جرجس بشرى
خاص الأقباط متحدون – تحقيق / جرجس بشرى صادق
محمد حجازي "بيشوي": طول ما فيه حاجة اسمها دين الدولة فلن تكون هناك حرية عقيدة في مصر.
عدم إهتمام الكنيسة بالمتنصرين يزيد من معانتهم.
حُسام بهجت: لا يوجد ما يمنع قانوناً من أن تُعطي الكنيسة شهادات معمودية للمُتَنَصرين.
نجيب جبرائيل: الحكومة المصرية تنتهك المواثيق الدولية لحقوق الإنسان بُملاحقتها للمتنصرين.
ممدوح نخلة: أي دين سماوي لا يرتعب من حرية العقيدة.
الأنبا مرقس: إذا كانوا يريدون من المتنصر شهادة معمودية يخاطبوننا بطريقة رسمية وإحنا نرُد عليهم.
من المؤكد أن ملف المُتَنَصرين في مصر يُعتبر من الملفات الأكثر حساسية لدى الحكومة المصرية، فهو من الملفات الشائكة التي لا تُفضل الحكومة أن يقترب منه أحد! ولكن لا أحد يُنكر أن هناك متنصرين كثيرين في مصر ولهم مطالب وحقوق مشروعة، وترفض الحكومة المصرية رفضاً قاطعاً إعطاؤهم هذه الحقوق، وأبسطها حق المتنصر في تسجيل ديانته الجديدة (المسيحية) في الأوراق الثبوتية للدولة، لقد رأى موقع "الأقباط متحدون" إجراء هذا التحقيق الصحفي للغوص في مشكلات وهموم المتنصرين المصريين انطلاقاً من منظور حقوقي بحت وسعياً منه في رفع الحصار المفروض عليهم من قِبل الأجهزة الرسمية بالدولة المصرية، وقد التقينا في هذا الشأن بعدد من المتنصرين والحقوقيين ورجال الدين لمعرفة رأيهم في هذا الملف الأكثر حساسية في مصر:
بداية قال المُتَنَصر محمد حجازي "بيشوي": من واقع مُعايشتي وقُربي من المتنصرين في مصر أقول لك أن أعدادهم كبيرة جداً ولن أكون مُبالغاً إذا قُلت أن عدد المتنصرين في مصر ثلاثة ملايين مُتَنَصر على الأقل.
وعن أهم المشكلات التي يُعانيها المتنصرون في مصر قال بيشوي أن أهم ما يعانيه المتنصرين هو المُلاحقات من قبل الأجهزة الأمنية في مصر وعدم السماح بإصدار بطاقات شخصية مُسجل بها ديانتنا المسيحية، وكذلك التهديدات بالقتل سواء من قبل الأسرة أو المتشددين في المجتمع.
وأكد بيشوي على أن عدم اهتمام الكنيسة بالمتنصرين يزيد من معاناتهم وآلامهم لأنه مفروض أنه عندما يحتاج المتنصر الكنيسة يجدها بجواره ولا تتخلى عنه وقت الأزمات.
وقال بيشوي أنه برغم مُعاناتنا وآلامنا إلا أن التاريخ سوف يشكُر الظروف السيئة التي جمعتنا مع هذا النظام لأن ما يفعلونه فينا سوف يريدنا إصراراً وثباتاً على التمسك بمسيحيتنا.
وطالب بيشوي الكنيسة المصرية أن تقف بجوار المتنصرين ولا تتخلى عنهم وتُشعرهم بأنهم أبناء شرعيين لها، ولا تمتنع عن إعطاء المتنصرين شهادة معمودية أو انتماء إذا طلبتها منهم المحاكم المصرية.
حُسام بهجت (مدير المُبادرة المصرية للحقوق الشخصية) قال : لا خلاف على حق المواطن في تغيير ديانته أو مُعتقُده.
