مصـــــــــر لا تقـــــــــــــــــبل الفـــتنـة

مصر لاتقبل الفتنة‏..‏ هكذا عبرت الرموز الثقافية والسياسية والإعلامية والدينية بجميع توجهاتها وانتماءاتها‏..‏ ومعبرين عن قدر كبير من الاستياء لتبادل بعض الشخصيات تصريحات غير مسئولة من شأنها إشعال الفتنة الطائفية بين عنصري الأمة‏:‏ المسلمين والمسيحيين‏.‏
ووصف المثقفون التصريحات الأخيرة انها تعمد لاستغلال حرية الرأي والتعبير بشكل خاطئ‏,‏ وأكدوا ان ممارسة الحرية كفيلة بالقضاء علي الفتنة‏.‏ فيما حذر الإعلاميون من خطورة الممارسة الإعلامية للقضايا الخلافية‏.‏
فيما طالب رؤساء الأحزاب والقيادات السياسية لتيارات المعارضة بتطبيق القانون علي مثيري الفتن بكل حزم‏.‏ وقال علماء أزهريون أن اقتلاع مثيري الفتن من المؤسسات الدينية أصبح ضرورة ملحة‏.‏ كما أعلنت قيادات الكنيسة الارثوذكسية ان الباب شنودة ـ بابا الكنيسة الارثوذكسية وبطريرك الكرازة المرقسية ـ سوف يعلن الموقف الرسمي للكنيسة من تصريحات الانبا بيشوي‏,‏ اليوم من خلال برنامج وجهة نظر الذي يقدمه عبد اللطيف المناوي‏.‏ فيما اعرب نشطاء حقوق الإنسان عن مطالبتهم بقانون جديد لتنظيم حق التظاهر‏,‏ منعا للمظاهرات التي تتخذ ابعادا طائفية‏.‏ فيما اجمع النقابيون ان النقابات جميعا تقف ضد دعاة الفتنة‏.‏ وفي السياق نفسه اتفق رؤساء تحرير الصحف القومية والمستقلة علي ضرورة تفعيل مواثيق الشرف الاعلامية‏,‏ لالزام القنوات الفضائية والصحف بالعمل وفق المصلحة الوطنية وليس وفق مصلحتهم المهنية‏.‏ حذر اعلاميون وخبراء الاعلام من مناقشة أو طرح قضايا الخلافات الدينية والترويج من خلال وسائل الاعلام المختلفة المرئية والمسموعة لأفكار تحرض علي الكراهية الدينية‏.‏
وأشاروا إلي أن بعض البرامج والفضائيات خلال الفترة الأخيرة أثارت الرأي العام وساهمت في تكريس لافكار تروج لعناصر صراع وتحريض متبادل من بعض المتشدديين الدينيين من المسلمين والمسيحيين‏.‏
وقال أسامة الشيخ ـ رئيس اتحاد الاذاعة والتلفزيون انه لاتوجد آلية للمتابعة والتنفيذ في مخالفات الفضائيات‏,‏ مشيرا إلي أن الرخصة تمنحها وزارة الاستثمار والمسئولة عن الاخطاء هي هيئة الاستثمار‏.‏
وعن دور لجنة الأداء الاعلامي التي شكلها وزير الاعلام قال انها تختص بمراقبة وسائل الاعلام في فترة الانتخابات وموضوعيتها فيما يتم عرضه‏.‏
واتفق الشيخ علي ضرورة تشكيل لجنة لمتابعة الاداء الاعلامي وان توضع ضوابط لمناقشة الاداء الاعلامي وطرح القضايا المثيرة للفتن والمحرضة علي الكراهية الدينية‏.‏
وحذر الشيخ من نغمة البعض أن وضع ضوابط هو تضييق علي حرية الاعلام‏.‏
وطالب بالاسراع بقانون جهاز البث المرئي والمسموع لانه منوط به القيام بهذا الدور ومنع فضائيات الفتن‏.‏
وقال البير شفيق رئيس قناة‏ONTV‏ إنه يجب علي المسئولين عن البرامج والاعداد مناقشة الضيف قبل الاتفاق معه لضمان نضجه الفكري ومعرفة أرائه‏,‏ وحتي لا نفاجأ بشطحات في الآراء‏.‏
وقالوا إن هناك اعتبارات للأمن القومي وحماية مصالح الدولة العليا‏,‏ مطالبين بالتفريق بين الانفراد الصحفي والإعلامي المهني وبين نشر معلومات وأخبار من شأنها الضرر بأمن البلاد‏.‏
وأشار الي ضرورة أن يكون هناك سياسات واضحة تعمل من خلالها برامج القنوات الفضائية ولا تترك من يسعون إلي مجد شخصي والظهور في دور الأبطال الشعبيين‏.‏
وطالب البير وسائل الإعلام الالتزام بمعايير ومواثيق الشرف الإعلامية ومنع التحريض أو إثارة الفتن الطائفية‏,‏ مضيفا أن هناك تعايشا بين المسلمين والمسيحيين‏,‏ وأن هناك قصصا رائعة في العلاقة بين الطرفين‏.‏
وقال البير إننا لسنا في حاجة الي قوانين لأن هناك قوانين بالفعل‏,‏ والمهم تنفيذها‏,‏ وأن الأزمة الحقيقية فيمن يلهث وراء الغيبيات وثقافة الخرافات والتحريض‏.‏
