الطب لا ينصح بعشوائية تناول الدواء حتى المسكنات منها

كتبت : مروة كريدية - ايلاف

مما لا شك ان موضوع الرقابة على بيع الدواء مسألة شائكة تحتاج الى الكثير من القوانين التنظيمية في ظل تحول الصيدليات في معظم الدول العربية الى مركز للاستشارة الطبية حتى تكاد تلعب دور الطبيب والصيدلي في آن.

ومع إظهار أحدث الدراسات الاستهلاك المخيف للمسكنات في أنحاء كثيرة في العالم، يبرر بعض سكان الامارات من التقتهم "إيلاف" انهم يشترون الدواء دون وصفة طبية لعدم قدرتهم على تحمل تكاليف المعاينة. في وقت أكدت الدكتورة رولا المصري لـ "إيلاف" ان " بعض المرضى يظنون ان استعمالها آمن غير ان الافراط بها ممكن ان يتسبب بالوفاة ".

لا شك في ان استخدام مسكنات الألم منتشر بشكل مقلق في أواسط المجتمعات عامة ، وكلما تطورت المدنية كلما زاد اقبال الناس عل تعاطي الأدوية في وقت أمست الصيدليات أشبه ما يكون بمحلات تجارية ضخمة تتحكم فيها كبرى شركات الأدوية في العالم
ومع تنامي الشركات العالمية المصنعة للأدوية في العالم ، وتنافسها أصبح سوق "العقاقير" سوقًا ناريًّا يلتهب أواره وسط منافسات لا ترحم وان كانت هذه الحرب الضروس تتخذ من صحة البشر موضوعا لها .

وفي "استراتيجية خداع" غير مسبوق تعمل هذه الشركات على تبني دراسات و" ابحاث علمية " تتناسب ومصالحها التسويقية ثم تخرج لنا في الفترة التالية دراسة تناقض الاولى ، فتتطالعنا الصحف يوميًّا بنتائج لأبحاث لا نعلم مدى صدقيتها لتعلن لنا نتائج معينة و على سبيل المثال لا الحصر فان لاستخدام "الاسبرين " المعروف كمسكن للآلام فوائد لا تحصر كان آخرها انه مفيد لمرضى السكري فيما خرجت دراسة متزامنة تشير الى ان إثنان ونصف بالمئة من الذين يتعاطون الاسبرين يعانون من نزيف معوي.  وبين دراسات مؤيدة للدواء وأخرى معارضة له نجد ان حجم انتاج "الأسبرين " العالمي بلغ أكثر من 10 آلاف طن في العام!

وزارة الصحة الاماراتية تسنتكر نتائج سينوفيت

وكانت بيانات الدائرة التنفيذية للدواء في الولايات المتحدة قد أشارت الى أن معدل استهلاك الأدوية المسكنة ازداد بنسبة تجاوزت التسعون في المائة خلال الجزء الأول من العقد الأخير حيث استهلك الأمريكيون قرابة 91 طناً من الأدوية المخدرة سنوياً.
فيما أظهر بحثا أجرته شركة سينوفيت نتائج غير متوقعة في استهلاك العقاقير المسكنة للآلام فقد احتلت الإمارات المركز الأول عالميا وأظهر المسح أن 72% من سكان الدولة اشتروا أدوية مسكنة خلال النصف الأول من هذا العام فيما أكد 62 % منهم على استخدامها بشكل دوري .
وأظهرت نتائج المسح أن الدول الأقل استخداما للمسكنات هي تايوان بنسبة 10% وهونغ كونغ 15% وتشيلي 17% فيما بلغت النسبة 61% في استراليا و62% في المملكة المتحدة.


وكانت شركة سينوفيت لدراسة الأسواق طبقت المسح على أكثر من 12 ألف مريض من 14 دولة هي الإمارات واستراليا وتشيلي وفرنسا والولايات المتحدة وهنغاريا وإندونيسيا وتايوان واسبانيا وصربيا وكوريا وبريطانيا وهونغ كونغ وهولندا.
فيما اشارت دراسة أن الولايات المتحدة تشهد سنوياً سرقة ما بين مليونين إلى ثلاثة ملايين جرعة من المسكنات القوية سنوياً من الصيدليات. مما دفع السلطات الصحية في الولايات المتحدة الى التحذير من الإفراط في استخدام المئات من أنواع الأدوية المسكنة والمهدئة للألم التي تباع دون وصفات طبية، وقالت إنها تتسبب في مائة حالة وفاة سنوياً في الولايات المتحدة .


وفي أولى ردود الفعل على نتائج شركة سينوفيت أشار موقع الطبيب بإن وزارة الصحة الإماراتية قد استدعت شركة سينوفيت لبحث الكيفية التي اتخذتها لإجراء الدراسة التي قامت بها حول استخدام مسكنات الآلام معلنة أن سكان الإمارات أكبر مستهلكي مسكنات الآلام في العالم معرفة والإجراءات التي تم اتخاذها لتنفيذ الدراسة واختيار عياناتها، لبيان جديتها وموضوعيتها.


