هيام فـــاروق
بقلم: هيام فاروق
مواقف أثارت غُصة فى الحلق .. آلمتنى كثيرا .. أفزعتنى .. و أثارت فىَّ نوبة بكاء مرير على ما آلت إليه المرأة الشرقية الجميلة .. الرقيقة .. العطوفة .. الحمولة .. الصابرة .. المشاركة .
فقد قابلت إحدى السيدات و هى من الطبقة الكادحة التى بالكاد تسد رمقها و رمق أبنائها و تحتمل مرارة العيش فى مناطق العشوائيات التى يعُف أى إنسان حتى على تخيل كيفية العيش بها .. قابلتها ممسكة بأذنها اليسرى و هى تنزف و فى طريقها إلى المستشفى التابع للكنيسة فسألتها عن سبب إصابتها فأجابتنى بأنها صفعة قوية من زوجها على وجهها أصابتها بنزف فى أذنها .. فأشرت عليها قبل الذهاب إلى المستشفى أن تذهب إلى قسم الشرطة التابع لمنطقتها و تحرر محضر لهذا الزوج الوغد .. فأجابتنى أنها لا تستطيع هذا .. لأنها إن فعلت فسيطردها هى و أبنائها على بيت والدتها التى تسكن فى حجرة فى نفس المنطقة و تكاد تكون فى وضع أحط و أقل مما تعيش فيه .. يـــــا إلهــــــى !!!!!!!!!!!
و موقفا آخر .. فى أثناء خروجى من الكنيسة هذا الأسبوع لمحت سيدة فاضلة كانت من شعب الكنيسة منذ شهور و إضطرتها ظروفها للهجرة مع زوجها و إبنها البالغ من العمر خمس سنوات .. ذهبت لتحيتها و إذ بى أرى على وجهها ملامح الشحوب و الذبول و الحزن ، و فى رقبتها جروح طولية غائرة .. و بعد تحيتها و لأن معرفتى بها سطحية فقد إكتفيت فقط بالسؤال عن سبب رجوعها و أخبارها و أخبار أسرتها فى الغربة ، فإغرورقت عيناها بالدموع قائلة : ألم ترِِ رقبتى ؟ إنها جروح بسكين حاد إثر مشاجرة بينى و بين زوجى ... لم أصدق !!!! ما هذا ؟؟؟؟؟ بالطبع لم أسألها عن سبب الشجار فمهما كان السبب لا يمكن أن يكون هذا هو رد الفعل أبدا . أهذه هى الرجولة ؟؟؟؟ صدقونى إنها إنعدام رجولة .
قلت لها ما حدث لكِ هذا فى بلد من البلاد التى تعطى للمرأة كامل حقوقها فلماذا لما تلجأى للقانون و تبلغى الشرطة ؟
أجابتنى : و ماذا سيكون مصيرى و مصير إبنى الذى يخطو أولى خطواته فى حياته الدراسية فى بلد غريب ؟ و أنا لم ألتحق بأى عمل .. و لا حتى أتقنت اللغة .. فماذا سأفعل ؟ يــــــا إلهـــــــــى !!!!!!!!!!!
و موقفا آخر لسيدة جميلة .. من أسرة محترمة .. مهذبة .. مرحة .. تشكو من زوجها الذى يمنعها من أبسط أمور الحرية فى الحياة .. لا خروج ، و لا نزهة ، و لا رحلة حتى و لو كانت تابعة للكنيسة ، و لا مؤتمرات و لا أى شىء فى الحياة مباح لها .. هذا غير عدم تقديره لمشاعرها و لا حتى لطاعتها له .. و نسأل لماذا تحملت من البداية ؟ بالطبع الإجابة .. من أجل الأطفال و لكن حتى بعد أن كبر الأطفال و أصبحوا شبابا يتمتعون بالدخول و الخروج و النزهات و كل شىء تظل هى حبيسة منزلها بأمر هذا الزوج الشرقى الذى لم يعرف معنى المرأة و لا حريتها . هل ما زالت عندنا نساء يُكبتن بهذا الشكل فى هذا الزمن ؟؟؟ يــــــــا إلهـــــــــــــى !!!!!!!!!
و سيدة أخرى على النقيض تتمتع بكامل حريتها و لكن مع زوج غير مبالِ سوى بنفسه فقط .. لا يقدر هبة الله له فى إعطاؤه زوجة جميلة .. عاقلة .. محترمة .. مدبرة .. و أطفالا غاية فى الروعة و الجمال و الذكاء و الأدب . و يعيش كلٍ فى وادٍ . يـــــــا إلهــــــــــى !!!!!!!!!