واعترف أحمد أنيس رئيس الشركة المصرية للأقمار الصناعية النايل سات بخطورة الأحداث الأخيرة ومناقشتها اعلاميا بمنطق الاثارة والتحريض علي الفتن الدينية‏.‏
وتبرأ أنيس مما يحدث في بعض الفضائيات‏,‏ مشيرا الي ان هيئة الاستثمار وإدارة المنطقة الحرة الإعلامية هي المسئولة‏,‏ وأنه لا يمكنه معاقبة أي قناة علي أي مخالفة‏,‏ لأنه ينفذ تعليمات هيئة الاستثمار المانحة للتراخيص الفضائية‏.‏
وأشار الي انه لم تصله أي إخطارات بمخالفات لأي فضائيات موجودة علي القمر الصناعي المصري‏.‏ مضيفا أنه علي حد علمه فإن هيئة الاستثمار تضع حاليا آلية جديدة من أجل الزام الفضائيات بميثاق شرف الإعلاميين‏.‏
وأكد أنيس أن القانون ينص علي منع بث أي قناة تعمل علي أساس التعصب العرقي أو الديني أو تحرض علي العنف‏,‏ مشيرا الي ان معظم القنوات تتحايل علي القانون وتسجل أنها قناة عامة أو ثقافية‏,‏ وهيئة الاستثمار كل مايهمها هو جذب الاستثمار وزيادة عدد المستثمرين‏.‏
وطالب عبداللطيف المناوي ـ رئيس قطاع الأخبار بالالتزام بالمهنية وتوثيق المعلومات التي يتم بثها علي الرأي العام‏,‏ كما انه يجب ان توضع في الاعتبار ضوابط الأمن القومي واثارة الفتن‏,‏ ومنع المحرضين علي الكراهية الدينية
وأشار إلي ضرورة ان تعمل وسائل الاعلام المختلفة علي مراجعة مايبث علي موجاتها من مواد اعلامية‏,‏ ويحذرون من الخلط مابين وجهة النظر والتحريض‏,‏ مؤكدا ان الحرية مسئولية وطالب المناوي بضرورة ان يعقد اجتماع عاجل لوضع ضوابط فيما يعرض علي الفضائيات وشاشات التليفزيون‏.‏
وأكد المناوي ان الأحداث الأخيرة اشعلت الصراع الديني بين عناصر الوطن وان الاعلام بوسائله المختلفة روج لافكار التحريض الديني‏.‏
طالب الدكتور صفوت العالم استاذ الاعلام بجامعة القاهرة بعقد جلسة تشاورية تجمع بين القيادات الدينية الإسلامية والمسيحية لإيجاد صيغة ملائمة ومناسبة لتناول القضايا الدينية والتعليق عليها والاتفاق علي وضع ضوابط للمحاذير عند تناول الشأن الديني أو التعرض للديانات الأخري من خلال التفسير والعقيدة وبعض النصوص وشخصيات الأنبياء في الديانات المختلفة‏.‏
وأضاف العالم انه لابد ان تتم هذه الجلسة بعيدا عن التناول الإعلامي مشيرا إلي ان هناك كثيرا من الممارسات الإعلامية تتم بحالة من الانتقائية والحذف والإضافة والنقل عبر وسائل الإعلام الجديد والمدونات والإنترنت والمواقع المختلفة‏.‏
والتي يتم نقل المعلومات فيها بطريقة غير دقيقة يكتبها أفراد كل حسب اتجاهه الديني‏.‏
مشيرا إلي ان هذه المعلومات تزيد من الفتنة والتشويش وتعمل علي تشتيت الرأي العام‏.‏
وأضاف انه علي كل رجل دين ان يدرك انه قائد رأي وان كل كلمة تصدر عنه ينتقل تأثيرها من جماعة إلي أخري وبالتالي لابد من التريث والتروي قبل اطلاق التصريحات المصاحبة لردود الأفعال‏.‏
وقال الدكتور سامي عبدالعزيز عميد كلية الاعلام بجامعة القاهرة مصر ترفض أولئك المتصيدين لبعض الأقوال المغلوطة أو المنقولة بأخطاء ويتم استخراجها من سياقها لاشعال النار في جسد البلد الآمن مشيرا إلي أن من يرتكب مثل هذه الأشياء هم رموز كنا نعتقد أنها مثقفة ولديها انتماء لهذا الوطن ولكن صدمتنا في هؤلاء الناس أكبر مما يتخيل البعض ويتساءل ما هي الفائدة التي ستعود علي هؤلاء من كل هذه الاثارة إلا النار التي سوف تلتهم أقلامهم وأجسادهم قبل أن تلتهم أرض هذا البلد الآمن بعناية الله‏.‏
وأوضح أن هناك مصيبة أكبر تتمثل في تناول القنوات الفضائية مثل هذه الافتراءات غير المسئولة وتخصص لها حلقات مستمرة ومتتالية لافتا إلي ان تجاهل مثل هذه الاشياء يجعلها تموت وطالب هؤلاء المحرضين بالكف عن الانسياق وراء الشهوات الاعلامية التي تضر شعبا يكافح ووطنا سالما يسعي للتقدم والنهوض‏.‏

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع