات دورهن التاريخي في التلفيق والمغالطات. الأمر ليس بعيدا عن السياسة العالمية ومحيطها الواسع وكذبها المتقن والمحنك!
ويبدو أن حياتنا الأنسانية ـ رغم بساطتها ـ اقترضت من السياسة بعض ألاعيبها وشعارها: اكذب ثم اكذب حتي تصدق نفسك! سقوط برجي الحب أو سقوط برجي نيويورك في11 سبتمبر الحزين, فعل بشري و تخطيط بشري و تآمر بشري وسيناريو بشري وساعة صفر من ذهن بشري!
وهكذا نفعل بأنفسنا في الحب أو السياسة. الفارق ليس كبيرا. فالأجندة حاضرة في الحب أو السياسة. والانتهازية جاهزة في الحب أو السياسة. و سقوط الأبراج وارد في الحب أو السياسة. و السلام الشامل مستحيل في الحب وتزييف الواقع لغة الحب والسياسة. و الحرائق المفتعلة تحدث في الحب أو السياسة. و الخيانة في طبيعة الحب أو السياسة. متغيرات الحب والتبرير من أدوات الحب أو السياسة. والكراهية الساخنة من متغيرات الحب أو السياسة....
فأين.. المفر؟!
نقلاً عن الاهرام
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=22553&I=562