تحذيرات حقوقية من العنف بسبب الدين فى المعركة الانتخابية بدائرة "المطرية وعين شمس"

عماد نصيف


كتب: عماد نصيف 

أصدر مركز "شفافية للدراسات المجتمعية والتدريب الإنمائي" بيانًا أمس الأول، يرصد حالة التنافس بين المرشَّحين المتوقعين في معركة برلمان 2010 داخل دائرة "المطرية وعين شمس"، والذين من المنتظر إعلان أسمائهم النهائية في الثالث عشر من نوفمبر الجاري، لتدخل المنافسة مرحلة الدعاية الانتخابية لبرامج المرشحين في اليوم التالي قبل أن تتوقف يوم الانتخابات في فى الثامن والعشرين من ذات الشهر.
 
ورصد المركز فى بيانه أن أول من استخدم الدعاية الانتخابية بطريقة أعاقت وجود فرص متساوية بين المرشحين، هم المتنافسون في انتخابات مجمعات الحزب الوطني، والذين أغرقت لافتاتهم شوارع الدائرة قبل أكثر من عام مضى، بدعوى إنها موجَّهة لقيادات الوحدات الحزبية وأعضاء الحزب. وعليه فقد شرع عدد كبير من المرشحين المستقلين ونائبا الدائرة الحاليين "محمود مجاهد" (عمال – إخوان)، و"ميمي العمدة" (عمال – وطني) في اتخاذ خطوات مماثلة تحت مزاعم الترويج لخدماتهما لأبناء الدائرة، ورد مرشحو الأحزاب المختلفة أيضًا بدعاية مماثلة.
 
وأوضح المركز أن مرحلتي الدعاية لمجمع الوطني بالدائرة، قد اتخذتا أشكالاً صارخة، من الإعلان صراحة عن منافسة شخصيات بعينها في انتخابات البرلمان. ومعها زاد المرشحون المستقلون من حملاتهم الدعائية حتي أشهر بعضهم إفلاسه قبل موعد تقديم الأوراق للجنة العليا للانتخابات أمس الأول.
 
هذا وقد كانت نتائج انتخابات مجمع الوطني قد انتهت إلي "لا نتائج" بعد أن قرَّر الحزب حجبها عن المرشحين، ليعلن أحدهم انسحابه وخوض انتخابات البرلمان مستقلاً. أما أحد أبرز المرشَّحين بالمجمع علي مقعد الفئات وهو صاحب مجموعة مدارس خاصة، فشهدت شوارع الدائرة تعليقه لافتات تحمل رمز الهلال، وهو رمز مرشَّح الحزب الوطني لمقعد الفئات، دون إعلان الحزب صراحة تسمية مرشحيه.
 
وحذَّر "شفافية" من إندلاع أعمال العنف بسبب أن الدائرة تشهد نزول مرشحيْن اثنين من الأقباط كمستقلين، بعد خلو مجمع الوطني من أي مرشح قبطي أو إمرأة، حيث شهدت شوارع الدائرة فجر أمس الأول تعليق ملصقات مطبوعة باللون الأزرق مكتوب عليها شعار جماعة الإخوان المسلمين التاريخي "الإسلام هو الحل"، ويعلو الشعار دعوات للناخبين إلي الخروج للتصويت وحماية صناديق الانتخابات ومنع التزوير "لمستقبل أبنائنا.. لمنع التزوير.. لمقاومة الفساد.. شارك في الانتخابات".

ورغم حالة الشد والجذب بين تفسيرات قضائية تقول بدستورية الشعار، وأخري صادرة عن اللجنة العليا للانتخابات وقيادات الوطني تؤكد منع استخدامه، إلا أن استخدام الشعارات الدينية– حسبما يري "شفافية"– في دائرة يسودها صراع المال والنفوذ والدين وسط سيادة البلطجة والجهل والفقر والأزمات الاقتصادية والنزاعات الطائفية المتفرقة، يهدِّد بتغييب المساواة بين المرشحين، خاصة في ظل وجود مرشحين أقباط.

وذكر المركز واقعة استخدام الدين في إحداث فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين في الحادى والعشرين من نوفمبر 2008 بشارع التوفيقية بمنطقة عرب الطوايلة بالدائرة، حين اشتري أحد المسيحيون مصنعًا للملابس علي مساحة (600) متر تقريبًا وبارتفاع خمسة طوابق، وتبرَّع به لجمعية مسيحية سعت إلي تحويله لدار عبادة وخدمات للمسيحيين بالدائرة. ووقتها خرجت إحدي عائلات الدائرة التي يخوض إثنان منها الانتخابات داخل مجمع الحزب الوطني، وقدّمت قطعة أرض تملكها أمام المصنع هدية للأهالي بزعم بنائها مسجدًا للمسلمين. ورغم عدم إبراز أي تصريحات بناء للمسجد بالأساس، ورغم عدم اكتمال البناء والمرافق به، إلا أن دعوة الناس إلي الصلاة فيه كانت في يوم حضور أقباط للصلاة والتعبد في المصنع المراد تحويله إلي كنيسة. وفي لحظات وقعت الفتنة بتحريض عدد من السلفيين المتشددين، لتشهد المنطقة صراعًا بين ضحايا الجهل والفقر والبطالة والمخدرات المحتجين دون وعي علي وجود كنيسة، وبين قوات الأمن التي سقط منها نحو (17) جنديًا و (4) ضباط مصابين، إلي جانب اعتقال نحو (37) شخصًا أُخلي سبيلهم فيما بعد.

ورأي "شفافية" أن خصوصية دائرة "المطرية" و"عين شمس"، وطبيعة التركيبة السكانية والثقافية وأزماتها المعقدة، تفرض علي كافة القوي السياسية الرسمية وغير الرسمية، التنافس الشريف فيما بينها، واستبعاد الشعارات الدينية من المعركة الانتخابية السياسية بالأساس.
 
جدير بالذكر، أن المركز قد أكّد أيضًا أن خصوصية هذه الدائرة تفرض علي مرشحيها التعاون لأجل إخراج عملية انتخابية نزيهة دون أن تهددها الرشاوي الانتخابية ورأس المال وقوة الدين. مشيرًا إلى أن تاريخ هذه الدائرة يشهد دومًا علي أن صوت الناخب فيها وحده، دائمًا ما يفرض نفسه علي الجميع.