أكبر تجمع دولي للقبطيات يُعقد خارج نطاق الكنائس في افتتاح مؤتمر الحياة خلال العصر القبطي

سميرة المزاحى

كتبت: سميرة المزاحى- خاص الأقباط متحدون
في إطار اتفاقية التعاون بين جمعية الآثار القبطية بالكنيسة البطرسية بـ" العباسية"، ومركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية، شهدت مكتبة الإسكندرية -صباح أمس- أول وأكبر تجمع دولي للقبطيات يُعقد في "مصر" خارج نطاق الكنائس والأديرة، وذلك خلال افتتاح مؤتمر "الحياة في مصر خلال العصر القبطي..المدن والقرى، رجال القانون والدين والأساقفة"، والذي ينظمه مركز دارسات الخطوط والكتابات بمكتبة الإسكندرية في الفترة من 21 حتى 23 من سبتمبر الجاري، بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار، وجمعية الآثار القبطية، وبمشاركة (120) باحثًا من (13) دولة.
 هذا وقد حرص على حضور المؤتمر كوكبة متميزة من أفضل الباحثين الذين يشاركون بدراسات مختلفة في مجال الدراسات القبطية كالفنون والآثار والعمارة واللغة والترميم وغيرها.

وفى كلمته الافتتاحية أكّد الدكتور "عبد الحليم نور الدين"- أستاذ علم المصريات ومستشار مدير مكتبة الإسكندرية، والذي تحدّث بالإنابة عن الدكتور "زاهي حواس" أمين عام المجلس الأعلى للآثار- أن مؤتمر الدراسات القبطية يأتي بهدف إثراء الدراسات القبطية في "مصر" والعالم، وإبراز دور علماء القبطيات، ونتائج الحفريات الجارية في المناطق الأثرية للحضارة القبطية. مضيفًا أن انعقاد المؤتمر في "مصر"- وبالتحديد مدينة "الإسكندرية"- يعبِّر عن حرص الدولة على الحفاظ على تراثها والاهتمام به، والاهتمام بإسهامات الإنسان المصري القبطي في زمنه، الأمر الذي يتجلى في ذاكرة الأمة ويعتبر من شواهد فخرها.

وأشار الأنبا "مارتيروس"- الأسقف العام وممثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية- فى كلمته، إلى أن المؤتمر يأتي ليعبّر عن قوة وعمق الحضارة المصرية التي تحتضن الحضارتين الإسلامية والمسيحية وتدمجهم في مجتمع واحد، والتي انتشرت من مدينة "الإسكندرية" على يد القديس "مرقس". مؤكدًا أن الحقبة القبطية مليئة بالمفردات العظيمة من تاريخ وفن وآثار وأدب تشهد له المكتشفات الأثرية والموروثات القبطية.

وفي سياق متصل، أِشار الدكتور "خالد عزب"- مدير مركز الخطوط بالإنابة- إلى أن هذا المؤتمر يعتبر بداية للاهتمام وتعميق الاتجاه نحو الدراسات القبطية، حيث سيتم تنفيذ مخطط واسع بالمكتبة لتعميق الدراسة في هذا المجال. معلنًا عن فتح باب تلقي الاقتراحات في هذا المجال ليتم بناء خطة لتنفيذ الدراسات القبطية يشارك فيها الجميع.

وتحدث الدكتور "بيتر جروسمان"- أستاذ علم القبطيات، ونائب رئيس جمعية الآثار القبطية- عن أهمية انعقاد المؤتمر بمكتبة الأسكندرية، مؤكدًا على دور مدينة "الإسكندرية" الرائد في إثراء الحقبة القبطية مع دخول المسيحية إلى أرض "مصر". وأضاف: إن هذا الدور يتجلى في التراث الذي خلّفه القديس "مرقس" الذي بنى أول كنيسة بـ"الاسكندرية" وأصبح أول بطريرك لها. مؤكدًا على أهمية التراث القبطي ودور الحياة القبطية في الحضارة المصرية.