وأكد الدكتور أمين الأميري المدير التنفيذي لشؤون الممارسات الطبية والتراخيص في وزارة الصحة أن الوزارة والهيئات الصحية على مستوى الدولة، تركز على الاستخدام الأمثل للدواء ومراقبة الأدوية بكافة أشكالها وأنواعها الطبية والعشبية من خلال اللجنة العليا لليقظة الدوائية، لافتا إلى أن الوزارة تعمل على توفير الأدوية لكافة فئات المجتمع بأعلى جودة وأقل نسبة مضاعفات ممكنة.

وأشار إلى أن الوزارة تقوم بالتعاون مع الهيئات الصحية المسؤولة في الدولة والتواصل مع الهيئات العالمية المعنية بالدواء كهيئة الغذاء والدواء الأميركية والهيئة الأوروبية للدواء والهيئة الاسترالية للدواء لبحث كل ما يتعلق بسلامة ومأمونية الدواء واشتراطات الاستخدام الأمثل له، بحيث يكون هناك تواصل مباشر لمراقبة الأدوية وأية مضاعفات قد تنتج عن الاستخدام المفرط أو غير السليم للدواء. وأكد المدير التنفيذي لشؤون الممارسات الطبية والتراخيص في وزارة الصحة أن هناك لجان تتبع اللجنة العليا لليقظة الدوائية تقوم بمراقبة استخدام الأدوية والتركيز على الاستخدام الأمثل للدواء.
 وتجدر الاشارة الى ان سكان الامارات معظمهم من الوافدين من الجنسيات الغير إماراتية لذلك فإن نسبة 72 % بالمئة التي شملتهم الدراسة هم من "سكان الامارات " وليسوا "مواطنين "

جولة على الصيدليات

"إيلاف" جالت على بعض الصيدليات في الامارات واستطلعت آراء زبائن يشترون بعض الأدوية المسكنة دون وصفة طبية:

مريم عبد الله ( 29 عاما مواطنة اماراتية ) قالت انها :" تتناول الأدوية الخفيفة اذا دعت الحاجة دون وصفة طبيب رغم انها لا تؤيد هذا السلوك على الاطلاق " وردا على سؤالنا حول :"لماذا لاتراجع الطبيب في كل الحالات :" اوضحت لنا: "انا موظفة في دائرة رسمية ولا يمكنني الخروج من عملي ساعة أشاء كما ان الاطباء لا يمنحوننا اجازة مرضية عن يوم زيارتنا لهم اذا كانت الحمى طفيفة، لذلك فإني عند الاضطرار فقط أتناول مسكن للألم "
جينا راجيش (38 عام من الجنسية الهندية ) تقوم بشراء "باندول الاطفال" و "بينيلين" كشراب للسعال لطفلها الذي يعاني من الحمى ولما سألنها لماذا تقدم على شراء الدواء دون الذهاب الى الطبيب قالت :" لا أملك أجرة الطبيب " وردًّا على سؤالنا حول امكانية الذهاب الى المستشفى الحكومي قالت :" البطاقة الصحية التي تمنحنا اياها دولة الامارات بوصفنا مقيم على اراضيها لا تخولنا العلاج المجاني واننا سندفع 100 درهم ( 28 دولار ) كرسم دخول للمعاينة وهو مبلغ كبير بالنسبة لنا أصحاب المداخيل القليلة " لذلك فإني افضل شراء الدواء مباشرة لا سيما بحالات السعال العادي والامراض الخفيفة كالأنفلونزا " فيما اشارت الى ان اجرة الطبيب الخاص مابين 200 و 500 درهم ( 60 و 120دولار)

أيدير بنرفيق ( 54 عاما من جنسية مغاربية ) قال انه يشتري الأدوية " العادية " كالاسبرين والباندول دون العودة الى الطبيب مشيرا الى انه يحمل في جيبه دوما "حبتي باراسيتامول من باب الاحتياط" مضيفا "ضغط الحياة اليومي لا يرحم وان اجرة "الاطباء الباهظة " تمنعه من ارتياد العيادة عند كل كبيرة وصغيرة لذلك فهو لا يذهب الى الطبيب المختص الا اذا كانت الحاجة ملحة لذلك . 

لينا مياس ( 41 عاما من الجنسية اللبنانية ) ابتسمت عند السؤال وقالت :" لم يخطر في بالي يوما ان اذهب للطبيب كي احصل على وصفة " باندول" في بلدنا الناس تتناول المسكنات مثل الماء".

وعن العوارض السلبية التي تؤثر على الصحة قالت الدكتورة رولا المصري لـ "إيلاف" :" ان الأدوية المسكنة لا يصفها الطبيب إلا من أجل غاية محددة وينبغي ان لا يتم الامر عشوائيا " مؤكدة ان " بعض المرضى يظنون ان استعمالها آمن غير ان الافراط بها ممكن ان يتسبب بالوفاة " واضافت " انتشار استعمالها من دون وصفة طبية لا يعني خلوها من التأثيرات الجانبية لان بعض التداعيات قد تكون مقلقة خصوصاً في حال تناولها في مستمر. فالابحاث اشارت أن تناولها في انتظام، أي أكثر من 20 حبة في الأسبوع، يمكن ان يؤدي للادمان وغيره ". وعن الاعراض قالت :" ان هناك مسكنات تؤدي الى تقرحات معدية مشيرة الى ان انه يجب تجنب استعمال المسكنات غير الستيروئيدية في حال وجود سوابق بمرض فرط الحساسية " كما طالبت المرضى بمراجعة الاطباء قبل تناول أي عقار.