وعن رأيه في تعامل المحاكم المصرية مع قضايا المتنصرين المصريين قال أن هناك مُتطلبات قانونية ضرورية لإقامة الدعوى سواء في قضية محمد حجازي أو ماهر الجوهري، وهذه المتطلبات تدعم موقف الدفاع وتُقويه وأن هذه النوعية من القضايا تُنظر أمام القضاء الإداري والقضاء الإداري لا ينظُر إلا في قرارات إدارية وبالتالي يجب على المُدعي أن يثبت في دعواه وجود قرار إداري، وللأسف محمد حجازي وزوجته وكذلك ماهر الجوهري لم تُتَخذ إجراءات تثبت امتناع مصلحة الأحوال المدنية عن تغيير الديانة في البطاقة الشخصية.
أشار بهجت إلى أن طلب القاضي شهادة معمودية بالنسبة لقضية الجوهري يعني تقديم مُستند يثبت به الجوهري اعتناقه للمسيحية، وهذا مطلب عادل وقد استُخدم هذا الإجراء في قضية العائدين للمسيحية وأعطتهم البطريركية شهادة معمودية ومن خلالها حصلوا على حُكم قضائي لصالحهُم وبالتالي فما دامت الكنيسة قد أعطت شهادات معمودية للعائدين إلى المسيحية، فلا يوجد ما يمنع قانوناً من إعطاء هذه الشهادات للمتنصر ما دامت ستخدم القضية ولا حرج على الكنيسة في إعطاء هذه الشهادة للمتنصر.
وأضاف بهجت قائلاً: أن الشيء الآخر الذي طلبه القاضي في قضية ماهر الجوهري هو أن يقدم الجوهري ما يثبت أنه كان قد تقدم إلى مصلحة الأحوال المدنية وطالب تغيير ديانته ورفضوا طلبه، وهنا يصبح هناك طعن أمام المحكمة على هذا الرفض وهو طعن على قرار سلبي.
وأكد بهجت على أن هذين المتطلبين مهمين في هذه القضايا وأنه كان حاضراً قضية الجوهري بصفة مُراقب فقط حيث أنه ليس من فريق الدفاع في هذه القضية.
وبسؤال بهجت هل هناك ما يمنع من إعطاء الكنيسة المصرية شهادات معمودية للمتنصرين طالما أنها ستحل مشكلة؟ قال أنه لا يوجد ما يمنع الكنيسة قانونياً من إعطاء المتنصرين هذه الشهادة ولا حرج عليها
ذلك، وأن ماهر الجوهري كان قد صرّح لوسائل الإعلام أنه تم تعميدُه وذكر اسم الكاهن الذي عمّدهُ، كما أنه من واجب الكنيسة أن لا تتخلى عن المتنصر عندما يحتاج مساعدتها في أوقات الحاجة.
وبسؤال بهجت: لماذا يطلبون من المتنصر شهادة معمودية لإثبات مسيحيته مع أن المسلم يصبح مسلماً إذا نطق بالشهادتين؟؟ قال: عندما ينطق الإنسان الشهادتين يصبح مسلماً (قلباً أو عقيدة) ولكن لكي يحصل على البطاقة الشخصية لابد أن بقدم شهادة إشهاد من الأزهر وشهادة إشهار من الشهر العقاري.
أما المستشار د. نجيب جبرائيل (رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان) فقد قال: حرية العقيدة مكفولة بالدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتي وَقَعّت عليها مصر وبالتالي أصبحت لها قوة الإلزام، مؤكداً في الوقت ذاته على أنه لا يوجد في القانون المصري ما يحظُر أو يمنع التنصير!!
كما استنكر جبرائيل الممارسات والملاحقات الأمنية والقضائية للمتنصرين وكذلك القيود المفروضة من قبل الحكومة المصرية على حرية العقيدة، مُطالباً الحكومة المصرية برفع هذه القيود وتوفير الحماية للمتنصرين.
واعتبر جبرائيل أن ما طلبه القاضي من المتنصر ماهر الجوهري مؤخراً يعتبر بمثابة ضغط عليه للعدول عن إيمانه المسيحي برغم أن الجوهري قدّم أوراقاً رسمية متداولة أمام المحاكم وبالرغم من إصراره على إيمانه المسيحي!!