جلست شاردة .. حزينة .. أريد الصراخ إلى أن يملاء صراخى أرجاء الكون .. ما هذا أيها الرجل الشرقى .. الرجعى .. المتجبر .. كيف ترضى هذا على أمك أو أختك أو إبنتك ؟؟؟
ما هذا أيها المجتمع الذكورى الذى لم يعرف و لم يقدر معنى حواء ( أم الحياة ) !!!!!!
المرأة تعيش الهوان فى الشرق ، و مُفترى عليها .
أتذكر موقفا عظيما لأبى رحمه الله .. فقد إستيقظ يوما متأهبا للذهاب إلى عمله كعادته فى الصباح الباكر .. و لكنه فى هذا اليوم كان يشعر بإعياء بسيط .. صارح به والدتى أطال الله عمرها .. فأسرعت مساعدة له فى إرتداء ملابسه و إختيار رابطة العنق و تحضير حقيبته و أوراقه و أخيرا أسرعت لإحضار حذائه ، و وضعته عند قدميه فإذ به يهب مسرعا ممسكا بيديها مقبَِلا لها قائلا : ( العفو حبيبتى لا تفعلى هذا مرة أخرى ، فمازلت قادرا . أشكرك ) و هى إحتضنته و قبلته أيضا برفق و دفء . ياله من منظر لم و لن أنساه ما حييت . ياله من رجل و زوج متحضر يتقن بروتوكول الحياة الزوجية و فنها فى التعامل مع زوجته .
أين هذا الرجل الآن ؟؟؟
صحيح كان يحكى لى أبى عن جدتى زمان و عظمتها فى رعاية بيتها و التى كانت تصحو من النجمة على حد تعبيره و تخبز و تغسل و تطهو و... و .... إلخ بكل خضوع و حب و رضى عن طيب خاطر دون أن تشكو أو تتملل .. كان يحكى لى عن خضوعها لـ ( سى السيد ) .. و لكن تعالوا و أنظروا روعة ( سى السيد ) هذا عندما كانت تطلب منه زوجته فى زيارة بيت أهلها ... فقد كان يشيعها حاملا معها أطيب و ألذ الخيرات لكى يظهرها أمامهم أنها فى كنف رجل كريم و عظيم . فأين شبابنا الآن بالمقارنة بـ ( سى السيد ) ؟
· لا يا سيدتى إنتفضى لكرامتك من الزوج الذى يراكِ من مستلزمات أناقته و لا تلزمه زوجة مشاركة و مُبدعة .
· لا يا سيدتى ... إنتفضى لحريتك ، فثمنها باهظا جدا .
· لا يا سيدتى للرجل الذى يرى حريتك ضلال ، و فساد ، و إنحراف .
· أخرجى من قوقعة ( أبى يريد ) و ( زوجى يريد ) و ( أبنائى يريدون ) و ليس مقبولا عنده أن تقولى ( أنا أريد )
· تمردى يا سيدتى و قولى ( هذا حقى ) .
· لا يا إبنتى ... لا ترضخى لصوت الغزل الرخيص و الغيرة المقيتة لشاب يملاء أذنيكِ بمعسول الكلام و يحبسكِ فى صولجان حبه الوهمى الذى يسلبك حريتك فى دخولك و خروجك و دراساتك و حياتك .
· لا يا إبنتى ... قولى لا .. قبل فوات الأوان .. قولى لا .. لرجل لم يقدر و لم يصن ما تربيتى عليه من أخلاقيات و مبادئ و كرامة و عزة نفس .
· لا يا إبنتى ... قفى فى وجه كل من يضع القيود و الأغلال فى يديكِ ليكبلك ، و يضع الصخور فى طريقك ليحط من مكانتك .
و أخيرا لكى لا يغضب الرجال .. فليس كل رجل شرقى هكذا فلدينا نماذج عظيمة و مشرفة لبعض الرجال الذين يشرفون كل النساء المرتبطات بهم .
و أخيرا تحية حب من المرأة لكل رجل يقدرها .. تحية حب من المرأة لكل رجل يجيد العزف على سيمفونيتها و يخرج منها أروع الألحان التى تبهجه و تبهجها و تبهج أبنائهما .
و أخيرا للمرح و الفكاهة أذكر لكم مقولة لأديبنا العظيم أنيس منصور قائلا : إعتذر لها إذا أنت أخطأت ، و إعتذر لها إذا هى أخطأت أيضا .
تحياتى للجميع .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=22801&I=570