وألقى الدكتور "جاك فاندر فليت"- الأستاذ بقسم الآثار المصرية في جامعة ليدن بهولندا- عقب الكلمات الافتتاحية، المحاضرة العامة الأولى بالمؤتمر  تحت عنوان "علم القبطيات وأهميته بالنسبة لمصر والعالم". مؤكدًا أن الحقبة القبطية هي فترة غاية في الأهمية في التاريخ والحضارة المصرية، وإنها لعبت دورًا كبيرًا في تاريخ الإنسانية ومنطقة البحر المتوسط التي تعتبر مهد الحضارات، مما يكسب الدراسات القبطية بشكل عام، والمؤتمر بصفة خاص، أهمية كبرى.

وأشار "فليت" إلى أن العصر القبطي يمثِّل المرحلة المتوسطية في تاريخ "مصر"، والتي شهدت تحوُّل الاتجاه نحو أوروبا، وهو ما يظهر في كثير من الدراسات التي تبين العلاقة بين الدراسات الانجيلية والفلسفة الهلنستية.

وأضاف "فليت": إن العصر الذهبي القبطي من القرن الثاني عشر حتى القرن الرابع عشر، قد شهد انفتاحًا كبيرًا للاتجاهات الفكرية للعالم المتوسطي الشرقي، كما أن روح الربط بين العالم المصري والعالم المتوسطي تظهر في التراث القبطي، وتتجلى في العديد من مظاهر الفنون القبطية في الأديرة الموجودة في "مصر" خاصة بمنطقة "سوهاج". 

وأوضح "فليت" أن اللغة القبطية تُعد من أهم مظاهر الربط بين الروح المصرية والروح المتوسطية. مشيرًا إلى أنه تم تطويرها لتعبِّر عن المتوسطية، ويكون لها طراز أدبي خاص بها، كما إنها تضم الكثير من الحروف الإغريقية والكلمات التي تم استعارتها من اليونانية. وقال: إن هذا الاندماج ساعد على خلق حضارة قبطية لها شكل معين، ساهمت في تشكيل الثقافة المصرية، وامتدت وأثرت في الثقافات المحيطة، خاصة في البلدان الإفريقية.
 
وأضاف "فليت: إن علم المصريات القبطية هو علم متنوع، وجزء من الدراسات الثقافية المختلفة التى لها أثر واضح على دراسة الفنون، والمعمار، والتاريخ الإجتماعي، والدراسات الإقليمية، والجيولوجيا، والدراسات اللغوية؛ وبذلك فإن الدراسات القبطية ترتبط بالكثير من العلوم الأخرى، وتجمع بين الدارسين من خلفيات مختلفة. وأشار إلى أهمية أعمال الاستكشاف والترميم الحديثة للآثار القبطية التي تساعد على التوعية بأهمية "مصر" القبطية كجزء من التاريخ البشري.  

وفي ختام الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر، أعلن الدكتور "عبد الحليم نور الدين" عن تدشين موقع "تاريخ وآثار وحضارة مصر القديمة"، وهو الموقع الإلكتروني الأول من نوعه في "مصر" الذي يهتم بتاريخ وحضارة "مصر" القديمة. وأشار إلى أن الموقع يضم حتى الآن أكثر من ألف موضوع في هذا المجال، ومن المقرَّر أن تصل موضوعاته إلى (2500) موضوع.

وأوضح "نور الدين" أن الموقع الذي قامت بإنشائه مكتبة الإسكندرية، يعتبر موسوعة علمية أثرية تضم كل ما يخص الحضارة المصرية القديمة من تاريخ وآثار ومظاهر الحضارة من وفي مصر القديمة، وتهدف إلى مساعدة الباحثين في البحث عن الموضوعات المختلفة في هذا المجال، وتوفير منهج البحث العلمي والدراسة التفصيلية لهذا الموضوع. مؤكدًا أن الموقع يضم  15 موضوعًا أساسيًا، ويندرج تحتها عدد من العناصر الفرعية، منها: أساسيات علم المصريات، والمواقع الأثرية، والشخصيات، والديانة، والعمارة والفنون، والعلوم والآداب، والموروث، ومتاحف الآثار، وأبرز علماء المصريات، والمجتمع المصري القديم، والحكم والإدارة، والصناعة والزراعة، والبيئة والأرض، والعسكرية المصرية، وموضوعات أخرى متنوعة.