وقال جبرائيل أن الحكم بالسجن المشدد خمس سنوات على القس متاؤوس عباس وهبة كان بمثابة رسالة تخويفية إلى رجال الدين المسيحي مع أن الكاهن لم يرتكب جريمة.
وعن رأي جبرائيل في طلب القاضي في قضية المتنصر ماهر الجوهري شهادة معمودية من الكنيسة، قال أن هذا الطلب فيه تعسف شديد ولكن طالما أن هذه الشهادة ستحل مشكلة فعلى الكنيسة أن تعطيها للمتنصر الذي يريدها لأنه لا يوجد ما يُجَرم هذا العمل ولا يدينه.
وأكد جبرائيل على أنه إذا تخلّت الكنيسة عن المتنصرين وقت الحاجة فأنها ستكون مُقصرة في رسالتها الإلهية والكنسية.
وقال جبرائيل لماذا يطلبون شهادة معمودية من الكنيسة ولا يطلبون ذلك مع الذين يدخلون إلى الإسلام؟ حيث أن الفرد يصبح مسلم بالاكتفاء بنطق الشهادتين وبعدها تُذلل الدولة أمامه كل العقبات!
الناشط الحقوقي والمحامي الدولي ممدوح نخلة (رئيس مركز الكلمة لحقوق الإنسان) قال : ما يحدث للمتنصرين في مصر هو انتهاك واضح من قبل الحكومة المصرية للمواثيق الدولية، خاصة المادة (18) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك المادة (18) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، كما أن فرض قيوداً صارمة من قبل الحكومة للتحول للمسيحية يعتبر بمثابة اضطهاد للمتنصرين لدوافع دينية.
وعن طلب القاضي شهادة معمودية من المتنصر ماهر الجوهري، قال نخلة: أن هذا يعتبر تعنت من القاضي، فلا يشترط تغيير العقيدة بمستند ولكن بكفي فقط إقرار الشخص بالإيمان والمجاهرة به وهذا ما فعله الجوهري محمد حجازي قبله.
وأكد جبرائيل على أن إعطاء الكنيسة شهادة معمودية للمتنصر لا بعتبر جريمة ما دامت هذه الشهادة ستحل مشاكل وأنه لا يجب على الكنيسة أن تكون في حرج في ذلك لأن من واجبها الديني أن تساعد هؤلاء المتنصرين عند اللجوء إليها والارتماء في أحضانها طلباً للمعونة والمساندة.
وطالب نخلة الحكومة المصرية أن تحترم المواثيق والعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ولا تعطي مبررات للتدخل في شئونها الداخلية، ويجب أن تدرك الحكومة أن اعتبارات حقوق الإنسان تعلو أية اعتبارات أخرى.
ومن جانبه أكد نيافة الأنبا مرقس (المسئول الإعلامي بالكنيسة القبطية الأرثوذوكسية) على أن طلب القاضي من المتنصر ماهر الجوهري شهادة معمودية لإثبات إيمانه بالمسيحية يعتبر نوع من التعقيد، وتساءل نيافته قائلاً: هل مَن يذهبون إلى الإسلام بيقولوا لهم هاتوا شهادة تثبت أنكم مسلمين أو أنتم تبع السُنة ولا الشيعة؟!!
وقال أن هذا الطلب من القاضي يفتقر إلى العدالة، فأين المواطنة التي ينادون بها والتي تعني المساواة التامة بين كل المصريين في الحقوق والواجبات؟
وبسؤال الأنبا مرقس: بعد أن طلبوا من المتنصر ماهر الجوهرية شهادة معمودية هل ستعطون المتنصرون شهادة معمودية؟ قال: لو طلبت المحاكم منّا ذلك، فعليهم أن يخاطبونا رسمياً ونحن نبحث الموضوع ونرد عليهم، هم عليهم يطلبوا وما يشغلوش بالهم.
http://www.copts-united.com/article.php?A=236&I=6